nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=32قالوا يانوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=33قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=34ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون
قال
الراغب :
nindex.php?page=treesubj&link=19152الجدال : المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة ، وأصله من جدلت الحبل إذا أحكمت فتله ، ومنه الجديل ( أي الحبل المفتول ) وجدلت البناء أحكمته . ودرع مجدولة ، والأجدل الصقر المحكم البنية ، والمجدل ( كمنبر ) القصر المحكم البناء ، ومنه
[ ص: 59 ] الجدال ، فكأن المتجادلين يفتل كل واحد الآخر على رأيه . وقيل : الأصل في الجدال الصراع وإسقاط الإنسان صاحبه على الجدالة وهي ( بالفتح ) الأرض الصلبة اهـ . وقال
الفيومي في المصباح المنير : جدل الرجل جدلا فهو جدل من باب تعب إذا اشتدت خصومته ، وجادل مجادلة إذا خاصم بما يشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب ، هذا أصله ، ثم استعمل في لسان حملة الشرع في مقابلة الأدلة لظهور أرجحها ، وهو محمود إن كان للوقوف على الحق ، وإلا فمذموم اهـ ، وقد ورد عدة أحاديث وآثار في
nindex.php?page=treesubj&link=19153ذم الجدل والنهي عنه منها : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=920511ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ) ) رواه
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث
أبي أمامة مرفوعا .
nindex.php?page=treesubj&link=28982_33953 ( nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=32قالوا يانوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا ) أي قد خاصمتنا وحاججتنا فأكثرت جدالنا واستقصيت فيه فلم تدع لنا حجة إلا دحضتها ، حتى مللنا وسئمنا ولم يبق عندنا شيء نقوله ، يدل على هذا قوله في سورة نوح : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا ) ( 71 : 5 و 6 إلخ ) . وقوله لهم في التعبير عن هذه الحالة من سورة يونس (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله ) ( 10 : 71 إلخ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=32فأتنا بما تعدنا ) من عذاب الله الدنيوي الذي تخافه علينا ، الأقرب أن يكون المراد به قوله : ( إني
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=26أخاف عليكم عذاب يوم أليم ) ( 26 ) ويجوز أن يكون غيره كما تقدم (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=32إن كنت من الصادقين ) في دعواك أن الله يعاقبنا على عصيانه في الدنيا قبل الآخرة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=33قال إنما يأتيكم به الله إن شاء ) أي إن هذا لله وبيده لا أملكه أنا ، وإنما هو الذي يأتيكم به إن تعلقت مشيئته به في الوقت الذي تقتضيه حكمته ، وهذا بيان للواقع لا شك فيه (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=33وما أنتم بمعجزين ) ولا فائتين له إن أخره لحكمة يعلمها ، فهو متى شاء واقع ما له من دافع ، ونفي الإعجاز مؤكد بالباء .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=34ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم ) النصح تحري الصلاح والخير للمنصوح له والإخلاص فيه قولا وعملا من قولهم : ناصح العسل ، لخالصه المصفى منه ، ونصح له أفصح من نصحه ، والإغواء الإيقاع في الغنى وهو الفساد الحسي والمعنوي ، والمعنى : إن نصحي لكم لا ينفعكم بمجرد إرادتي له فيما أدعوكم إليه ، وإنما يتوقف نفعه على إرادة الله - تعالى - ، وقد مضت سنته - تعالى - بما عرف بالتجارب أن
nindex.php?page=treesubj&link=18245_18246نفع النصح له شرطان أو طرفان ، هما الفاعل للنصح والقابل له ، وإنما يقبله المستعد للرشاد ، ويرفضه من غلب عليه الغي والفساد ، بمقارفة أسبابه من الغرور بالغنى والجاه والكبر ، وهو غمط الحق واحتقار المتكبر لمن يزدري من الناس ، وتعصبه لمن كان عليه الآباء والأجداد واتباع الهوى وحب الشهوات المالنة من طاعة الله ، فمعنى إرادة الله - تعالى - لإغوائهم : اقتضاء سنته فيهم أن
[ ص: 60 ] يكونوا من الغاوين ، لا خلقه للغواية فيهم جزافا أنفا ( بضمتين ) أي ابتداء بغير عمل ولا كسب منهم لأسبابه ، فإن هذا مضاد لمذهب أهل السنة في إثبات خلق الأشياء مقدرة بأقدارها ، ترتبط أسبابها بمسبباتها وفسر
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير يغويكم بيهلككم بعذابه ، وقد ورد الغي بهذا المعنى ، ومنه قوله - تعالى - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فسوف يلقون غيا ) ( 19 : 59 ) وحكي عن
طيء قولهم : أصبح فلان غاويا ، إذا أصبح مريضا ، وأصل الغي فساد الجهاز الهضمي من كثرة الغذاء أو سوئه ، تقول العرب : غوى الفصيل إذا فسد جوفه وبشم من كثرة اللبن ، ثم توسعوا فيه فاستعمل في الفساد المعنوي من الانهماك في الجهل وكل ما ينافي الرشد ، والقرائن هي التي ترجح بعض المعاني على بعض ، وموافقة سنن الله وأقداره شرط في الكل ، وبه يعرف الحق في اختلاف
الأشاعرة والمعتزلة في الآية وأمثالها ، بناء على اختلافهم في إرادة الله - تعالى - لكل من الخير والشر مطلقا ، وتقدم بسط ذلك في مواضع من هذا التفسير .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=34هو ربكم وإليه ترجعون ) أي هو مالك أموركم ومدبرها ومسيرها على سننه المطردة في الدنيا ، ولكل شيء عنده قدر ، ولكل قدر أجل ، وإليه ترجعون في الآخرة فيجزيكم بأعمالكم خيرها وشرها لا يظلم أحدا .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=32قَالُوا يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=33قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=34وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
قَالَ
الرَّاغِبُ :
nindex.php?page=treesubj&link=19152الْجِدَالُ : الْمُفَاوَضَةُ عَلَى سَبِيلِ الْمُنَازَعَةِ وَالْمُغَالَبَةِ ، وَأَصْلُهُ مِنْ جَدَلْتُ الْحَبْلَ إِذَا أَحْكَمْتُ فَتْلَهُ ، وَمِنْهُ الْجَدِيلُ ( أَيِ الْحَبْلُ الْمَفْتُولُ ) وَجَدَلْتُ الْبِنَاءَ أَحْكَمْتُهُ . وَدِرْعٌ مَجْدُولَةٌ ، وَالْأَجْدَلُ الصَّقْرُ الْمُحْكَمُ الْبِنْيَةِ ، وَالْمِجْدَلُ ( كَمِنْبَرٍ ) الْقَصْرُ الْمُحْكَمُ الْبِنَاءِ ، وَمِنْهُ
[ ص: 59 ] الْجِدَالُ ، فَكَأَنَّ الْمُتَجَادِلَيْنِ يَفْتِلُ كُلُّ وَاحِدٍ الْآخَرَ عَلَى رَأْيِهِ . وَقِيلَ : الْأَصْلُ فِي الْجِدَالِ الصِّرَاعُ وَإِسْقَاطُ الْإِنْسَانِ صَاحِبَهُ عَلَى الْجَدَالَةِ وَهِيَ ( بِالْفَتْحِ ) الْأَرْضُ الصُّلْبَةُ اهـ . وَقَالَ
الْفَيُّومِيُّ فِي الْمِصْبَاحِ الْمُنِيرِ : جَدَلَ الرَّجُلُ جَدَلًا فَهُوَ جَدِلٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ إِذَا اشْتَدَّتْ خُصُومَتُهُ ، وَجَادَلَ مُجَادَلَةً إِذَا خَاصَمَ بِمَا يَشْغَلُ عَنْ ظُهُورِ الْحَقِّ وَوُضُوحِ الصَّوَابِ ، هَذَا أَصْلُهُ ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ فِي مُقَابَلَةِ الْأَدِلَّةِ لِظُهُورِ أَرْجَحِهَا ، وَهُوَ مَحْمُودٌ إِنْ كَانَ لِلْوُقُوفِ عَلَى الْحَقِّ ، وَإِلَّا فَمَذْمُومٌ اهـ ، وَقَدْ وَرَدَ عِدَّةُ أَحَادِيثَ وَآثَارٍ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=19153ذَمِّ الْجَدَلِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ مِنْهَا : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=920511مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ ) ) رَوَاهُ
أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا .
nindex.php?page=treesubj&link=28982_33953 ( nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=32قَالُوا يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا ) أَيْ قَدْ خَاصَمْتَنَا وَحَاجَجْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا وَاسْتَقْصَيْتَ فِيهِ فَلَمْ تَدَعْ لَنَا حُجَّةً إِلَّا دَحَضْتَهَا ، حَتَّى مَلِلْنَا وَسَئِمْنَا وَلَمْ يَبْقَ عِنْدَنَا شَيْءٌ نَقُولُهُ ، يَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ فِي سُورَةِ نُوحٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=5قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا ) ( 71 : 5 و 6 إِلَخْ ) . وَقَوْلُهُ لَهُمْ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ سُورَةِ يُونُسَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=71يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ ) ( 10 : 71 إِلَخْ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=32فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ) مِنْ عَذَابِ اللَّهِ الدُّنْيَوِيِّ الَّذِي تَخَافُهُ عَلَيْنَا ، الْأَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ قَوْلُهُ : ( إِنِّي
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=26أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ) ( 26 ) وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=32إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) فِي دَعْوَاكَ أَنَّ اللَّهَ يُعَاقِبُنَا عَلَى عِصْيَانِهِ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=33قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ ) أَيْ إِنَّ هَذَا لِلَّهِ وَبِيَدِهِ لَا أَمْلِكُهُ أَنَا ، وَإِنَّمَا هُوَ الَّذِي يَأْتِيكُمْ بِهِ إِنْ تَعَلَّقَتْ مَشِيئَتُهُ بِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ حِكْمَتُهُ ، وَهَذَا بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ لَا شَكَّ فِيهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=33وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ) وَلَا فَائِتِينَ لَهُ إِنْ أَخَّرَهُ لِحِكْمَةٍ يَعْلَمُهَا ، فَهُوَ مَتَى شَاءَ وَاقِعٌ مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ ، وَنَفِيُ الْإِعْجَازِ مُؤَكَّدٌ بِالْبَاءِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=34وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ) النُّصْحُ تَحَرِّي الصَّلَاحِ وَالْخَيْرِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ وَالْإِخْلَاصِ فِيهِ قَوْلًا وَعَمَلًا مِنْ قَوْلِهِمْ : نَاصِحُ الْعَسَلِ ، لِخَالِصِهِ الْمُصَفَّى مِنْهُ ، وَنَصَحَ لَهُ أَفْصَحُ مِنْ نَصَحَهُ ، وَالْإِغْوَاءُ الْإِيقَاعُ فِي الْغِنَى وَهُوَ الْفَسَادُ الْحِسِّيُّ وَالْمَعْنَوِيُّ ، وَالْمَعْنَى : إِنَّ نُصْحِي لَكُمْ لَا يَنْفَعُكُمْ بِمُجَرَّدِ إِرَادَتِي لَهُ فِيمَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ ، وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ نَفْعُهُ عَلَى إِرَادَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - ، وَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُهُ - تَعَالَى - بِمَا عُرِفَ بِالتَّجَارِبِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18245_18246نَفْعَ النُّصْحِ لَهُ شَرْطَانِ أَوْ طَرَفَانِ ، هُمَا الْفَاعِلُ لِلنُّصْحِ وَالْقَابِلُ لَهُ ، وَإِنَّمَا يَقْبَلُهُ الْمُسْتَعِدُّ لِلرَّشَادِ ، وَيَرْفُضُهُ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْغَيُّ وَالْفَسَادُ ، بِمُقَارَفَةِ أَسْبَابِهِ مِنَ الْغُرُورِ بِالْغِنَى وَالْجَاهِ وَالْكِبْرِ ، وَهُوَ غَمْطُ الْحَقِّ وَاحْتِقَارُ الْمُتَكَبِّرِ لِمَنْ يَزْدَرِي مِنَ النَّاسِ ، وَتَعَصُّبُهُ لِمَنْ كَانَ عَلَيْهِ الْآبَاءُ وَالْأَجْدَادُ وَاتِّبَاعُ الْهَوَى وَحُبُّ الشَّهَوَاتِ الْمَالِنَةِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ ، فَمَعْنَى إِرَادَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - لِإِغْوَائِهِمُ : اقْتِضَاءُ سُنَّتِهِ فِيهِمْ أَنْ
[ ص: 60 ] يَكُونُوا مِنَ الْغَاوِينَ ، لَا خَلْقُهُ لِلْغَوَايَةِ فِيهِمْ جُزَافًا أَنُفًا ( بِضَمَّتَيْنِ ) أَيِ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ عَمَلٍ وَلَا كَسْبٍ مِنْهُمْ لِأَسْبَابِهِ ، فَإِنَّ هَذَا مُضَادٌّ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي إِثْبَاتِ خَلْقِ الْأَشْيَاءِ مُقَدَّرَةً بِأَقْدَارِهَا ، تَرْتَبِطُ أَسْبَابُهَا بِمُسَبَّبَاتِهَا وَفَسَّرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ يُغْوِيَكُمْ بِيُهْلِكَكُمْ بِعَذَابِهِ ، وَقَدْ وَرَدَ الْغَيُّ بِهَذَا الْمَعْنَى ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيًّا ) ( 19 : 59 ) وَحُكِيَ عَنْ
طِيِّءٍ قَوْلُهُمْ : أَصْبَحَ فُلَانٌ غَاوِيًا ، إِذَا أَصْبَحَ مَرِيضًا ، وَأَصْلُ الْغَيِّ فَسَادُ الْجِهَازِ الْهَضْمِيِّ مِنْ كَثْرَةِ الْغِذَاءِ أَوْ سُوئِهِ ، تَقُولُ الْعَرَبُ : غَوَى الْفَصِيلُ إِذَا فَسَدَ جَوْفُهُ وَبَشِمَ مِنْ كَثْرَةِ اللَّبَنِ ، ثُمَّ تَوَسَّعُوا فِيهِ فَاسْتُعْمِلَ فِي الْفَسَادِ الْمَعْنَوِيِّ مِنَ الِانْهِمَاكِ فِي الْجَهْلِ وَكُلِّ مَا يُنَافِي الرُّشْدِ ، وَالْقَرَائِنُ هِيَ الَّتِي تُرَجِّحُ بَعْضَ الْمَعَانِي عَلَى بَعْضٍ ، وَمُوَافَقَةُ سُنَنِ اللَّهِ وَأَقْدَارِهِ شَرْطٌ فِي الْكُلِّ ، وَبِهِ يُعْرَفُ الْحَقُّ فِي اخْتِلَافِ
الْأَشَاعِرَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ فِي الْآيَةِ وَأَمْثَالِهَا ، بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي إِرَادَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - لِكُلٍّ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ مُطْلَقًا ، وَتَقَدَّمَ بَسْطُ ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=34هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) أَيْ هُوَ مَالِكُ أُمُورِكُمْ وَمُدَبِّرُهَا وَمُسَيِّرُهَا عَلَى سُنَنِهِ الْمُطَّرِدَةِ فِي الدُّنْيَا ، وَلِكُلِّ شَيْءٍ عِنْدَهُ قَدَرٌ ، وَلِكُلِّ قَدَرٍ أَجَلٌ ، وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فِي الْآخِرَةِ فَيَجْزِيَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ خَيْرِهَا وَشَرِّهَا لَا يَظْلِمُ أَحَدًا .