19 - خطيئته التوحيد عن غير نافع ولا يعبدون الغيب شايع دخللا
قرأ القراء السبعة إلا نافعا وأحاطت به خطيئته بالتوحيد، أي الإفراد، فتكون قراءة بالجمع، أي بزيادة ألف بعد الهمزة، وقرأ نافع حمزة والكسائي وابن كثير وما يعبدون إلا الله بياء الغيب، فتكون قراءة الباقين بتاء الخطاب، و(الدخلل) هو الذي يداخلك في أمورك.
20 - وقل حسنا شكرا وحسنا بضمه وساكنه الباقون واحسن مقولا
قرأ حمزة والكسائي وقولوا للناس حسنا بفتح الحاء والسين كما لفظ به، وقرأ الباقون بضم الحاء وسكون السين، وصرح بقراءتهم، وعلمت قراءة حمزة من اللفظ، ومن ضد ترجمة الباقين، لأن ضد الضم في الحاء فتحها، وضد السكون في السين التحريك بالفتح. وقوله: (وأحسن مقولا) أي ناقلا أي أحسن في نقلك بأن تنقل عن الأئمة بصدق وأمانة، وهو منصوب على الحال من فاعل (وأحسن). والكسائي
21 - وتظاهرون الظاء خفف ثابت وعنهم لدى التحريم أيضا تحللا
قرأ المرموز لهم بالثاء وهم: الكوفيون: عاصم وحمزة والكسائي تظاهرون عليهم هنا، و وإن تظاهرا عليه في التحريم بتخفيف الظاء، فتكون قراءة غيرهم بالتشديد، وما أحسن قوله: (تحللا) بعد ذكر التحريم.
[ ص: 206 ]
22 - وحمزة أسرى في أسارى وضمهم تفادوهم والمد إذ راق نفلا
قرأ حمزة وإن يأتوكم أسارى بفتح الهمزة وسكون السين في مكان أسارى، بضم الهمزة وفتح السين، وألف بعدها، وهي قراءة الباقين، فلفظ بالقراءتين، وقرأ نافع والكسائي (تفادوهم) بضم التاء وفتح الفاء وألف بعدها، وهو مراده بـ(المد)، وأخذ فتح الفاء من إثبات ألف بعدها إذ لا تثبت الألف إلا حيث يكون ما قبلها مفتوحا، فاكتفى بذكر المد عن ذكر الفتح، وقرأ الباقون بفتح التاء وسكون الفاء، وأخذ فتح التاء من الضد، وأخذ سكون الفاء من ضد الفتح الذي دل عليه المد، يقال: راقني الشيء: أعجبني، و(نفل) أعطي النفل بفتح الفاء وهو الغنيمة. وعاصم
23 - وحيث أتاك القدس إسكان داله دواء وللباقين بالضم أرسلا
قرأ لفظ القدس حيث وقع في القرآن العظيم بإسكان الدال، وقرأ غيره بضمها، ونص على قراءة الباقين لأنها لا تعلم من الضد، لأن ضد الإسكان التحريك بالفتح. ابن كثير
24 - وينزل خففه وتنزل مثله وننزل حق وهو في الحجر ثقلا
25 - وخفف للبصري بسبحان والذي في الانعام للمكي على أن ينزلا
26 - ومنزلها التخفيف حق شفاؤه وخفف عنهم ينزل الغيث مسجلا
قرأ المكي والبصري كل فعل مضارع من لفظ ينزل، مضموم الأول بتخفيف الزاي، ويلزمه سكون النون، سواء كان مبدوءا بياء الغيب، مثل : أن ينزل الله من فضله ، أم بتاء الخطاب نحو: يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم أم بنون العظمة نحو: إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية ، وسواء كان مبنيا للمعلوم كهذه الأمثلة، أو مبنيا للمجهول نحو: أن ينزل عليكم من خير من ربكم ، ونحو: من قبل أن تنزل التوراة. وقولنا: (مضموم الأول) خرج به، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ، فلا خلاف بين القراء في تخفيف زائه. وقرأ الباقون بتشديد الزاي، ويلزم منه فتح النون، وقوله: (وهو في الحجر ثقلا) معناه: أن كل ما في الحجر ثقل لجميع القراء كما يفيده الإطلاق. [ ص: 207 ] وفي الحجر موضعان: أولهما ما ننزل الملائكة إلا بالحق ، والثاني: وما ننزله إلا بقدر معلوم ، ولا خلاف بين القراء السبعة في تشديدهما، وخفف ما في أبو عمرو سبحان الذي أسرى وإطلاقه يتناول موضعيها، وهما وننزل من القرآن ما هو شفاء ، حتى تنزل علينا كتابا . وشددهما مع باقي القراء، فخالف فيهما مذهبه، وخفف ابن كثير موضع الأنعام ابن كثير على أن ينزل آية وشدده البصري مع الباقين فخالف فيه مذهبه، وخفف ابن كثير وأبو عمرو وحمزة الزاي في هذه المواضع: والكسائي إني منزلها عليكم في المائدة، وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا في الشورى، وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام في لقمان.
وشدد الباقون في هذه المواضع.
27 - وجبريل فتح الجيم والرا وبعدها وعى همزة مكسورة صحبة ولا
28 - بحيث أتى والياء يحذف شعبة ومكيهم في الجيم بالفتح وكلا
قرأ حمزة والكسائي لفظ وشعبة جبريل، حيث وقع في القرآن الكريم بفتح الجيم والراء وزيادة همزة مكسورة بعد الراء، ويزيد على شعبة حمزة حذف الياء التي بعد الهمزة فيشاركهما في فتح الجيم والراء وزيادة الهمزة المكسورة، ويخالفهما في حذف الياء بعدها لأنهما يثبتان الياء بعد الهمزة، وقرأ والكسائي بفتح الجيم وقرأ الباقون بكسرها. المكي
29 - ودع ياء ميكائيل والهمز قبله على حجة والياء يحذف أجملا
قرأ حفص ميكال، حيث نزل بحذف الياء والهمز الذي قبله ما عدا وأبو عمرو فإنه يثبت الهمز ويحذف الياء. وقول الناظم قبله، نص في أن محل اختلاف القراء هو الياء الثانية، و(أجملا) نعت لمصدر محذوف، أي حذفا أجملا، أي جميلا. نافعا،
30 - ولكن خفيف والشياطين رفعه كما شرطوا والعكس نحو سما العلا
قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي ولكن الشياطين كفروا بتخفيف النون في ولكن [ ص: 208 ] مع كسرها في الوصل للتخلص من التقاء الساكنين، وسكونها في الوقف، ورفع نون الشياطين.
وقرأ الباقون بعكس هذه القراءة، فتكون قراءتهم بتشديد النون في (ولكن) مع فتحها ونصب النون في الشياطين، الباقون هم عاصم، ونافع، وابن كثير، ولم يقيد نون (ولكن) في قراءة الباقين بالفتح اعتمادا على الشهرة. وأبو عمرو،
31 - وننسخ به ضم وكسر كفى وننـ سها مثله من غير همز ذكت إلى
قال العلامة أبو شامة: ومطلق الهمز لا يقتضي حركته فيقتصر على أقل ما يصدق عليه اسم الهمز وهو الإتيان بهمزة ساكنة، ويظهر لي والله أعلم أن سكون الهمز علم من قواعد العربية. ذلك أن قوله أو ننسها معطوف على فعل الشرط، فيكون مجزوما مثله، فحينئذ يتعين سكون الهمز. فالناظم لم يقيد الهمز بالسكون اعتمادا على هذه القواعد.
32 - عليم وقالوا الواو الاولى سقوطها وكن فيكون النصب في الرفع كفلا
33 - وفي آل عمران في الاولى ومريم وفي الطول عنه وهو باللفظ أعملا
34 - وفي النحل مع يسن بالعطف نصبه كفى راويا وانقاد معناه يعملا
قرأ ابن عامر إن الله واسع عليم ، وقالوا اتخذ الله ولدا بحذف الواو الأولى من (وقالوا)، والتقييد بالأولى للاحتراز عن الثانية، فلا خلاف بين القراء في إثباتها، وقرأ " كن فيكون " بالنصب في مكان الرفع يعني بنصب النون بدلا من رفعها في هذه السورة، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ، وقال الذين لا يعلمون وفي آل عمران في الكلمة الأولى فيها، وهي كن فيكون ، و " يعلمه " ، واحترز بالأولى عن الثانية وهي التي بعدها [ ص: 209 ] الحق من ربك ، فقد اتفق القراء على الرفع فيها، وفي مريم في كن فيكون وإن الله ربي ، وفي (الطول) وهي غافر، في كن فيكون ألم تر إلى الذين يجادلون . وقوله: (وهو باللفظ أعملا) توجيه لقراءة بالنصب، فوجهه أنه منصوب بعد فاء السببية في جواب الأمر وهو (كن)، وهذا الفعل وهو (كن)، ليس أمرا حقيقة لأن المعنى أن الله تعالى إذا أراد شيئا ما تحقق، ولا يحول دون تحققه حائل، ولكن لما كان على صورة الأمر ولفظه لفظ الأمر أجري مجرى الأمر الحقيقي، فنصب المضارع في جوابه، وقرأ ابن عامر ابن عامر والكسائي كن فيكون والذين هاجروا في سورة النحل. كن فيكون فسبحان الذي في سورة يس، بنصب النون في (فيكون) أيضا عطفا على الفعل المنصوب قبله، وهو (نقول)، وهذا معنى قوله: (بالعطف نصبه). ومعنى (انقاد معناه يعملا) سهل النصب وظهر وجهه في هذين الموضعين لعطفه على ما قبله حال كونه في سهولته مشبها يعملا، وهو الجمل القوي في السير المطبوع على العمل.
35 - وتسأل ضموا التاء واللام حركوا برفع خلودا وهو من بعد نفي لا
قرأ السبعة إلا نافعا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم بضم التاء وتحريك اللام بالرفع، وعلى هذه القراءة تكون لا، التي قبل تسأل نافية، فتكون قراءة بفتح التاء لأنه ضد الضم، وبسكون اللام، لأنه ضد التحريك، وعلى هذه القراءة تكون لا ناهية لأن النهي ضد النفي. نافع
36 - وفيها وفي نص النساء ثلاثة أواخر إبراهام لاح وجملا
37 - ومع آخر الأنعام حرفا براءة أخيرا وتحت الرعد حرف تنزلا
38 - وفي مريم والنحل خمسة أحرف وآخر ما في العنكبوت منزلا
39 - وفي النجم والشورى وفي الذاريات والـ حديد ويروي في امتحانه الاولا
40 - ووجهان فيه لابن ذكوان هاهنا وواتخذوا بالفتح عم وأوغلا
[ ص: 210 ] ضمير (فيها) يعود على السورة التي يتحدث عن اختلاف القراء في مواضع الاختلاف فيها، وهي سورة البقرة، يعني أن المرموز له باللام وهو قرأ لفظ هشام إبراهيم بفتح الهاء وألف بعدها في جميع المواضع في سورة البقرة كما يدل على ذلك إطلاق كلامه، وكذلك قرأ بفتح الهاء وألف بعدها في المواضع الثلاثة الأخيرة في سورة النساء وهي: واتبع ملة إبراهيم حنيفا ، واتخذ الله إبراهيم خليلا ، وأوحينا إلى إبراهيم ، واحترز بالمواضع الأخيرة عن الموضع الأول منها وهو: فقد آتينا آل إبراهيم فإن يقرؤه كالجماعة. وقرأ أيضا بفتح الهاء وألف بعدها في الموضع الأخير من سورة الأنعام وهو هشاما ملة إبراهيم حنيفا ، والتقييد بالآخر احتراز عن جميع ما فيها من لفظ إبراهيم، فإن يقرؤه كالجماعة، وأيضا حرفا براءة أخيرا وهما: هشاما
وما كان استغفار إبراهيم ، إن إبراهيم لأواه حليم ، واحترز بآخر السورة عن كل ما فيها، وكذا قوله تعالى وإذ قال إبراهيم في سورة إبراهيم، وقوله إن إبراهيم كان أمة ، أن اتبع ملة إبراهيم ، والموضعان في النحل، وقوله تعالى: واذكر في الكتاب إبراهيم ، أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم ، ومن ذرية إبراهيم ، والثلاثة في مريم. وقوله تعالى: ولما جاءت رسلنا إبراهيم في العنكبوت، وهو آخر ما فيها. واحترز بالآخر عن قوله تعالى فيها وإبراهيم إذ قال لقومه ، وقوله تعالى: وإبراهيم الذي وفى في النجم، وقوله: وما وصينا به إبراهيم في الشورى، وقوله سبحانه: هل أتاك حديث ضيف إبراهيم في الذاريات، وقوله تعالى: ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم في الحديد، وقوله تعالى: قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم في سورة الممتحنة، وهي الامتحان، وهو الموضع الأول فيها، واحترز به عن الموضع الثاني وهو: إلا قول إبراهيم لأبيه فهذه ثلاثة وثلاثون موضعا قرأها بفتح الهاء وألف بعدها، وقرأ غيرها بكسر الهاء وياء ساكنة بعدها كالجماعة. وقوله (ووجهان فيه هشام لابن ذكوان هاهنا) معناه أن ابن ذكوان قرأ جميع ما في البقرة من لفظ إبراهيم بوجهين: الأول والثاني كالجماعة، ويفهم من هذا أن كهشام، ابن ذكوان يقرأ غير ما في البقرة من سائر المواضع كالجماعة، وعلمت قراءة بفتح الهاء والألف من تلفظه بها، وأما قراءة الجماعة فتعلم من جهة أن هشام لما قرأ بالفتح وبالألف، وضد الفتح الكسر، ويلزم من الكسر قبل الألف قبلها ياء، علم أن [ ص: 211 ] قراءة الجماعة بكسر الهاء وياء بعدها، هكذا قرر بعض الشراح. وقال العلامة هشاما الجعبري: قد علم من اصطلاحه الذي قررناه سابقا أن اللفظ المختلف فيه إذا كان له نظير متفق عليه ذكر الوجه المخالف كالألف هنا، ثم يحيل الآخر على محل الإجماع وهو الياء انتهى. ثم ذكر أن المشار إليهما بكلمة (عم) وهما نافع والشامي قرآ واتخذوا من مقام بفتح الخاء، فتكون قراءة غيرهما بكسرها.
41 - وأرنا وأرني ساكنا الكسر دم يدا وفي فصلت يروى صفا دره كلا
42 - وأخفاهما طلق وخف ابن عامر فأمتعه أوصى بوصى كما اعتلا
قرأ ابن كثير والسوسي: وأرنا مناسكنا ، أرنا الله جهرة ، أرني كيف تحي الموتى ، أرني أنظر إليك بسكون الراء. وقرأ السوسي وشعبة وابن كثير وابن عامر أرنا اللذين في فصلت بسكون الراء. وقرأ عن الدوري بإخفاء الحركة أي اختلاسها في كل ما ذكر. وقرأ الباقون بإشباع كسر الراء في الجميع، والقراءتان سكون الراء وكسرها مأخوذتان من قول الناظم (ساكنا الكسر)، وقرأ أبي عمرو ابن عامر فأمتعه بتخفيف التاء، ويلزم منه سكون الميم، وقرأ غيره بفتح الميم وتشديد التاء، لأنه ضد التخفيف ويلزمه فتح الميم، وقرأ ابن عامر، ( وأوصى بها )، بزيادة ألف بين الواوين مع سكون الواو الثانية وتخفيف الصاد. وقرأ الباقون بحذف الألف مع فتح الواو الثانية وتشديد الصاد وقد لفظ الناظم بالقراءتين معا. ونافع