( وأزلفت الجنة ) قربت لينظروا إليها ويغتبطوا بحشرهم إليها . ( وبرزت الجحيم ) أظهرت وكشفت بحيث كانت بمرأى منهم كقوله : ( فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون قل أرأيتم إن ) وذلك على سبيل التوبيخ . هل ينفعونكم بنصرهم إياكم ، أو ينتصرون هم فينفعون أنفسهم بحمايتها ، إذ هم وأنتم وقود النار ؟ وقرأ : فبرزت بالفاء ، جعل تبريز الجحيم بعد تقريب الجنة يعقبه ، وذلك لأن الواو للجمع ، فيمكن أن يكون كل واحد منهما ظهوره قبل الآخر ، وهو من تقديم الرحمة على العذاب ، وهو حسن ، لو أن رسم المصحف بالواو . وقرأ الأعمش : ( وبرزت ) بالفتح والتخفيف ؛ ( الجحيم ) بالرفع ، بإسناد الفعل إليها اتساعا . ولما وبخهم وقرعهم ، أخبر عن حال يوم القيامة ، وجيء في ذلك كله بلفظ الماضي في أتى وأزلفت وبرزت . وقيل : ( فكبكبوا ) لتحقق وقوع ذلك ، وإن كان لم يقع . والضمير في : " فكبكبوا " عائد على الأصنام ، أجريت مجرى من يعقل . قال مالك بن دينار الكرماني : فكبكبوا : قذفوا فيها . وقيل : جمعوا . وقيل : هدروا . وقيل : نكسوا على رءوسهم يموج بعضهم في بعض . وقيل : ألقوا في جهنم ينكبون مرة بعد مرة حتى يستقروا في قعرها . ( والغاوون ) هم الكفرة الذين شملتهم الغواية . وقيل : الضمير يعود على الكفار ، والغاوون : الشياطين . ( وجنود إبليس ) قبيلة ، وكل من تبعه فهو جند له وعون . وقال : هم مشركو العرب ، والغاوون : سائر المشركين . وقيل : هم القادة والسفلة ، قالوا : أي عباد الأصنام ، والجملة بعده حال ، والمقول جملة القسم ومتعلقه ، والخطاب في ( نسويكم ) للأصنام على جهة الإقرار والاعتراف بالحق . قال السدي ابن عطية : أقسموا بالله إن كنا إلا ضالين في أن نعبدكم ونجعلكم سواء مع الله - تعالى - الذي هو رب العالمين وخالقهم ومالكهم . انتهى . وقوله : إن كنا إلا ضالين ، إن أراد تفسير المعنى فهو صحيح ، وإن أراد أن " إن " هنا نافية ، واللام في " لفي " بمعنى إلا ، فليس مذهب البصريين ، وإنما هو مذهب الكوفيين . ومذهب البصريين في مثل هذا أن " إن " هي المخففة من الثقيلة ، وأن اللام هي الداخلة للفرق بين إن النافية وإن التي هي لتأكيد مضمون الجملة .