السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة بعمر أربع وعشرين سنة، من عائلة متوسطة وميسورة مادياً، عشت طفولة صعبة بعض الشيء أثرت في شخصيتي بشكل كبير، فرغم صغر سني إلا أني أحس بأني كبيرة جداً.
أمي إنسانه عصامية، هي مثال للمرأة التي ضحت بكل شيء حتى تستطيع أن تعيلنا، لي إخوة غير أشقاء من والدتي، وقد كان والدي متكفلاً بهم منذ صغرهم، رغم ضيق الحال، لأن أباهم متوفى -رحمه الله-، إلا إن أبي كان شديد القسوة، وكانت أمي تتحمل منه الكثير، ودائماً ما يقول إنه يتحمل أعباء ليس مجبراً عليها، بالرغم من أن والدتي تشتغل معه، وتتعب أكثر منه، فقد بدأت والدتي تجارة الملابس، بعد أن قامت ببيع كل أثاثنا حتى تبدأ هذه التجارة - والحمد لله - تحسنت أوضاعنا بشكل كبير، ويعود الفضل بعد الله عز وجل لوالدتي.
كما سلف وقلت كانت هناك العديد من المشاكل في عائلتي، وكنت دائماً ما أقف ضد والدي حتى أدرأ السوء عن أمي وإخوتي غير الأشقاء، فأنا لا أتحمل أن أجد أمي حزينة أو أحس أن أبي يظلمها.
في كثير من الأحيان يجرحها بكلام قاس حتى أمام الناس، وهذا ما يؤلمني كثيراً، وأحس في بعض الأحيان أن والدي يمكن أن يكون غير راض عني، لأني أعاتبه مثلاً على ما يفعل، إلا أنني لا أستطيع أن أرى ظلماً في حق إخوتي وأمي، وأسكت عنه.
حاولت مراراً أن أصمت لكنني لم أستطع، علماً بأن أبي لو ظلمني أنا مثلاً لا أهتم، وأصمت، لكن يجرحني جداً أن يؤلم أمي الحبيبة.
أنا حساسة بشكل لا يوصف، وهذا ما يجعلني أتصرف هكذا، أخيراً وبعد تضحيات أمي الجسام وتعبها منذ صغري، وبعد أن تحسنت أوضاعنا قرر والدي أن يتزوج بثانية، بحجة أنه يريد أن ينجب أولاداً ذكوراً، لأن والدتي لم تنجب غيري أنا وأختي منه، ولم يقدّر ما فعلته أمي من أجلنا، وهذا الأمر آلمني بشدة، وزاد الطين بلة.
أنا في بعض الأحيان أحس أني لا أقدّر والدي، ولأني أحس أنه لا يهتم إلا لنفسه، وكذلك لأنه غير ملتزم بعبادات أمرنا الله بها.
لطالما تمنيت أن يكون أبي قدوتي في هذه الحياة، وكنت كلما رأيت أباً صالحاً أو أحد الشيوخ أتمنى أن يكون أبي مثله، لعل في كلامي بعض القسوة، وأحس أني الآن أخطئ في حق والدي.
علماً بأن قلبه طيب، رغم كل ما يفعله، إلا أن ما أريد معرفته هو كيف يجب أن أتعامل مع أبي؟ فأنا أخاف من غضب الله علي، وأخاف أن أكون عاصية وغير بارة بوالدي، فأنا بين المطرقة والسندان، بين أمي التي أرى أنها تعذبت من أجلنا، وبين أبي الذي لا أود أن يسخط علي.
أرجوكم أفيدوني، وجزاكم الله كل خير، ووفقكم لما يحبه ويرضاه.