( فصل ) :
والكلام في صلاة الخوف .
في مواضع ، في بيان شرعيتها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي بيان قدرها ، وفي بيان كيفيتها ، وفي بيان شرائط جوازها .
أما الأول بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول فصلاة الخوف مشروعة أبي حنيفة وهو قول ومحمد الأول ، وقال أبي يوسف لا تجوز وهو قول الحسن بن زياد الآخر ، واحتجا بقوله تعالى { أبي يوسف وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك } الآية جوز صلاة الخوف بشرط كون الرسول فيهم فإذا خرج من الدنيا انعدمت الشرطية ولأن الجواز حال حياته ثبت مع المنافي لما فيها من أعمال كثيرة ليست من الصلاة وهي الذهاب والمجيء ولا بقاء للشيء مع ما ينافيه إلا أن الشرع أسقط اعتبار المنافي [ ص: 243 ] حال حياة النبي صلى الله عليه وسلم لحاجة الناس إلى استدراك فضيلة الصلاة خلفه وهذا المعنى منعدم في زماننا فوجب اعتبار المنافي فيصلي كل طائفة بإمام على حدة ، ولأبي حنيفة إجماع الصحابة رضي الله عنهم على جوازها فإنه روي عن ومحمد رضي الله عنه أنه صلى صلاة الخوف وروي عن علي أنه صلى صلاة الخوف أبي موسى الأشعري بأصبهان ، كان يحارب وسعيد بن العاص المجوس بطبرستان ومعه جماعة من الصحابة منهم الحسن وحذيفة رضي الله عنهم فقال : أيكم شهد صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وعبد الله بن عمرو بن العاص : أنا ، فقام وصلى بهم صلاة الخوف على نحو ما يقوله فانعقد إجماع الصحابة على الجواز وبه تبين أن ما ذكرا من المعنى غير سديد لخروجه عن معارضة الإجماع مع أن ذلك ترك الواجب وهو ترك المشي في الصلاة لإحراز الفضيلة وذا لا يجوز على أن الحاجة إلى استدراك الفضيلة قائمة ; لأن كل طائفة يحتاجون إلى الصلاة خلف أفضلهم وإلى إحراز فضيلة تكثير الجماعة ; ولأن الأصل في الشرع أن يكون عاما في الأوقات كلها إلا إذا قام دليل التخصيص ، وإحراز الفضيلة لا يصلح مخصصا ; لما بينا . حذيفة
وأما الآية فليس فيها أنه إذا لم يكن الرسول فيهم لا تجوز فكان تعليقا بالسكوت وأنه غير صحيح .