التاسعة ثلاثة بنين وأوصى بأن يكون الموصى له رابعا معهم ، وهذا هو معنى قوله عند أوصى بنصيب أحدهم ، وعندنا يكون قد أوصى بالثلث لأنهم ثلاثة ، وكذلك عندنا في جميع الورثة إذا أوصى بمثل نصيبه إنما يعطى ما كان يعطاه الوارث قبل الوصية ، الشافعي يجعله وارثا آخر معهم فيحصل له الربع مثلا في وصية فيها ثلاثة بنين ، أما إذا قال يكون معهم رابعا يحصل الاتفاق على الربع ، فإذا أوصى مع ذلك لآخر بعشر ما تبقى من ماله بعد النصيب فتجعل التركة مالا بمعنى شيء لا بمعنى أنه مجذور ، وتخرج منه نصيبا يبقى مال إلا نصيبا ، يخرج من الباقي عشره لوصية العشر ، تبقى تسعة أعشار مال إلا تسعة أعشار نصيب يعدل نصيب البنين تجبره بتسعة أعشار نصيب ، وتزيد مثل ذلك على المعادل له يصير تسعة أعشار مال تعدل ثلاثة أنصباء وتسعة أعشار نصيب ، ثم تجبر المال بتسعة وتزيد على معادله مثل ذلك ، فيصير مالا يعدل أربعة أنصباء وثلثا ، ولما كان المقصود هو معرفة النصيب الواحد دون المال بسطنا الأنصباء أثلاثا والمال أيضا للتسوية ، فتصير ثلاثة تعدل ثلاثة عشر ، ثم تقلب العبارة فتجعل النصيب ثلاثة والمال ثلاثة عشر ، فيتعين النصيب الموصى به ثلاثة ، والتركة ثلاثة عشر ، فيخرج النصيب يبقى عشرة ، يخرج عشرها للوصية الثانية ، تبقى تسعة ، لكل ابن ثلاثة مثل الموصى له ، ويحتاج لتعليل القلب في [ ص: 199 ] العبارة ، لأن ظاهر أمرنا فيه التحكم فنقول : لو قسمنا ثلاثة عشر على ثلاثة خرج أربعة وثلث . والشافعي
ولنا قاعدة مبرهنة أن نسبة الواحد أبدا إلى الخارج بالقسمة كنسبة المقسوم عليه إلى المقسوم ، فتكون نسبة الواحد إلى الخارج هاهنا نسبة الربع وثلث الربع ، فيكون المقسوم عليه ربع المقسوم وثلث ربعه ، لكن المقسوم هاهنا أنصباء ، فيكون الواحد نصيبا ، فتكون نسبة النصيب الواحد من الأنصباء الخارجة بالقسمة كنسبة المقسوم عليه للمقسوم ، فيكون النصيب الواحد مماثلا للمقسوم عليه الذي هو جملة المال في النسبة ، وجملة الأنصباء مماثلة للخارج بالقسمة في النسبة ، فلنا أن نقيم أحد المتماثلين مقام الآخر فنقيم النصيب الواحد مقام المال وهو ثلاثة ، ونقيم المقسوم الذي هو ثلاثة عشر مقام الخارج بالقسمة الذي هو أربعة وثلث ، فنقول : النصيب ثلاثة والمال ثلاثة عشر .
فهذا وجه القلب والتحويل وهو من السرار علم النسبة وهو علم جليل أعظم من علم الحساب ، أو نقول : المطلوب من هذا إنما هو النسبة فإن الجهالة إنما وقعت فيها ، والواحد مع الخارج بالقسمة مساويان في النسبة للمقسوم عليه الذي هو المال ، والمقسوم الذي هو جملة الأنصباء ، فمخرج الجزأين مساو لمخرج الجزأين في النسبة بينهما ، فلنا أن نقيم أي مجموع شيئا مقام الآخر عملا بالتماثل في النسبة فنقيم الواحد مقام المال ونقيم الخارج بالقسمة مقام الأنصباء ، لكن الخارج بالقسمة مساو للمال فلا فرق بينهما ، فيكون كلامنا في النصيب الواحد والمال ككلامنا في المال وجملة الأنصباء ، ويبقى اسم العدد على حاله ، لأنه قد وقعت النسبة .
هذا إذا كانت القسمة على أكثر من مال حتى يكون الخارج بالقسمة أقل من المقسوم ، أما على مال واحد ، ولا قسمة على الواحد ، يخرج جملة المقسوم ، والجملة واحدة ، والمقسوم عليه واحد ، والخارج بالقسمة واحد ، ونسبة الواحد للواحد كنسبة الواحد للواحد نسبة التماثل ، فقد حصل التساوي في [ ص: 200 ] النسبة أيضا ، فيحصل المقصود من صحة إقامة كل واحد من هذين الجزأين مقام الجزأين الآخرين بعين ما ذكرناه .
العاشرة : فلبعضهم طريق سهل أن يقيم مخرج الثلث ثلاثة ، ويضربها في ثلاثة لاحتياجه لثلث الثلث تبلغ تسعة تحط منها سهما واحدا أبدا ومن عدد البنين اثنين أبدا ، وتقسم باقي التسعة على من بقي من الورثة وهو واحد ، فيحصل له الثمانية وهو النصيب المطلوب ، فيكون ثلث ثلث المال ثمانية وثلاثة ، فجملة المال ثلاثة وثلاثون ومنه تصح ، وتعليله أن ضرب ثلاثة في ثلاثة لذكره ثلث الثلث تطلب عددا كذلك وأقله تسعة ، ولو قال ربع ثلث ضربت أربعة في ثلاثة ، أو خمس الثلث ضربت خمسة في ثلاثة لتحصيل الكسر المسمى ، وأسقط من المتحصل واحدا واحدا لعلمه بأنه أوصى بواحد من التسعة وهو ثلث الثلث فأخرجه ، إذ لا بد من إخراجه ، واقسم الباقي على الباقي من البنين دون الوصايا لتعين إعراضه عن الموصى به حتى لو أوصى بثلثي ما يبقى من الثلث ألقي من المتحصل سهمان ، وكذلك كلما زاد عدد الموصى به زاد الذي نسقطه على نسبته ، وكذلك لو أوصى بثلاثة أرباع الثلث أسقط بعد الضرب ثلاثة ، وإنما أسقط من عدد الورثة اثنين لأنه قصد أن يجر بالعمل لما عدا الوصايا وما يماثلها ، وهو كل واحد ممن أوصي له بأن يكون زائدا في عدد الورثة ، لكنه لم يعمم ذلك ، بل اقتصر على اثنين من الأبناء بسبب أن المسألة مفروضة في أن الوصيتين في الثلث ، فيكون أجزاء المال ثلاثة لأجل ذكر الثلث ، الوصيتان من أحد الأثلاث ، فإذا أخرجا أحد الأبناء من الثلثين الآخرين نصيبين لاثنين فلذلك أسقطنا ابنين فقط ، لأن القصد قصر العمل في غير الوصايا وما يتبعها للتسهيل ، فلو فرضنا الوصية بثلث ما يبقى من الربع فيكون النصيب في الربع ، فيكون في المال أربعة أنصباء ، واحد للموصى له وثلاثة للبنين الثلاثة ، فتسقط من هذه المسألة ثلاثة لما ذكرناه . ثلاثة بنين وأوصى بأن يكون أجنبي رابعا معهم ، ولآخر بثلث ما بقي من الثلث بعد الوصية الأولى
والضابط أنا نسقط من عدد البنين أو الورثة أقل من أجزاء المال بواحد أبدا ، [ ص: 201 ] فإن كانت الوصية في الخمس أسقطنا أربعة ، أو السدس أسقطنا خمسة ، وإذا أعرضنا عن الوصايا ، وما يتبعها فضل معنا الأجزاء الكائنة في كل ثلث مع النصيب ، وهي في المسألة المفروضة ثمانية ; لأن الثلاثة التي في ثلث الوصية ذهب منها واحد للموصى له بثلث الثلث ، وهو الواحد الذي أسقطناه من التسعة ، بقي اثنان مع ستة في الثلثين الآخرين ، تكون ثمانية هي نصيب الوارث ، وهو الولد الثالث لإسقاطنا ما يستحق غيره ، فأسقطنا ثلاثة أيضا من الثلاثة أثلاث لإسقاطنا ابنين مع الوصايا ، فإن الوارث الفاضل بعد الإسقاط أكثر من واحد ، قسمنا الفاضل بينهما ، فما ناب الوارث الواحد كيف كان واحدا أو أكثر فهو مماثل للنصيب الموصى به ; لأن المجهول يتبع المعلوم .
ولما كان نصيب الوارث الحاصل له في هذه المسألة ثمانية علمنا أن النصيب ثمانية ، فتضم إليها ثلاثة لأجل الوصية الثانية بثلث الثلث ، فيكون الثلث أحد عشر ، فيكون المال ثلاثة وثلاثين ، وهي طريقة سهلة لاستخراج المجهولات على اختلاف أنواع الكسور الموصي بها ، ولها شرط واحد وهو استواء أنصباء الورثة ، أو يختلف ، ويمكن أن تجعل كل اثنين منهم وثلاثة بمنزلة واحد لتستوي السهام ، ثم تضرب المسألة بعد ذلك في عدد أولئك الورثة الذين جعلناهم كوارث ، ومنها تصح .
وتحرير هذه الطريقة أن تضرب مخرج الجزء الموصى به ثانيا في مخرج الجزء من المال الذي جعلت الوصايا فيه ، وتسقط من المتحصل عدد أجزاء الوصية الثانية أبدا ، ثم تسقط من عدد الورثة بعدد أجزاء المال إلا واحدا أبدا ، والفاضل من المضروب المتحصل من الضرب تقسمه على باقي الورثة واحدا كان أو أكثر ، فما ناب الواحد منهم فهو مساو للنصيب ، رد عليه العدد الذي تخرج منه الوصية الثانية يكون الجميع ثلث المال ، اضربه في ثلاثة يخرج جملة المال .