ونختم تفسير الآيتين بتحقيق مسألتين ذكرتا في تفسيرهما المأثور ولم نر أحدا حققهما : ( الأول ما ورد في
nindex.php?page=treesubj&link=32390_32388كتابة الآيتين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكونهما آخر ما نزل )
إن معنى هاتين الآيتين لا يظهر إلا في دعوته - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام
بمكة [ ص: 74 ] في أول زمن البعثة . وقد ذكرت في الكلام على هذه السورة قبل البدء بتفسيرها أن
ابن أبي الفرس قال : إنهما مكيتان ، وأنه يرد قوله ما ورد من أنهما آخر ما نزل من القرآن ، ثم ذكرت هنالك أصح ما ورد في آخر ما نزل من القرآن وهو غير هاتين الآيتين .
وأقول الآن : إن قول
ابن أبي الفرس هو الوجيه من جانب المعنى ، فهو يؤيد الرواية وأما القول بأنهما
nindex.php?page=treesubj&link=28864_32273آخر ما نزل فقد أخرج في بعض المسانيد والتفاسير المأثورة عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب بألفاظ متقاربة ( منها ) عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عنه : أن آخر آية نزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي لفظ أن آخر ما أنزل من القرآن (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) إلخ الآية ( ومنها ) عن
الحسن عنه أنه كان يقول : إن أحدث القرآن عهدا بالله - وفي لفظ بالسماء - هاتان الآيتان (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) إلى آخر السورة ( ومنها ) من طريق
أبي العالية عنه أنهم جمعوا القرآن في مصحف في خلافة
أبي بكر ، فكان رجال يكتبون ويمل عليهم
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب حتى انتهوا إلى هذه الآية 127 من سورة براءة (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=127ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون ) فظنوا أن هذا آخر ما نزل من القرآن فقال
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أقرأني بعد هذا آيتين " (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم ) " إلى " (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129رب العرش العظيم ) " قال : فختم الأمر بما فتح به : بلا إله إلا الله ا هـ ، وهو صريح في أنهما آخر ما نزل من هذه السورة لا من القرآن مطلقا إلا إذا صح أن سورة براءة آخر سورة نزلت ، والصحيح في الرواية أن آخر ما نزل من السور سورة النصر ، ومن الآيات (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ) ( 2 : 281 ) كما تقدم في محله .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت في جمع القرآن المكتوب الذي كان متفرقا في عهد
أبي بكر عند
ابن سعد وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وغيرهم - أنه قال : حتى
nindex.php?page=treesubj&link=31599وجدت من سورة التوبة آيتين مع nindex.php?page=showalam&ids=2546خزيمة بن ثابت الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) إلى آخرهما ا هـ . والمراد أنه لم يجدهما مكتوبتين عندما جمع المكتوب في الرقاع والأكتاف والعسب في هذه السورة إلا عند
خزيمة ، وفي رواية في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره عند
أبي خزيمة وهي أرجح كما سيأتي ، إلا أن تكونا وجدتا عند كل منهما وكانتا محفوظتين معروفتين للكثيرين كما صرح به في الروايات الأخرى ، فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق وأحمد وابن أبي داود في المصاحف عن
nindex.php?page=showalam&ids=16288عباد بن عبد الله بن الزبير قال : أتى
الحارث بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر براءة (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129وهو رب العرش العظيم ) إلى
عمر فقال من معك على هذا ؟ فقال : لا أدري والله إلا أني أشهد لسمعتهما من
[ ص: 75 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووعيتهما وحفظتهما ، فقال
عمر : وأنا أشهد لسمعتهما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة ، فانظروا سورة من القرآن فألحقوها بها ، فألحقت في آخر براءة ، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ أن رجلا من
الأنصار جاء بهما
عمر ، فقال : لا أسألك عليها بينة أبدا كذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها .
وأخرج
ابن أبي داود في المصاحف
nindex.php?page=treesubj&link=32391_31599أن nindex.php?page=showalam&ids=2546خزيمة بن ثابت جاء عثمان حين تصدى لكتابة القرآن بعد مقتل
عمر فقال : إني رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما ، فقالوا ما هما ؟ قال تلقيت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم ) إلى آخر السورة . فقال
عثمان : وأنا أشهد أنهما من عند الله فأين ترى أن نجعلهما ؟ قال اختم بهما آخر ما نزلت من القرآن فختمت بهما براءة .
فيؤخذ من مجموع الروايات أن الآيتين كانتا محفوظتين مشهورتين إلا أنهم اختلفوا في موضعهما ، ففي بعضها أنهما آخر سورة براءة بالتوقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي بعضها أنهما وضعتا بالرأي والاجتهاد ، والمعتمد الأول قطعا لأن من حفظ التوقيف حجة على من لم يحفظ . والظاهر أن سبب الاختلاف في موضعهما أن موضوعهما يدل على أنهما مكيتان . ولم تصح لجماعة جامعي المصحف رواية بكتابتهما في إحدى السور المكية ولكن وجدتا عند أبي خزيمة مكتوبتين في آخر براءة . وفي الصحيح أن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت nindex.php?page=treesubj&link=31618_31619الذي كان يكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي أمره
أبو بكر بجمع القرآن مع آخرين ، وكان
عمر يحضرهم وهم يكتبون قال : فوجدت آخر براءة مع
nindex.php?page=showalam&ids=2546خزيمة بن ثابت أو
أبي خزيمة . بالشك وهو من الراوي لا من
زيد ، وفي رواية عنه مع
خزيمة والتحقيق الذي قرره
الحافظ ابن حجر أن آخر التوبة وجد عند
أبي خزيمة ، وأما الذي وجد مع
خزيمة فهو آية الأحزاب ، وذلك ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في تفسير سورتها عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت قال لما نسخنا الصحف في المصاحف فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها لم أجدها مع أحد إلا مع
nindex.php?page=showalam&ids=2546خزيمة الأنصاري الذي جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهادته شهادة رجلين (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) ( 33 : 23 ) .
قال الحافظ في شرحه هذا يدل على أن
زيدا لم يكن يعتمد في جميع القرآن على علمه ولا يقتصر على حفظه . لكن فيه إشكال ; لأن ظاهره أنه اكتفى مع ذلك بخزيمة وحده ، والقرآن إنما يثبت بالتواتر . والذي يظهر في الجواب أن الذي أشار إليه أنه فقده فقد وجودها مكتوبة ، لا فقد وجودها محفوظة ، بل كانت محفوظة عنده وعند غيره ، ويدل على هذا قوله في حديث جمع القرآن ( ( فجعلت أتتبعه من الرقاع والعسب ) ) كما سيأتي مبسوطا في فضائل القرآن ا هـ
وأقول : إني قد ذكرت آنفا أن هذا هو المراد منه ، وهو ما كنت أفهمه دون
[ ص: 76 ] غيره ، وأجيب به من سألني عنه مستشكلا . فقول الحافظ : والذي يظهر إلخ . كان يجب أن يكون : والذي يتعين القطع به كذا ، وحسبك دليلا على هذا أنه قال : إنهم كانوا يسمعون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها ، فهو صريح في أن البحث كان عمن كتبها فقط ، وجملة القول : أن الآيتين كانتا محفوظتين ومكتوبتين ومعروفتين لكثير من الصحابة ، وإنما اختلفوا عند الجمع في موضع كتابتهما حتى شهد من شهد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي وضعهما في آخر سورة براءة وفاقا لقول
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب الذي ثبت في الصحيح أنه أحد الذين تلقوا القرآن كله مرتبا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذا
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت . وكان عدد المختلفين في موضعهما قليلا ، فلما كتبتا في المصاحف وافق الجميع على وضعهما هاهنا . ولم يرو أي اعتراض على ذلك عمن كتبوا لأنفسهم مصاحف اعتمدوا فيها على حفظهم
nindex.php?page=showalam&ids=10كابن مسعود - رضي الله عنه - .
بقي البحث في حكمة وضعهما في آخر هذه السورة المدنية ، وموضوعهما مكي ، يؤيده كون الخطاب فيهما لقومه - صلى الله عليه وسلم - على ما جزم به جماهير المفسرين وما هما بأول ما وضع من الآيات المكية في السور المدنية لمناسبة اقتضت ذلك . ولعل الحكمة في ذلك أن يفيدا بموضعهما صحة الخطاب بهما لكل من تبلغه الدعوة من أمة الإجابة ، وهو ما ذهب إليه
الخطابي ، كما دل موضوعهما ونزولهما
بمكة - كما قال
ابن أبي الفرس - على كون الخطاب فيهما لقومه - صلى الله عليه وسلم - ، وهو ما جزم به الجماهير . ويكون ما قلناه جامعا بين الأقوال كلها .
وَنَخْتِمُ تَفْسِيرَ الْآيَتَيْنِ بِتَحْقِيقِ مَسْأَلَتَيْنِ ذُكِرَتَا فِي تَفْسِيرِهِمَا الْمَأْثُورِ وَلَمْ نَرَ أَحَدًا حَقَّقَهُمَا : ( الْأَوَّلُ مَا وَرَدَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=32390_32388كِتَابَةِ الْآيَتَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَوْنِهِمَا آخِرَ مَا نَزَلَ )
إِنَّ مَعْنَى هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ لَا يَظْهَرُ إِلَّا فِي دَعْوَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْإِسْلَامِ
بِمَكَّةَ [ ص: 74 ] فِي أَوَّلِ زَمَنِ الْبَعْثَةِ . وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ السُّورَةِ قَبْلَ الْبَدْءِ بِتَفْسِيرِهَا أَنَّ
ابْنَ أَبِي الْفَرَسِ قَالَ : إِنَّهُمَا مَكِّيَّتَانِ ، وَأَنَّهُ يَرُدُّ قَوْلَهُ مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُمَا آخِرُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ ذَكَرْتُ هُنَالِكَ أَصَحَّ مَا وَرَدَ فِي آخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ وَهُوَ غَيْرُ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ .
وَأَقُولُ الْآنَ : إِنَّ قَوْلَ
ابْنِ أَبِي الْفَرَسِ هُوَ الْوَجِيهُ مِنْ جَانِبِ الْمَعْنَى ، فَهُوَ يُؤَيِّدُ الرِّوَايَةَ وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُمَا
nindex.php?page=treesubj&link=28864_32273آخِرُ مَا نَزَلَ فَقَدْ أُخْرِجَ فِي بَعْضِ الْمَسَانِيدِ وَالتَّفَاسِيرِ الْمَأْثُورَةِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ ( مِنْهَا ) عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ : أَنَّ آخِرَ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي لَفْظٍ أَنَّ آخِرَ مَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ) إِلَخِ الْآيَةَ ( وَمِنْهَا ) عَنِ
الْحَسَنِ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِنَّ أَحْدَثَ الْقُرْآنِ عَهْدًا بِاللَّهِ - وَفِي لَفْظٍ بِالسَّمَاءِ - هَاتَانِ الْآيَتَانِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ ( وَمِنْهَا ) مِنْ طَرِيقِ
أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْهُ أَنَّهُمْ جَمَعُوا الْقُرْآنَ فِي مُصْحَفٍ فِي خِلَافَةِ
أَبِي بَكْرٍ ، فَكَانَ رِجَالٌ يَكْتُبُونَ وَيُمِلُّ عَلَيْهِمْ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ 127 مِنْ سُورَةِ بَرَاءَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=127ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ) فَظَنُّوا أَنَّ هَذَا آخِرُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَقْرَأَنِي بَعْدَ هَذَا آيَتَيْنِ " (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ ) " إِلَى " (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) " قَالَ : فَخَتَمَ الْأَمْرَ بِمَا فَتَحَ بِهِ : بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ا هـ ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمَا آخِرُ مَا نَزَلَ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ لَا مِنَ الْقُرْآنِ مُطْلَقًا إِلَّا إِذَا صَحَّ أَنَّ سُورَةَ بَرَاءَةَ آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ ، وَالصَّحِيحُ فِي الرِّوَايَةِ أَنَّ آخِرَ مَا نَزَلَ مِنَ السُّورِ سُورَةُ النَّصْرِ ، وَمِنَ الْآيَاتِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=281وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ) ( 2 : 281 ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَحِلِّهِ .
وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي جَمْعِ الْقُرْآنِ الْمَكْتُوبِ الَّذِي كَانَ مُتَفَرِّقًا فِي عَهْدِ
أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ
ابْنِ سَعْدٍ وَأَحْمَدَ nindex.php?page=showalam&ids=12070وَالْبُخَارِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِمْ - أَنَّهُ قَالَ : حَتَّى
nindex.php?page=treesubj&link=31599وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ nindex.php?page=showalam&ids=2546خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ) إِلَى آخِرِهِمَا ا هـ . وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْهُمَا مَكْتُوبَتَيْنِ عِنْدَمَا جَمَعَ الْمَكْتُوبَ فِي الرِّقَاعِ وَالْأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ إِلَّا عِنْدَ
خُزَيْمَةَ ، وَفِي رِوَايَةٍ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عِنْدَ
أَبِي خُزَيْمَةَ وَهِيَ أَرْجَحُ كَمَا سَيَأْتِي ، إِلَّا أَنْ تَكُونَا وُجِدَتَا عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَكَانَتَا مَحْفُوظَتَيْنِ مَعْرُوفَتَيْنِ لِلْكَثِيرِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى ، فَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ وَأَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي الْمَصَاحِفِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16288عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : أَتَى
الْحَارِثُ بْنُ خُزَيْمَةَ بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ بَرَاءَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) إِلَى
عُمَرَ فَقَالَ مَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا ؟ فَقَالَ : لَا أَدْرِي وَاللَّهِ إِلَّا أَنِّي أَشْهَدُ لَسَمِعْتُهُمَا مِنْ
[ ص: 75 ] رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَعَيْتُهُمَا وَحَفِظْتُهُمَا ، فَقَالَ
عُمَرُ : وَأَنَا أَشْهَدُ لَسَمِعْتُهُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، لَوْ كَانَتْ ثَلَاثَ آيَاتٍ لَجَعَلْتُهَا سُورَةً عَلَى حِدَةٍ ، فَانْظُرُوا سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ فَأَلْحِقُوهَا بِهَا ، فَأُلْحِقَتْ فِي آخِرِ بَرَاءَةَ ، وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو الشَّيْخِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ
الْأَنْصَارِ جَاءَ بِهِمَا
عُمَرَ ، فَقَالَ : لَا أَسْأَلُكَ عَلَيْهَا بَيِّنَةً أَبَدًا كَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَؤُهَا .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي الْمَصَاحِفِ
nindex.php?page=treesubj&link=32391_31599أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=2546خُزَيْمَةَ بْنَ ثَابِتٍ جَاءَ عُثْمَانَ حِينَ تَصَدَّى لِكِتَابَةِ الْقُرْآنِ بَعْدَ مَقْتَلِ
عُمَرَ فَقَالَ : إِنِّي رَأَيْتُكُمْ تَرَكْتُمْ آيَتَيْنِ لَمْ تَكْتُبُوهُمَا ، فَقَالُوا مَا هُمَا ؟ قَالَ تَلَقَّيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ . فَقَالَ
عُثْمَانُ : وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُمَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَأَيْنَ تَرَى أَنْ نَجْعَلَهُمَا ؟ قَالَ اخْتِمْ بِهِمَا آخِرَ مَا نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ فَخُتِمَتْ بِهِمَا بَرَاءَةُ .
فَيُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الْآيَتَيْنِ كَانَتَا مَحْفُوظَتَيْنِ مَشْهُورَتَيْنِ إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِهِمَا ، فَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُمَا آخِرُ سُورَةِ بَرَاءَةَ بِالتَّوْقِيفِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُمَا وُضِعَتَا بِالرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ قَطْعًا لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ التَّوْقِيفَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ سَبَبَ الِاخْتِلَافِ فِي مَوْضِعِهِمَا أَنَّ مَوْضُوعَهُمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا مَكِّيَّتَانِ . وَلَمْ تَصِحَّ لِجَمَاعَةِ جَامِعِي الْمُصْحَفِ رِوَايَةٌ بِكِتَابَتِهِمَا فِي إِحْدَى السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ وَلَكِنْ وُجِدَتَا عِنْدَ أَبِي خُزَيْمَةَ مَكْتُوبَتَيْنِ فِي آخِرِ بَرَاءَةَ . وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ nindex.php?page=treesubj&link=31618_31619الَّذِي كَانَ يَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ الَّذِي أَمَرَهُ
أَبُو بَكْرٍ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ مَعَ آخَرِينَ ، وَكَانَ
عُمَرُ يَحْضُرُهُمْ وَهُمْ يَكْتُبُونَ قَالَ : فَوَجَدْتُ آخِرَ بَرَاءَةَ مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=2546خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ أَوْ
أَبِي خُزَيْمَةَ . بِالشَّكِّ وَهُوَ مِنَ الرَّاوِي لَا مِنْ
زَيْدٍ ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ مَعَ
خُزَيْمَةَ وَالتَّحْقِيقُ الَّذِي قَرَّرَهُ
الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّ آخِرَ التَّوْبَةِ وُجِدَ عِنْدَ
أَبِي خُزَيْمَةَ ، وَأَمَّا الَّذِي وُجِدَ مَعَ
خُزَيْمَةَ فَهُوَ آيَةُ الْأَحْزَابِ ، وَذَلِكَ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَتِهَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ لَمَّا نَسَخْنَا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ فُقِدَتْ آيَةٌ مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَؤُهَا لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ إِلَّا مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=2546خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي جَعَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ) ( 33 : 23 ) .
قَالَ الْحَافِظُ فِي شَرْحِهِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
زَيْدًا لَمْ يَكُنْ يَعْتَمِدُ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ عَلَى عِلْمِهِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى حِفْظِهِ . لَكِنْ فِيهِ إِشْكَالٌ ; لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ اكْتَفَى مَعَ ذَلِكَ بِخُزَيْمَةَ وَحْدَهُ ، وَالْقُرْآنُ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالتَّوَاتُرِ . وَالَّذِي يَظْهَرُ فِي الْجَوَابِ أَنَّ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَنَّهُ فَقَدَهُ فَقْدَ وُجُودِهَا مَكْتُوبَةً ، لَا فَقْدَ وُجُودِهَا مَحْفُوظَةً ، بَلْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً عِنْدَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ جَمْعِ الْقُرْآنِ ( ( فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالْعُسُبِ ) ) كَمَا سَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ ا هـ
وَأَقُولُ : إِنِّي قَدْ ذَكَرْتُ آنِفًا أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْهُ ، وَهُوَ مَا كُنْتُ أَفْهَمُهُ دُونَ
[ ص: 76 ] غَيْرِهِ ، وَأُجِيبَ بِهِ مَنْ سَأَلَنِي عَنْهُ مُسْتَشْكِلًا . فَقَوْلُ الْحَافِظِ : وَالَّذِي يَظْهَرُ إِلَخْ . كَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ : وَالَّذِي يَتَعَيَّنُ الْقَطْعُ بِهِ كَذَا ، وَحَسْبُكَ دَلِيلًا عَلَى هَذَا أَنَّهُ قَالَ : إِنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَؤُهَا ، فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْبَحْثَ كَانَ عَمَّنْ كَتَبَهَا فَقَطْ ، وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ : أَنَّ الْآيَتَيْنِ كَانَتَا مَحْفُوظَتَيْنِ وَمَكْتُوبَتَيْنِ وَمَعْرُوفَتَيْنِ لِكَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا عِنْدَ الْجَمْعِ فِي مَوْضِعِ كِتَابَتِهِمَا حَتَّى شَهِدَ مَنْ شَهِدَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الَّذِي وَضَعَهُمَا فِي آخِرِ سُورَةِ بَرَاءَةَ وِفَاقًا لِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ الَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ أَحَدُ الَّذِينَ تَلَقَّوُا الْقُرْآنَ كُلَّهُ مُرَتَّبًا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَا
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ . وَكَانَ عَدَدُ الْمُخْتَلِفِينَ فِي مَوْضِعِهِمَا قَلِيلًا ، فَلَمَّا كُتِبَتَا فِي الْمَصَاحِفِ وَافَقَ الْجَمِيعُ عَلَى وَضْعِهِمَا هَاهُنَا . وَلَمْ يُرْوَ أَيُّ اعْتِرَاضٍ عَلَى ذَلِكَ عَمَّنْ كَتَبُوا لِأَنْفُسِهِمْ مَصَاحِفَ اعْتَمَدُوا فِيهَا عَلَى حِفْظِهِمْ
nindex.php?page=showalam&ids=10كَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - .
بَقِيَ الْبَحْثُ فِي حِكْمَةِ وَضْعِهِمَا فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ الْمَدَنِيَّةِ ، وَمَوْضُوعُهُمَا مَكِّيٌّ ، يُؤَيِّدُهُ كَوْنُ الْخِطَابِ فِيهِمَا لِقَوْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ جَمَاهِيرُ الْمُفَسِّرِينَ وَمَا هُمَا بِأَوَّلِ مَا وُضِعَ مِنَ الْآيَاتِ الْمَكِّيَّةِ فِي السُّوَرِ الْمَدَنِيَّةِ لِمُنَاسَبَةٍ اقْتَضَتْ ذَلِكَ . وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ أَنْ يُفِيدَا بِمَوْضِعِهِمَا صِحَّةَ الْخِطَابِ بِهِمَا لِكُلِّ مَنْ تَبْلُغُهُ الدَّعْوَةُ مِنْ أُمَّةِ الْإِجَابَةِ ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
الْخَطَّابِيُّ ، كَمَا دَلَّ مَوْضُوعُهُمَا وَنُزُولُهُمَا
بِمَكَّةَ - كَمَا قَالَ
ابْنُ أَبِي الْفَرَسِ - عَلَى كَوْنِ الْخِطَابِ فِيهِمَا لِقَوْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْجَمَاهِيرُ . وَيَكُونُ مَا قُلْنَاهُ جَامِعًا بَيْنَ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا .