ألا طال هذا الليل واسود جانبه وأرقني أن لا حبيب ألاعبه
وسؤاله : كم تصبر المرأة عن زوجها ؟ فقيل له : لا تصبر أكثر من أربعة أشهر ؛ فجعل ذلك أمدا لكل سرية يبعثها .
( فإن فاءوا ) ، أي : رجعوا بالوطء ، قاله ، والجمهور ، ويكفي من ذلك عند الجمهور مغيب الحشفة للقادر ، فإن كان له عذر أو مرض أو سجن أو شبه ذلك ، فارتجاعه صحيح ، وهي امرأته ، وإن زال عذره فأبى الوطء فرق بينهما إن كانت المدة قد انقضت ، قاله ابن عباس مالك في ( المدونة ) و ( المبسوط ) . وقال الحسن ، والنخعي ، وعكرمة ، : يجزي المعذور أن يشهد على فيأته بقلبه ، وقال والأوزاعي النخعي أيضا : يصح الفيء بالقول والإشهاد فقط ، ويسقط حكم الإيلاء إذا رأيت أن لم ينتشر ، وقيل : الفيء هو الرضى ، وقيل : الرجوع باللسان بكل حال ، قاله ، أبو قلابة وإبراهيم ، ومن قال إن المولي هو الحالف على مساءة زوجته . وقال أحمد : إذا كان له عذر يفيء بقلبه ، وقال ابن جبير ، ، وطائفة : الفيء لا يكون إلا بالجماع في حال القدرة وغيرها من سجن أو سفر أو مرض وغيره . وأمال ( وابن المسيب فاءوا ) جرية بن عائذ لقوله " فئت " ، وقرأ عبد الله : " فإن فاءوا فيهن " ، وقرأ أبي : " فإن فاءوا فيها " ، وروي عنه : " فيهن " كقراءة عبد الله . والضمير عائد على الأشهر ، ويؤيد هذه القراءة مذهب أبي حنيفة بأن الفيئة لا تكون إلا في الأشهر ، وإن لم يفئ فيها دخل عليه الطلاق من غير أن يوقف بعد مضي الأربعة الأشهر ، وإلى هذا ذهب ، ابن مسعود ، وابن عباس ، وعثمان بن عفان وعلي ، ، وزيد بن ثابت وجابر بن زيد والحسن ، ومسروق . وقال عمر ، وعثمان ، وعلي أيضا ، وأبو الدرداء ، ، وابن عمر وابن عامر ، والمسيب ، ومجاهد ، ، وطاوس ومالك ، ، والشافعي وأحمد ، وإسحاق ، وأبو [ ص: 183 ] عبيد : إذا انقضت الأربعة الأشهر وقف ، فإما فاء وإلا طلق عليه . والقراءة المتواترة : فإن فاءوا بغيرهن ، ولا فيها ، فاحتمل أن يكون التقدير : فإن فاءوا في الأشهر ، واحتمل أن يكون : فإن فاءوا بعد انقضائها .
( فإن الله غفور رحيم ) ، استدل بهذا من قال : إنه إذا فاء المولي ووطئ فلا كفارة عليه في يمينه ، وإلى هذا ذهب الحسن ، وإبراهيم . وذهب الجمهور : مالك ، وأبو حنيفة ، ، وأصحابهم إلى والشافعي ، فيكون الغفران هنا إشعارا بإسقاط الإثم بفعل الكفارة ، وهو قول إيجاب كفارة اليمين على المولي بجماع امرأته علي ، ، وابن عباس : إنه غفران الإثم ، وعليه كفارة . وعلى المذهب الذي قبله يكون بإسقاط الكفارة ، وقال وابن المسيب أبو حنيفة : ولا كفارة على العاجز عن الوطء إذا فاء ، وقال إسحاق : قال بعض أهل التأويل فيمن حلف على بر وتقوى ، أو باب من أبواب الخير أن لا يفعله أنه يفعله ، ولا كفارة عليه ، والحجة له ، ( فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم ) ، ولم يذكر كفارة . وقيل : معنى ذلك غفور لمآثم اليمين ، رحيم في ترخيص المخرج منها بالتكفير ، قاله ابن زياد ، وهو راجع للقول الثاني ، وقيل : معنى رحيم حيث نظر للمرأة أن لا يضر بها زوجها ؛ فيكون وصف الغفران بالنسبة إلى الزوج ، وصفة الرحمة بالنسبة إلى الزوجة .