[ ص: 457 ] سورة الأعلى مكية وهي تسع عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1سبح اسم ربك الأعلى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=2الذي خلق فسوى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=3والذي قدر فهدى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=4والذي أخرج المرعى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=5فجعله غثاء أحوى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سنقرئك فلا تنسى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=7إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=8ونيسرك لليسرى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=9فذكر إن نفعت الذكرى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=10سيذكر من يخشى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=11ويتجنبها الأشقى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=12الذي يصلى النار الكبرى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=13ثم لا يموت فيها ولا يحيا nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=14قد أفلح من تزكى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=15وذكر اسم ربه فصلى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=16بل تؤثرون الحياة الدنيا nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=17والآخرة خير وأبقى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=18إن هذا لفي الصحف الأولى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=19صحف إبراهيم وموسى )
( الغثاء ) مخفف الثاء ومشددها : ما يقذف به السيل على جانب الوادي من الحشيش والنبات والقماش ، قال الشاعر :
كأن ظميئات المخيمر غدوة من السيل والغثاء فلكة مغزل
ورواه
الفراء : " والأغثاء " على الجمع ، وهو غريب من حيث جمع فعال على أفعال . الحوة : سواد يضرب إلى الخضرة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذو الرمة :
لمياء في شفتيها حوة لعس وفي اللثات وفي أنيابها شنب
وقيل : خضرة عليها سواد ، والأحوى : الظبي الذي في ظهره خطان من سواد وبياض ، قال الشاعر :
وفي الحي أحوى ينفض المرد شادن مظاهر سمطي لؤلؤ وزبرجد
وفي الصحاح : الحوة : سمرة ، وقال
الأعلم : لون يضرب إلى السواد ، وقال أيضا : الشديد الخضرة التي تضرب إلى السواد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29058سبح اسم ربك الأعلى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=2الذي خلق فسوى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=3والذي قدر فهدى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=4والذي أخرج المرعى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=5فجعله غثاء أحوى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سنقرئك فلا تنسى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=7إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=8ونيسرك لليسرى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=9فذكر إن نفعت الذكرى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=10سيذكر من يخشى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=11ويتجنبها الأشقى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=12الذي يصلى النار الكبرى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=13ثم لا يموت فيها ولا يحيا nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=14قد أفلح من تزكى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=15وذكر اسم ربه فصلى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=16بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=18إن هذا لفي الصحف الأولى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=19صحف إبراهيم وموسى ) .
[ ص: 458 ] هذه السورة مكية ، ولما ذكر فيما قبلها (
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=5فلينظر الإنسان مم خلق ) كأن قائلا قال : من خلقه على هذا المثال ؟ فقيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1سبح اسم ربك ) . وأيضا لما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=13إنه لقول فصل ) قيل : هو ( سنقرئك ) أي ذلك القول الفصل .
( سبح ) نزه عن النقائص (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1اسم ربك ) الظاهر أن التنزيه يقع على الاسم ، أي نزهه عن أن يسمى به صنم أو وثن ، فيقال له رب أو إله ، وإذا كان قد أمر بتنزيهه اللفظ أن يطلق على غيره فهو أبلغ ، وتنزيه الذات أحرى . وقيل : الاسم هنا بمعنى المسمى . وقيل : معناه نزه اسم الله عن أن تذكره إلا وأنت خاشع . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : المعنى صل باسم ربك الأعلى ، كما تقول : ابدأ باسم ربك ، وحذف حرف الجر . وقيل : لما نزل (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=74فسبح باسم ربك العظيم ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10371385 ( اجعلوها في ركوعكم ) . فلما نزل : ( nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1سبح اسم ربك الأعلى ) قال : ( اجعلوها في سجودكم ) . وكانوا يقولون في الركوع : اللهم لك ركعت ، وفي السجود : اللهم لك سجدت . قالوا : ( الأعلى ) يصح أن يكون صفة لربك ، وأن يكون صفة لاسم فيكون منصوبا ، وهذا الوجه لا يصح أن يعرب . (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=2الذي خلق ) صفة لربك ، فيكون في موضع جر لأنه قد حالت بينه وبين الموصوف صفة لغيره . لو قلت : رأيت غلام هند العاقل الحسنة ، لم يجز ، بل لا بد أن تأتي بصفة هند ، ثم تأتي بصفة الغلام فتقول : رأيت غلام هند الحسنة العاقل ، فإن لم يجعل " الذي " صفة لربك ، بل ترفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف أو تنصبه على المدح ، جاز أن يكون الأعلى صفة لاسم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=2الذي خلق ) أي كل شيء ( فسوى ) أي لم يأت متفاوتا بل متناسبا على إحكام وإتقان دلالة على أنه صادر عن عالم حكيم . وقرأ الجمهور : ( قدر ) بشد الدال ، فاحتمل أن يكون من القدر والقضاء ، واحتمل أن يكون من التقدير والموازنة بين الأشياء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : قدر لكل حيوان ما يصلحه ، فهداه إليه وعرفه وجه الانتفاع به . انتهى . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : ( قدر ) مخفف الدال من القدرة أو من التقدير والموازنة ، وهدى عام لجميع الهدايات . وقال
الفراء : فهدى وأضل ، اكتفى بالواحدة عن الأخرى . وقال
الكلبي ومقاتل : هدى الحيوان إلى وطء الذكور للإناث . وقال
مجاهد : هدى الإنسان للخير والشر ، والبهائم للمراتع . وقيل : هدى المولود عند وضعه إلى مص الثدي ، وهذه الأقوال محمولة على التمثيل لا على التخصيص . والظاهر أن أحوى صفة لغثاء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : المعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29058فجعله غثاء أحوى ) أي أسود ، لأن الغثاء إذا قدم وأصابته الأمطار اسود وتعفن فصار أحوى . وقيل : " أحوى " حال من المرعى ، أي أحرى المرعى أحوى ، أي للسواد من شدة خضرته ونضارته لكثرة ريه ، وحسن تأخير أحوى لأجل الفواصل ، وقال :
وغيث من الوسمي حو تلاعه تبطنته بشيظم صلتان
(
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سنقرئك فلا تنسى ) قال
الحسن ، و
قتادة ،
ومالك : هذا في معنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=16لا تحرك به لسانك ) . وعده الله أن يقرئه ، وأخبره أنه لا ينسى ، وهذه آية للرسول في أنه أمي ، وحفظ الله عليه الوحي ، وأمنه من نسائه . وقيل : هذا وعد بإقراء السور ، وأمر أن لا ينسى على معنى التثبيت والتأكيد ، وقد علم أن النسيان ليس في قدرته ، فهو نهي عن إغفال التعاهد ، وأثبتت الألف في (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6فلا تنسى ) وإن كان مجزوما بلا التي للنهي لتعديل رءوس الآي .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=7إلا ما شاء الله ) الظاهر أنه استثناء مقصود ، قال
الحسن وقتادة وغيرهما : مما قضى الله نسخه ، وأن ترتفع تلاوته وحكمه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إلا ما شاء الله أن ينسيك
[ ص: 459 ] لتسن به ، على نحو قوله عليه الصلاة والسلام :
( إني لأنسى وأنسى لأسن ) . وقيل : إلا ما شاء الله أن يغلبك النسيان عليه ، ثم يذكرك به بعد ، كما قال عليه الصلاة والسلام ، حين سمع قراءة
عباد بن بشير :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374994 ( لقد ذكرني كذا وكذا آية في سورة كذا وكذا ) . وقيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6فلا تنسى ) أي فلا تترك العمل به إلا ما شاء الله أن تتركه بنسخه إياه ، فهذا في نسخ العمل . وقال
الفراء وجماعة : هذا استثناء صلة في الكلام على سنة الله تعالى في الاستثناء ، وليس ثم شيء أبيح استثناؤه .
وأخذ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري هذا القول فقال : وقال : إلا ما شاء الله ، والغرض نفي النسيان رأسا ، كما يقول الرجل لصاحبه : أنت سهيمي فيما أملك إلا ما شاء الله ، ولا يقصد استثناء شيء ، وهو من استعمال القلة في معنى النفي . انتهى . وقول الفراء و
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري يجعل الاستثناء كلا استثناء ، وهذا لا ينبغي أن يكون في كلام الله تعالى ، بل ولا في كلام فصيح ، وكذلك القول بأن لا في (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6فلا تنسى ) للنهي ، والألف ثابتة لأجل الفاصلة ، وهذا قول ضعيف . ومفهوم الآية في غاية الظهور ، وقد تعسفوا في فهمها . والمعنى أنه تعالى أخبر أنه سيقرئه ، وأنه لا ينسى إلا ما شاء الله ، فإنه ينساه ، إما النسخ ، وإما أن يسن ، وإما على أن يتذكر ، وهو صلى الله عليه وسلم معصوم من النسيان فيما أمر بتبليغه ، فإن وقع نسيان ، فيكون على وجه من الوجوه الثلاثة ، ومناسبة (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سنقرئك ) لما قبله : أنه لما أمره تعالى بالتسبيح ، وكان التسبيح لا يتم إلا بقراءة ما أنزل عليه من القرآن ، وكان يتذكر في نفسه مخافة أن ينسى ، فأزال عنه ذلك وبشره بأنه تعالى يقرئه وأنه لا ينسى ، استثنى ما شاء الله أن ينسيه لمصلحة من تلك الوجوه .
[ ص: 457 ] سُورَةُ الْأَعْلَى مَكِّيَّةٌ وَهِيَ تِسْعَ عَشْرَةَ آيَةً
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=2الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=3وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=4وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=5فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=7إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=8وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=9فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=10سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=11وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=12الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=13ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=14قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=15وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=16بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=17وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=18إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=19صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى )
( الْغُثَاءُ ) مُخَفَّفُ الثَّاءِ وَمُشَدَّدُهَا : مَا يَقْذِفُ بِهِ السَّيْلُ عَلَى جَانِبِ الْوَادِي مِنَ الْحَشِيشِ وَالنَّبَاتِ وَالْقُمَاشِ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
كَأَنَّ ظَمِيئَاتِ الْمُخَيْمَرِ غُدْوَةً مِنَ السَّيْلِ وَالْغُثَاءِ فَلْكَةُ مِغْزَلِ
وَرَوَاهُ
الْفَرَّاءُ : " وَالْأَغْثَاءِ " عَلَى الْجَمْعِ ، وَهُوَ غَرِيبٌ مِنْ حَيْثُ جَمْعُ فِعَالٍ عَلَى أَفْعَالٍ . الْحُوَّةُ : سَوَادٌ يَضْرِبُ إِلَى الْخُضْرَةِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذُو الرُّمَّةِ :
لَمْيَاءُ فِي شَفَتَيْهَا حُوَّةٌ لَعَسُ وَفِي اللِّثَاتِ وَفِي أَنْيَابِهَا شَنَبُ
وَقِيلَ : خُضْرَةٌ عَلَيْهَا سَوَادٌ ، وَالْأَحْوَى : الظَّبْيُ الَّذِي فِي ظَهْرِهِ خَطَّانِ مِنْ سَوَادٍ وَبَيَاضٍ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
وَفِي الْحَيِّ أَحَوَى يَنْفُضُ الْمَرْدَ شَادِنٌ مُظَاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدِ
وَفِي الصِّحَاحِ : الْحُوَّةُ : سُمْرَةٌ ، وَقَالَ
الْأَعْلَمُ : لَوْنٌ يَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ ، وَقَالَ أَيْضًا : الشَّدِيدُ الْخُضْرَةِ الَّتِي تَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29058سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=2الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=3وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=4وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=5فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=7إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=8وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=9فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=10سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=11وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=12الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=13ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=14قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=15وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=16بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=18إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=19صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ) .
[ ص: 458 ] هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ ، وَلَمَّا ذَكَرَ فِيمَا قَبْلَهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=5فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ ) كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ : مَنْ خَلَقَهُ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ ؟ فَقِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ ) . وَأَيْضًا لَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=13إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ) قِيلَ : هُوَ ( سَنُقْرِئُكَ ) أَيْ ذَلِكَ الْقَوْلَ الْفَصْلَ .
( سَبِّحْ ) نَزِّهْ عَنِ النَّقَائِصِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1اسْمَ رَبِّكَ ) الظَّاهِرُ أَنَّ التَّنْزِيهَ يَقَعُ عَلَى الِاسْمِ ، أَيْ نَزِّهْهُ عَنْ أَنْ يُسَمَّى بِهِ صَنَمٌ أَوْ وَثَنٌ ، فَيُقَالَ لَهُ رَبٌّ أَوْ إِلَهٌ ، وَإِذَا كَانَ قَدْ أَمَرَ بِتَنْزِيهِهِ اللَّفْظَ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى غَيْرِهِ فَهُوَ أَبْلَغُ ، وَتَنْزِيهُ الذَّاتِ أَحْرَى . وَقِيلَ : الِاسْمُ هُنَا بِمَعْنَى الْمُسَمَّى . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ نَزِّهْ اسْمَ اللَّهِ عَنْ أَنْ تَذْكُرَهُ إِلَّا وَأَنْتَ خَاشِعٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الْمَعْنَى صَلِّ بِاسْمِ رَبِّكَ الْأَعْلَى ، كَمَا تَقُولُ : ابْدَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ، وَحَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ . وَقِيلَ : لَمَّا نَزَلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=74فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10371385 ( اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ ) . فَلَمَّا نَزَلَ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) قَالَ : ( اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ ) . وَكَانُوا يَقُولُونَ فِي الرُّكُوعِ : اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ ، وَفِي السُّجُودِ : اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ . قَالُوا : ( الْأَعْلَى ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِرَبِّكَ ، وَأَنْ يَكُونَ صِفَةً لِاسْمٍ فَيَكُونَ مَنْصُوبًا ، وَهَذَا الْوَجْهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُعْرَبَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=2الَّذِي خَلَقَ ) صِفَةٌ لِرَبِّكَ ، فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ لِأَنَّهُ قَدْ حَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْصُوفِ صِفَةٌ لِغَيْرِهِ . لَوْ قُلْتَ : رَأَيْتُ غُلَامَ هِنْدٍ الْعَاقِلَ الْحَسَنَةِ ، لَمْ يَجُزْ ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ بِصِفَةِ هِنْدٍ ، ثُمَّ تَأْتِيَ بِصِفَةِ الْغُلَامِ فَتَقُولُ : رَأَيْتُ غُلَامَ هِنْدٍ الْحَسَنَةِ الْعَاقِلَ ، فَإِنْ لَمْ يُجْعَلِ " الَّذِي " صِفَةً لِرَبِّكَ ، بَلْ تَرْفَعُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَوْ تَنْصِبُهُ عَلَى الْمَدْحِ ، جَازَ أَنْ يَكُونَ الْأَعْلَى صِفَةً لِاسْمٍ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=2الَّذِي خَلَقَ ) أَيْ كُلَّ شَيْءٍ ( فَسَوَّى ) أَيْ لَمْ يَأْتِ مُتَفَاوِتًا بَلْ مُتَنَاسِبًا عَلَى إِحْكَامٍ وَإِتْقَانٍ دَلَالَةً عَلَى أَنَّهُ صَادِرٌ عَنْ عَالِمٍ حَكِيمٍ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( قَدَّرَ ) بِشَدِّ الدَّالِ ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْقَدَرِ وَالْقَضَاءِ ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنَ التَّقْدِيرِ وَالْمُوَازَنَةِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : قَدَّرَ لِكُلِّ حَيَوَانٍ مَا يُصْلِحُهُ ، فَهَدَاهُ إِلَيْهِ وَعَرَّفَهُ وَجْهَ الِانْتِفَاعِ بِهِ . انْتَهَى . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ : ( قَدَرَ ) مُخَفَّفَ الدَّالِ مِنَ الْقُدْرَةِ أَوْ مِنَ التَّقْدِيرِ وَالْمُوَازَنَةِ ، وَهَدَى عَامٌّ لِجَمِيعِ الْهِدَايَاتِ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : فَهَدَى وَأَضَلَّ ، اكْتَفَى بِالْوَاحِدَةِ عَنِ الْأُخْرَى . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ : هَدَى الْحَيَوَانَ إِلَى وَطْءِ الذُّكُورِ لِلْإِنَاثِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : هَدَى الْإِنْسَانَ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، وَالْبَهَائِمَ لِلْمَرَاتِعِ . وَقِيلَ : هَدَى الْمَوْلُودَ عِنْدَ وَضْعِهِ إِلَى مَصِّ الثَّدْيِ ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّمْثِيلِ لَا عَلَى التَّخْصِيصِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَحَوَى صِفَةٌ لِغُثَاءٍ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الْمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29058فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحَوَى ) أَيْ أَسَوْدَ ، لِأَنَّ الْغُثَاءَ إِذَا قَدُمَ وَأَصَابَتْهُ الْأَمْطَارُ اسْوَدَّ وَتَعَفَّنَ فَصَارَ أَحَوَى . وَقِيلَ : " أَحَوَى " حَالٌ مِنَ الْمَرْعَى ، أَيْ أَحْرَى الْمَرْعَى أَحَوَى ، أَيْ لِلسَّوَادِ مِنْ شِدَّةِ خُضْرَتِهِ وَنَضَارَتِهِ لِكَثْرَةِ رِيِّهِ ، وَحَسُنَ تَأْخِيرُ أَحَوَى لِأَجْلِ الْفَوَاصِلِ ، وَقَالَ :
وَغَيْثٍ مِنَ الْوَسْمِيَّ حُوٍّ تِلَاعُهُ تَبَطَّنْتُهُ بِشَيْظَمٍ صَلَتَانِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى ) قَالَ
الْحَسَنُ ، وَ
قَتَادَةُ ،
وَمَالِكٌ : هَذَا فِي مَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=16لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ ) . وَعَدَهُ اللَّهُ أَنْ يُقْرِئَهُ ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَا يَنْسَى ، وَهَذِهِ آيَةٌ لِلرَّسُولِ فِي أَنَّهُ أُمِّيٌّ ، وَحَفِظَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْوَحْيَ ، وَأَمَّنَهُ مِنْ نِسَائِهِ . وَقِيلَ : هَذَا وَعْدٌ بِإِقْرَاءِ السُّوَرِ ، وَأَمْرٌ أَنْ لَا يَنْسَى عَلَى مَعْنَى التَّثْبِيتِ وَالتَّأْكِيدِ ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ النِّسْيَانَ لَيْسَ فِي قُدْرَتِهِ ، فَهُوَ نَهْيٌ عَنْ إِغْفَالِ التَّعَاهُدِ ، وَأُثْبِتَتِ الْأَلِفُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6فَلَا تَنْسَى ) وَإِنْ كَانَ مَجْزُومًا بِلَا الَّتِي لِلنَّهْيِ لِتَعْدِيلِ رُءُوسِ الْآيِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=7إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مَقْصُودٌ ، قَالَ
الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا : مِمَّا قَضَى اللَّهُ نَسْخَهُ ، وَأَنْ تَرْتَفِعَ تِلَاوَتُهُ وَحُكْمُهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُنْسِيَكَ
[ ص: 459 ] لِتَسُنَّ بِهِ ، عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
( إِنِّي لَأَنْسَى وَأُنَسَّى لَأَسُنَّ ) . وَقِيلَ : إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَغْلِبَكَ النِّسْيَانُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يُذَكِّرُكَ بِهِ بَعْدُ ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، حِينَ سَمِعَ قِرَاءَةَ
عَبَّادِ بْنِ بَشِيرٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374994 ( لَقَدْ ذَكَّرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً فِي سُورَةِ كَذَا وَكَذَا ) . وَقِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6فَلَا تَنْسَى ) أَيْ فَلَا تَتْرُكِ الْعَمَلَ بِهِ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَتْرُكَهُ بِنَسْخِهِ إِيَّاهُ ، فَهَذَا فِي نَسْخِ الْعَمَلِ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ وَجَمَاعَةٌ : هَذَا اسْتِثْنَاءُ صِلَةٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الِاسْتِثْنَاءِ ، وَلَيْسَ ثَمَّ شَيْءٌ أُبِيحَ اسْتِثْنَاؤُهُ .
وَأَخَذَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ هَذَا الْقَوْلَ فَقَالَ : وَقَالَ : إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ، وَالْغَرَضُ نَفْيُ النِّسْيَانِ رَأْسًا ، كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ : أَنْتَ سَهِيمِي فِيمَا أَمْلِكُ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ، وَلَا يَقْصِدُ اسْتِثْنَاءَ شَيْءٍ ، وَهُوَ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْقِلَّةِ فِي مَعْنَى النَّفْيِ . انْتَهَى . وَقَوْلُ الْفَرَّاءِ وَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ يَجْعَلُ الِاسْتِثْنَاءَ كَلَا اسْتِثْنَاءٍ ، وَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى ، بَلْ وَلَا فِي كَلَامٍ فَصِيحٍ ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ بِأَنَّ لَا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6فَلَا تَنْسَى ) لِلنَّهْيِ ، وَالْأَلِفُ ثَابِتَةٌ لِأَجْلِ الْفَاصِلَةِ ، وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ . وَمَفْهُومُ الْآيَةِ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ ، وَقَدْ تَعَسَّفُوا فِي فَهْمِهَا . وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُ سَيُقْرِئُهُ ، وَأَنَّهُ لَا يَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَإِنَّهُ يَنْسَاهُ ، إِمَّا النَّسْخُ ، وَإِمَّا أَنْ يَسُنَّ ، وَإِمَّا عَلَى أَنْ يَتَذَكَّرَ ، وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْصُومٌ مِنَ النِّسْيَانِ فِيمَا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ ، فَإِنْ وَقَعَ نِسْيَانٌ ، فَيَكُونُ عَلَى وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ ، وَمُنَاسَبَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=6سَنُقْرِئُكَ ) لِمَا قَبْلَهُ : أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُ تَعَالَى بِالتَّسْبِيحِ ، وَكَانَ التَّسْبِيحُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِقِرَاءَةِ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَكَانَ يَتَذَكَّرُ فِي نَفْسِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَنْسَى ، فَأَزَالَ عَنْهُ ذَلِكَ وَبَشَّرَهُ بِأَنَّهُ تَعَالَى يُقْرِئُهُ وَأَنَّهُ لَا يَنْسَى ، اسْتَثْنَى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُنْسِيَهُ لِمَصْلَحَةٍ مِنْ تِلْكَ الْوُجُوهِ .