( فصل ) :
وأما صلاة الكسوف ، والخسوف ، أما صلاة الكسوف فالكلام في صلاة الكسوف في مواضع : في ، وفي بيان قدرها وكيفيتها ، وفي بيان موضعها ، وفي بيان وقتها . بيان أنها واجبة أم سنة
أما الأول فقد ذكر رحمه الله تعالى - في الأصل ما يدل على عدم الوجوب ، فإنه قال : ولا تصلى نافلة في جماعة إلا قيام رمضان وصلاة الكسوف ، فاستثنى صلاة الكسوف من الصلوات النافلة ، والمستثنى من جنس المستثنى منه ; فيدل على كونها نافلة ، وكذا روى محمد ما يدل عليه ، فإنه روى عن الحسن بن زياد أنه قال في كسوف الشمس : إن شاءوا صلوا ركعتين ، وإن شاءوا صلوا أربعا ، وإن شاءوا أكثر من ذلك ، والتخيير يكون في النوافل لا في الواجبات ، وقال بعض مشايخنا : إنها واجبة ; لما روي عن أبي حنيفة أنه قال { ابن مسعود إبراهيم فقال الناس : إنما انكسفت لموت إبراهيم فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألا إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم من هذا شيئا فاحمدوا الله وكبروه وسبحوه وصلوا حتى تنجلي } وفي رواية : كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات ابنه { أبي مسعود الأنصاري } ومطلق الأمر للوجوب وعن فإذا رأيتموها فقوموا وصلوا أنه قال { أبي موسى الأشعري } ، وفي بعض الروايات { انكسفت الشمس في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام فزعا فخشي أن تكون الساعة حتى أتى المسجد فقام فصلى فأطال القيام والركوع والسجود وقال : إن هذه الآيات ترسل لا تكون لموت أحد ولا لحياته ، ولكن الله تعالى يرسلها ليخوف بها عباده فإذا رأيتم منها شيئا فارغبوا إلى ذكر الله تعالى واستغفروه } وتسمية فافزعوا إلى الله تعالى بالصلاة رحمه الله إياها نافلة لا ينفي الوجوب ; لأن النافلة عبارة عن الزيادة ، وكل واجب زيادة على الفرائض الموظفة ألا ترى أنه قربها بقيام رمضان وهو التراويح ، وأنها سنة مؤكدة ، وهي في معنى الواجب ، ورواية محمد الحسن لا تنفي الوجوب ; لأن التخيير قد يجري بين الواجبات كما في قوله تعالى { فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة } .