( فصل ) :
وأما الكلام في فيصلي ركعتين ، كل ركعة بركوع وسجدتين كسائر الصلوات ، وهذا عندنا وعند قدرها وكيفيتها ركعتان ، كل ركعة بركوعين وقومتين وسجدتين يقرأ ثم يركع ثم يرفع رأسه ثم يقرأ ثم يركع ، واحتج بما روي عن الشافعي ابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا { وعائشة } وهذا نص في الباب . : كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 281 ] فقام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة ، ثم ركع ركوعا طويلا ، ثم رفع رأسه فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ، ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول
( ولنا ) ما روى محمد بإسناده عن أنه قال { أبي بكرة إبراهيم ، ثم قال : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى ، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم من هذه الأفزاع شيئا فافزعوا إلى الصلاة والدعاء ; لينكشف ما بكم } ومطلق اسم الصلاة ينصرف إلى الصلاة المعهودة . : كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه حتى دخل المسجد فصلى ركعتين فأطالهما حتى تجلت الشمس وذلك حين مات ولده
وفي رواية عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي بكرة صلى ركعتين نحو صلاة أحدكم } ، وروى الجصاص عن علي والنعمان بن بشير وعبد الله بن عمر وسمرة بن جندب رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم { والمغيرة بن شعبة } ، والجواب عن تعلقه بحديث صلى في الكسوف ركعتين كهيئة صلاتنا ابن عباس رضي الله عنهما أن روايتهما قد تعارضت روي كما قلتم . وعائشة
وروي أنه صلى أربع ركعات في أربع سجدات ، والمتعارض لا يصلح معارضا ، أو نقول تعاضد ما روينا بالاعتبار بسائر الصلوات ; فكان العمل به ، أولى أو نحمل ما رويتم على أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع فأطال الركوع كثيرا زيادة على قدر ركوع سائر الصلوات ; لما روي أنه عرض عليه الجنة والنار في تلك الصلاة فرفع أهل الصف الأول رءوسهم ظنا منهم أنه صلى الله عليه وسلم رفع رأسه من الركوع فرفع من خلفهم رءوسهم فلما رأى أهل الصف الأول رسول الله صلى الله عليه وسلم راكعا ركعوا وركع من خلفهم ، فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركوع رفع القوم رءوسهم فمن كان خلف الصف الأول ظنوا أنه ركع ركوعين فرووا على حسب ما وقع عندهم ، وعلم الصف الأول حقيقة الأمر فنقلوا على حسب ما علموه ، ومثل هذا الاشتباه قد يقع لمن كان في آخر الصفوف ، رضي الله عنها كانت واقفة في خير صفوف النساء وعائشة في صف الصبيان في ذلك الوقت فنقلا كما وقع عندهما ، فيحمل على هذا توفيقا بين الروايتين ، كذا وفق وابن عباس - رحمه الله - في صلاة الأثر ، وذكر الشيخ محمد أبو منصور أن اختلاف الروايات خرج مخرج التناسخ لا مخرج التخيير ; لاختلاف الأئمة في ذلك .
ولو كان على التخيير لما اختلفوا ثم فيظهر أنه قد ظهر انتساخ زيادات كانت في الابتداء في الصلوات ، واستقرت الصلاة على الصلاة المعهودة اليوم عندنا ، فكان صرف النسخ إلى ما ظهر انتساخه أولى من صرفه إلى ما لم يظهر أنه نسخه غيره ، وروى الشيخ أبو منصور عن أبي عبد الله البلخي أنه قال : إن الزيادة ثبتت في صلاة الكسوف لا للكسوف ، بل لأحوال اعترضت ، حتى روي أنه صلى الله عليه وسلم تقدم في الركوع حتى كان كمن يأخذ شيئا ثم تأخر كمن ينفر عن شيء فيجوز أن تكون الزيادة منه باعتراض تلك الأحوال ، فمن لا يعرفها لا يسعه التكلم فيها ، ويحتمل أن يكون فعل ذلك ; لأنه سنة فلما أشكل الأمر لم يعدل عن المعتمد عليه إلا بيقين .