الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالتشتت بسبب الخلاف بين أهلي وخاطبي!

السؤال

أنا مخطوبة منذ سنة، وفي كثير من الأحيان تحدث مواقف بسيطة، وأجد أنها أصبحت مشاكل، أشعر أني الشخص الأكبر والأعقل في العلاقة، وفي بعض الأحيان يحدث خلاف بين خطابي وأفراد من أسرتي يجعلني أشعر بالضغط الشديد، وأحاول جعل الأمور أكثر هدوءًا بينهم، أنا الآن أشعر بالتشتت الدائم، لا أستطيع اتخاذ قراري، وأشعر أني لا أقدر على التركيز لأتخذ قراري في علاقتي به.

أنا متأكدة من حبه لي؛ فهو دائمًا يسعى لإرضائي، لكني أنزعج من استمرار المشاكل غير المهمة بيني وبينه، وبينه وبين أهلي، ولا أعلم كيف آخذ موقفًا منه وأعبر عن انزعاجي؛ لأن طبيعتي أحب النقاش للتفاهم، لا أعرف كيف أعبر في صمت، أشعر بالضغط الدائم، خصوصًا من كلام أفراد أسرتي وقت المشاكل، وبيني وبينه؛ لأنه يتبع أسلوب الصمت في كثير من الأحيان.

أنا لا أفتعل المشاكل، وفي أكثر الأحيان أبدأ الكلام لأنهي الخلاف.

يشاع عني بين أفراد أسرتي وأصحابي أني بريئة وطيبة القلب، وسريعة المسامحة دائمًا، لا أحمل في قلبي إلا الحب لكل الناس، وسريعة في نسيان المشاكل، وكل ما هو سلبي.

أجد أن قرار الإكمال أو الفسخ هو قرار خاطبي وأهلي، ولكن لا أحد يسألني عن رأيي، وفي الحقيقة خائفة أن أخسره؛ لأني أحبه وخائفة أن يضيع حبي الأول.

أشعر أن دماغي متوقف عن العمل من كثرة الخلافات في الفترة السابقة، لا أستطيع التفكير، هل أنا على حق أم لا؟ هل أريد الإكمال أم لا؟ هل سيكون زوجًا صالحًا أم لا؟

أشعر أني أحتاج أن أكون لوحدي لفترة منعزلة أفكر؛ لكني لن أستطيع قول هذا لأهلي أو خاطبي، وصلت لمرحلة أني أكره حياتي، وأكره أني على وجه الأرض، أشعر أنه مخرجي الوحيد.

أشتاق للحياة وأنا غير مرتبطة، والتي كانت أكثر هدوءًا، مع أني كنت أريد أن أعيش قصة حب لكن وجوده صعب ومليء بالعقبات.

أسعى لإرضاء أهلي وخاطبي، ولا أعلم كيف أرضي نفسي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ علياء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب.
نتفهم مشاعرك والضغوطات التي تمرين بها، ونسأل الله أن يوفقكِ للخير، ويزيل عنكِ هذا الهم والتشتت.

لحل هذا الوضع الذي تمرين به، لا بد من مراعاة بعض الأمور المهمة:
أولاً: الحوار والمصارحة، يجب أن تبادري بالدخول في حوار مع خطيبك، ومع أهلك، وتشرحي لهم بشكل واضح مخاوفك، وما تعانين منه؛ الحوار في هذه المرحلة مهم جداً لتحقيق الاستقرار والتوافق النفسي، لا تحاولي تأجيل الحوار أو تجاهل هذه المشاكل، فقد تبدو بسيطة الآن، لكنها قد تتحول إلى عقبات تؤثر على سعادتك واستقرارك الأسري في المستقبل، الدخول في حوار يضمن التفاهم ومعرفة وجهات النظر، ويساعد في إغلاق هذه الملفات بشكل نهائي، أو اتخاذ قرار مناسب تجاهها.

ثانيًا: الموازنة بين العاطفة والعقل، من أهم ما يدفعك لتحمل هذه المشاكل هو الدافع العاطفي نحو هذا الشاب، والرغبة في عيش الحب في أجمل صوره، لكن هذه النظرة المثالية تصطدم بالواقع الذي يختلف كثيراً، وهذا مما يثبت أن الحب وحده لا يكفي لتحقيق السعادة والتفاهم والاستقرار في مشروع الزواج، لذلك يجب أن تعطي لعقلك مساحة لتقييم مدى التوافق بينك وبين خطيبك، وحجم المشاكل ونوعيتها، هل هي أمور بسيطة يمكن حلها وتجاوزها، أم أنها مشاكل جوهرية تؤثر على حياتك الزوجية مستقبلًا؟

ثالثًا: ترتيب الأولويات ووضع معايير للعلاقة، من أكبر أسباب التشتت هو عدم وجود أهداف بشكل عام لدى الشخص، وفي حالتك من الواضح أن تركيزك ينحاز بقوة إلى زاوية العاطفة؛ لذلك لابد من أن تكون لديك أهداف واضحة لمشروع الزواج الذي ستقدمين عليه، ويبقى معك العمر كله، وعدم الاعتماد على العواطف فقط؛ لذلك من الضروري أن تتعاملي بواقعية مع مشروع الزواج، وتضعي هدفاً محدداً وواضحاً لسير حياتك، وتتبعي معايير تحقق هذا الهدف، وقد حدد القرآن الكريم الهدف العام للزواج في قوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)، فالمودة والرحمة والسكن هي أهداف يجب أن تكون واضحة في ذهنك، لا أن يكون الزواج سببًا في الحزن والمشاكل، ولتحقيق هذه الأهداف، لا بد من وجود معايير في الشخص الذي ترتبطين به، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه...)، فالدين والأخلاق هما أهم معايير الاستقرار والمودة والرحمة في مشروع الزواج.

أختي الفاضلة: القرار النهائي في الزواج هو قراركِ أنتِ، فأنتِ من ستعيشين مع هذا الشخص، وأنتِ من ستواجهين تلك المشاكل أو تحققين السعادة؛ لذا عليكِ أن تمتلكي الإرادة والوعي لتقييم هذه العلاقة بشكل متوازن خلال فترة الخِطبة، وأن تحللي شخصية هذا الخاطب وقدرته على تحقيق الاستقرار والتفاهم حول الأساسيات، ومدى الانسجام بينكما.

اتخاذ القرار يتطلب معرفة وتوازناً وإرادة، فالمعرفة تتمثل في وجود أهداف ومعايير واضحة تحقق أهم مقاصد الزواج والسعادة، والتوازن يعني عدم تغليب العاطفة على حساب الواقعية والمسؤولية التي يتطلبها نجاح مشروع الزواج.

أخيراً: الابتعاد عن دائرة القلق والتشتت، حاولي الابتعاد عن كل ما يثير هذه المشاكل أو يسببها. لكي تفكري بهدوء وتتخذي قرارات واعية؛ لا بد من الخروج من بؤرة المشاكل، وفي نفس الوقت بناء نفسك وتقوية علاقتك بالله تعالى من خلال الإكثار من ذكر الله، والدعاء، والتقرب إليه بتلاوة القرآن والأعمال الصالحة؛ كل هذه الأمور تحقق لكِ الاستقرار النفسي وتعيد إليك التوازن اللازم لاتخاذ القرار الصحيح.

وفقكِ الله وسدد خطاكِ.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً