النوع العشرون : معرفة المدرج في الحديث
وهو أقسام :
منها : ما أدرج في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلام بعض رواته ، بأن يذكر الصحابي أو من بعده عقيب ما يرويه من الحديث كلاما من عند نفسه ، فيرويه من بعده موصولا بالحديث غير فاصل بينهما بذكر قائله ، فيلتبس الأمر فيه على من لا يعلم حقيقة الحال ، ويتوهم أن الجميع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 96 ] ومن أمثلته المشهورة : ما رويناه في التشهد عن ، عن أبي خيثمة زهير بن معاوية ، عن الحسن بن الحر ، عن القاسم بن مخيمرة علقمة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه التشهد في الصلاة فقال : " قل : التحيات لله فذكر التشهد ، وفي آخره : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، فإذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك ، إن شئت أن تقوم فقم ، وإن شئت أن تقعد فاقعد عبد الله بن مسعود " ، هكذا رواه عن أبو خيثمة عن ، فأدرج في الحديث قوله : فإذا قلت هذا إلى آخره ، وإنما هذا من كلام الحسن بن الحر ، لا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم . ابن مسعود
ومن الدليل عليه أن الثقة الزاهد رواه عن رواية عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان كذلك ، واتفق الحسن بن الحر حسين الجعفي وغيرهما في روايتهم عن وابن عجلان على ترك ذكر هذا الكلام في آخر الحديث ، مع اتفاق كل من روى التشهد عن الحسن بن الحر علقمة وعن غيره ، عن على ذلك ، ورواه ابن مسعود شبابة عن ففصله أيضا . أبي خيثمة
ومن : أن يكون متن الحديث عند الراوي له بإسناد إلا طرفا منه ، فإنه عنده بإسناد ثان ، فيدرجه من رواه [ ص: 97 ] عنه على الإسناد الأول ، ويحذف الإسناد الثاني ، ويروي جميعه بالإسناد الأول . أقسام المدرج
مثاله : " حديث ابن عيينة ، عن وزائدة بن قدامة عاصم بن كليب ، عن أبيه ، في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي آخره : أنه جاء في الشتاء ، فرآهم يرفعون أيديهم من تحت الثياب وائل بن حجر " . والصواب رواية من روى عن عن عاصم بن كليب بهذا الإسناد صفة الصلاة خاصة ، وفصل ذكر رفع الأيدي عنه ، فرواه عن عاصم ، عن عبد الجبار بن وائل ، عن بعض أهله ، عن . وائل بن حجر
ومنها : أن يدرج في متن حديث بعض متن حديث آخر ، مخالف للأول في الإسناد .
مثاله : " رواية ، عن سعيد بن أبي مريم مالك ، عن ، عن الزهري أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : . . " الحديث . فقوله : " لا تنافسوا " أدرجه لا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ، ولا تنافسوا من متن حديث آخر ، رواه ابن أبي مريم مالك عن أبي الزناد ، عن عن الأعرج فيه : " أبي هريرة " . والله أعلم . لا تجسسوا ، ولا تحسسوا ، ولا تنافسوا ، ولا تحاسدوا
ومنها أن يروي الراوي حديثا عن جماعة ، بينهم اختلاف في [ ص: 98 ] إسناده ، فلا يذكر الاختلاف ، بل يدرج روايتهم على الاتفاق .
مثاله : " رواية ، عبد الرحمن بن مهدي ، عن ومحمد بن كثير العبدي ، عن الثوري منصور والأعمش وواصل الأحدب ، عن أبي وائل ، عن ، عمرو بن شرحبيل قلت : " يا رسول الله ، أي الذنب أعظم ابن مسعود . . " الحديث . عن وواصل إنما رواه عن أبي وائل عن عبد الله من غير ذكر بينهما ، والله أعلم . عمرو بن شرحبيل
واعلم أنه لا يجوز تعمد شيء من الإدراج المذكور ، وهذا النوع قد صنف فيه كتابه الموسوم " بالفصل للوصل المدرج في النقل " فشفى وكفى ، والله أعلم . الخطيب أبو بكر