الثاني : : فاختار العالم الذي حصل بعض العلوم المعتبرة ولم يبلغ رتبة الاجتهاد وغيره أنه كالعامي الصرف ، لعجزه عن الاجتهاد . وقال قوم : لا يجوز ذلك ويجب عليه معرفة الحكم بطريقه ، لأن صلاحية معرفة الأحكام بخلاف غيره . ويجيء عليه الخلاف السابق عن ابن الحاجب الجبائي والأستاذ هنا من باب الأولى . وما أطلقوه من إلحاقه هنا بالعامي فيه نظر . لا سيما أتباع المذاهب المتبحرين ، فإنهم لم ينصبوا أنفسهم نصبة المقلدين . وقد سبق قول الشيخ أبي علي وغيره من أصحابنا : لسنا مقلدين وكذلك الإشكال في إلحاقهم بالمجتهدين ، إذ لا يقلد مجتهد مجتهدا . ولا يمكن أن يكون واسطة بينهما . لأنه ليس لنا سوى حالتين . قال للشافعي ابن المنير : والمختار أنهم مجتهدون ملتزمون أن لا يحدثوا مذهبا . أما كونهم مجتهدين فلأن الأوصاف قائمة بهم . وأما كونهم ملتزمين أن لا يحدثوا مذهبا فلأن إحداث مذهب زائد بحيث يكون لفروعه أصول وقواعد مباينة لسائر قواعد المتقدمين متعذر الوجود ، لاستيعاب المتقدمين [ ص: 334 ] سائر الأساليب . نعم ، لا يمتنع عليهم تقليد إمام في قاعدة ، إذا ظهر له صحة مذهب غير إمامه في واقعة لم يجز له أن يقلد إمامه ، لكن وقوع ذلك مستبعد ، لكمال نظر من قبله . وسبق في آخر الكلام على شروط المجتهد كلام لابن دقيق العيد يتعلق بما نحن فيه .