قال - رضي الله عنه - : أبو حاتم فإن كان الفقير حليما قيل: بليد، وإن كان عاقلا قيل: مكار، وإن كان بليغا قيل: مهذار، وإن كان ذكيا قيل: حديد، وإن كان صموتا قيل: عيي، وإن [ ص: 227 ] كان متأنيا قيل: جبان، وإن كان عازما قيل: جريء، وإن كان جوادا قيل: مسرف، وإن كان مقدرا قيل: ممسك. ليس خلة هي للغني مدح إلا وهي للفقير عيب،
ووجوده وعدمه ليسا بتجلد، ولا بكثرة حيلة، ولكنه أقسام، ومواهب من الخلاق العليم، ولقد أنشدني وشر المال ما اكتسب من حيث لا يحل، وأنفق فيما لا يجمل، الأبرش:
يشقى رجال، ويشقى آخرون بهم ويسعد الله أقواما بأقوام وليس رزق الفتى من حسن حيلته
لكن جدود بأرزاق وأقسام كالصيد يحرمه الرامي المجيد، وقد
يرمي فيرزقه من ليس بالرامي
حدثني محمد بن سعيد القزاز ، حدثنا أحمد بن داود بن موسى العطار ، حدثنا أحمد بن نصر العدني ، حدثنا المندني، قال: قال أبو قيس بن معديكرب، وكان له أحد عشر ذكرا: يا بني، اطلبوا هذا المال أجمل الطلب، واصرفوه في أحسن مذهب، صلوا به الأرحام، واصطنعوا به الأقوام، واجعلوه جنة لأعراضكم تحسن في الناس قالتكم، فإن جمعه كمال الأدب، وبذله كمال المروءة، حتى إنه ليسود غير السيد، ويقوي غير الأيد، وحتى إنه ليكون في أنفس الناس نبيها، وفي أعينهم مهيبا، ومن جمع مالا فلم يصن عرضا، ولم يعط سائلا، بحث الناس عن أصله، فإن كان مدخولا هتكوه، وإن كان صحيحا نسبوه إما إلى عرض دنية، وإما إلى لوص لئيم؛ حتى يهجنوه.
[ ص: 228 ]