[ ص: 5 ] (43) الثالث والأربعون من شعب الإيمان " وهو باب في الحث على ترك الغل والحسد "
قال : والحسد : الاغتمام بالنعمة يراها لأخيه المسلم ، والتمني لزوالها عنه ، ثم قد يتمنى مع هذا أن تكون تلك النعمة له دونه ، والغل إضمار السوء ، وإرادة الشر به من غير أن يكون مظلوما من جهته ، وقد أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعوذ به من شر حاسد فقال : ( ومن شر حاسد إذا حسد ) .
وذم اليهود على حسدهم النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين فقال : ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) .
فالحسد مذموم ، والحاسد غير الغابط ؛ لأن الحاسد من لا يحب الخير لغيره ، ويتمنى زواله عنه والغابط من يتمنى أن يكون له من الخير مثل ما لغيره ، والحاسد يعتد إحسان الله تعالى إلى أخيه المسلم إساءة إليه وهذا جهل منه ؛ [ لأن الإحسان الواقع بمكان أخيه لا يضره شيئا فإن ما عند الله واسع ] ، وقد يكون الحاسد متسخطا لقضاء الله ، وذلك يدنيه من الكفر لولا أنه تأول فيقول : إنما أكره الغم الذي بي فيما آتاه الله لا القضاء نفسه .
والذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : . " لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله علما فهو يعلمه الناس ، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفق منه آناء الليل والنهار "
ويحتمل أن يكون المراد به الغبط فسماه حسدا لأنه يقرب منه وإن لم يكن به .
[ ص: 6 ] [ وحكى صاحب الغريب عن ثعلب أنه قال : في هذا الحديث " لا حسد " أي لا حسد لا يضر إلا في اثنتين ] .