سورة الزلزال مدنية وهي ثماني آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29070إذا زلزلت الأرض زلزالها nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=2وأخرجت الأرض أثقالها nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=3وقال الإنسان ما لها nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=4يومئذ تحدث أخبارها nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=5بأن ربك أوحى لها nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=6يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=8ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )
الذرة : النملة صغيرة حمراء رقيقة ، ويقال : إنها أصغر ما تكون إذا مضى لها حول ، وقال
امرؤ القيس :
ومن القاصرات الطرف لو دب محول من الذر فوق الإتب منها لأثرا
وقيل : الذر : ما يرى في شعاع الشمس من الهباء .
[ ص: 500 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=1إذا زلزلت الأرض زلزالها nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=2وأخرجت الأرض أثقالها nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=3وقال الإنسان ما لها nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=4يومئذ تحدث أخبارها nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=5بأن ربك أوحى لها nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=6يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=8ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )
هذه السورة مكية في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومجاهد وعطاء ، مدنية في قول
قتادة ومقاتل ، لأن آخرها نزل بسبب رجلين كانا
بالمدينة ، ولما ذكر فيما قبلها كون الكفار يكونون في النار ، وجزاء المؤمنين ، فكأن قائلا قال : متى ذلك ؟ فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29070إذا زلزلت الأرض زلزالها ) . قيل : والعامل فيها مضمر ، يدل عليه مضمون الجمل الآتية تقديره : تحشرون ، وقيل : اذكر ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : تحدث . انتهى . وأضيف الزلزال إلى الأرض ، إذ المعنى : زلزالها الذي تستحقه ويقتضيه جرمها وعظمها ، ولو لم يضف لصدق على كل قدر من الزلزال وإن قل ، والفرق بين أكرمت زيدا كرامة وكرامته واضح ، وقرأ الجمهور : ( زلزالها ) بكسر الزاي ،
والجحدري وعيسى : بفتحها ، قال
ابن عطية : وهو مصدر كالوسواس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : المكسور مصدر ، والمفتوح اسم ، وليس في الأبنية فعلال بالفتح إلا في المضاعف . انتهى . أما قوله : والمفتوح اسم ، فجعله غيره مصدرا جاء على فعلال بالفتح ، ثم قيل : قد يجيء بمعنى اسم الفاعل ، فتقول : فضفاض في معنى مفضفض ، وصلصال : في معنى مصلصل ، وأما قوله : وليس في الأبنية . . . إلخ ، فقد وجد فيها فعلال بالفتح من غير المضاعف ، قالوا : ناقة بها خزعان بفتح الخاء وليس بمضاعف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29070وأخرجت الأرض أثقالها ) جعل ما في بطنها أثقالا ، وقال
النقاش nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج والقاضي منذر بن سعيد : أثقالها : كنوزها وموتاها ، ورد بأن الكنوز إنما تخرج وقت الدجال ، لا يوم القيامة ، وقائل ذلك يقول : هو الزلزال يكون في الدنيا ، وهو من أشراط الساعة ، وزلزال يوم القيامة ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=6يوم ترجف الراجفة nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=7تتبعها الرادفة ) فلا يرد عليه بذلك ، إذ قد أخذ الزلزال عاما باعتبار وقتيه ، ففي الأول أخرجت كنوزها ، وفي الثاني أخرجت موتاها ، وصدقت أنها زلزلت زلزالها وأخرجت أثقالها ، وقيل أثقالها كنوزها ومنه قوله : تلقي الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : موتاها ، وهو إشارة إلى البعث وذلك عند النفخة الثانية ، فهو زلزال يوم القيامة ، لا الزلزال الذي هو من الأشراط .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=29070وقال الإنسان ما لها ) يعني معنى التعجب لما يرى من الهول ، والظاهر عموم الإنسان ، وقيل : ذلك الكافر لأنه يرى ما لم يقع في ظنه قط ولا صدقه ، والمؤمن ، وإن كان مؤمنا بالبعث ، فإنه استهول المرأى ، وفي الحديث : ( ليس الخبر كالعيان ) . قال الجمهور : الإنسان هو الكافر يرى ما لم يظن ( يومئذ ) أي يوم إذ زلزلت وأخرجت تحدث ، ويومئذ بدل من ( إذا ) ، فيعمل فيه لفظ العامل في المبدل منه ، أو المكرر على الخلاف في العامل في البدل (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29070تحدث أخبارها ) الظاهر أنه تحديث وكلام حقيقة بأن يخلق فيها حياة وإدراكا ، فتشهد بما عمل عليها من صالح أو فاسد ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وغيرهما . ويشهد له ما جاء في الحديث : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375009بأنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شجر إلا شهد له يوم القيامة ) وما جاء في
الترمذي nindex.php?page=hadith&LINKID=10375010عنه صلى الله عليه وسلم ، أنه قرأ هذه الآية ثم قال : ( أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال : إن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها ، تقول [ ص: 501 ] عمل كذا يوم كذا وكذا ، قال : فهذه أخبارها ) . هذا حديث حسن صحيح غريب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري وقوم : التحديث مجاز عن إحداث الله تعالى فيها الأحوال ما يقوم مقام التحديث باللسان ، حتى ينظر من يقول ما لها إلى تلك الأحوال ، فيعلم لم زلزلت ، ولم لفظت الأموات ، وأن هذا ما كانت الأنبياء ينادون به ويحدثون عنه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17317يحيى بن سلام : تحدث بما أخرجت من أثقالها ، وهذا هو قول من زعم أن الزلزلة هي التي من أشراط الساعة . وفي سنن
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه حديث في آخره : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375011تقول الأرض يوم القيامة : يا رب هذا ما استودعتني ) . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : تحدث بقيام الساعة إذا قال الإنسان ما لها ، فتخبر أن أمر الدنيا قد انقضى ، وأمر الآخرة قد أتى ، فيكون ذلك جوابا لهم عند سؤالهم ، وتحدث هنا تتعدى إلى اثنين ، والأول محذوف ، أي تحدث الناس ، وليست بمعنى أعلم المنقولة من علم المتعدية إلى اثنين فتتعدى إلى ثلاثة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29070بأن ربك أوحى لها ) أي بسبب إيحاء الله ، فالباء متعلقة بتحدث ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يكون المعنى : يومئذ تحدث بتحديث أن ربك أوحى لها أخبارها على أن تحديثها بأن ربك أوحى لها تحديث أخبارها ، كما تقول : نصحتني كل نصيحة بأن نصحتني في الدين . انتهى . وهو كلام فيه عفش ينزه القرآن عنه . وقال أيضا : ويجوز أن يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=5بأن ربك ) بدلا من (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=4أخبارها ) كأنه قيل : يومئذ تحدث بأخبارها بأن ربك أوحى لها ؛ لأنك تقول : حدثته كذا وحدثته بكذا . انتهى .
وإذا كان الفعل تارة يتعدى بحرف جر ، وتارة يتعدى بنفسه ، وحرف الجر ليس بزائد ، فلا يجوز في تابعه إلا الموافقة في الإعراب ، فلا يجوز استغفرت الذنب العظيم ، بنصب الذنب وجر العظيم لجواز أنك تقول من الذنب ، ولا اخترت زيدا الرجال الكرام ، بنصب الرجال وخفض الكرام ، وكذلك لا يجوز أن تقول : استغفرت من الذنب العظيم ، بجر الذنب ونصب العظيم ، وكذلك في اخترت ، فلو كان حرف الجر زائدا جاز الإتباع على موضع الاسم بشروطه المحررة في علم النحو ، تقول : ما رأيت من رجل عاقلا ، لأن من زائدة ، ومن رجل عاقل على اللفظ ، ولا يجوز نصب رجل وجر عاقل على مراعاة جواز دخول من ، وإن ورد شيء من ذلك فبابه الشعر ، وعدى أوحى باللام لا بإلى ، وإن كان المشهور تعديتها بإلى لمراعاة الفواصل ، قال
العجاج يصف الأرض :
أوحى لها القرار فاستقرت وشدها بالراسيات الثبت
فعداها باللام ، وقيل : الموحى إليه محذوف أي أوحى إلى ملائكته المصرفين أن تفعل في الأرض تلك الأفعال ، واللام في لها للسبب ، أي من أجلها ومن حيث الأفعال فيها ، وإذا كان الإيحاء إليها ، احتمل أن يكون وحي إلهام ، واحتمل أن يكون برسول من الملائكة (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=29070يومئذ يصدر الناس ) انتصب يومئذ بيصدر ، والصدر يكون عن ورد . وقال الجمهور : هو كونهم في الأرض مدفونين ، والصدر قيامهم للبعث ، و ( أشتاتا ) جمع شت ، أي فرقا ، مؤمن وكافر وعاص سائرون إلى العرض ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=29070ليروا أعمالهم ) وقال
النقاش : الصدر قوم إلى الجنة وقوم إلى النار ، ووردهم هو ورد المحشر ، فعلى الأول المعنى : ليرى عمله ويقف عليه ، وعلى قول
النقاش : ليرى جزاء عمله وهو الجنة والنار ، والظاهر تعلق ( ليروا ) بقوله ( يصدر ) وقيل : بأوحى لها وما بينهما اعتراض . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أشتاتا : متفرقين على قدر أعمالهم ، أهل الإيمان على حدة ، وأهل كل دين على حدة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أشتاتا بيض الوجوه آمنين ، وسود الوجوه فزعين . انتهى . ويحتمل أن يكون أشتاتا ، أي كل واحد وحده ، لا ناصر له ولا عاضد ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=94ولقد جئتمونا فرادى ) . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=6ليروا ) بضم الياء ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15744وحماد بن سلمة [ ص: 502 ] nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وأبو حيوة وعيسى ونافع في رواية : بفتحها ، والظاهر تخصيص العامل ، أي (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29070فمن يعمل مثقال ذرة خيرا ) من السعداء ؛ لأن الكافر لا يرى خيرا في الآخرة ؛ لأن خيره قد عجل له في دنياه ، والمؤمن تعجل له سيئاته الصغائر في دنياه في المصائب والأمراض ونحوها ، وما عمل من شر أو خير رآه ، ونبه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7مثقال ذرة ) على أن ما فوق الذرة يراه قليلا كان أو كثيرا ، وهذا يسمى مفهوم الخطاب ، وهو أن يكون المذكور والمسكوت عنه في حكم واحد ، بل يكون المسكوت عنه بالأولى في ذلك الحكم ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فلا تقل لهما أف ) . والظاهر انتصاب ( خيرا ) ، ( وشرا ) على التمييز ، لأن مثقال ذرة مقدار ، وقيل : بدل من مثقال .
وقرأ الجمهور : بفتح الياء فيهما ، أي يرى جزاءه من ثواب وعقاب ، وقرأ
الحسين بن علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وعبد الله بن مسلم ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي ،
والكلبي ،
وأبو حيوة ،
وخليد بن نشيط ،
وأبان عن
عاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي في رواية
حميد بن الربيع عنه : بضمها ،
وهشام ،
وأبو بكر : بسكون الهاء فيهما ،
وأبو عمرو : بضمهما مشبعتين ، وباقي السبعة : بإشباع الأولى وسكون الثانية ، والإسكان في الوصل لغة حكاها
الأخفش ولم يحكها
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وحكاها
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي أيضا عن
بني كلاب ،
وبني عقيل ، وهذه الرؤية رؤية بصر ، وقال
النقاش : ليست برؤية بصر ، وإنما المعنى يصيبه ويناله ، وقرأ
عكرمة : يراه بالألف فيهما ، وذلك على لغة من يرى الجزم بحذف الحركة المقدرة في حروف العلة ، حكاها
الأخفش ، أو على توهم أن من موصولة لا شرطية ، كما قيل في ( إنه من يتقي ويصبر ) في قراءة من أثبت ياء ( يتقي ) وجزم ( يصبر ) ، توهم أن من شرطية لا موصولة ، فجزم (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90ويصبر ) عطفا على التوهم ، والله تعالى أعلم .
سُورَةُ الزِّلْزَالِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ ثَمَانِي آيَاتٍ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29070إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=2وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=3وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=4يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=5بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=6يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=8وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ )
الذَّرَّةُ : النَّمْلَةُ صَغِيرَةٌ حَمْرَاءُ رَقِيقَةٌ ، وَيُقَالُ : إِنَّهَا أَصْغَرُ مَا تَكُونُ إِذَا مَضَى لَهَا حَوْلٌ ، وَقَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
وَمِنَ الْقَاصِرَاتِ الطَّرْفِ لَوْ دَبَّ مُحْوِلٌ مِنَ الذَّرِّ فَوْقَ الْإِتْبِ مِنْهَا لَأَثَّرَا
وَقِيلَ : الذَّرُّ : مَا يُرَى فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ مِنَ الْهَبَاءِ .
[ ص: 500 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=1إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=2وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=3وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=4يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=5بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=6يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=8وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ )
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ ، مَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ
قَتَادَةَ وَمُقَاتِلٍ ، لِأَنَّ آخِرَهَا نَزَلَ بِسَبَبِ رَجُلَيْنِ كَانَا
بِالْمَدِينَةِ ، وَلَمَّا ذَكَرَ فِيمَا قَبْلَهَا كَوْنَ الْكُفَّارِ يَكُونُونَ فِي النَّارِ ، وَجَزَاءَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ : مَتَى ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29070إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ) . قِيلَ : وَالْعَامِلُ فِيهَا مُضْمَرٌ ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَضْمُونُ الْجُمَلِ الْآتِيَةِ تَقْدِيرُهُ : تُحْشَرُونَ ، وَقِيلَ : اذْكُرْ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : تَحَدَّثْ . انْتَهَى . وَأُضِيفَ الزِّلْزَالُ إِلَى الْأَرْضِ ، إِذِ الْمَعْنَى : زِلْزَالَهَا الَّذِي تَسْتَحِقُّهُ وَيَقْتَضِيهِ جِرْمُهَا وَعِظَمُهَا ، وَلَوْ لَمْ يُضَفْ لَصَدَقَ عَلَى كُلِّ قَدْرٍ مِنَ الزِّلْزَالِ وَإِنْ قَلَّ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَكْرَمْتُ زَيْدًا كَرَامَةً وَكَرَامَتَهُ وَاضِحٌ ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( زِلْزَالَهَا ) بِكَسْرِ الزَّايِ ،
وَالْجَحْدَرِيُّ وَعِيسَى : بِفَتْحِهَا ، قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهُوَ مَصْدَرٌ كَالْوَسْوَاسِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الْمَكْسُورُ مَصْدَرٌ ، وَالْمَفْتُوحُ اسْمٌ ، وَلَيْسَ فِي الْأَبْنِيَةِ فَعْلَالٌ بِالْفَتْحِ إِلَّا فِي الْمُضَاعَفِ . انْتَهَى . أَمَّا قَوْلُهُ : وَالْمَفْتُوحُ اسْمٌ ، فَجَعَلَهُ غَيْرُهُ مَصْدَرًا جَاءَ عَلَى فَعْلَالٍ بِالْفَتْحِ ، ثُمَّ قِيلَ : قَدْ يَجِيءُ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ ، فَتَقُولُ : فَضْفَاضٌ فِي مَعْنَى مُفَضْفَضٍ ، وَصَلْصَالٌ : فِي مَعْنَى مُصَلْصَلٍ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ : وَلَيْسَ فِي الْأَبْنِيَةِ . . . إِلَخْ ، فَقَدْ وُجِدَ فِيهَا فَعْلَالٌ بِالْفَتْحِ مِنْ غَيْرِ الْمُضَاعَفِ ، قَالُوا : نَاقَةٌ بِهَا خَزْعَانٌ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَلَيْسَ بِمُضَاعَفٍ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=29070وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ) جَعَلَ مَا فِي بَطْنِهَا أَثْقَالًا ، وَقَالَ
النَّقَّاشُ nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجُ وَالْقَاضِي مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ : أَثْقَالُهَا : كُنُوزُهَا وَمَوْتَاهَا ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْكُنُوزَ إِنَّمَا تَخْرُجُ وَقْتَ الدَّجَّالِ ، لَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَقَائِلُ ذَلِكَ يَقُولُ : هُوَ الزِّلْزَالُ يَكُونُ فِي الدُّنْيَا ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ ، وَزِلْزَالُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=6يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=7تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ) فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ، إِذْ قَدْ أَخَذَ الزِّلْزَالَ عَامًّا بِاعْتِبَارِ وَقْتَيْهِ ، فَفِي الْأَوَّلِ أَخْرَجَتْ كُنُوزَهَا ، وَفِي الثَّانِي أَخْرَجَتْ مَوْتَاهَا ، وَصَدَّقَتْ أَنَّهَا زُلْزِلَتْ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتْ أَثْقَالَهَا ، وَقِيلَ أَثْقَالُهَا كُنُوزُهَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ : تُلْقِي الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : مَوْتَاهَا ، وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى الْبَعْثِ وَذَلِكَ عِنْدَ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ ، فَهُوَ زِلْزَالُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، لَا الزِّلْزَالُ الَّذِي هُوَ مِنَ الْأَشْرَاطِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=29070وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا ) يَعْنِي مَعْنَى التَّعَجُّبِ لِمَا يَرَى مِنَ الْهَوْلِ ، وَالظَّاهِرُ عُمُومُ الْإِنْسَانِ ، وَقِيلَ : ذَلِكَ الْكَافِرُ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَمْ يَقَعْ فِي ظَنِّهِ قَطُّ وَلَا صَدَّقَهُ ، وَالْمُؤْمِنُ ، وَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا بِالْبَعْثِ ، فَإِنَّهُ اسْتَهْوَلَ الْمَرْأَى ، وَفِي الْحَدِيثِ : ( لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ ) . قَالَ الْجُمْهُورُ : الْإِنْسَانُ هُوَ الْكَافِرُ يَرَى مَا لَمْ يَظُنَّ ( يَوْمَئِذٍ ) أَيْ يَوْمَ إِذْ زُلْزِلَتْ وَأَخْرَجَتْ تُحَدِّثُ ، وَيَوْمَئِذٍ بَدَلٌ مِنْ ( إِذَا ) ، فَيَعْمَلُ فِيهِ لَفْظُ الْعَامِلِ فِي الْمُبْدَلِ مِنْهُ ، أَوِ الْمُكَرَّرِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْعَامِلِ فِي الْبَدَلِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29070تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَحْدِيثٌ وَكَلَامٌ حَقِيقَةً بِأَنْ يَخْلُقَ فِيهَا حَيَاةً وَإِدْرَاكًا ، فَتَشْهَدُ بِمَا عُمِلَ عَلَيْهَا مِنْ صَالِحٍ أَوْ فَاسِدٍ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِمَا . وَيَشْهَدُ لَهُ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375009بِأَنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَجَرٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) وَمَا جَاءَ فِي
التِّرْمِذِيِّ nindex.php?page=hadith&LINKID=10375010عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ثُمَّ قَالَ : ( أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، فَقَالَ : إِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا ، تَقُولُ [ ص: 501 ] عَمِلَ كَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا ) . هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ وَقَوْمٌ : التَّحْدِيثُ مَجَازٌ عَنْ إِحْدَاثِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا الْأَحْوَالَ مَا يَقُومُ مَقَامَ التَّحْدِيثِ بِاللِّسَانِ ، حَتَّى يَنْظُرَ مَنْ يَقُولُ مَا لَهَا إِلَى تِلْكَ الْأَحْوَالِ ، فَيَعْلَمُ لِمَ زُلْزِلَتْ ، وَلِمَ لَفَظَتِ الْأَمْوَاتَ ، وَأَنَّ هَذَا مَا كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ يُنَادُونَ بِهِ وَيُحَدِّثُونَ عَنْهُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17317يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ : تُحَدِّثُ بِمَا أَخْرَجَتْ مِنْ أَثْقَالِهَا ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الزَّلْزَلَةَ هِيَ الَّتِي مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ . وَفِي سُنَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنِ مَاجَهْ حَدِيثٌ فِي آخِرِهِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10375011تَقُولُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : يَا رَبِّ هَذَا مَا اسْتَوْدَعْتَنِي ) . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ : تُحَدِّثُ بِقِيَامِ السَّاعَةِ إِذَا قَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا ، فَتُخْبِرُ أَنَّ أَمْرَ الدُّنْيَا قَدِ انْقَضَى ، وَأَمْرَ الْآخِرَةِ قَدْ أَتَى ، فَيَكُونُ ذَلِكَ جَوَابًا لَهُمْ عِنْدَ سُؤَالِهِمْ ، وَتُحَدِّثُ هُنَا تَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ ، وَالْأَوَّلُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ تُحَدِّثُ النَّاسَ ، وَلَيْسَتْ بِمَعْنَى أَعْلَمَ الْمَنْقُولَةِ مِنْ عَلِمَ الْمُتَعَدِّيَةِ إِلَى اثْنَيْنِ فَتَتَعَدَّى إِلَى ثَلَاثَةٍ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29070بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ) أَيْ بِسَبَبِ إِيحَاءِ اللَّهِ ، فَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِتُحَدِّثُ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ بِتَحْدِيثٍ أَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا أَخْبَارَهَا عَلَى أَنَّ تَحْدِيثَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا تَحْدِيثَ أَخْبَارِهَا ، كَمَا تَقُولُ : نَصَحْتَنِي كُلَّ نَصِيحَةٍ بِأَنْ نَصَحْتَنِي فِي الدِّينِ . انْتَهَى . وَهُوَ كَلَامٌ فِيهِ عَفَشٌ يُنَزَّهُ الْقُرْآنُ عَنْهُ . وَقَالَ أَيْضًا : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=5بِأَنَّ رَبَّكَ ) بَدَلًا مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=4أَخْبَارَهَا ) كَأَنَّهُ قِيلَ : يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ بِأَخْبَارِهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ؛ لِأَنَّكَ تَقُولُ : حَدَّثْتُهُ كَذَا وَحَدَّثْتُهُ بِكَذَا . انْتَهَى .
وَإِذَا كَانَ الْفِعْلُ تَارَةً يَتَعَدَّى بِحَرْفِ جَرٍّ ، وَتَارَةً يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ ، وَحَرْفُ الْجَرِّ لَيْسَ بِزَائِدٍ ، فَلَا يَجُوزُ فِي تَابِعِهِ إِلَّا الْمُوَافَقَةُ فِي الْإِعْرَابِ ، فَلَا يَجُوزُ اسْتَغْفَرْتُ الذَّنْبَ الْعَظِيمِ ، بِنَصْبِ الذَّنْبِ وَجَرِّ الْعَظِيمِ لِجَوَازِ أَنَّكَ تَقُولُ مِنَ الذَّنْبِ ، وَلَا اخْتَرْتُ زَيْدًا الرِّجَالَ الْكِرَامِ ، بِنَصْبِ الرِّجَالِ وَخَفْضِ الْكِرَامِ ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ : اسْتَغْفَرْتُ مِنَ الذَّنْبِ الْعَظِيمَ ، بِجَرِّ الذَّنْبِ وَنَصْبِ الْعَظِيمِ ، وَكَذَلِكَ فِي اخْتَرْتُ ، فَلَوْ كَانَ حَرْفُ الْجَرِّ زَائِدًا جَازَ الْإِتِّبَاعُ عَلَى مَوْضِعِ الِاسْمِ بِشُرُوطِهِ الْمُحَرَّرَةِ فِي عِلْمِ النَّحْوِ ، تَقُولُ : مَا رَأَيْتُ مِنْ رَجُلٍ عَاقِلًا ، لِأَنَّ مِنْ زَائِدَةٌ ، وَمِنْ رَجُلٍ عَاقِلٍ عَلَى اللَّفْظِ ، وَلَا يَجُوزُ نَصْبُ رَجُلٍ وَجَرُّ عَاقِلٍ عَلَى مُرَاعَاةِ جَوَازِ دُخُولِ مِنْ ، وَإِنْ وَرَدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَبَابُهُ الشِّعْرُ ، وَعَدَّى أَوْحَى بِاللَّامِ لَا بِإِلَى ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ تَعْدِيَتَهَا بِإِلَى لِمُرَاعَاةِ الْفَوَاصِلِ ، قَالَ
الْعَجَّاجُ يَصِفُ الْأَرْضَ :
أَوْحَى لَهَا الْقَرَارَ فَاسْتَقَرَّتْ وَشَدَّهَا بِالرَّاسِيَاتِ الثُّبَّتِ
فَعَدَّاهَا بِاللَّامِ ، وَقِيلَ : الْمُوحَى إِلَيْهِ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوْحَى إِلَى مَلَائِكَتِهِ الْمُصَرِّفِينَ أَنْ تَفْعَلَ فِي الْأَرْضِ تِلْكَ الْأَفْعَالَ ، وَاللَّامُ فِي لَهَا لِلسَّبَبِ ، أَيْ مِنْ أَجْلِهَا وَمِنْ حَيْثُ الْأَفْعَالُ فِيهَا ، وَإِذَا كَانَ الْإِيحَاءُ إِلَيْهَا ، احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ وَحْيَ إِلْهَامٍ ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ بِرَسُولٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=29070يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ ) انْتَصَبَ يَوْمَئِذٍ بَيَصْدُرُ ، وَالصَّدْرُ يَكُونُ عَنْ وِرْدٍ . وَقَالَ الْجُمْهُورُ : هُوَ كَوْنُهُمْ فِي الْأَرْضِ مَدْفُونِينَ ، وَالصَّدْرُ قِيَامُهُمْ لِلْبَعْثِ ، وَ ( أَشْتَاتًا ) جَمْعُ شَتٍّ ، أَيْ فِرَقًا ، مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ وَعَاصٍ سَائِرُونَ إِلَى الْعَرْضِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=29070لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ) وَقَالَ
النَّقَّاشُ : الصَّدْرُ قَوْمٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَقَوْمٌ إِلَى النَّارِ ، وَوِرْدُهُمْ هُوَ وِرْدُ الْمَحْشَرِ ، فَعَلَى الْأَوَّلِ الْمَعْنَى : لِيُرَى عَمَلَهُ وَيَقِفَ عَلَيْهِ ، وَعَلَى قَوْلِ
النَّقَّاشِ : لِيُرَى جَزَاءَ عَمَلِهِ وَهُوَ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ ، وَالظَّاهِرُ تَعَلُّقُ ( لِيُرَوْا ) بِقَوْلِهِ ( يَصْدُرُ ) وَقِيلَ : بِأَوْحَى لَهَا وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : أَشْتَاتًا : مُتَفَرِّقِينَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ ، أَهْلُ الْإِيمَانِ عَلَى حِدَةٍ ، وَأَهْلُ كُلِّ دِينٍ عَلَى حِدَةٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَشْتَاتًا بِيضَ الْوُجُوهِ آمِنِينَ ، وَسُودَ الْوُجُوهِ فَزِعِينَ . انْتَهَى . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَشْتَاتًا ، أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ ، لَا نَاصِرَ لَهُ وَلَا عَاضِدَ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=94وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى ) . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=6لِيُرَوْا ) بِضَمِّ الْيَاءِ ،
وَالْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ ،
وَقَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15744وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ [ ص: 502 ] nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ وَأَبُو حَيْوَةَ وَعِيسَى وَنَافِعٌ فِي رِوَايَةٍ : بِفَتْحِهَا ، وَالظَّاهِرُ تَخْصِيصُ الْعَامِلِ ، أَيْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29070فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا ) مِنَ السُّعَدَاءِ ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَرَى خَيْرًا فِي الْآخِرَةِ ؛ لِأَنَّ خَيْرَهُ قَدْ عُجِّلَ لَهُ فِي دُنْيَاهُ ، وَالْمُؤْمِنُ تُعَجَّلُ لَهُ سَيِّئَاتُهُ الصَّغَائِرُ فِي دُنْيَاهُ فِي الْمَصَائِبِ وَالْأَمْرَاضِ وَنَحْوِهَا ، وَمَا عَمِلَ مِنْ شَرٍّ أَوْ خَيْرٍ رَآهُ ، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ) عَلَى أَنَّ مَا فَوْقَ الذَّرَّةِ يَرَاهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا ، وَهَذَا يُسَمَّى مَفْهُومُ الْخِطَابِ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَذْكُورُ وَالْمَسْكُوتُ عَنْهُ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ ، بَلْ يَكُونُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ بِالْأَوْلَى فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ) . وَالظَّاهِرُ انْتِصَابُ ( خَيْرًا ) ، ( وَشَرًّا ) عَلَى التَّمْيِيزِ ، لِأَنَّ مِثْقَالَ ذَرَّةِ مِقْدَارٌ ، وَقِيلَ : بَدَلٌ مِنْ مِثْقَالٍ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : بِفَتْحِ الْيَاءِ فِيهِمَا ، أَيْ يَرَى جَزَاءَهُ مِنْ ثَوَابٍ وَعِقَابٍ ، وَقَرَأَ
الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ،
وَالْكَلْبِيُّ ،
وَأَبُو حَيْوَةَ ،
وَخُلَيْدُ بْنُ نَشِيطٍ ،
وَأَبَانٌ عَنْ
عَاصِمٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ فِي رِوَايَةِ
حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْهُ : بِضَمِّهَا ،
وَهِشَامٌ ،
وَأَبُو بَكْرٍ : بِسُكُونِ الْهَاءِ فِيهِمَا ،
وَأَبُو عَمْرٍو : بِضَمِّهِمَا مُشْبَعَتَيْنِ ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ : بِإِشْبَاعِ الْأُولَى وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ ، وَالْإِسْكَانُ فِي الْوَصْلِ لُغَةٌ حَكَاهَا
الْأَخْفَشُ وَلَمْ يَحْكِهَا
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، وَحَكَاهَا
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ أَيْضًا عَنْ
بَنِي كِلَابٍ ،
وَبَنِي عَقِيلٍ ، وَهَذِهِ الرُّؤْيَةُ رُؤْيَةُ بَصَرٍ ، وَقَالَ
النَّقَّاشُ : لَيْسَتْ بِرُؤْيَةِ بَصَرٍ ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى يُصِيبُهُ وَيَنَالُهُ ، وَقَرَأَ
عِكْرِمَةُ : يَرَاهُ بِالْأَلِفِ فِيهِمَا ، وَذَلِكَ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَرَى الْجَزْمَ بِحَذْفِ الْحَرَكَةِ الْمُقَدَّرَةِ فِي حُرُوفِ الْعِلَّةِ ، حَكَاهَا
الْأَخْفَشُ ، أَوَ عَلَى تَوَهُّمِ أَنَّ مَنْ مَوْصُولَةٌ لَا شَرْطِيَّةٌ ، كَمَا قِيلَ فِي ( إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِي وَيَصْبِرْ ) فِي قِرَاءَةِ مَنْ أَثْبَتَ يَاءَ ( يَتَّقِي ) وَجَزَمَ ( يَصْبِرْ ) ، تَوَهَّمَ أَنَّ مَنْ شَرْطِيَّةٌ لَا مَوْصُولَةٌ ، فَجَزَمَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90وَيَصْبِرْ ) عَطْفًا عَلَى التَّوَهُّمِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .