[ ص: 63 ] مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله المتفضل على خلقه بكثرة الأفضال والنعم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، المنفرد بالبقاء والقدم ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صاحب اللواء والعطاء الخضم صلى الله عليه وعلى آله أولي الفضائل والحكم ، وسلم تسليما كثيرا .
( أما بعد ) فهذا كتاب في الفقه على مذهب الإمام رضي الله عنه اجتهدت في اختصاره وتحريره ، ليكون نافعا وكافيا للطالب ، وجردته عن دليله وتعليله : غالبا ، ليسهل حفظه وفهمه على الراغب ، وأقدم غالبا الراجح في المذهب ، فإن اختلف الترجيح أطلقت الخلاف ، " وعلى الأصح " أي أصح الروايتين ، و " في الأصح " أي أصح الوجهين ، وإذا قلت : وعنه كذا ، أو وقيل : كذا فالمقدم خلافه . وإذا قلت : ويتوجه ، أو يقوى ، أو عن قول ، أو رواية : وهو ، أو هي أظهر ، أو أشهر ، أو متجه ، أو غريب ، أو بعد حكم مسألة : فدل ، أو هذا يدل ، أو ظاهره ، أو يؤيده ، أو المراد كذا ، فهو من عندي . وإذا قلت : المنصوص ، أو الأصح ، أو الأشهر ، أو المذهب كذا ، فثم قول . أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني
[ ص: 64 ] وأشير إلى ذكر الوفاق والخلاف ، فعلامة ما أجمع عليه ( ع ) وما وافقنا عليه الأئمة الثلاثة [ رحمهم الله تعالى ] أو كان الأصح في مذهبهم ( و ) وخلافهم ( خ ) وعلامة خلاف ( هـ ) أبي حنيفة ( م ) فإن كان لأحدهما روايتان فبعد علامته ( ر ) ومالك ( ش ) ولقوليه ( ق ) وعلامة وفاق أحدهم ذلك ، وقبله ( و ) . وللشافعي
وإذا أحلت حكم مسألة على مسألة أخرى فالمراد عندنا ، وإذا نقل عن الإمام في مسألة قولان ; فإن أمكن الجمع وفي الأصح ولو بحمل عام على خاص ، ومطلق على مقيد فهما مذهبه ، وإن تعذر وعلم التاريخ فقيل : الثاني مذهبه ، وقيل : الأول ( م 1 ) وقيل ولو رجع عنه . وإن جهل ; [ ص: 65 ] فمذهبه أقربهما من الأدلة ، أو قواعده .
ويخص عام كلامه بخاصة في مسألة واحدة في الأصح ; والمقيس على كلامه مذهبه في الأشهر . فإن أفتى في مسألتين متشابهتين بحكمين مختلفين في وقتين قال بعضهم : وبعد الزمن ; ففي جواز النقل والتخريج ولا مانع وجهان ( م 2 ) وقوله : [ ص: 66 ] لا ينبغي ، أو لا يصلح . أو استقبحه ، أو هو قبيح ، أو لا أراه للتحريم . وقد ذكروا أنه يستحب فراق غير العفيفة ، واحتجوا بقول : لا ينبغي أن يمسكها . وسأله أحمد أبو طالب : يصلى إلى القبر ، والحمام ، والحش ، قال لا ينبغي أن يكون ، لا يصلى إليه قلت فإن كان ؟ قال : يجزئه . ونقل أبو طالب فيمن قرأ في الأربع كلها بالحمد وسورة : لا ينبغي أن يفعل .
وقال في رواية الحسين بن حسان في الإمام يقصر في [ ص: 67 ] الأول ، ويطول في الأخيرة : لا ينبغي هذا قال : كره ذلك لمخالفة السنة ، فدل على خلاف . وفي " أكره " أو لا " يعجبني " أو " لا أحبه " أو " لا أستحسنه " أو " يفعل السائل كذا احتياطا " وجهان ( م 3 ) و " أحب كذا " أو " يعجبني " أو " أعجب إلي " للندب ، [ ص: 68 ] وقيل للوجوب ، وقيل : وكذا " هذا أحسن أو حسن " . وقوله : أخشى ، أو أخاف أن يكون ، أو ألا : كيجوز ، أو لا يجوز ، وقيل : وقف . وإن أجاب عن شيء ثم قال عن غيره : هذا أهون ، أو أشد ، أو أشنع فقيل : هما سواء ; وقيل بالفرق وأجبن عنه ( م 4 ) وأجبنا عنه : مذهبه كقوة كلام لم يعارضه أقوى . وقيل يكره ، وقول أحد صحبه في تفسير مذهبه ، وإخباره عن رأيه ، ومفهوم كلامه ، وفعله : مذهبه في الأصح كإجابته في شيء بدليل ، والأشهر : أو قول صحابي . القاضي
[ ص: 69 ] وفي إجابته بقول : ففيه وجهان ( م 5 ) وما انفرد به واحد وقوى دليله ، أو صحح الإمام خبرا ، أو حسنه ، أو دونه ولم يرده : ففي كونه مذهبه وجهان ( م 6 ، 7 ) فلهذا أذكر روايته للخبر وإن كان في الصحيحين .
[ ص: 70 ] وإن ذكر قولين وفرع على أحدهما فقيل : هو مذهبه ، كتحسينه إياه ، أو تعليله ، وقيل : لا ( م 8 ) وإلا فمذهبه أقربهما من الدليل ، وقيل : لا ، ولو قال بعد جوابه : ولو قال قائل ، أو ذهب ذاهب يريد خلافه ; فليس مذهبا . وفيه احتمال كقوله : يحتمل قولين . وقد أجاب فيما إذا أحمد ؟ وفي غير موضع بمثل هذا ، وأثبته سافر بعد دخول الوقت : هل يقصر ، وغيره روايتين . وفي كون سكوته رجوعا وجهان ( م 9 ) وما علله بعلة توجد في مسائل فمذهبه فيها كالمعللة ، [ ص: 71 ] وقيل : لا . ويلحق ما توقف فيه بما يشبهه ، هل هو بالأخف ، أو الأثقل ، أو التخيير ؟ يحتمل أوجها ( م 10 ) والله أسأل النفع به ، وإصلاح القول والعمل ، إنه قريب مجيب ، وبالإجابة جدير ، وحسبنا الله ونعم الوكيل القاضي
[ ص: 63 - 64 ]