ومن . وقيل يفتي مستور الحال ، ويفتي الفاسق نفسه ، عدم مفتيا ( ببلده ) وغيره فحكمه ما قيل : الشرع : قال ويحرم تساهل مفت وتقليد معروف به المروذي : أنكر على من يتهجم في المسائل والجوابات : [ ص: 429 ] وقال : ليتق الله عبد ولينظر ما يقول ، فإنه مسئول : وقال : يتقلد أمرا عظيما : وقال عرضها لأمر عظيم ، إلا أنه قد تجيء ضرورة ، قال أبو عبد الله الحسن : إن تركناهم وكلناهم إلى غير سديد : وقال شيخنا : ، ونقل لا يجوز استفتاء إلا ممن يفتي بعلم وعدل ابن منصور : لا ينبغي أن يجيب في كل ما يستفتى . ونقل محمد بن أبي طاهر عنه : لست أفتي في الطلاق بشيء . ونقل محمد بن أبي حرب سئل عمن يفتي بغير علم قال : يروى عن أبي موسى : يمرق من دينه . ونقل أبو داود أنه ذكر { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } ، عن أنه ليس بكفر ، ينقل عن الملة . ابن عباس
ونقل : إذا هاب الرجل شيئا لا ينبغي أن يحمل على أن يقول . وسئل الأثرم عن مسألة في اللعان فقال : مثل رحمك الله عما تنتفع به . أحمد
وقال أيضا : دعنا من المسائل المحدثة خذ فيما فيه حديث : وقال شيخنا : فيمن سأله عن قال : السائل لهذه المسألة يستحق التعزير البليغ الذي يزجره وأمثاله من الجهال عن مثل هذه الأغلوطات . فإن هذا السائل إنما قصد التغليط لا الاستفتاء ، وقد { رجل استولد أمة ثم وقفها في حياته هل يكون وقفا بعد موته ؟ } ، إذ لو كان مستفتيا لكان حقه أن يقول هل يصح وقفها أم لا ؟ أما سؤاله عن الوقف بعد الموت فقط مع ظهور حكمه فتلبيس على المفتي ، وتغليط حتى أظن أن وقفها في الحياة صحيح . نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أغلوطات المسائل
وقال عن قول ابن هبيرة أبي موسى : { } . الحديث متفق عليه قال : يدل على كراهية كثرة السؤال ، قال : ولا أرى ذلك مكروها إلا السؤال عما لا يعني ، أو تصوير أحداث لم تقع ، ولا يتصور وقوعها إلا نادرا ، فلا يشغل بها الوقت العزيز ، ولا يلتفت لأجلها عن أهم منها . وإن اعتدل عنده قولان وقلنا : يجوز أفتى بأيهما شاء ، وإلا تعين الأحوط . وله تخيير من أفتاه بين قوله وقول مخالفه ، روي عن سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرهها ، فلما أكثر [ ص: 430 ] عليه غضب ، وقيل : يأخذ به إن لم يجد غيره أو كان أرجح ، سأله أحمد أبو داود عن الرجل يسأل عن المسألة ، أدله على إنسان يسأله ؟ قال : إذا كان الذي أرشد إليه يتبع ويفتي بالسنة ، فقيل له : إنه يريد الاتباع وليس كل قوله يصيب ، قال : ومن يصيب في كل شيء ؟ قلت : يفتي برأي ؟ قال : لا يتقلد من مثل هذا بشيء . ومراده أن مالك رحمه الله تعالى عند مالكا غاية ، ولهذا نقل أحمد أبو داود ، : وعنه أتبع من مالك سفيان .
ونقل عنه أيضا : لا يعجبني رأي ولا رأي أحد . مالك
وقال ابن الجوزي في كتابه السر المكتوم : هذه الفصول هي أصول الأصول ( وهي ) ظاهرة البرهان ، لا يهولنك مخالفتها لقول معظم في النفس ولطعام وقد قال رجل عليه السلام : أتظن أنا نظن أن لعلي طلحة على الخطإ وأنت على الصواب ؟ فقال : إنه ملبوس عليك ، اعرف الحق تعرف أهله . والزبير
وقال رجل رحمه الله : إن للإمام أحمد بن حنبل قال [ ص: 431 ] كذا ، فقال : إن ابن المبارك لم ينزل من السماء . ابن المبارك
وقال : من ضيق على الرجل أن يقلد ، والله أعلم : وقال أيضا : لما بعث الله تعالى أحمد محمدا صلى الله عليه وسلم بعثه على أقوم منهاج ، وأحسن الآداب ، فكان أصحابه على طريقه وجمهور التابعين ، ثم دخلت آفات وبدع ، فأكثر السلاطين يعملون بأهوائهم وآرائهم ، لا بالعلم ، ويسمون ذلك سياسة ، والسياسة هي الشريعة . والتجار يدخلون في الربا ولا يعلمون وقد يعلمون ولا يبالون ، وصار جمهور العلماء في تخليط ، منهم من يقتصر على صورة العلم ويترك العمل به ، ظنا منه أنه يسامح لكونه عالما ، وقد نسي أن العلم حجة عليه .
ومنهم من يطلب العلم للرياسة لا للعمل به ، فيناظر ، ومقصوده الغلبة لا بيان الحق ، فينصر الخطأ ، ومنهم من يجترئ على الفتيا وما حصل شروطها ، ومنهم من يداخل السلاطين فيتأذى هو مما يرى من الظلم ولا يمكنه الإنكار ، ويتأذى فيقول : لولا أني على صواب ما جالسني هذا ، ويتأذى ، العوام بذلك فيقولون : لولا أن أمر السلطان قريب ما خالطه هذا العالم ، ورأيت الأشراف يثقون بشفاعة آبائهم وينسون أن اليهود بنو إسرائيل ، ورأيت القصاص لا ينظرون في الصحيح ، ويبيعون بسوق الوقت ورأيت أكثر العباد على غير الجادة ، فمنهم من صح قصده ، ولا ينظرون في سيرة الرسول وأصحابه ، ولا في [ ص: 432 ] أخلاق الأئمة المقتدى بهم ، بل قد وضع جماعة من الناس لهم كتبا فيه رقائق قبيحة ، وأحاديث غير صحيحة ، وواقعات تخالف الشريعة ، مثل كتب الحارث المحاسبي وأبي عبد الله الترمذي ، فيسمع المبتدئ ذم الدنيا ولا يدري ما المذموم ، فيتصور ذم ذات الدنيا ، فينقطع في الجبل ، ويقتصر على البلوط والكمثرى أو اللبن أو العدس ، وإنما ينبغي لقاصد الحج أن يرفق بالناقة ليصل . ثم ذكر بعض ما ننقل عن وأبي طالب المكي أبي يزيد [ وداود الطائي وبشر وغيرهم فحلف أبو يزيد ] لا يشرب الماء سنة .
وكان يشرب الماء الحار من دن ، ويقول داود بشر : أشتهي منذ خمسين سنة الشواء فما صفا لي درهمه ، وتكلم عليه بمقتضى الشرع وقال : التقليد للأكابر أفسد العقائد ، ولا ينبغي أن يناظر بأسماء الرجال ، إنما ينبغي أن يتبع الدليل ، فإن أخذ في الجد بقول أحمد بن حنبل وخالف زيد بن ثابت رضي الله عنهم ، وقد قال أبا بكر الصديق عليه السلام : اعرف الحق تعرف أهله . وقد ذكر علي كلمات عن لأحمد بن حنبل فقال : وقفنا في ثنيات الطريق ، عليك ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وتكلم إبراهيم بن أدهم في أحمد الحارث المحاسبي ، وبلغه عن أنه قال : لما خلق الله تعالى الحروف وقف الألف وسجدت الباء . فقال : نفروا الناس عنه ، وكان سري السقطي يرد على الشافعي . وهذه طريقة المتزهدين ، لم يكن عليها الرسول صلى الله عليه وسلم [ ص: 433 ] ولا أصحابه ، ولا سلكوا ما رتبه مالك في الرياضة . أبو طالب المكي
ثم ذكر أن هؤلاء المتزهدين إن رأوا عالما لبس ثوبا جميلا أو تزوج مستحسنة أو ضحك ، عابوه ، وهذا في أوائل الصوفية ، فأما في زماننا فلا يعرفون التعبد ولا التقلل ، وقنعوا في إظهار الزهد بالقميص المرقع ، فما العجب في نفاقهم ، إنما العجب نفاقهم ، ثم ذكر أنهم يدخلون في قوله تعالى { سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } وكيف لا يوصف بالاستدراج من يعمل لثبوت الجاه بين الخلق ويمضي عمره في تربية رياسته ليقال هذا فلان ، أو في تحصيل شهواته الفانية مع سوء القصد ، وقال : طلب الرياسة والتقدم بالعلم مهلكة لطالبي ذلك ، فترى أكثر المتفقهين يتشاغلون بالجدل ويكثر منهم رفع الأصوات في المساجد بذلك ، وإنما المقصود الغلبة والرفعة ، فهم داخلون في قوله صلى الله عليه وسلم { } ومنهم من يفتي ولا يبلغ درجة الفتوى ، ويري الناس صورة تقدمه فيستفتونه ولو نظر حق النظر وخاف الله تعالى علم أنه لا يحل له أن يفتي . من تعلم علما ليباهي به العلماء ، أو ليماري به السفهاء ، أو ليصرف وجه الناس إليه لم يرح رائحة الجنة
وإن حدث ما لا قول فيه تكلم فيه حاكم ومجتهد ومضت ، وقيل : لا يجوز ، وقيل : في الأصول ، وله رد الفتيا إن كان بالبلد قائم مقامه ، [ ص: 434 ] وإلا لم تجز ، وإن كان معروف عند العامة بالفتيا ، وهو جاهل ، تعين الجواب .
وقال شيخنا : الأظهر : لا يجب في التي قبلها ، كسؤال عامي عما لم يقع ، ويتوجه مثله حاكم في البلد غيره لا يلزمه الحكم ، وإلا لزمه .
وفي عيون المسائل في شهادة العبد : الحكم يتعين بولايته حتى لا يمكنه رد محتكمين إليه ، ويمكنه رد من يستشهده وإن كان متحملا لشهادة فنادر أن لا يكون سواه ، وفي الحكم لا ينوب البعض عن البعض ، ولا يقول لمن ارتفع إليه : امض إلى غيري من الحكام .
ويتوجه في المفتي والحاكم تخريج من الوجه في إثم من دعي إلى شهادة ، قالوا : لأنه تعين عليه بدعائه ، لكن يلزم عليه إثم كل من عين في كل فرض كفاية فامتنع ، وكلامهم في الحاكم ودعوة الوليمة وصلاة الجنازة خلافه ، وإن توجه تخريج في الكل ، وإلا قيل : الأصل عدم التعيين بالتعيين ، وفي الكل خولف في الشهادة على وجه ، لقوله تعالى : { ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا } فيقتصر عليه ، وقوله كسؤال عما لم يقع ، ومن قوي عنده مذهب غير إمامه أفتى به وأعلم السائل ، ومن أراد كتابة في فتيا أو شهادة لم يجز أن يكبر خطه لتصرفه في ملك غيره بغير إذنه ، ولا حاجة ، كما لو أباحه قميصه فاستعمله فيما يخرج عن العادة بلا حاجة ، ذكره في المنثور وغيره ، وكذا في عيون المسائل : إذا أراد أن يفتي أو يكتب شهادة لم يجز له أن يوسع الأسطر ، ولا يكثر إذا [ ص: 435 ] أمكن الاختصار ، لأنه تصرف في ملك غيره بلا إذنه ، ولم تدع الحاجة إليه .