( فصل ) :
وأما . كيفيتها
فقد اختلف العلماء فيها اختلافا فاحشا لاختلاف الأخبار في الباب قال علماؤنا يجعل الإمام الناس طائفتين طائفة بإزاء العدو ويفتتح الصلاة بطائفة فيصلي بهم ركعة إن كان مسافرا أو كانت الصلاة صلاة الفجر وركعتين إن كان مقيما والصلاة من ذوات الأربع وينصرفون إلى وجه العدو ، ثم تأتي الطائفة الثانية فيصلي بهم بقية الصلاة فينصرفون إلى وجه العدو ، ثم تأتي الطائفة الأولى فيقضون بقية صلاتهم بغير قراءة وينصرفون إلى وجه العدو ، ثم تجيء الطائفة الثانية فيقضون بقية صلاتهم بقراءة ، وقال يجعل الناس طائفتين طائفة بإزاء العدو ويفتتح الصلاة بطائفة فيصلي بهم ركعة ، ثم يقوم الإمام ويمكث قائما فتتم هذه الطائفة صلاتهم ويسلمون وينصرفون إلى وجه العدو ، ثم تأتي الطائفة الثانية فيصلي بهم الركعة الثانية ويسلم الإمام ولا يسلمون بل يقومون فيتمون صلاتهم ، وهو قول مالك إلا أنه يقول : لا يسلم الإمام حتى تتم الطائفة الثانية صلاتهم ، ثم يسلم الإمام ويسلمون معه ، وروى الشافعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم { أبو هريرة } ولم يأخذ به أحد من العلماء . لما صلى بالطائفة الأولى ركعة انتظرهم حتى أتموا صلاتهم وذهبوا إلى العدو وجاءت الطائفة الأخرى فبدءوا بالركعة الأولى والنبي صلى الله عليه وسلم ينتظرهم ثم صلى بهم الركعة الثانية
وروي شاذا أن النبي صلى الله عليه وسلم { } . صلى بكل طائفة ركعتين فكانت له أربع ركعات ولكل طائفة ركعتين
احتج بما روى الشافعي سهل بن أبي خيثمة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف على نحو ما قلنا ، ولنا ما روى ابن مسعود رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها على نحو ما قلنا وروينا عن وابن عمر أنه أقام صلاة الخوف حذيفة بطبرستان بجماعة من الصحابة على نحو ما قلنا ولم ينكر عليه أحد فكان إجماعا وبه تبين أن الأخذ بما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى ; ولأن الرواية عن هؤلاء لم تتعارض ، والرواية عن سهل بن أبي خيثمة متعارضة فإن بعضهم روي عنه مثل [ ص: 244 ] مذهبنا فكان الأخذ بروايتهم أولى مع أن فيما رواه ما يدل على كونه منسوخا ; لأن فيه أن الطائفة الثانية يقضون ما سبقوا به قبل فراغ الإمام ثم يسلمون معه ، وهذا كان في الابتداء أن الشافعي ثم نسخ ، ولهذا لم يأخذ أحد من العلماء برواية المسبوق يبدأ بقضاء ما فاته ثم يتابع الإمام ، وما روي في الشاذ غير مقبول ; لأن في حق الطائفة الثانية يكون اقتداء المفترض بالمتنفل وذا لا يصح عندنا إلا أن يكون مؤولا وتأويله أنه كان مقيما فصلى بكل طائفة ركعتين وقضت كل طائفة ركعتين وهو المذهب ، وعندنا أنه يصلي بكل طائفة شطر الصلاة هذا إذا لم يكن العدو بإزاء القبلة أبي هريرة فالأفضل عندنا أن يجعل الناس طائفتين فيصلي بكل طائفة شطر الصلاة على النحو الذي ذكرنا ، وإن صلى بهم جملة جاز وهو أن يجعل الناس صفين ويفتتح الصلاة بهم جميعا فإذا ركع الإمام ركع الكل معه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعوا جميعا وإذا سجد الإمام سجد معه الصف الأول والصف الثاني قيام يحرسونهم ، فإذا رفعوا رءوسهم سجد الصف الثاني والصف الأول قعود يحرسونهم ، فإذا رفعوا رءوسهم سجد الإمام السجدة الثانية وسجد معه الصف الأول والصف الثاني قعود يحرسونهم ، فإذا رفعوا رءوسهم تأخر الصف الأول وتقدم الصف الثاني فيصلي بهم الركعة الثانية بهذه الصفة أيضا ، فإذا قعد وسلم سلموا معه . فإن كان العدو بإزاء القبلة
وعند الشافعي لا تجوز إلا بهذه الصفة واحتجا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة الخوف هكذا وابن أبي ليلى بعسفان عند استقبال العدو القبلة ولأنه ليس في هذه الصلاة بهذه الصفة ذهابا ومجيئا واستدبار القبلة وأنها أفعال منافية للصلاة في الأصل فيجب اعتبارها ما أمكن ونحن نقول كل ذلك جائز والأفضل أن يصلي على نحو ما يصلي أن لو كان العدو مستدبر القبلة ; لأنه موافق لظاهر الآية قال الله تعالى { فلتقم طائفة منهم معك } وقال { ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك } أمر بجعل الناس طائفتين ولأن الحراسة بهذا الوجه أبلغ ; لأن الطائفة الثانية لم يكونوا يشاركونهم في الصلاة في الركعة الأولى فكانوا أقدر على الحراسة ; ولأن فيما قالا يخالف كل صف إمامهم في سجدة ، ومخالفة الإمام منهية لا تجوز بحال من الأحوال بخلاف المشي واستدبار القبلة فإن ذلك جائز بحال ، فإن من سبقه الحدث يستدبر القبلة ويمشي عندنا ، وعند المتطوع على الدابة يصلي أينما توجهت الدابة ، ثم لا شك أن الطائفة الأولى لا يقرءون في الركعة الثانية ; لأنهم أدركوا أول الصلاة وعجزوا عن الإتمام لمعنى من المعاني فصار كالنائم ومن سبقه الحدث فذهب وتوضأ وجاء ، ولا شك أيضا أن الطائفة الثانية يقرءون ; لأنهم مسبوقون فيقضون بقراءة هذا الذي ذكرنا في ذوات الأربع أو ذوات ركعتين . الشافعي
وأما ، وقال في المغرب فيصلي بالطائفة الأولى ركعتين وبالثانية الركعة الثالثة : يصلي بالطائفة الأولى ركعة وبالثانية ركعتين ، وقال سفيان الثوري : هو بالخيار . الشافعي
وجه قول سفيان إن فرض القراءة في الركعتين الأوليين فينبغي أن يكون لكل طائفة في ذلك حظا وذلك فيما قلنا ، يقول : مراعاة التنصيف غير ممكن فإن شاء صلى بهؤلاء ركعتين وإن شاء صلى بأولئك ، ولنا أن التنصيف واجب وقد تعذر ههنا وكان تفويت التنصيف على الطائفة الثانية أولى ; لأنه لا تفويت قصدا بل حكما لإيفاء حق الطائفة الأولى ; لأنه يجب على الإمام أن يصلي بهم ركعة ونصفا لتتحقق المعادلة في القسمة فشرع في الركعة الثانية قضاء لحقهم إلا أنها لا تتجزأ فيجب عليه إتمامها ، فأما لو صلى بالطائفة الأولى ركعة وبالثانية ركعتين فقد فوت التنصيف على الطائفة الأولى قصدا لا حكما لإيفاء حقهم ; لأنه لم يشتغل بعد بإيفاء حق الثانية ، ومعلوم أن تفويت الحق حكما دون تفويته قصدا ; لذلك كان الأمر على ما وصفنا والله أعلم . والشافعي
ثم الطائفة الأولى تقضي الركعة الثانية بغير قراءة ; لأنهم لاحقون والطائفة الثانية يصلون الركعتين الأوليين بغير قراءة ويقعدون بينهما وبعدهما كما يفعل المسبوق بركعتين في المغرب .