الخامس أن إن قدر عليه فذلك الأفضل أوصى يحج ماشيا رضي الله عنهما بنيه عند موته فقال يا بني حجوا مشاة فإن للحاج الماشي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة من حسنات عبد الله بن عباس الحرم قيل : وما حسنات الحرم ، قال : الحسنة بمائة ألف والاستحباب في والتردد من المشي في المناسك ، مكة إلى الموقف ، وإلى منى آكد منه في الطريق .
وإن أضاف إلى المشي الإحرام من دويرة أهله فقد قيل : إن ذلك من إتمام الحج قاله : عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم في معنى قوله عز وجل وأتموا الحج والعمرة لله وقال بعض العلماء : الركوب أفضل لما فيه من الإنفاق والمؤنة ولأنه أبعد عن ضجر النفس ، وأقل لأذاه وأقرب إلى سلامته وتمام حجه .
وهذا عند التحقيق ليس مخالفا للأول ، بل ينبغي أن يفصل ، ويقال : من سهل عليه المشي فهو أفضل فإن كان يضعف ويؤدي به ذلك إلى سوء الخلق وقصور عن عمل فالركوب له أفضل كما أن الصوم للمسافر أفضل وللمريض ما لم يفض إلى ضعف وسوء خلق .
وسئل بعض العلماء عن العمرة أيمشي فيها ، أو يكتري حمارا بدرهم ؟ فقال : إن كان وزن الدرهم أشد عليه فالكراء أفضل من المشي ، وإن كان المشي أشد عليه كالأغنياء فالمشي له أفضل فكأنه ذهب فيه إلى طريق مجاهدة النفس ، وله وجه .
ولكن الأفضل له أن يمشي ويصرف ذلك الدرهم إلى خير فهو أولى من صرفه إلى المكاري عوضا عن ابتذال الدابة فإذا كانت لا تتسع ، نفسه للجمع بين مشقة النفس ونقصان المال ، فما ذكره غير بعيد فيه .