فرد شعورهن السود بيضا ورد وجوههن البيض سودا
وقيل : انتصب على الحال ، والقول الأول أظهر .
( وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ) هذا سؤال استبعاد وقوع الكفر منهم مع هاتين الحالتين وهما : تلاوة كتاب الله عليهم وهو القرآن الظاهر الإعجاز ، وكينونة الرسول فيهم الظاهر على يديه الخوارق . ووجود هاتين الحالتين تنافي الكفر ولا تجامعه ، فلا يتطرق إليهم كفر مع ذلك . وليس المعنى أنه وقع منهم الكفر ، فوبخوا على وقوعه ؛ لأنهم مؤمنون ؛ ولذلك نودوا بقوله : يا أيها الذين آمنوا . فليس نظير قوله : ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا ) والرسول هنا : محمد - صلى الله عليه وسلم - بلا خلاف . والخطاب قال : لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان فيهم وهم يشاهدونه . وقيل : لجميع الأمة ؛ لأن آثاره وسنته فيهم ، وإن لم يشاهدوه . قال الزجاج قتادة : في هذه الآية علمان بينان : كتاب الله ، ونبي الله . فأما نبي الله فقد مضى ، وأما كتاب الله فأبقاه الله بين أظهرهم رحمة منه ونعمة فيه ، حلاله وحرامه ، وطاعته ومعصيته . وقيل : الخطاب للأوس والخزرج الذين نزلت هذه الآية فيما شجر بينهم على ما ذكره الجمهور . وقرأ الجمهور " تتلى " بالتاء . وقرأ الحسن : " يتلى " بالياء ؛ لأجل الفصل ، ولأن التأنيث غير حقيقي ، ولأن الآيات هي القرآن . قال والأعمش ابن عطية : وفيكم رسوله هي ظرفية الحضور والمشاهدة لشخصه - صلى الله عليه وسلم - وهو في أمته إلى يوم القيامة بأقواله وآثاره . وقال : وكيف تكفرون معنى الاستفهام فيه الإنكار والتعجيب ، والمعنى : من أين يتطرق إليكم الكفر ، والحال أن آيات الله وهي القرآن المعجز تتلى عليكم على لسان الرسول غضة طرية وبين أظهركم رسول الله ينبهكم ويعظكم ويزيح شبهكم ؟ . الزمخشري