nindex.php?page=treesubj&link=28982 ( nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=35أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا بريء مما تجرمون ) اختلف المفسرون في هذه الآية ، فقال
مقاتل وغيره : هي معترضة في قصة
نوح حكاية لقول مشركي
مكة في تكذيب هذه القصص الذي تقدم الرد عليه في الآية الثالثة عشرة من هذه السورة وقال الجمهور : إنها من قصة
نوح لا مقتضى لاعتراضها في وسطها وهو مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه وفيه أن مثل هذه الجمل الاعتراضية معهود في القرآن كآيتي الوصية بالوالدين في أثناء موعظة
لقمان بعد نهيه عن الشرك من سورته وهما : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14ووصينا الإنسان بوالديه ) ( 31 : 14 ) إلى آخر الآية ، وبعدها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=16يا بني إنها إن تك مثقال حبة ) ( 16 إلخ ) وكذلك الآيات ( 53 - 55 ) ( ( من سورة طه 20 ) ) قالوا : إنها معترضة في المحاورة بين
موسى - عليه السلام -
وفرعون عليه اللعنة .
nindex.php?page=treesubj&link=28914وللجمل والآيات المعترضة في القرآن حكم وفوائد يقتضيها تلوين الخطاب لتنبيه الأذهان ، ومنع السآمة وتجديد النشاط في الانتقال ، والتشويق إلى سماع بقية الكلام ; فمن المتوقع هنا أن يخطر في بال المشركين عند سماع ما تقدم من هذه القصة أنها مفتراة كما زعموا ، لاستغرابهم هذا السبك في الجدال والقوة في الاحتجاج ، وأن يصدهم هذا عن استماع ، فيكون إيراد هذه الآية تجديدا للرد عليهم ولنشاطهم ، وأعظم بوقعها في قلوبهم إذا كان هذا الخاطر عرض لهم عند سماع
[ ص: 61 ] ما تقدم من القصة ، فما قاله مقاتل : له وجه وجيه من وجهة الأسلوب الخاص بالقرآن ، وهو أقرب إلى تعبيرها عن الإنكار بـ ( ( يقولون ) ) وعن الرد عليهم بـ ( ( قل ) ) الدالين على الحال ، وأبعد عن سياق حكي كله بفعل الماضي من الجانبين ( ( قالوا : قال ) ) وهو سياق قصة
نوح - عليه السلام - ، ولكنه ليس قطعيا في الأول ، وإنما هو الأرجح عندي وعليه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، ومقابله ضعيف وهو لجمهور المفسرين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=35أم يقولون افتراه ) أي أم يقول مشركو
مكة : إن
محمدا - صلى الله عليه وسلم - قد افترى هذا الذي يحكيه من قصة
نوح ، أو يقول
نوح : إنه افترى هذا الذي وعدنا به من العذاب (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=35قل إن افتريته فعلي إجرامي ) أي إن كنت افتريته على الله عز وجل فرضا فهو إجرام عظيم علي إثمه وعقابه من دونكم ; ( إذ الإجرام : الفعل القبيح الضار الذي يستحق فاعله العقاب ، من الجرم الذي هو قطع الثمر قبل بدو صلاحه الذي يجعله منتفعا به كما سبق في آيات أخرى ) ومن كان يؤمن أن هذا إجرام يعاقب عليه فما الذي يحمله على اقترافه (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=35وأنا بريء مما تجرمون ) لأن حكم الله العدل أن يجزي كل امرئ بعمله ولا تزر وازرة وزر أخرى ولها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ( 2 : 286 ) وتقدم هذا المعنى بما هو أعم مما هنا وهو : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=41وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون ) ( 10 : 41 ) وقد أثبت عليهم الإجرام هنا ; ومنه - أو أشده - تكذيبه ووصفه بالافتراء على الله - عز وجل - وهذا الأسلوب من
nindex.php?page=treesubj&link=19154_18253الجدال بالتي هي أحسن يستخفه السمع ، ويقبله الطبع .
nindex.php?page=treesubj&link=28982 ( nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=35أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ ) اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، فَقَالَ
مُقَاتِلٌ وَغَيْرُهُ : هِيَ مُعْتَرِضَةٌ فِي قِصَّةِ
نُوحٍ حِكَايَةً لِقَوْلِ مُشْرِكِي
مَكَّةَ فِي تَكْذِيبِ هَذِهِ الْقِصَصِ الَّذِي تَقَدَّمَ الرَّدُّ عَلَيْهِ فِي الْآيَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَقَالَ الْجُمْهُورُ : إِنَّهَا مِنْ قِصَّةِ
نُوحٍ لَا مُقْتَضَى لِاعْتِرَاضِهَا فِي وَسَطِهَا وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِيهِ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْجُمَلِ الِاعْتِرَاضِيَّةِ مَعْهُودٌ فِي الْقُرْآنِ كَآيَتَيِ الْوَصِيَّةِ بِالْوَالِدَيْنِ فِي أَثْنَاءِ مَوْعِظَةِ
لُقْمَانَ بَعْدَ نَهْيِهِ عَنِ الشِّرْكِ مِنْ سُورَتِهِ وَهُمَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=14وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ ) ( 31 : 14 ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، وَبَعْدَهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=16يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ ) ( 16 إِلَخْ ) وَكَذَلِكَ الْآيَاتُ ( 53 - 55 ) ( ( مِنْ سُورَةِ طه 20 ) ) قَالُوا : إِنَّهَا مُعْتَرِضَةٌ فِي الْمُحَاوَرَةِ بَيْنَ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -
وَفِرْعَوْنَ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ .
nindex.php?page=treesubj&link=28914وَلِلْجُمَلِ وَالْآيَاتِ الْمُعْتَرِضَةِ فِي الْقُرْآنِ حِكَمٌ وَفَوَائِدُ يَقْتَضِيهَا تَلْوِينُ الْخِطَابِ لِتَنْبِيهِ الْأَذْهَانِ ، وَمَنْعِ السَّآمَةِ وَتَجْدِيدِ النَّشَاطِ فِي الِانْتِقَالِ ، وَالتَّشْوِيقِ إِلَى سَمَاعِ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ ; فَمِنَ الْمُتَوَقَّعِ هُنَا أَنْ يَخْطُرَ فِي بَالِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ سَمَاعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّهَا مُفْتَرَاةٌ كَمَا زَعَمُوا ، لِاسْتِغْرَابِهِمْ هَذَا السَّبْكَ فِي الْجِدَالِ وَالْقُوَّةَ فِي الِاحْتِجَاجِ ، وَأَنْ يَصُدَّهُمْ هَذَا عَنِ اسْتِمَاعٍ ، فَيَكُونَ إِيرَادُ هَذِهِ الْآيَةِ تَجْدِيدًا لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَلِنَشَاطِهِمْ ، وَأَعْظِمْ بِوَقْعِهَا فِي قُلُوبِهِمْ إِذَا كَانَ هَذَا الْخَاطِرُ عَرَضَ لَهُمْ عِنْدَ سَمَاعِ
[ ص: 61 ] مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقِصَّةِ ، فَمَا قَالَهُ مُقَاتِلٌ : لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ مِنْ وِجْهَةِ الْأُسْلُوبِ الْخَاصِّ بِالْقُرْآنِ ، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى تَعْبِيرِهَا عَنِ الْإِنْكَارِ بِـ ( ( يَقُولُونَ ) ) وَعَنِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ بِـ ( ( قُلْ ) ) الدَّالَّيْنِ عَلَى الْحَالِ ، وَأَبْعَدُ عَنْ سِيَاقٍ حُكِيَ كُلُّهُ بِفِعْلِ الْمَاضِي مِنَ الْجَانِبَيْنِ ( ( قَالُوا : قَالَ ) ) وَهُوَ سِيَاقُ قِصَّةِ
نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ قَطْعِيًّا فِي الْأَوَّلِ ، وَإِنَّمَا هُوَ الْأَرْجَحُ عِنْدِي وَعَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ، وَمُقَابِلُهُ ضَعِيفٌ وَهُوَ لِجُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=35أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ) أَيْ أَمْ يَقُولُ مُشْرِكُو
مَكَّةَ : إِنَّ
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِ افْتَرَى هَذَا الَّذِي يَحْكِيهِ مِنْ قِصَّةِ
نُوحٍ ، أَوْ يَقُولُ
نُوحٌ : إِنَّهُ افْتَرَى هَذَا الَّذِي وَعَدَنَا بِهِ مِنَ الْعَذَابِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=35قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي ) أَيْ إِنْ كُنْتُ افْتَرَيْتُهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرْضًا فَهُوَ إِجْرَامٌ عَظِيمٌ عَلَيَّ إِثْمُهُ وَعِقَابُهُ مِنْ دُونِكُمْ ; ( إِذِ الْإِجْرَامُ : الْفِعْلُ الْقَبِيحُ الضَّارُّ الَّذِي يَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ الْعِقَابَ ، مِنَ الْجُرْمِ الَّذِي هُوَ قَطْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بَدُوِّ صَلَاحِهِ الَّذِي يَجْعَلُهُ مُنْتَفَعًا بِهِ كَمَا سَبَقَ فِي آيَاتٍ أُخْرَى ) وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ أَنَّ هَذَا إِجْرَامٌ يُعَاقَبُ عَلَيْهِ فَمَا الَّذِي يَحْمِلُهُ عَلَى اقْتِرَافِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=35وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ ) لِأَنَّ حُكْمَ اللَّهِ الْعَدْلَ أَنْ يَجْزِيَ كُلَّ امْرِئٍ بِعَمَلِهِ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَلَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ( 2 : 286 ) وَتَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا هُنَا وَهُوَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=41وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ) ( 10 : 41 ) وَقَدْ أُثْبِتَ عَلَيْهِمُ الْإِجْرَامُ هُنَا ; وَمِنْهُ - أَوْ أَشَدُّهُ - تَكْذِيبُهُ وَوَصْفُهُ بِالِافْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَهَذَا الْأُسْلُوبُ مِنَ
nindex.php?page=treesubj&link=19154_18253الْجِدَالِ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ يَسْتَخِفُّهُ السَّمْعُ ، وَيَقْبَلُهُ الطَّبْعُ .