سورة اللهب مكية وهي خمس آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=1تبت يدا أبي لهب وتب nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2ما أغنى عنه ماله وما كسب nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=3سيصلى نارا ذات لهب nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4وامرأته حمالة الحطب nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=5في جيدها حبل من مسد )
الحطب معروف ، ويقال : فلان يحطب على فلان إذا وشى عليه . الجيد : العنق . المسد : الحبل من ليف ، وقال
أبو الفتح : ليف المقل ، وقال
ابن زيد : هو شجر
باليمن يسمى المسد . انتهى . وقد يكون من جلود الإبل ومن أوبارها ، قال الراجز :
ومسد أمر من أيانق
ورجل ممسود الخلق : أي مجدوله شديده .
(
nindex.php?page=treesubj&link=29082nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=1تبت يدا أبي لهب وتب nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2ما أغنى عنه ماله وما كسب nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=3سيصلى نارا ذات لهب nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4وامرأته حمالة الحطب nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=5في جيدها حبل من مسد ) .
[ ص: 525 ] هذه السورة مكية ، ولما ذكر فيما قبلها دخول الناس في دين الله تعالى ، أتبع بذكر من لم يدخل في الدين ، وخسر ولم يدخل فيما دخل فيه أهل
مكة من الإيمان ، وتقدم الكلام على التباب في سورة غافر ، وهنا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : خابت ،
وقتادة : خسرت ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير : هلكت ،
وعطاء : ضلت ،
ويمان بن رياب : صفرت من كل خير ، وهذه الأقوال متقاربة في المعنى ، وقالوا فيما حكى : أشابة أم تابة أي هالكة من الهرم والتعجيز ، وإسناد الهلاك إلى اليدين ؛ لأن العمل أكثر ما يكون بهما ، وهو في الحقيقة للنفس ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=10ذلك بما قدمت يداك ) وقيل : أخذ بيديه حجرا ليرمي به الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأسند التب إليهما ، والظاهر أن التب دعاء ، وتب : إخبار بحصول ذلك ، كما قال الشاعر :
جزاني جزاه الله شر جزائه جزاء الكلاب العاويات وقد فعل
ويدل عليه قراءة
عبد الله : وقد تب . روي أنه لما نزل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=214وأنذر عشيرتك الأقربين ) قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375023يا nindex.php?page=showalam&ids=252صفية بنت عبد المطلب ، يا فاطمة بنت محمد ، لا أغني لكما من الله شيئا ، سلاني من مالي ما شئتما ) . ثم صعد
الصفا ، فنادى بطون
قريش : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375024يا بني فلان يا بني فلان ) . وروي
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375025أنه صاح بأعلى صوته : ( يا صباحاه ) . فاجتمعوا إليه من كل وجه ، فقال لهم : ( أرأيتم لو قلت لكم إني أنذركم خيلا بسفح هذا الجبل ، أكنتم مصدقي ؟ ) قالوا : نعم ، قال : ( فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ) فقال أبو لهب : تبا لك سائر اليوم ، ألهذا جمعتنا ؟ فافترقوا عنه ، ونزلت هذه السورة .
وأبو لهب اسمه عبد العزى ، ابن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقرأ
ابن محيصن وابن كثير : (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=1أبي لهب ) بسكون الهاء ، وفتحها باقي السبعة ولم يختلفوا في (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=3ذات لهب ) ، لأنها فاصلة ، والسكون يزيلها على حسن الفاصلة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وهو من تغيير الأعلام ، كقولهم : شمس مالك بالضم . انتهى . يعني : سكون الهاء في لهب وضم الشين في شمس ، ويعني في قول الشاعر :
وإني لمهد من ثنائي فقاصد به لابن عمي الصدق شمس بن مالك
فأما في ( لهب ) ، فالمشهور في كنيته فتح الهاء ، وأما
شمس بن مالك ، فلا يتعين أن يكون من تغيير الأعلام ، بل يمكن أن يكون مسمى بشمس المنقول من شمس الجمع ، كما جاء أذناب خيل شمس ، قيل : وكني
بأبي لهب لحسنه وإشراق وجهه ، ولم يذكره تعالى باسمه لأن اسمه
عبد العزى ، فعدل عنه إلى الكنية ، أو لأن الكنية كانت أغلب عليه من الاسم ، أو لأن مآله إلى النار ، فوافقت حالته كنيته ، كما يقال للشرير : أبو الشر ، وللخير أبو الخير ، أو لأن الاسم أشرف من الكنية ، فعدل إلى الأنقص ، ولذلك ذكر الله تعالى الأنبياء ، عليهم الصلاة والسلام ، بأسمائهم ولم يكن أحدا منهم .
والظاهر أن ما في (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2ما أغنى عنه ماله ) نفي ، أي لم يغن عنه ماله الموروث عن آبائه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2وما كسب ) هو بنفسه ، أو ماشيته وما كسب من نسلها ومنافعها ، أو ما كسب من أرباح ماله الذي يتجر به ، ويجوز أن تكون ما استفهاما في موضع نصب ، أي : أي شيء يغني عنه ماله على وجه التقرير والإنكار ؟ والمعنى : أين الغنى الذي لماله ولكسبه ؟ والظاهر أن ما في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2وما كسب ) موصولة ، وأجيز أن تكون مصدرية ، وإذا كانت ما في (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2ما أغنى ) استفهاما ، فيجوز أن تكون ما في (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2وما كسب ) استفهاما أيضا ، أي : وأي شيء كسب ؟ أي لم يكسب شيئا ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2وما كسب ) ولده .
وفي الحديث : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375026ولد الرجل من كسبه ) . وعن
الضحاك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2وما كسب ) هو عمله الخبيث في عداوة الرسول ، صلى الله عليه وسلم . وعن
قتادة : وعمله الذي ظن أنه منه على شيء . وروي عنه أنه كان يقول : إن كان ما يقول ابن أخي حقا ، فأنا أفتدي منه نفسي بمالي وولدي . وقرأ
عبد الله : ( وما اكتسب ) بتاء الافتعال ، وقرأ
أبو حيوة وابن مقسم ،
وعباس في اختياره ، وهو أيضا (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=3سيصلى ) بضم الياء وفتح الصاد وشد اللام ، ( ومريئته ) ، وعنه أيضا : ( ومريته ) على التصغير فيهما بالهمز وبإبدالها ياء وإدغام ياء التصغير
[ ص: 526 ] فيها ، وقرأ أيضا : ( حمالة للحطب ) ، بالتنوين في (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4حمالة ) ، وبلام الجر في الحطب ، وقرأ
الحسن ،
وابن أبي إسحاق : (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=3سيصلى ) بضم الياء وسكون الصاد ،
وأبو قلابة : ( حاملة الحطب ) على وزن فاعلة مضافا ، واختلس حركة الهاء في ( وامرأته )
أبو عمرو في رواية ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ،
وأبو حيوة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة ،
وابن محيصن ،
وعاصم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4حمالة ) بالنصب .
وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=3سيصلى ) بفتح الياء وسكون الصاد ( وامرأته ) على التكبير (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4حمالة ) على وزن فعالة للمبالغة مضافا إلى الحطب مرفوعا ، والسين للاستقبال وإن تراخى الزمان ، وهو وعيد كائن إنجازه لا محالة ، وارتفع ( وامرأته ) عطفا على الضمير المستكن في (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=3سيصلى ) وحسنه وجود الفصل بالمفعول وصفته ( وحمالة ) في قراءة الجمهور خبر مبتدأ محذوف ، أو صفة ل ( امرأته ) ، لأنه مثال ماض فيعرف بالإضافة ، وفعال أحد الأمثلة الستة وحكمها كاسم الفاعل ، وفي قراءة النصب ، انتصب على الذم ، وأجازوا في قراءة الرفع أن يكون ( وامرأته ) مبتدأ ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4حمالة ) واسمها
أم جميل بنت حرب أخت
أبي سفيان ، وكانت عوراء . والظاهر أنها كانت تحمل الحطب ، أي ما فيه شوك ، لتؤذي بإلقائه في طريق الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه لتعقرهم ، فذمت بذلك وسميت حمالة الحطب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، فحمالة معرفة ، فإن كان صار لقبا لها جاز فيه حالة الرفع أن يكون عطف بيان ، وأن يكون بدلا ، قيل : وكانت تحمل حزمة من الشوك والحسك والسعدان فتنشرها بالليل في طريق رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا
ومجاهد وقتادة والسدي : كانت تمشي بالنميمة ، ويقال للمشاء بها : يحمل الحطب بين الناس ، أي يوقد بينهم النائرة ويورث الشر ، قال الشاعر :
من البيض لم يصطد على ظهر لأمة ولم تمش بين الحي بالحطب الرطب
جعله رطبا ليدل على التدخين الذي هو زيادة في الشر . وقال الراجز :
إن بني الأرزم حمالو الحطب هم الوشاة في الرضا وفي الغضب
وقال
ابن جبير : حمالة الخطايا والذنوب ، من قولهم : يحطب على ظهره ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=31وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ) وقيل : الحطب جمع حاطب ، كحارس وحرس ، أي بحمل الجناة على الجنايات ، والظاهر أن الحبل من مسد ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير ومجاهد وسفيان : استعارة ، والمراد سلسلة من حديد في جهنم ، وقال
قتادة : قلادة من ودع ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب : قلادة فاخرة من جوهر ، فقالت : واللات والعزى لأنفقنها على عداوة
محمد . قال
ابن عطية : وإنما عبر عن قلادتها بحبل من مسد على جهة التفاؤل لها ، وذكر تبرجها في هذا السعي الخبيث . انتهى . وقال
الحسن : إنما كانت خرزا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : والمعنى في جيدها حبل مما مسد من الحبال ، وأنها تحمل الحزمة من الشوك وتربطها في جيدها ، كما يفعل الحطابون تحسيسا لحالها وتحقيرا لها بصورة بعض الحطابات من المواهن لتمتعض من ذلك ويمتعض بعلها وهما في بيت العز والشرف وفي منصب الثروة والجدة ، ولقد عير بعض الناس
الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب بحمالة الحطب ، فقال :
ماذا أردت إلى شتمي ومنقصتي أم ما تعير من حمالة الحطب
غرساء شاذخة في المجد سامية كانت سليلة شيخ ثاقب الحسب
ويحتمل أن يكون المعنى : إن حالها يكون في نار جهنم على الصورة التي كانت عليها حين كانت تحمل حزمة الشوك ، فلا يزال على ظهرها حزمة من حطب النار من شجر الزقوم أو الضريع ، وفي جيدها حبل مما مسد من سلاسل النار ، كما يعذب كل مجرم بما يجانس حاله في جرمه . انتهى . ولما سمعت
أم جميل هذه السورة أتت أبا بكر ، وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في المسجد وبيدها فهر ، فقالت :
[ ص: 527 ] بلغني أن صاحبك هجاني ، ولأفعلن وأفعلن ، وأعمى الله تعالى بصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فروي أن
أبا بكر رضي الله تعالى عنه ، قال لها : هل تري معي أحدا ؟ فقالت : أتهزأ بي ؟ لا أرى غيرك ، وإن كان شاعرا فأنا مثله أقول :
مذمما أبينا ودينه قلينا وأمره عصينا
فسكت
أبو بكر ومضت هي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لقد حجبتني عنها ملائكة فما رأتني وكفى الله شرها . وذكر أنها ماتت مخنوقة بحبلها ،
وأبو لهب رماه الله تعالى بالعدسة بعد وقعة
بدر بسبع ليال .
سُورَةُ اللَّهَبِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ خَمْسُ آيَاتٍ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=1تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=3سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=5فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ )
الْحَطَبُ مَعْرُوفٌ ، وَيُقَالُ : فُلَانٌ يَحْطِبُ عَلَى فُلَانٍ إِذَا وَشَى عَلَيْهِ . الْجِيدُ : الْعُنُقُ . الْمَسَدُ : الْحَبْلُ مِنْ لِيفٍ ، وَقَالَ
أَبُو الْفَتْحِ : لِيفُ الْمُقْلِ ، وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : هُوَ شَجَرٌ
بِالْيَمَنِ يُسَمَّى الْمَسَدَ . انْتَهَى . وَقَدْ يَكُونُ مِنْ جُلُودِ الْإِبِلِ وَمِنْ أَوْبَارِهَا ، قَالَ الرَّاجِزُ :
وَمَسَدُ أَمْرٍ مِنْ أَيَانِقَ
وَرَجُلٌ مَمْسُودُ الْخَلْقِ : أَيْ مَجْدُولُهُ شَدِيدُهُ .
(
nindex.php?page=treesubj&link=29082nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=1تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=3سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=5فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) .
[ ص: 525 ] هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ ، وَلَمَّا ذَكَرَ فِيمَا قَبْلَهَا دُخُولَ النَّاسِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى ، أَتْبَعَ بِذِكْرِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الدِّينِ ، وَخَسِرَ وَلَمْ يَدْخُلْ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ أَهْلُ
مَكَّةَ مِنِ الْإِيمَانِ ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى التَّبَابِ فِي سُورَةِ غَافِرٍ ، وَهُنَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : خَابَتْ ،
وَقَتَادَةُ : خَسِرَتْ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ : هَلَكَتْ ،
وَعَطَاءٌ : ضَلَّتْ ،
وَيَمَانُ بْنُ رِيَابٍ : صَفِرَتْ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مُتَقَارِبَةٌ فِي الْمَعْنَى ، وَقَالُوا فِيمَا حَكَى : أَشَابَّةٌ أَمْ تَابَّةٌ أَيْ هَالِكَةٌ مِنَ الْهَرَمِ وَالتَّعْجِيزِ ، وَإِسْنَادُ الْهَلَاكِ إِلَى الْيَدَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ بِهِمَا ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلنَّفْسِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=10ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ ) وَقِيلَ : أَخَذَ بِيَدَيْهِ حَجَرًا لِيَرْمِيَ بِهِ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَسْنَدَ التَّبَّ إِلَيْهِمَا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّبَّ دُعَاءٌ ، وَتَبَّ : إِخْبَارٌ بِحُصُولِ ذَلِكَ ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
جَزَانِي جَزَاهُ اللَّهُ شَرَّ جَزَائِهِ جَزَاءَ الْكِلَابِ الْعَاوِيَاتِ وَقَدْ فَعَلْ
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ
عَبْدِ اللَّهِ : وَقَدْ تَبَّ . رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=214وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) قَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375023يَا nindex.php?page=showalam&ids=252صَفِيَّةُ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ ، لَا أُغْنِي لَكُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، سَلَانِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمَا ) . ثُمَّ صَعِدَ
الصَّفَا ، فَنَادَى بُطُونَ
قُرَيْشٍ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375024يَا بَنِي فُلَانٍ يَا بَنِي فُلَانٍ ) . وَرُوِيَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375025أَنَّهُ صَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : ( يَا صَبَاحَاهُ ) . فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، فَقَالَ لَهُمْ : ( أَرَأَيْتُمْ لَوْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي أُنْذِرُكُمْ خَيْلًا بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ ؟ ) قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : ( فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ) فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ : تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا ؟ فَافْتَرَقُوا عَنْهُ ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ .
وَأَبُو لَهَبٍ اسْمُهُ عَبْدُ الْعُزَّى ، ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَرَأَ
ابْنُ مُحَيْصِنٍ وَابْنُ كَثِيرٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=1أَبِي لَهَبٍ ) بِسُكُونِ الْهَاءِ ، وَفَتَحَهَا بَاقِي السَّبْعَةِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=3ذَاتَ لَهَبٍ ) ، لِأَنَّهَا فَاصِلَةُ ، وَالسُّكُونُ يُزِيلُهَا عَلَى حُسْنِ الْفَاصِلَةِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَهُوَ مِنْ تَغْيِيرِ الْأَعْلَامِ ، كَقَوْلِهِمْ : شُمْسُ مَالِكٍ بِالضَّمِّ . انْتَهَى . يَعْنِي : سُكُونَ الْهَاءِ فِي لَهْبٍ وَضَمَّ الشِّينَ فِي شُمْسٍ ، وَيَعْنِي فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ :
وَإِنِّي لَمُهْدٍ مِنْ ثَنَائِي فَقَاصِدٌ بِهِ لِابْنِ عَمِّي الصِّدْقِ شُمْسِ بْنِ مَالِكِ
فَأَمَّا فِي ( لَهَبٍ ) ، فَالْمَشْهُورُ فِي كُنْيَتِهِ فَتْحُ الْهَاءِ ، وَأَمَّا
شُمْسُ بْنُ مَالِكٍ ، فَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَغْيِيرِ الْأَعْلَامِ ، بَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُسَمًّى بِشُمْسٍ الْمَنْقُولِ مِنْ شُمْسٍ الْجَمْعِ ، كَمَا جَاءَ أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ ، قِيلَ : وَكُنِّيَ
بِأَبِي لَهَبٍ لِحُسْنِهِ وَإِشْرَاقِ وَجْهِهِ ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ تَعَالَى بِاسْمِهِ لِأَنَّ اسْمَهُ
عَبْدُ الْعُزَّى ، فَعَدَلَ عَنْهُ إِلَى الْكُنْيَةِ ، أَوْ لِأَنَّ الْكُنْيَةَ كَانَتْ أَغْلَبَ عَلَيْهِ مِنَ الِاسْمِ ، أَوْ لِأَنَّ مَآلَهُ إِلَى النَّارِ ، فَوَافَقَتْ حَالَتُهُ كُنْيَتَهُ ، كَمَا يُقَالُ لِلشِّرِّيرِ : أَبُو الشَّرِّ ، وَلِلْخَيِّرِ أَبُو الْخَيْرِ ، أَوْ لِأَنَّ الِاسْمَ أَشْرَفُ مِنَ الْكُنْيَةِ ، فَعَدَلَ إِلَى الْأَنْقَصِ ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَنْبِيَاءَ ، عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، بِأَسْمَائِهِمْ وَلَمْ يُكَنِّ أَحَدًا مِنْهُمْ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ ) نَفْيٌ ، أَيْ لَمْ يُغْنِ عَنْهُ مَالُهُ الْمَوْرُوثُ عَنْ آبَائِهِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2وَمَا كَسَبَ ) هُوَ بِنَفْسِهِ ، أَوْ مَاشِيَتُهُ وَمَا كَسَبَ مِنْ نَسْلِهَا وَمَنَافِعِهَا ، أَوْ مَا كَسَبَ مِنْ أَرْبَاحِ مَالِهِ الَّذِي يَتَّجِرُ بِهِ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا اسْتِفْهَامًا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ، أَيْ : أَيُّ شَيْءٍ يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ عَلَى وَجْهِ التَّقْرِيرِ وَالْإِنْكَارِ ؟ وَالْمَعْنَى : أَيْنَ الْغِنَى الَّذِي لِمَالِهِ وَلِكَسْبِهِ ؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2وَمَا كَسَبَ ) مَوْصُولَةٌ ، وَأُجِيزَ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً ، وَإِذَا كَانَتْ مَا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2مَا أَغْنَى ) اسْتِفْهَامًا ، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2وَمَا كَسَبَ ) اسْتِفْهَامًا أَيْضًا ، أَيْ : وَأَيُّ شَيْءٍ كَسَبَ ؟ أَيْ لَمْ يَكْسِبْ شَيْئًا ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2وَمَا كَسَبَ ) وَلَدُهُ .
وَفِي الْحَدِيثِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375026وَلَدُ الرَّجُلِ مِنْ كَسْبِهِ ) . وَعَنِ
الضَّحَّاكِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=2وَمَا كَسَبَ ) هُوَ عَمَلُهُ الْخَبِيثُ فِي عَدَاوَةِ الرَّسُولِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَعَنْ
قَتَادَةَ : وَعَمَلُهُ الَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ . وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِنْ كَانَ مَا يَقُولُ ابْنُ أَخِي حَقًّا ، فَأَنَا أَفْتَدِي مِنْهُ نَفْسِي بِمَالِي وَوَلَدِي . وَقَرَأَ
عَبْدُ اللَّهِ : ( وَمَا اكْتَسَبَ ) بِتَاءِ الِافْتِعَالِ ، وَقَرَأَ
أَبُو حَيْوَةَ وَابْنُ مِقْسَمٍ ،
وَعَبَّاسٌ فِي اخْتِيَارِهِ ، وَهُوَ أَيْضًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=3سَيَصْلَى ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَشَدِّ اللَّامِ ، ( وَمُرَيْئَتُهُ ) ، وَعَنْهُ أَيْضًا : ( وَمُرَيَّتُهُ ) عَلَى التَّصْغِيرِ فِيهِمَا بِالْهَمْزِ وَبِإِبْدَالِهَا يَاءً وَإِدْغَامِ يَاءِ التَّصْغِيرِ
[ ص: 526 ] فِيهَا ، وَقَرَأَ أَيْضًا : ( حَمَّالَةٌ لِلْحَطَبِ ) ، بِالتَّنْوِينِ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4حَمَّالَةَ ) ، وَبِلَامِ الْجَرِّ فِي الْحَطَبِ ، وَقَرَأَ
الْحَسَنُ ،
وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=3سَيَصْلَى ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ ،
وَأَبُو قِلَابَةَ : ( حَامِلَةُ الْحَطَبِ ) عَلَى وَزْنِ فَاعِلَةٍ مُضَافًا ، وَاخْتَلَسَ حَرَكَةَ الْهَاءِ فِي ( وَامْرَأَتُهُ )
أَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةٍ ،
وَالْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ ،
وَأَبُو حَيْوَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ ،
وَابْنُ مُحَيْصِنٍ ،
وَعَاصِمٌ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4حَمَّالَةَ ) بِالنَّصْبِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=3سَيَصْلَى ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ ( وَامْرَأَتُهُ ) عَلَى التَّكْبِيرِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4حَمَّالَةَ ) عَلَى وَزْنِ فَعَّالَةٍ لِلْمُبَالَغَةِ مُضَافًا إِلَى الْحَطَبِ مَرْفُوعًا ، وَالسِّينُ لِلِاسْتِقْبَالِ وَإِنْ تَرَاخَى الزَّمَانُ ، وَهُوَ وَعِيدٌ كَائِنٌ إِنْجَازُهُ لَا مَحَالَةَ ، وَارْتَفَعَ ( وَامْرَأَتُهُ ) عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنِّ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=3سَيَصْلَى ) وَحَسَّنَهُ وُجُودُ الْفَصْلِ بِالْمَفْعُولِ وَصَفَتِهِ ( وَحَمَّالَةُ ) فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَوْ صِفَةٌ لِ ( امْرَأَتُهُ ) ، لِأَنَّهُ مِثَالٌ مَاضٍ فَيُعْرَفُ بِالْإِضَافَةِ ، وَفَعَّالٌ أَحَدُ الْأَمْثِلَةِ السِّتَّةِ وَحُكْمُهَا كَاسْمِ الْفَاعِلِ ، وَفِي قِرَاءَةِ النَّصْبِ ، انْتَصَبَ عَلَى الذَّمِّ ، وَأَجَازُوا فِي قِرَاءَةِ الرَّفْعِ أَنْ يَكُونَ ( وَامْرَأَتُهُ ) مُبْتَدَأٌ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4حَمَّالَةَ ) وَاسْمُهَا
أُمُّ جَمِيلٍ بِنْتُ حَرْبٍ أُخْتُ
أَبِي سُفْيَانَ ، وَكَانَتْ عَوْرَاءَ . وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْمِلُ الْحَطَبَ ، أَيْ مَا فِيهِ شَوْكٌ ، لِتُؤْذِيَ بِإِلْقَائِهِ فِي طَرِيقِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَصْحَابِهِ لِتَعْقُرَهُمْ ، فَذُمَّتْ بِذَلِكَ وَسُمِّيَتْ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ، فَحَمَّالَةٌ مَعْرِفَةٌ ، فَإِنْ كَانَ صَارَ لَقَبًا لَهَا جَازَ فِيهِ حَالَةُ الرَّفْعِ أَنْ يَكُونَ عَطْفَ بَيَانٍ ، وَأَنْ يَكُونَ بَدَلًا ، قِيلَ : وَكَانَتْ تَحْمِلُ حُزْمَةً مِنَ الشَّوْكِ وَالْحَسَكِ وَالسَّعْدَانِ فَتَنْشُرُهَا بِاللَّيْلِ فِي طَرِيقِ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا
وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ : كَانَتْ تَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ، وَيُقَالُ لِلْمَشَّاءِ بِهَا : يَحْمِلُ الْحَطَبَ بَيْنَ النَّاسِ ، أَيْ يُوقِدُ بَيْنَهُمُ النَّائِرَةَ وَيُورِثُ الشَّرَّ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
مِنِ الْبِيضِ لَمْ يَصْطَدْ عَلَى ظَهْرِ لِأَمَةٍ وَلَمْ تَمْشِ بَيْنَ الْحَيِّ بِالْحَطَبِ الرَّطْبِ
جَعَلَهُ رَطْبًا لِيَدُلَّ عَلَى التَّدْخِينِ الَّذِي هُوَ زِيَادَةٌ فِي الشَّرِّ . وَقَالَ الرَّاجِزُ :
إِنَّ بَنِي الْأَرْزَمِ حَمَّالُو الْحَطَبِ هُمُ الْوُشَاةُ فِي الرِّضَا وَفِي الْغَضَبِ
وَقَالَ
ابْنُ جُبَيْرٍ : حَمَّالَةُ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبِ ، مِنْ قَوْلِهِمْ : يَحْطِبُ عَلَى ظَهْرِهِ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=31وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ ) وَقِيلَ : الْحَطَبُ جَمْعُ حَاطِبٍ ، كَحَارِسٍ وَحَرَسٍ ، أَيْ بِحَمْلِ الْجُنَاةِ عَلَى الْجِنَايَاتِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَبْلَ مِنْ مَسَدٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16561عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمُجَاهِدٌ وَسُفْيَانُ : اسْتِعَارَةٌ ، وَالْمُرَادُ سِلْسِلَةٌ مِنْ حَدِيدٍ فِي جَهَنَّمَ ، وَقَالَ
قَتَادَةُ : قِلَادَةٌ مِنْ وَدَعٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابْنُ الْمُسَيَّبِ : قِلَادَةٌ فَاخِرَةٌ مِنْ جَوْهَرٍ ، فَقَالَتْ : وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لِأُنْفِقَنَّهَا عَلَى عَدَاوَةِ
مُحَمَّدٍ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْ قِلَادَتِهَا بِحَبْلٍ مِنْ مَسَدٍ عَلَى جِهَةِ التَّفَاؤُلِ لَهَا ، وَذَكَرَ تَبَرُّجَهَا فِي هَذَا السَّعْيِ الْخَبِيثِ . انْتَهَى . وَقَالَ
الْحَسَنُ : إِنَّمَا كَانَتْ خَرَزًا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَالْمَعْنَى فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِمَّا مَسَدٍ مِنِ الْحِبَالِ ، وَأَنَّهَا تَحْمِلُ الْحُزْمَةَ مِنَ الشَّوْكِ وَتَرْبِطُهَا فِي جِيدِهَا ، كَمَا يَفْعَلُ الْحَطَّابُونَ تَحْسِيسًا لِحَالِهَا وَتَحْقِيرًا لَهَا بِصُورَةِ بَعْضِ الْحَطَّابَاتِ مِنَ الْمَوَاهِنِ لِتَمْتَعِضَ مِنْ ذَلِكَ وَيَمْتَعِضَ بَعْلُهَا وَهُمَا فِي بَيْتِ الْعِزِّ وَالشَّرَفِ وَفِي مَنْصِبِ الثَّرْوَةِ وَالْجَدَّةِ ، وَلَقَدْ عَيَّرَ بَعْضُ النَّاسِ
الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ بِحَمَّالَةِ الْحَطَبِ ، فَقَالَ :
مَاذَا أَرَدْتَ إِلَى شَتْمِي وَمَنْقَصَتِي أَمْ مَا تُعَيِّرُ مِنْ حَمَّالَةِ الْحَطَبِ
غَرْسَاءُ شَاذِخَةٌ فِي الْمَجْدِ سَامِيَةٌ كَانْتَ سَلِيلَةَ شَيْخٍ ثَاقِبِ الْحَسَبِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : إِنَّ حَالَهَا يَكُونُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا حِينَ كَانَتْ تَحْمِلُ حُزْمَةَ الشَّوْكِ ، فَلَا يَزَالُ عَلَى ظَهْرِهَا حُزْمَةٌ مِنْ حَطَبِ النَّارِ مِنْ شَجَرِ الزَّقُّومِ أَوِ الضَّرِيعِ ، وَفِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِمَّا مُسِدَ مِنْ سَلَاسِلِ النَّارِ ، كَمَا يُعَذَّبُ كُلُّ مُجْرِمٍ بِمَا يُجَانِسُ حَالَهُ فِي جُرْمِهِ . انْتَهَى . وَلَمَّا سَمِعَتْ
أُمُّ جَمِيلٍ هَذِهِ السُّورَةَ أَتَتْ أَبَا بَكْرٍ ، وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي الْمَسْجِدِ وَبِيَدِهَا فِهْرٌ ، فَقَالَتْ :
[ ص: 527 ] بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ هَجَانِي ، وَلَأَفْعَلَنَّ وَأَفْعَلَنَّ ، وَأَعْمَى اللَّهُ تَعَالَى بَصَرَهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرُوِيَ أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، قَالَ لَهَا : هَلْ تَرَيْ مَعِي أَحَدًا ؟ فَقَالَتْ : أَتَهْزَأُ بِي ؟ لَا أَرَى غَيْرَكَ ، وَإِنْ كَانَ شَاعِرًا فَأَنَا مِثْلُهُ أَقُولُ :
مُذَمَّمًا أَبَيْنَا وَدِينَهُ قَلَيْنَا وَأَمْرَهُ عَصَيْنَا
فَسَكَتَ
أَبُو بَكْرٍ وَمَضَتْ هِيَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لَقَدْ حَجَبَتْنِي عَنْهَا مَلَائِكَةٌ فَمَا رَأَتْنِي وَكَفَى اللَّهُ شَرَّهَا . وَذُكِرَ أَنَّهَا مَاتَتْ مَخْنُوقَةً بِحَبْلِهَا ،
وَأَبُو لَهَبٍ رَمَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْعَدَسَةِ بَعْدَ وَقْعَةِ
بَدْرٍ بِسَبْعِ لَيَالٍ .