السؤال
السلام عليكم.
نحن أسرة مكونة من ستة أخوة وثلاث أخوات، ما زلنا في بيت والدنا رغم أن أعمارنا تتراوح بين 29 و 45 سنة، وأمنا متوفاة -رحمها الله-، ووالدنا متقاعد وعمره 75 سنة.
منذ توفيت الوالدة لم يعد له شغل سوى الدخول للمطبخ، ويتزاحم معنا على غسل الأواني، وطيلة اليوم وهو ينادي علينا للجلوس معه، وفي قرارة نفسه يكره أن نتزوج ظنا منه أنه سيبقى وحيدا، كثير الشك والظنون، لم نسمعه طوال حياتنا يمدح أو يشكر أحدا حتى والديه إلا في حالات نادرة جدا، حتى أمي -والتي توفيت منذ 7 سنوات- لم يذكرها يوما بخير، رغم أنها أفنت عمرها في خدمته، ولم نسمع قط يوما أنه لام نفسه أو قال أنا مخطئ، ودائما يقول أنه تعذب في حياته وقاسى الكثير، وهو في الحقيقة يبالغ كثيرا، بل بالعكس كان مدللا من طرف جدته وخاله الذين تربى في حضنهما، ومنذ أن توفيت أمي أصبحنا لا نستطيع استقبال صديقاتنا في المنزل، لأنه في إحدى المرات قام بطرد أعز صديقة لدي، فهو يخاف أن نلتهي عنه، ويريد أن يبقى مركز الاهتمام وكأنه طفل رضيع، وينتظر منا أن نملأ -نحن بناته العانسات- وقت فراغه بالاستماع إلى قصصه المتكررة وعلينا أن نسكت ونلبي.
أوجد فينا مجموعة من الخصال السيئة، ككره الرجال وعدم الرغبة في الزواج وكثرة اغتياب الناس والحقد عليهم، لأننا أصبحنا نعيش انطواء وعزلة شديدة عن المجتمع، ولا نخالط الناس، والأدهى أنه مباشرة بعد خروجه للمسجد نبدأ في اغتيابه وننفجر بالصراخ والرثاء على حالنا، كل يوم تقريبا، وكذلك نبدأ في اغتياب بعضنا البعض ونذكر مساوئ الناس وظلمهم لنا وكأننا ملائكة، ومؤخرا أصبحنا نصرخ في وجهه ونتأفف كثيرا من حضوره فهو لا يبرح البيت إلا للصلاة، فليس له أصدقاء وعلاقتنا بالعائلة مقطوعة، وعندما نجلس نذكر بعضنا البعض بذنوبنا، نعزم على التوبة من العقوق والغيبة وسوء الظن لكن ما نفتئ نرجع لنقترف الذنوب وربما بشكل أكبر، فكلما تقدم بنا السن كلما زادت حدة طباعنا وضاقت أخلاقنا فأصبحنا لا نحتمل الناس ونكره حالنا ووضعنا، فكل من في سننا تزوجن ولهن أكثر من طفل، وحياة مستقرة وحرية.
أصبحنا معقدات، فلا نحن نعيش دنيانا كما ينبغي ولا نحن نعمل لآخرتنا لا دينا ولا دنيا، حتى القرآن أصبحنا نختمه مرتين في السنة وصلاتنا سجود وركوع بلا إحساس فنحن نحس كأننا في سجن.
ومع ذلك أنا شخصيا مقصرة في الدعاء، تراني ملتهية في الهاتف أبحث عن إضاعة الوقت، أرجوكم أن تفيدوني بنصائحكم الغالية، جزاكم الله خيرا، وأعتذر عن الإطالة، وشكرا.