وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب .
[21] روي أن داود لما صار له ثمان وخمسون سنة، وهي السنة الثانية والعشرون من ملكه، كانت قصته مع أوريا وزوجته، وملخصها: أنه رأى في الكتب ما أعطي إبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء -صلوات الله عليهم- فقال: يا رب! أرى الخير كله قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي، فأوحى الله إليه أنهم ابتلوا فصبروا، فقال: يا رب! لو ابتليتني، لصبرت، فأوحي إليه أنك تبتلى في شهر كذا في يوم كذا، فاحترس، فلما جاء الموعد، دخل محرابه، وأغلق عليه بابه، فجاءه الشيطان في صورة حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن، فوقعت بين رجليه، فأراد أخذها [ ص: 14 ] ليري بني إسرائيل قدرة الله تعالى، فذهبت إلى كوة هناك، فأراد أخذها، فذهبت، فنظر في الكوة، فإذا بامرأة من أجمل النساء تغتسل، فعجب داود من حسنها، فالتفتت فأبصرت ظله، فنقضت شعرها، فغطى جميع بدنها، فزاد عجبا، فسأل عنها، فقيل: هي تيشارع امرأة أوريا بن حنانا، وزوجها في غزاة في البلقاء مع أيوب بن صوريا ابن أخت داود، فكتب داود إلى ابن أخته أيوب أن ابعث أوريا إلى موضع كذا، وقدمه قبل التابوت، وكان من قدم على التابوت، لا يحل له أن يرجع وراءه حتى يفتح الله على يديه، أو يستشهد، فبعثه وقدمه، ففتح عليه [ثم أرسل إليه أن قدمه إلى جيش كذا، أعظم من الأول، فقدمه، ففتح عليه]، فأمره أن يقدمه ثالثة إلى جيش أعظم من الأولين، ففعل، فقتل، وانقضت عدتها، فتزوجها داود، وهي أم سليمان -عليه السلام- فلما دخل بها، لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث الله إليه ملكين في صورة رجلين في يوم عبادته، وهما جبريل وميكائيل، فطلبا أن يدخلا عليه، فمنعهما الحرس، فتسورا المحراب عليه، فما شعر وهو يصلي إلا بهما بين يديه جالسين، فذلك قوله تعالى: وهل أتاك نبأ الخصم مفرد يعم الذكر والأنثى، والقليل والكثير، والمراد: الملكان إذ تسوروا تصعدوا سور المحراب صدر المسجد. قرأ عن ابن ذكوان بخلاف عنه: (المحراب) بالإمالة، والاستفهام هنا بمعنى الإخبار، المعنى: قد وصل إليك خبرهما. ابن عامر