قول طائفة ثانية في مغايرة الإيمان
* قال
nindex.php?page=showalam&ids=17032أبو عبد الله : وقالت طائفة أخرى أيضا من أصحاب الحديث بمثل مقالة هؤلاء ، إلا أنهم سموه مسلما لخروجه من ملل الكفر ، ولإقراره بالله ، وبما قال ، ولم يسموه مؤمنا ، وزعموا أنه مع تسميتهم إياه بالإسلام كافر لا كافر بالله ، ولكن كافر من طريق العمل ، وقالوا : كفر لا ينقله عن الملة ، وقالوا : محال أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=690670 " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " ، والكفر ضد الإيمان ، فيزيل عنه اسم الإيمان إلا واسم الكفر لازم له ، لأن الكفر ضد الإيمان إلا أن
nindex.php?page=treesubj&link=29645_28674الكفر كفران : كفر هو جحد بالله ، وبما قال ، فذلك
[ ص: 518 ] ضده الإقرار بالله ، والتصديق به ، وبما قال ، وكفر هو عمل ضد الإيمان الذي هو عمل ، ألا ترى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=684335 " لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه " قالوا : فإذا لم يؤمن ، فقد كفر ، ولا يجوز غير ذلك إلا أنه كفر من جهة العمل ، إذ لم يؤمن من جهة العمل ، لأنه لا يضيع المفترض عليه ، ويركب الكبائر إلا من خوفه ، وإنما يقل خوفه من قلة تعظيمه لله ، ووعيده ، فقد ترك من الإيمان التعظيم الذي صدر عنه الخوف ، والورع ، عن الخوف ، فأقسم النبي صلى الله عليه وسلم أنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=684335 " لا يؤمن إذا لم يأمن جاره بوائقه " .
ثم قد روى جماعة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=670296 " قتال المسلم كفر " ، وأنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=910798 " إذا قال المسلم لأخيه يا كافر ، ولم يكن كذلك ، فقد باء بالكفر ، فقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم بقتاله أخاه كافرا ، وبقوله له : يا كافر ؛ كافرا ، وهذه الكلمة دون الزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر .
قالوا : وأما قول من احتج علينا ، فزعم أنا إذا سميناه كافرا لزمنا أن نحكم عليه بحكم الكافرين بالله ، فنستتيبه ، ونبطل الحدود عنه ، لأنه إذا كفر ، فقد زالت عنه أحكام المؤمنين ، وحدودهم ، وفي ذلك إسقاط الحدود ، وأحكام المؤمنين عن كل
[ ص: 519 ] من أتى كبيرة ، فإنا لم نذهب في ذلك إلى حيث ذهبوا ، ولكنا نقول :
nindex.php?page=treesubj&link=28649_28647للإيمان أصل ، وفرع ، وضد الإيمان الكفر في كل معنى ، فأصل الإيمان : الإقرار ، والتصديق ، وفرعه إكمال العمل بالقلب ، والبدن ، فضد الإقرار والتصديق الذي هو أصل الإيمان : الكفر بالله ، وبما قال ، وترك التصديق به ، وله .
وضد الإيمان الذي هو عمل ، وليس هو إقرار ، كفر ، ليس بكفر بالله ينقل عن الملة ، ولكن كفر يضيع العمل كما كان العمل إيمانا ، وليس هو الإيمان الذي هو إقرار بالله ، فكما كان من ترك الإيمان الذي هو إقرار بالله كافرا يستتاب ، ومن ترك الإيمان الذي هو عمل مثل الزكاة ، والحج ، والصوم ، أو ترك الورع عن شرب الخمر ، والزنا ، فقد زال عنه بعض الإيمان ، ولا يجب أن يستتاب عندنا ، ولا عند من خالفنا من أهل السنة ، وأهل البدع ممن قال : إن الإيمان تصديق وعمل إلا
الخوارج وحدها ، فكذلك لا يجب بقولنا : كافر من جهة تضييع العمل أن يستتاب ، ولا يزول عنه الحدود ، وكما لم يكن بزوال الإيمان الذي هو عمل استتابته ، ولا إزالة الحدود عنه ، إذ لم يزل أصل الإيمان عنه ، فكذلك لا يجب علينا استتابته ، وإزالة الحدود ، والأحكام عنه بإثباتنا له اسم الكفر من قبل العمل ، إذ لم يأت بأصل الكفر الذي هو جحد بالله ، أو بما قال .
[ ص: 520 ]
قالوا : ولما كان العلم بالله إيمانا ، والجهل به كفرا ، وكان العمل بالفرائض إيمانا ، والجهل بها قبل نزولها ليس بكفر ، وبعد نزولها من لم يعملها ليس بكفر ، لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقروا بالله في أول ما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم إليهم ، ولم يعملوا الفرائض التي افترضت عليهم بعد ذلك ، فلم يكن جهلهم ذلك كفرا ، ثم أنزل الله عليهم هذه الفرائض ، فكان إقرارهم بها ، والقيام بها إيمانا ، وإنما يكفر من جحدها لتكذيبه خبر الله ، ولو لم يأت خبر من الله ، ما كان بجهلها كافرا ، وبعد مجيء الخبر من لم يسمع بالخبر من المسلمين ، لم يكن بجهلها كافرا ، والجهل بالله في كل حال كفر قبل الخبر ، وبعد الخبر .
قالوا : فمن ثم قلنا : إن
nindex.php?page=treesubj&link=28653_28678ترك التصديق بالله كفر به ، وإن ترك الفرائض مع تصديق الله أنه أوجبها ، كفر ليس بكفر بالله ، إنما هو كفر من جهة ترك الحق ، كما يقول القائل : كفرتني حقي ، ونعمتي ، يريد ضيعت حقي ، وضيعت شكر نعمتي .
قالوا : ولنا في هذا قدوة بمن روي عنهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتابعين ، إذ جعلوا للكفر فروعا ، دون أصله ، لا تنقل صاحبه عن ملة الإسلام ، كما ثبتوا للإيمان من جهة العمل فرعا للأصل ، لا ينقل تركه عن ملة الإسلام ، من ذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) .
[ ص: 521 ] 569 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن
هشام يعني ابن حجير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ليس بالكفر الذي يذهبون إليه " .
قَوْلُ طَائِفَةٍ ثَانِيَةٍ فِي مُغَايَرَةِ الْإِيمَانِ
* قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17032أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى أَيْضًا مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ بِمِثْلِ مَقَالَةِ هَؤُلَاءِ ، إِلَّا أَنَّهُمْ سَمَّوْهُ مُسْلِمًا لِخُرُوجِهِ مِنْ مِلَلِ الْكُفْرِ ، وَلِإِقْرَارِهِ بِاللَّهِ ، وَبِمَا قَالَ ، وَلَمْ يُسَمُّوهُ مُؤْمِنًا ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ مَعَ تَسْمِيَتِهِمْ إِيَّاهُ بِالْإِسْلَامِ كَافِرٌ لَا كَافِرٌ بِاللَّهِ ، وَلَكِنْ كَافِرٌ مِنْ طَرِيقِ الْعَمَلِ ، وَقَالُوا : كُفْرٌ لَا يَنْقُلُهُ عَنِ الْمِلَّةِ ، وَقَالُوا : مُحَالٌ أَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=690670 " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ " ، وَالْكُفْرُ ضِدُّ الْإِيمَانِ ، فَيُزِيلُ عَنْهُ اسْمَ الْإِيمَانِ إِلَّا وَاسْمُ الْكُفْرِ لَازِمٌ لَهُ ، لِأَنَّ الْكُفْرَ ضِدُّ الْإِيمَانِ إِلَّا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29645_28674الْكُفْرَ كُفْرَانِ : كُفْرٌ هُوَ جَحْدٌ بِاللَّهِ ، وَبِمَا قَالَ ، فَذَلِكَ
[ ص: 518 ] ضِدُّهُ الْإِقْرَارُ بِاللَّهِ ، وَالتَّصْدِيقُ بِهِ ، وَبِمَا قَالَ ، وَكُفْرٌ هُوَ عَمَلٌ ضِدُّ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ ، أَلَا تَرَى مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=684335 " لَا يُؤْمِنُ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ " قَالُوا : فَإِذَا لَمْ يُؤْمِنْ ، فَقَدْ كَفَرَ ، وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ كُفْرٌ مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ ، إِذْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ ، لِأَنَّهُ لَا يُضَيِّعُ الْمُفْتَرَضَ عَلَيْهِ ، وَيَرْكَبُ الْكَبَائِرَ إِلَّا مِنْ خَوْفِهِ ، وَإِنَّمَا يَقِلُّ خَوْفُهُ مِنْ قِلَّةِ تَعْظِيمِهِ لِلَّهِ ، وَوَعِيدِهِ ، فَقَدْ تَرَكَ مِنَ الْإِيمَانِ التَّعْظِيمَ الَّذِي صَدَرَ عَنْهُ الْخَوْفُ ، وَالْوَرَعُ ، عَنِ الْخَوْفِ ، فَأَقْسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=684335 " لَا يُؤْمِنُ إِذَا لَمْ يَأْمَنْ جَارُهُ بَوَائِقَهُ " .
ثُمَّ قَدْ رَوَى جَمَاعَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=670296 " قِتَالُ الْمُسْلِمِ كُفْرٌ " ، وَأَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=910798 " إِذَا قَالَ الْمُسْلِمُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ ، وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ، فَقَدْ بَاءَ بِالْكُفْرِ ، فَقَدْ سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِهِ أَخَاهُ كَافِرًا ، وَبِقَوْلِهِ لَهُ : يَا كَافِرُ ؛ كَافِرًا ، وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ دُونَ الزِّنَا ، وَالسَّرِقَةِ ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ .
قَالُوا : وَأَمَّا قَوْلُ مَنِ احْتَجَّ عَلَيْنَا ، فَزَعَمَ أَنَّا إِذَا سَمَيْنَاهُ كَافِرًا لَزِمَنَا أَنْ نَحْكُمَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْكَافِرِينَ بِاللَّهِ ، فَنَسْتَتِيبُهُ ، وَنُبْطِلُ الْحُدُودَ عَنْهُ ، لِأَنَّهُ إِذَا كَفَرَ ، فَقَدْ زَالَتْ عَنْهُ أَحْكَامُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَحُدُودِهِمْ ، وَفِي ذَلِكَ إِسْقَاطُ الْحُدُودِ ، وَأَحْكَامِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ كُلِّ
[ ص: 519 ] مَنْ أَتَى كَبِيرَةً ، فَإِنَّا لَمْ نَذْهَبُ فِي ذَلِكَ إِلَى حَيْثُ ذَهَبُوا ، وَلَكِنَّا نَقُولُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28649_28647لِلْإِيمَانِ أَصْلٌ ، وَفَرْعٌ ، وَضِدُّ الْإِيمَانِ الْكُفْرُ فِي كُلِّ مَعْنًى ، فَأَصْلُ الْإِيمَانِ : الْإِقْرَارُ ، وَالتَّصْدِيقُ ، وَفَرْعُهُ إِكْمَالُ الْعَمَلِ بِالْقَلْبِ ، وَالْبَدَنِ ، فَضِدُّ الْإِقْرَارِ وَالتَّصْدِيقِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْإِيمَانِ : الْكُفْرُ بِاللَّهِ ، وَبِمَا قَالَ ، وَتَرْكُ التَّصْدِيقِ بِهِ ، وَلَهُ .
وَضِدُّ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ ، وَلَيْسَ هُوَ إِقْرَارٌ ، كُفْرٌ ، لَيْسَ بِكُفْرٍ بِاللَّهِ يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ ، وَلَكِنْ كُفْرٌ يُضَيِّعُ الْعَمَلَ كَمَا كَانَ الْعَمَلُ إِيمَانًا ، وَلَيْسَ هُوَ الْإِيمَانُ الَّذِي هُوَ إِقْرَارٌ بِاللَّهِ ، فَكَمَا كَانَ مَنْ تَرَكَ الْإِيمَانَ الَّذِي هُوَ إِقْرَارٌ بِاللَّهِ كَافِرًا يُسْتَتَابُ ، وَمَنْ تَرَكَ الْإِيمَانَ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ مِثْلُ الزَّكَاةِ ، وَالْحَجِّ ، وَالصَّوْمِ ، أَوْ تَرَكَ الْوَرَعَ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ ، وَالزِّنَا ، فَقَدْ زَالَ عَنْهُ بَعْضُ الْإِيمَانِ ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يُسْتَتَابَ عِنْدَنَا ، وَلَا عِنْدَ مَنْ خَالَفَنَا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَأَهْلِ الْبِدَعِ مِمَّنْ قَالَ : إِنَّ الْإِيمَانَ تَصْدِيقٌ وَعَمَلٌ إِلَّا
الْخَوَارِجَ وَحْدَهَا ، فَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ بِقَوْلِنَا : كَافِرٌ مِنْ جِهَةِ تَضْيِيعِ الْعَمَلِ أَنْ يُسْتَتَابَ ، وَلَا يَزُولُ عَنْهُ الْحُدُودُ ، وَكَمَا لَمْ يَكُنْ بِزَوَالِ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ عَمَلٌ اسْتِتَابِتُهُ ، وَلَا إِزَالَةُ الْحُدُودِ عَنْهُ ، إِذْ لَمْ يَزُلْ أَصْلُ الْإِيمَانِ عَنْهُ ، فَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْنَا اسْتِتَابَتُهُ ، وَإِزَالَةُ الْحُدُودِ ، وَالْأَحْكَامِ عَنْهُ بِإِثْبَاتِنَا لَهُ اسْمَ الْكُفْرِ مِنْ قِبَلِ الْعَمَلِ ، إِذْ لَمْ يَأْتِ بِأَصْلِ الْكُفْرِ الَّذِي هُوَ جَحَدٌ بِاللَّهِ ، أَوْ بِمَا قَالَ .
[ ص: 520 ]
قَالُوا : وَلَمَّا كَانَ الْعِلْمُ بِاللَّهِ إِيمَانًا ، وَالْجَهْلُ بِهِ كُفْرًا ، وَكَانَ الْعَمَلُ بِالْفَرَائِضِ إِيمَانًا ، وَالْجَهْلُ بِهَا قَبْلَ نُزُولِهَا لَيْسَ بِكُفْرٍ ، وَبَعْدَ نُزُولِهَا مَنْ لَمْ يَعْمَلْهَا لَيْسَ بِكُفْرٍ ، لِأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَقَرُّوا بِاللَّهِ فِي أَوَّلِ مَا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَعْمَلُوا الْفَرَائِضَ الَّتِي افْتُرِضَتْ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَلَمْ يَكُنْ جَهْلُهُمْ ذَلِكَ كُفْرًا ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْفَرَائِضَ ، فَكَانَ إِقْرَارُهُمْ بِهَا ، وَالْقِيَامُ بِهَا إِيمَانًا ، وَإِنَّمَا يَكْفُرُ مَنْ جَحَدَهَا لِتَكْذِيبِهِ خَبَرَ اللَّهِ ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ ، مَا كَانَ بِجَهْلِهَا كَافِرًا ، وَبَعْدَ مَجِيءِ الْخَبَرِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِالْخَبَرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، لَمْ يَكُنْ بِجَهْلِهَا كَافِرًا ، وَالْجَهْلُ بِاللَّهِ فِي كُلِّ حَالٍ كُفْرٌ قَبْلَ الْخَبَرِ ، وَبَعْدَ الْخَبَرِ .
قَالُوا : فَمِنْ ثَمَّ قُلْنَا : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28653_28678تَرْكَ التَّصْدِيقِ بِاللَّهِ كُفْرٌ بِهِ ، وَإِنَّ تَرْكَ الْفَرَائِضِ مَعَ تَصْدِيقِ اللَّهِ أَنَّهُ أَوْجَبَهَا ، كُفْرٌ لَيْسَ بِكُفْرٍ بِاللَّهِ ، إِنَّمَا هُوَ كُفْرٌ مِنْ جِهَةِ تَرْكِ الْحَقِّ ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ : كَفَرْتَنِي حَقِّي ، وَنِعْمَتِي ، يُرِيدُ ضَيَّعْتَ حَقِّي ، وَضَيَّعْتَ شُكْرَ نِعْمَتِي .
قَالُوا : وَلَنَا فِي هَذَا قُدْوَةٌ بِمَنْ رُوِيَ عَنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالتَّابِعِينَ ، إِذْ جَعَلُوا لِلْكُفْرِ فُرُوعًا ، دُونَ أَصْلِهِ ، لَا تَنْقُلُ صَاحِبَهُ عَنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ ، كَمَا ثَبَتُوا لِلْإِيمَانِ مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ فَرَعًا لِلْأَصْلِ ، لَا يَنْقُلُ تَرْكُهُ عَنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) .
[ ص: 521 ] 569 - حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17342يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ
هِشَامٍ يَعْنِي ابْنَ حُجَيْرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : " (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) لَيْسَ بِالْكُفْرِ الَّذِي يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ " .