السؤال
السلام عليكم ورحمة الله بركاته.
مشكلتي أنني أشعر بالضياع لأول مرة في حياتي، كنت أعلم بكل ما أريده وأرغب به، ولكنني في موقف جعلني محاصرة وأدور في دائرة مفرغة، لا أدري ماذا أفعل، في السابق كنت أسعى وأجتهد لعمل ما أريد وإن كان الأمر صعبا بخلاف الوقت الحالي ووضعي الجديد.
في المدرسة اخترت المجال العلمي، وأخبرني العديد من الناس بأنه مجال صعب ومعقد، ولكنني التحقت به واجتهدت حتى تمكنت من التخرج وحصلت على مجموع عال، كنت أعيش حياة مثالية قبل سنتين من اليوم، احترت في أي المجالات الجامعية أتخصص، فأنا لا أحب استشارة الآخرين كثيرا، وقد توقع العديد من أقاربي أن أتخصص في الصيدلية أو الطب أو الهندسة، ولكنني لا أرغب بتلك التخصصات، ما أتمناه هو دراسة الطيران، ولكنني أحتاج إلى الشهادة الجامعية كي أتمكن من الحصول على وظيفة ومرتب أنفقه على دراسة الطيران، فتكاليفها عالية، ولا أرغب في تكليف أسرتي تلك المبالغ.
بالفعل تخصصت في هندسة الكمبيوتر، وهي غلطة العمر، فبعد سنة من الصبر والسعي تعبت نفسيا وجسديا، وفي السنة الثانية في الفصل الثاني تعبت ولم أستطع المذاكرة ولم أتمكن من قراءة الكتب، كنت أنجح عن طريق الصدفة، وبعدها رسبت في إحدى المواد ولم أشعر بأي شيء، سيطرت علي رغبة جامحة في ترك التخصص، ربما تلك آثار صدمتي بأن حلم الطيران بات مستحيلا؛ بسبب التكاليف العالية، ولأنني أنثى، وضرورة وجود وسيط يمكنني من الدراسة في كلية الطيران وغير ذلك.
أشعر بالتعب مما أعاني، ومن كلام الناس وتحليلاتهم، فمنهم من يرجح بأنني إنسانة فاشلة، ومنهم من يحبطني بكلامه، ومنهم من ينصحني بإكمال الدراسة لأن لا أحد يحصل على رغباته وأمنياته، ومن يتهمني بالدلع والكسل، نعم، يجرحني كلامهم ويؤثر بي، ولكنني أمثل الضحك أمامهم فيظنون بأنني غير جادة بقضية ترك التخصص.
تطورت حالتي النفسية وتحولت إلى ألم جسدي في بطني وظهري، لم أراجع الأطباء، فلا أحد يعلم بأمر تعبي الجسدي، ولو علموا فسوف يأخذون الأمر على سبيل المزاح ولن يصدق أي منهم كلامي، أصبحت مؤمنة بأنني ممثلة ناجحة فقد أتقنت دوري ولم يلحظ أي أحد حالتي الحقيقية من الداخل.
هل يمكن أن أكون مصابة بمرض depression، خاصة وأن فكرة الموت والانتحار تلازمني ولا أستسلم لها، تلك الوساوس في ازدياد ولا أعلم كيف أتحكم بها وكيف أكبح جماحها؟ لم أشعر بالضياع سابقا، أكملت ستة أشهر ولا أعلم ماذا أفعل، لا أملك أي هدف في الحياة، لو كنت أعرف بأن نهايتي قريبة فسوف أشعر بالسعادة، فقد تعبت كثيرا.
مشكلتي اليوم أنني أقف في منتصف الطريق، لا يمكنني تحقيق حلمي ولا أملك الرغبة في دراسة تخصص جديد، مستقبلي ينهار أمام عيني، ولا أريد دراسة تخصص لا أحبه، فسوف أعمل في وظيفة أكرهها مستقبلا.
حينما التحقت بهندسة الكمبيوتر كان ذلك بمثابة الجسر الذي سيأخذني إلى حلمي وهو دراسة الطيران، فتلك حجتي للوظيفة كما كنت أعتقد، وأنني سوف أتمكن من جمع المال والحصول على مقعد في كلية الطيران، ولكن الواقع مختلف عن أحلامي، فلو ملكت المال لن أحصل على المقعد إلا بوجود الوسيط، وهنا يكمن الظلم، وأشعر بالخوف من تغيير الكلية دون جدوى.
أريد مساعدتكم، فبدون أهداف لا قيمة لحياتنا، أصبحت اليوم جسدا بلا روح، تبلدت مشاعري فلا يمكنني غير البكاء، نعم أنني أضحك ولكن ضحكي مجرد تمثيل أمام الناس، ماذا أفعل فجسمي لا يستجيب وقد استسلم لليأس مثلي، أواظب على الاستغفار والصبر ولكنني خائفة أن ينفد صبري، لا أملك من يفهمني ويفهم مشاعري، محيطي مليء بالناس ولكنهم يتسمون بالسلبية، لا يوجد من يحفزني ويدفعني للتعبير عن ذاتي، غدوت أحب العزلة فهي أفضل، هل الحياة بهذه الصورة؟ لو أنها كذلك كيف نجح الناس، وكيف تمكنوا من تحقيق أحلامهم المستحيلة؟ أعلم أن الحياة خليط من المواقف الإيجابية والسلبية ولكنني لا أرى غير السلبي منها.
أنا في أمس الحاجة إلى نصيحتكم، هل أحتاج إلى زيارة الطبيب النفسي؟ لا أحب أن أتكلم مع الناس عن مشاكلي، ولكنني وجدت في موقعكم الصدر الرحب، ومن يمثلني في استشارته، فأرسلت لكم مشكلتي؛ فأفيدوني.
أعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله خيرا.