وأما فهو ثبوت الأمن للكفرة ; لأن لفظ الأمان يدل عليه ، وهو قوله : أمنت فثبت الأمن لهم عن القتل والسبي والاستغنام ، فيحرم على المسلمين قتل رجالهم ، وسبي نسائهم وذراريهم ، واستغنام أموالهم وأما صفته فهو أنه عقد غير لازم ، حتى حكم الأمان ، ينقض ; لأن جوازه مع أنه يتضمن ترك القتال المفروض ، كان للمصلحة ، فإذا صارت المصلحة في النقض نقض . لو رأى الإمام المصلحة في النقض
وأما بيان فالأمر فيه لا يخلو من أحد وجهين ، إما أن كان الأمان مطلقا ، وإما أن كان مؤقتا إلى وقت معلوم فإن كان مطلقا فانتقاضه يكون بطريقين ، أحدهما : نقض الإمام ، فإذا نقض الإمام انتقض ، لكن ينبغي أن يخبرهم بالنقض ، ثم يقاتلهم لئلا يكون منهم غدر في العهد . ما ينتقض به الأمان
والثاني : أن يجيء أهل الحصن بالأمان فينقض ، وإذا جاءوا الإمام بالأمان ينبغي أن يدعوهم إلى الإسلام ، فإن أبوا فإلى الذمة ، فإن أبوا ردهم إلى مأمنهم ، ثم قاتلهم احترازا عن الغدر ، فإن أبوا الإسلام والجزية ، وأبوا أن يلحقوا بمأمنهم ، فإن الإمام يؤجلهم على ما يرى فإن رجعوا إلى مأمنهم في الأجل المضروب ، وإلا صاروا ذمة لا يمكنون بعد ذلك أن يرجعوا إلى مأمنهم ; لأن مقامهم بعد الأجل المضروب التزام الذمة دلالة ، وإن كان الأمان مؤقتا إلى وقت معلوم ينتهي بمضي الوقت من غير الحاجة إلى النقض ، ولهم أن يقاتلوهم إلا إذا دخل واحد منهم دار الإسلام ، فمضى الوقت ، وهو فيه ، فهو آمن حتى يرجع إلى مأمنه ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم .