الباب الثالث .
في الآداب الدقيقة والأعمال الباطنة .
بيان دقائق الآداب وهي عشرة :
الأول : أن تكون النفقة حلالا وتكون اليد خالية من تجارة تشغل القلب وتفرق الهم حتى يكون الهم مجردا لله تعالى والقلب مطمئنا منصرفا إلى ذكر الله تعالى وتعظيم شعائره .
وقد ، روي في خبر من طريق أهل البيت : إذا كان آخر الزمان خرج الناس إلى الحج أربعة أصناف : سلاطينهم للنزهة وأغنياؤهم للتجارة ، وفقراؤهم للمسألة ، وقراؤهم للسمعة وفي الخبر إشارة إلى جملة أغراض الدنيا التي يتصور أن تتصل بالحج فكل ذلك مما يمنع فضيلة الحج ويخرجه عن حيز حج الخصوص لا سيما إذا كان متجردا بنفس الحج بأن يحج لغيره بأجرة فيطلب الدنيا بعمل الآخرة .
وقد كره الورعون وأرباب القلوب ذلك إلا أن يكون قصده المقام بمكة ولم يكن له ما يبلغه فلا بأس أن يأخذ ذلك على هذا القصد لا ليتوصل بالدين إلى الدنيا ، بل بالدنيا إلى الدين .
فعند ذلك ينبغي أن يكون قصده زيارة بيت الله عز وجل ومعاونة أخيه المسلم بإسقاط الفرض عنه .
وفي مثله ينزل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : يدخل الله سبحانه بالحجة الواحدة ثلاثة الجنة الموصي بها ، والمنفذ لها ومن حج بها عن أخيه ولست أقول لا تحل الأجرة أو يحرم ذلك بعد أن أسقط فرض الإسلام عن نفسه ولكن الأولى أن لا يفعل ولا يتخذ ذلك مكسبه ومتجره فإن الله عز وجل يعطي الدنيا بالدين ، ولا يعطي الدين بالدنيا .
وفي الخبر : مثل الذي يغزو في سبيل الله عز وجل ويأخذ أجرا مثل أم موسى عليه السلام ترضع ولدها وتأخذ أجرها فمن كان مثاله في مثال أخذ الأجرة على الحج أم موسى فلا بأس بأخذه فإنه يأخذ ليتمكن من الحج والزيارة فيه وليس يحج ليأخذ الأجرة بل يأخذ الأجرة ليحج كما كانت تأخذ أم موسى ليتيسر لها الإرضاع بتلبيس حالها عليهم .