" فصل ذكره - رحمه الله - في الشافعي واستشهد فيه بآيات من القرآن " إبطال الاستحسان
(أنا ) ، أنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنا الربيع بن سليمان (رحمه الله ) قال : " حكم الله ، ثم حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم حكم المسلمين - دليل على أن لا يجوز لمن استأهل أن يكون حاكما أو مفتيا : أن يحكم ، ولا أن يفتي إلا من جهة خبر لازم - وذلك : الكتاب ، ثم السنة . - أو ما قاله أهل العلم لا يختلفون فيه ، أو قياس على بعض هذا . ولا يجوز له : أن يحكم ، ولا يفتي بالاستحسان ؛ إذ لم يكن الاستحسان واجبا ، ولا في واحد من هذه المعاني " . وذكر - فيما احتج به - قول الله - عز وجل - : ( الشافعي أيحسب الإنسان أن يترك سدى ) [قال] " فلم يختلف أهل العلم بالقرآن فيما علمت أن (السدى ) الذي لا يؤمر ، ولا ينهى . ومن أفتى أو حكم بما لم يؤمر به فقد اختار لنفسه أن يكون في معاني السدى - وقد أعلمه - عز وجل - أنه لم يترك [ ص: 37 ] سدى - ورأى أن قال أقول ما شئت ؛ وادعى ما نزل القرآن بخلافه . قال الله (جل ثناؤه ) لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : ( اتبع ما أوحي إليك من ربك ) . وقال تعالى : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ) . ثم جاءه قوم ، فسألوه عن أصحاب الكهف وغيرهم ، فقال " أعلمكم غدا " . (يعني : أسأل جبريل عليه السلام ، ثم أعلمكم ) . فأنزل الله - عز وجل - : ( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ) . وجاءته امرأة أوس بن الصامت ، تشكو إليه أوسا ، فلم يجبها حتى نزل عليه : ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ) . وجاءه العجلاني يقذف امرأته ، فقال : " لم ينزل فيكما " وانتظر الوحي ، فلما أنزل الله (عز وجل ) عليه : دعاهما ، ولاعن بينهما كما أمر الله - عز وجل - " وبسط الكلام في الاستدلال بالكتاب والسنة والمعقول ، في رد الحكم بما استحسنه الإنسان ، دون القياس على الكتاب ، والسنة ، والإجماع .