الثالث : . وإلا يؤدي إلى نقض النقض ويتسلسل فتضطرب الأحكام ولا يوثق فيها . فلو فرضنا أن ولا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد ، فإن تغير بعد قضاء القاضي بمقتضى الاجتهاد الأول بصحة النكاح لم ينقض بالاجتهاد الثاني بل يبقى على النكاح ، وإن تغير قبل القضاء بالصحة وجب عليه مفارقتها . لأن المصاحب الآن قاض بان اجتهاده الأول خطأ ، فيعمل به ، وليس هذا نقض الاجتهاد بالاجتهاد ، بل ترك العمل بالاجتهاد الأول . هكذا ذكره في المستصفى " والمحصول " والمنهاج " . وقوله . المجتهد خالع امرأته وأداه اجتهاده إلى أن الخلع فسخ وليس بطلاق فتزوجها الرابعة بعد ذلك بمقتضى هذا الاعتقاد من غير محلل ثم تغير اجتهاده وأداه إلى أنه طلاق
[ ص: 313 ] في الحاكم مبني على أن حكمه ينفذ باطنا ، وإلا فلا يلزم من فراقه إياها نقض حكم الحاكم ، لأن هذا بالنسبة إلى أمره في خاصة نفسه . ونقل الرافعي عن الغزالي أنه يلزمه تسريحها ولم يذكر هذا التفصيل ثم قال : وأبدى ترددا فيما إذا فعل المقلد مثل ذلك ثم تغير اجتهاد مقلده ، قال : والصحيح أن الجواب كذلك لو تغير اجتهاد المقلد في الصلاة فإنه يتحول . وهذا الذي قاله الغزالي نقله النووي عن الصيمري ، قال : ولا نعلم فيه خلافا لأصحابنا . هذا فيما إذا تغير اجتهاده في حق نفسه ، فلو تغير في حق غيره كما لو والخطيب البغدادي ، قال في المحصول " والإحكام " وتبعه أفتى مقلده بصحة نكاح المختلعة ثلاثا ونكحها المقلد ، عملا بقوله ، ثم تغير اجتهاده الإبياري في شرح البرهان " : الصحيح أنه يجب عليه تسريحها ، كما في حق نفس المجتهد ، بخلاف قضاء القاضي فإنه متى اتصل بالحكم المجتهد فيه استقر ولم يكن له النقض عند تغير اجتهاده .
وقال صاحب المحصول " : لو ؟ فيه وجهان : أحدهما : نعم ، والثاني : لا حتى يقضي القاضي ، نكح رجل نكاحا في محل الاجتهاد ثم استفتى فأفتاه بالإفساد ، فهل تبين المرأة على الزوج لمجرد الفتوى قلت : وحكاهما إمام الحرمين في النهاية " في باب الامتناع عن اليمين عن رواية صاحب التقريب " . قال : وذكر وجها ثالثا مفصلا فقال : إن صحح النكاح قاض فالفتوى لا ترفعه ، وإن لم يتصل تصحيحه بقضاء قاض ارتفع بالفتوى . وحكاها الماوردي أيضا في باب عدد الشهود ، قال : وهذا إذا اعتمد في العقد الفتوى ، فلو كان الحاكم متوليه لم يرتفع إلا بحكمه . وخص الخلاف بما إذا لم يكونا مجتهدين ، فإن كان الزوجان مجتهدين واختلفا فلا يرتفع إلا بحكم الحاكم . وجزم ابن السمعاني بأن المفتي إذا أفتاه باجتهاده ثم تغير اجتهاده لا يلزمه تعريف المستفتى بتغير اجتهاده إذا كان قد [ ص: 314 ] عمل به ، وإلا فينبغي أن يعرفه إن تمكن منه ، لأن العامي إنما يعمل بدلالة قوله ، وقد خرج عن ذلك ، فينبغي أن يخبره عن قوله . ولو قال مجتهد للمقلد - والصورة هذه - : أخطأ به من قلدته ، فإن كان الذي قلده أعلم فهو كما لو تغير اجتهاد مقلده ، وإلا فلا أثر له .
قال النووي : وهذا ليس بشيء ، بل الوجه الجزم بأنه لا يلزمه شيء ولا أثر لقول الثاني .