ومن أدل الأشياء على فساد قولهم : تركهم قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم وما لا يحصى من الأدلة ، وتمسكوا بكلمة قالها هذا الشاعر النصراني جعلوها أساس مذهبهم وقاعدة عقدهم ، ولو أنها انفردت عن مبطل وخلت عن معارض لما جاز أن يبنى عليها هذا الأصل العظيم ، فكيف وقد عارضها ما لا يمكن رده ؟ فمثلهم كمثل من بنى قصرا من أعواد الكبريت في مجرى السيل . وأما
nindex.php?page=treesubj&link=20758_28425قولهم : إن كلام الله يجب أن لا يكون حروفا يشبه كلام الآدميين . قلنا : جوابه من وجوه . أحدها : أن الاتفاق في أصل الحقيقة ليس بتشبيه ، كما أن اتفاق البصر في أنه إدراك المبصرات ، والسمع في أنه إدراك المسموعات ، والعلم في أنه إدراك المعلومات ليس بتشبيه ، كذلك هذا . الثاني : أنه لو كان ذلك تشبيها لكان تشبيههم أقبح وأفحش على ما ذكرنا . الثالث : أنهم إن نفوا هذه الصفة لكون هذا تشبيها ، ينبغي أن ينفوا سائر الصفات ، من الوجود والحياة والسمع والبصر وغيرها . الرابع : أننا نحن لم نفسر هذا ; إنما فسره الكتاب والسنة . وأما قولهم : أنتم فسرتم هذه الصفة ؟ فنقول : إنما لا يجوز تفسير المتشابه الذي سكت
السلف عن تفسيره ، وليس كذلك الكلام فإنه من المعلوم بين الخلق أن لا تشبيه فيه ، وقد فسره الكتاب والسنة . الثاني : أننا نحن فسرناه بحمله على حقيقته تفسيرا جاء به الكتاب والسنة ، وهم فسروه بما لم يرد به كتاب ولا سنة ولا يوافق الحقيقة ، ولا يجوز نسبته إلى الله تعالى . وأما قولهم : إن الحروف تحتاج إلى مخارج وأدوات ؟ فنقول : احتياجها إلى ذلك في حقنا لا يوجب ذلك في كلام الله تعالى ، تعالى الله عن ذلك فإن قالوا : بل يحتاج الله تعالى كحاجتنا ، قياسا له علينا أخطئوا من وجوه . أحدها : أنه
[ ص: 179 ] يلزمهم في سائر الصفات التي سلموها كالسمع والبصر والعلم والحياة . فإنها لا تكون في حقنا إلا في جسم ، ولا يكون البصر إلا في حدقة ، ولا السمع إلا من انخراق .
والله تعالى بخلاف ذلك . الثاني : أن هذا تشبيه لله تعالى بنا وقياس له علينا وهذا كفر . الثالث : أن بعض المخلوقات لم تحتج إلى مخارج في كلامها .
كالأيدي والأرجل ، والجلود التي تتكلم يوم القيامة ، والحجر الذي سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، والحصا الذي سبح في كفيه ، والذراع المسمومة التي كلمته .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود " كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل " ولا خلاف في أن الله تعالى قادر على إنطاق الحجر الأصم بلا أدوات . قلت أنا : الذي يقطع به عنهم أنهم لا يقولون : إن الله تعالى يحتاج كحاجتنا قياسا له علينا ، فإنه عين التشبيه ، وهم لا يقولون ذلك بل يفرون منه . والظاهر : أن الشيخ قال ذلك على تقدير قولهم له . ثم قال : وقولهم إن التعاقب يدخل في الحروف ؟ قلنا : إنما كان ذلك في حق من ينطق بالمخارج والأدوات ، ولا يوصف الله تعالى بذلك .
قال الحافظ
أبو نصر : إنما يتعين التعاقب فيمن يتكلم بأداة يعجز عن أداء شيء إلا بعد الفراغ من غيره ، وأما المتكلم بلا جارحة فلا يتعين في كلامه التعاقب ، وقد اتفق العلماء على أنه سبحانه وتعالى يتولى الحساب بين خلقه يوم القيامة في حالة واحدة . وعند كل واحد منهم : أن المخاطب في الحال هو وحده . وهذا خلاف التعاقب . انتهى كلام
أبي نصر . ثم قال الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=13439الموفق : وقولهم إن القديم لا يتجزأ ولا يتعدد غير صحيح . فإن أسماء الله سبحانه وتعالى متعددة . قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180ولله الأسماء الحسنى } وقال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=79745إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة } وهي قديمة ، وقد نص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على أن
nindex.php?page=treesubj&link=29626_28708أسماء الله تعالى غير مخلوقة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : من قال : إن أسماء الله تعالى مخلوقة فقد كفر .
وكذلك كتب الله تعالى . فإن التوراة والإنجيل والزبور والفرقان متعددة .
وهي كلام الله تعالى غير مخلوقة ، وإنما هذا أخذوه من علم الكلام ، وهو مطرح
[ ص: 180 ] عند جميع الأئمة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : من طلب العلم بالكلام تزندق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه : ما ارتدى بالكلام أحد فأفلح ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه : ما أحب الكلام أحد فكان عاقبته إلى خير ، وقال
ابن خويز منداد المالكي : البدع عند
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وسائر أصحابه هي كتب الكلام والتنجيم وشبه ذلك . لا تصح إجارتها ، ولا تقبل شهادة أهلها . قال الحافظ
أبو نصر ، فإن قيل : الصوت والحرف إذا ثبتا في الكلام اقتضيا عددا ، والله تعالى واحد من كل جهة . قيل لهم : قد بينا مرارا أن اعتماد أهل الحق في هذه الأبواب على السمع . وقد ورد السمع بأن القرآن ذو عدد . وأقر المسلمون بأنه كلام الله تعالى حقيقة لا مجازا ، وهو صفة قديمة ، وقد عد
الأشعري صفات الله تعالى سبع عشرة صفة ، وبين أن منها ما لا يعلم إلا بالسمع ، وإذا جاز أن يوصف بصفات معدودة لم يلزمنا بدخول العدد في الحروف شيء . انتهى كلام
أبي نصر . قال الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=13439الموفق : الوجه الثاني : أن الله تعالى كلم
موسى صلى الله عليه وسلم ، ويكلم المؤمنين يوم القيامة ، قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=164وكلم الله موسى تكليما } وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143وكلمه ربه } وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=144يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي } وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=52وناديناه من جانب الطور الأيمن } وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=12إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى } وأجمعنا على أن
موسى عليه الصلاة والسلام سمع كلام الله تعالى من الله ، لا من شجر ولا من حجر ولا من غيره ; لأنه لو سمع من غير الله تعالى كان
بنو إسرائيل أفضل منه في ذلك ; لأنهم سمعوا من أفضل ممن سمع منه
موسى ، لكونهم سمعوا من
موسى . فلم سمي إذن كليم الرحمن ؟ وإذا ثبت هذا : لم يجز أن يكون الكلام الذي سمعه
موسى إلا صوتا وحرفا ، فإنه لو كان معنى في النفس وفكرة وروية : لم يكن ذلك تكليما
لموسى ، ولا هو بشيء يسمع ، ولا يتعدى الفكر والمرئي ، ولا يسمى مناداة . فإن قالوا : نحن لا نسميه صوتا مع كونه مسموعا قلنا : الجواب من وجوه . أحدها : أن هذا مخالفة في اللفظ مع الموافقة في المعنى ، فإننا لا نعني بالصوت إلا ما كان مسموعا . الثاني : أن لفظ
[ ص: 181 ] الصوت قد جاءت به الأخبار والآثار ، وسأذكرها إن شاء الله تعالى على حدة .
وقال الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=13439الموفق بعد ذلك : النزاع في أن الله تعالى تكلم بحرف وصوت أم لا ؟ ومذهب
أهل السنة : اتباع ما ورد في الكتاب والسنة ، انتهى كلام الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=13439موفق الدين . وقال الحافظ
شهاب الدين ابن حجر في شرح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : الكلام ما ينطق به المتكلم ، وهو مستقر في نفسه ، كما جاء في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - يعني في قصة السقيفة - وفيه " وكنت زورت في نفسي مقالة " وفي رواية " كلاما " قال : فسماه كلاما قبل التكلم به . قال : فإن كان المتكلم ذا مخارج سمع كلامه ذا حروف وأصوات ، وإن كان غير ذي مخارج ، فهو بخلاف ذلك ، والباري عز وجل ليس بذي مخارج ، فلا يكون كلامه بحروف وأصوات ، ثم ذكر حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عن
عبد الله بن أنيس . وقال : اختلف الحفاظ في الاحتجاج برواياته ولم يثبت لفظ الصوت في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم غير حديثه . فإن كان ثابتا فإنه يرجع إلى غيره ، كما في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - يعني الذي يليه - وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - يعني الذي بعده - {
أن الملائكة يسمعون عند حضور الوحي صوتا } فيحتمل أن يكون الصوت للسماء ، أو للملك الآتي بالوحي ، أو لأجنحة الملائكة . وإذا احتمل ذلك لم يكن نصا في المسألة . وأشار في موضع آخر إلى أن الراوي أراد : فينادي نداء ، فعبر عنه بالصوت . قال
الحافظ ابن حجر : وهذا حاصل كلام من نفى الصوت من الأئمة ، ويلزم منه : أن الله تعالى لم يسمع أحدا من ملائكته ولا رسله كلامه ، بل ألهمهم إياه . وحاصل الاحتجاج للنفي : الرجوع إلى القياس على أصوات المخلوقين ، لأنها التي عهد أنها ذات مخارج ، ولا يخفى ما فيه ، إذ الصوت قد يكون من غير مخارج . كما أن الرؤية قد تكون من غير اتصال الأشعة ، كما سبق . سلمنا ، لكن نمنع القياس المذكور . وصفة الخالق لا تقاس على صفة المخلوق ، وإذا ثبت ذكر الصوت بهذه الأحاديث الصحيحة وجب الإيمان به ، ثم قال : إما التفويض وإما التأويل . وبالله التوفيق . انتهى . وقال
ابن حجر [ ص: 182 ] في موضع آخر من شرح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قوله صلى الله عليه وسلم {
ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد ، كما يسمعه من قرب } حمله بعض الأئمة على مجاز الحذف ، أي يأمر من ينادي . واستبعده بعض من أثبت الصوت بأن في قوله {
يسمعه من بعد } إشارة إلى أنه ليس من المخلوقات ; لأنه لم يعهد مثل هذا فيهم ، وبأن الملائكة إذا سمعوه صعقوا ، وإذا سمع بعضهم بعضا لم يصعقوا . قال : فعلى هذا فصوته صفة من صفات ذاته لا يشبه صوت غيره ; إذ ليس يوجد شيء من صفاته في صفات المخلوقين .
قال : وهكذا قرره المصنف - يعني به
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - في كتاب خلق أفعال العباد انتهى . وحد الصوت : ما يتحقق سماعه . فكل متحقق سماعه صوت ، وكل ما لا يتأتى سماعه ألبتة ليس بصوت . وصحة الحد كونه مطردا منعكسا . وقول من قال : إن الصوت هو الخارج من هواء بين جرمين . فغير صحيح ; لأنه يوجد سماع الصوت من غير ذلك . كتسليم الأحجار ، وتسبيح الطعام والجبال ، وشهادة الأيدي والأرجل وحنين الجذع . وقد قال الله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=44وإن من شيء إلا يسبح بحمده } ) وقال تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=30يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد } ) وما لشيء من ذلك منخرق بين جرمين . وقد أقر
الأشعري أن السموات والأرض قالتا أتينا طائعين ، حقيقة لا مجازا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة ، منا : لسنا نشك أن القرآن في المصحف على الحقيقة لا على المجاز لا كما يقوله بعض أصحاب الكلام : " إن الذي في المصحف دليل على القرآن . انتهى . وقال
الشهاب السهروردي : أخبر الله في كتابه وثبت عن رسوله : الاستواء والنزول والنفس واليد والعين والقدم والرجل والوجه ، فلا يتصرف فيها بتشبيه ولا تعطيل ; إذ لولا إخبار الله ورسوله لما تمالأ عقل أن يحوم حول ذلك الحمى ، ولولا أن الصادق المعصوم قال ذلك لما قلنا ، ولا حمنا حوله . فإن صفات الله لا تعرف إلا بالدليل المحض من الكتاب والسنة . قال المؤلف : أجمعنا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28424_28425القرآن كلام الله ، كما أخبر به ، نحو قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=6حتى يسمع كلام الله } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=75يسمعون كلام الله } وقال صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46571فإن قريشا منعوني أن أبلغ كلام ربي } وقال
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق " ما هذا كلامي ، ولا كلام صاحبي ، ولكنه كلام
[ ص: 183 ] الله " والكلام الحروف المنظومة ، والكلمات المفهومة ، والأصوات الملهومة بدليل قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=10آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا } ) ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=29فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا } ) ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=38لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن } ) ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=35هذا يوم لا ينطقون } ) ومعناهما واحد وقوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=65وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم } ) يعني به النطق ، بدليل قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=21وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء } ) ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=46ويكلم الناس في المهد } ) أي : ينطق . وحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19568رفع عن أمتي } وحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11905إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس } وحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46572لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة } وحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46573كل عمل ابن آدم عليه لا له } وحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46574من كثر كلامه كثر سقطه } وإجماع الناس في الشعر والنظم في كلامهم وعرفهم وأحكامهم أن الكلام يكون حقيقة . وأجمعوا أنه إذا حلف لا يتكلم لا يحنث إلا بالنطق . انتهى . وقد بينا بالأدلة القاطعة : أن هذا القرآن الذي عندنا هو كلام الله تعالى . فإنه مسموع مقروء متلو محفوظ . وكيفما قرئ وتلي وسمع وحفظ وكتب فهو القرآن الكريم . انتهى . وثبت عن الغير : ذكر الصوت المضاف إلى الله تعالى . وعن الحفاظ والمحدثين المقتدى بهم ، وصححوه في تسعة عشر حديثا ، بل أكثر . فلا يتصرف فيها بتشبيه ، ولا تعطيل . وقد خرج
الفاضل الناقد أبو بكر المصري أربعة عشر حديثا منها . وذكر أنها ثابتة عند أئمة الحديث . نقله
الطوفي في شرحه . وكذلك جمع
الحافظ عبد الغني المقدسي . وصححه
ابن حجر وغيره . ومنها ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه وفي خلق أفعال العباد .
والحافظ عبد الغني المقدسي في جزء مفرد له أيضا الحديث الأول : ما روى
جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : خرجت إلى
الشام إلى
عبد الله بن أنيس الأنصاري . فقال
عبد الله بن أنيس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46575يحشر الله العباد - أو قال : [ ص: 184 ] يحشر الله الناس - وأومأ بيده إلى الشام حفاة عراة غرلا بهما . قال : قلت : ما بهما ؟ قال : ليس معهم شيء ، فينادي بصوت يسمعه من بعد ، كما يسمعه من قرب : أنا الملك ، أنا الديان ، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ، وأحد من أهل النار يطالبه بمظلمة . ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار ، وأحد من أهل الجنة يطالبه بمظلمة . قالوا : كيف ؟ وإنا نأتي الله غرلا بهما ؟ قال : بالحسنات والسيئات } أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أصله في صحيحه تعليقا مستشهدا به إلى قوله " الديان " وأخرجه
شهاب الدين في الأدب المفرد ، وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني ، وفي طريق أخرى ذكرها
الحافظ الضياء بسنده إلى
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر " بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في القصاص . وكان صاحب الحديث
بمصر ، فاشتريت بعيرا فشددت عليه رحلا ، وسرت حتى وردت
مصر ، فمضيت إلى باب الرجل الذي بلغني عنه الحديث . فقرعت بابه ، فخرج إلي مملوكه . فنظر في وجهي ولم يكلمني ، فدخل إلى سيده . فقال : أعرابي على الباب ، فقال : سله من أنت ؟ فقال :
جابر بن عبد الله الأنصاري . فخرج إلي مولاه . فلما تراءينا اعتنق أحدنا صاحبه . فقال : يا
جابر ، ما جئت تعرف . قال فقلت : حديث بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم في القصاص ، ولا أظن أن أحدا ممن مضى أو ممن بقي أحفظ له منك . قال : نعم يا
جابر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46576إن الله تبارك وتعالى يبعثكم يوم القيامة من قبوركم حفاة عراة غرلا بهما ، ثم ينادي بصوت رفيع ، غير فظيع ، يسمعه من بعد ، كمن قرب : أنا الديان ، لا تظالم اليوم . أما وعزتي لا يجاورني اليوم ظالم ولو لطمة بكف ، أو يد على يد . ألا وإن أشد ما أتخوف على أمتي من بعدي : عمل قوم لوط . فلترتقب أمتي العذاب إذا تكافأ النساء بالنساء ، والرجال بالرجال } الحديث الثاني : ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=70574إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله . كأنه سلسلة على صفوان . فإذا فزع عن قلوبهم . قالوا : ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الحق ، وهو [ ص: 185 ] العلي الكبير - إلى آخره } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه . الثالث : ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46578إن الله تعالى إذا تكلم بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون ، فلا يزالون كذلك ، حتى يأتيهم جبريل عليه السلام ، فإذا جاءهم جبريل فزع عن قلوبهم . فيقولون : يا جبريل ، ماذا قال ربك ؟ قال : يقول : الحق . قال : فينادون الحق الحق } أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود . ورجاله ثقات الرابع : ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه أيضا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46578إن الله تعالى إذا تكلم بالوحي سمع أهل السموات السبع صلصلة كصلصلة السلسة على الصفا . قال : فيفزعون حتى يأتيهم جبريل . فإذا فزع عن قلوبهم يقولون : يا جبريل ، ماذا قال ربك ؟ قال فيقول : الحق . قالوا : الحق الحق } رواه
أحمد بن الصباح بن أبي سريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية الخامس : بمعنى الذي قبله . قال
الموفق في تصنيفه : رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد .
وَمِنْ أَدَلِّ الْأَشْيَاءِ عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِمْ : تَرْكُهُمْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَوْلَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا لَا يُحْصَى مِنْ الْأَدِلَّةِ ، وَتَمَسَّكُوا بِكَلِمَةٍ قَالَهَا هَذَا الشَّاعِرُ النَّصْرَانِيُّ جَعَلُوهَا أَسَاسَ مَذْهَبِهِمْ وَقَاعِدَةَ عَقْدِهِمْ ، وَلَوْ أَنَّهَا انْفَرَدَتْ عَنْ مُبْطِلٍ وَخَلَتْ عَنْ مُعَارِضٍ لَمَا جَازَ أَنْ يُبْنَى عَلَيْهَا هَذَا الْأَصْلُ الْعَظِيمُ ، فَكَيْفَ وَقَدْ عَارَضَهَا مَا لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ ؟ فَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ مَنْ بَنَى قَصْرًا مِنْ أَعْوَادِ الْكِبْرِيتِ فِي مَجْرَى السَّيْلِ . وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=20758_28425قَوْلُهُمْ : إنَّ كَلَامَ اللَّهِ يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ حُرُوفًا يُشْبِهُ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ . قُلْنَا : جَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ . أَحَدُهَا : أَنَّ الِاتِّفَاقَ فِي أَصْلِ الْحَقِيقَةِ لَيْسَ بِتَشْبِيهٍ ، كَمَا أَنَّ اتِّفَاقَ الْبَصَرِ فِي أَنَّهُ إدْرَاكُ الْمُبْصَرَاتِ ، وَالسَّمْعِ فِي أَنَّهُ إدْرَاكُ الْمَسْمُوعَاتِ ، وَالْعِلْمِ فِي أَنَّهُ إدْرَاكُ الْمَعْلُومَاتِ لَيْسَ بِتَشْبِيهٍ ، كَذَلِكَ هَذَا . الثَّانِي : أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ تَشْبِيهًا لَكَانَ تَشْبِيهُهُمْ أَقْبَحَ وَأَفْحَشَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا . الثَّالِثُ : أَنَّهُمْ إنْ نَفَوْا هَذِهِ الصِّفَةَ لِكَوْنِ هَذَا تَشْبِيهًا ، يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُوا سَائِرَ الصِّفَاتِ ، مِنْ الْوُجُودِ وَالْحَيَاةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَغَيْرِهَا . الرَّابِعُ : أَنَّنَا نَحْنُ لَمْ نُفَسِّرْ هَذَا ; إنَّمَا فَسَّرَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ . وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : أَنْتُمْ فَسَّرْتُمْ هَذِهِ الصِّفَةَ ؟ فَنَقُولُ : إنَّمَا لَا يَجُوزُ تَفْسِيرُ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي سَكَتَ
السَّلَفُ عَنْ تَفْسِيرِهِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْكَلَامُ فَإِنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ بَيْنَ الْخَلْقِ أَنْ لَا تَشْبِيهَ فِيهِ ، وَقَدْ فَسَّرَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ . الثَّانِي : أَنَّنَا نَحْنُ فَسَّرْنَاهُ بِحَمْلِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ تَفْسِيرًا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ، وَهُمْ فَسَّرُوهُ بِمَا لَمْ يَرِدْ بِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا يُوَافِقُ الْحَقِيقَةَ ، وَلَا يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى . وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إنَّ الْحُرُوفَ تَحْتَاجُ إلَى مَخَارِجَ وَأَدَوَاتٍ ؟ فَنَقُولُ : احْتِيَاجُهَا إلَى ذَلِكَ فِي حَقِّنَا لَا يُوجِبُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ قَالُوا : بَلْ يَحْتَاجُ اللَّهُ تَعَالَى كَحَاجَتِنَا ، قِيَاسًا لَهُ عَلَيْنَا أَخْطَئُوا مِنْ وُجُوهٍ . أَحَدُهَا : أَنَّهُ
[ ص: 179 ] يَلْزَمُهُمْ فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ الَّتِي سَلَّمُوهَا كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعِلْمِ وَالْحَيَاةِ . فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ فِي حَقِّنَا إلَّا فِي جِسْمٍ ، وَلَا يَكُونُ الْبَصَرُ إلَّا فِي حَدَقَةٍ ، وَلَا السَّمْعُ إلَّا مِنْ انْخِرَاقٍ .
وَاَللَّهُ تَعَالَى بِخِلَافِ ذَلِكَ . الثَّانِي : أَنَّ هَذَا تَشْبِيهٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِنَا وَقِيَاسٌ لَهُ عَلَيْنَا وَهَذَا كُفْرٌ . الثَّالِثُ : أَنَّ بَعْضَ الْمَخْلُوقَاتِ لَمْ تَحْتَجْ إلَى مَخَارِجَ فِي كَلَامِهَا .
كَالْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ ، وَالْجُلُودِ الَّتِي تَتَكَلَّمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَالْحَجَرِ الَّذِي سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْحَصَا الَّذِي سَبَّحَ فِي كَفَّيْهِ ، وَالذِّرَاعِ الْمَسْمُومَةِ الَّتِي كَلَّمَتْهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ " كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ " وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى إنْطَاقِ الْحَجَرِ الْأَصَمِّ بِلَا أَدَوَاتٍ . قُلْت أَنَا : الَّذِي يُقْطَعُ بِهِ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ : إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَحْتَاجُ كَحَاجَتِنَا قِيَاسًا لَهُ عَلَيْنَا ، فَإِنَّهُ عَيْنُ التَّشْبِيهِ ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ ذَلِكَ بَلْ يَفِرُّونَ مِنْهُ . وَالظَّاهِرُ : أَنَّ الشَّيْخَ قَالَ ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ قَوْلِهِمْ لَهُ . ثُمَّ قَالَ : وَقَوْلُهُمْ إنَّ التَّعَاقُبَ يَدْخُلُ فِي الْحُرُوفِ ؟ قُلْنَا : إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ يَنْطِقُ بِالْمَخَارِجِ وَالْأَدَوَاتِ ، وَلَا يُوصَفُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ .
قَالَ الْحَافِظُ
أَبُو نَصْرٍ : إنَّمَا يَتَعَيَّنُ التَّعَاقُبُ فِيمَنْ يَتَكَلَّمُ بِأَدَاةٍ يَعْجِزُ عَنْ أَدَاءِ شَيْءٍ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ غَيْرِهِ ، وَأَمَّا الْمُتَكَلِّمُ بِلَا جَارِحَةٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِي كَلَامِهِ التَّعَاقُبُ ، وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَتَوَلَّى الْحِسَابَ بَيْنَ خَلْقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ . وَعِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ : أَنَّ الْمُخَاطَبَ فِي الْحَالِ هُوَ وَحْدَهُ . وَهَذَا خِلَافُ التَّعَاقُبِ . انْتَهَى كَلَامُ
أَبِي نَصْرٍ . ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ
nindex.php?page=showalam&ids=13439الْمُوَفَّقُ : وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْقَدِيمَ لَا يَتَجَزَّأُ وَلَا يَتَعَدَّدُ غَيْرُ صَحِيحٍ . فَإِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُتَعَدِّدَةٌ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=180وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=79745إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ } وَهِيَ قَدِيمَةٌ ، وَقَدْ نَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29626_28708أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ : مَنْ قَالَ : إنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى مَخْلُوقَةٌ فَقَدْ كَفَرَ .
وَكَذَلِكَ كُتُبُ اللَّهِ تَعَالَى . فَإِنَّ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَالْفُرْقَانَ مُتَعَدِّدَةٌ .
وَهِيَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ ، وَإِنَّمَا هَذَا أَخَذُوهُ مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ ، وَهُوَ مُطْرَحٌ
[ ص: 180 ] عِنْدَ جَمِيعِ الْأَئِمَّةِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ : مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا ارْتَدَى بِالْكَلَامِ أَحَدٌ فَأَفْلَحَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا أَحَبَّ الْكَلَامَ أَحَدٌ فَكَانَ عَاقِبَتُهُ إلَى خَيْرٍ ، وَقَالَ
ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ الْمَالِكِيُّ : الْبِدَعُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ وَسَائِرِ أَصْحَابِهِ هِيَ كُتُبُ الْكَلَامِ وَالتَّنْجِيمِ وَشِبْهِ ذَلِكَ . لَا تَصِحُّ إجَارَتُهَا ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِهَا . قَالَ الْحَافِظُ
أَبُو نَصْرٍ ، فَإِنْ قِيلَ : الصَّوْتُ وَالْحَرْفُ إذَا ثَبَتَا فِي الْكَلَامِ اقْتَضَيَا عَدَدًا ، وَاَللَّهُ تَعَالَى وَاحِدٌ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ . قِيلَ لَهُمْ : قَدْ بَيَّنَّا مِرَارًا أَنَّ اعْتِمَادَ أَهْلِ الْحَقِّ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ عَلَى السَّمْعِ . وَقَدْ وَرَدَ السَّمْعُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ ذُو عَدَدٍ . وَأَقَرَّ الْمُسْلِمُونَ بِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى حَقِيقَةً لَا مَجَازًا ، وَهُوَ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ ، وَقَدْ عَدَّ
الْأَشْعَرِيُّ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى سَبْعَ عَشْرَة صِفَةً ، وَبَيَّنَ أَنَّ مِنْهَا مَا لَا يُعْلَمُ إلَّا بِالسَّمْعِ ، وَإِذَا جَازَ أَنْ يُوصَفَ بِصِفَاتٍ مَعْدُودَةٍ لَمْ يَلْزَمْنَا بِدُخُولِ الْعَدَدِ فِي الْحُرُوفِ شَيْءٌ . انْتَهَى كَلَامُ
أَبِي نَصْرٍ . قَالَ الشَّيْخُ
nindex.php?page=showalam&ids=13439الْمُوَفَّقُ : الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَلَّمَ
مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيُكَلِّمُ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=164وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ } وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=144يَا مُوسَى إنِّي اصْطَفَيْتُك عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي } وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=52وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ } وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=12إذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى } وَأَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ
مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سَمِعَ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ اللَّهِ ، لَا مِنْ شَجَرٍ وَلَا مِنْ حَجَرٍ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ لَوْ سَمِعَ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ
بَنُو إسْرَائِيلَ أَفْضَلَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّهُمْ سَمِعُوا مِنْ أَفْضَلَ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْهُ
مُوسَى ، لِكَوْنِهِمْ سَمِعُوا مِنْ
مُوسَى . فَلِمَ سُمِّيَ إذَنْ كَلِيمَ الرَّحْمَنِ ؟ وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا : لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ الَّذِي سَمِعَهُ
مُوسَى إلَّا صَوْتًا وَحَرْفًا ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْنًى فِي النَّفْسِ وَفِكْرَةً وَرَوِيَّةً : لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَكْلِيمًا
لِمُوسَى ، وَلَا هُوَ بِشَيْءٍ يُسْمَعُ ، وَلَا يَتَعَدَّى الْفِكْرَ وَالْمَرْئِيَّ ، وَلَا يُسَمَّى مُنَادَاةً . فَإِنْ قَالُوا : نَحْنُ لَا نُسَمِّيهِ صَوْتًا مَعَ كَوْنِهِ مَسْمُوعًا قُلْنَا : الْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ . أَحَدُهَا : أَنَّ هَذَا مُخَالَفَةٌ فِي اللَّفْظِ مَعَ الْمُوَافَقَةِ فِي الْمَعْنَى ، فَإِنَّنَا لَا نَعْنِي بِالصَّوْتِ إلَّا مَا كَانَ مَسْمُوعًا . الثَّانِي : أَنَّ لَفْظَ
[ ص: 181 ] الصَّوْتِ قَدْ جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ ، وَسَأَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى حِدَةٍ .
وَقَالَ الشَّيْخُ
nindex.php?page=showalam&ids=13439الْمُوَفَّقُ بَعْدَ ذَلِكَ : النِّزَاعُ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَكَلَّمَ بِحَرْفٍ وَصَوْتٍ أَمْ لَا ؟ وَمَذْهَبُ
أَهْلِ السُّنَّةِ : اتِّبَاعُ مَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، انْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ
nindex.php?page=showalam&ids=13439مُوَفَّقِ الدِّينِ . وَقَالَ الْحَافِظُ
شِهَابُ الدِّينِ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ : الْكَلَامُ مَا يَنْطِقُ بِهِ الْمُتَكَلِّمُ ، وَهُوَ مُسْتَقِرٌّ فِي نَفْسِهِ ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ - يَعْنِي فِي قِصَّةِ السَّقِيفَةِ - وَفِيهِ " وَكُنْت زَوَّرْت فِي نَفْسِي مَقَالَةً " وَفِي رِوَايَةٍ " كَلَامًا " قَالَ : فَسَمَّاهُ كَلَامًا قَبْلَ التَّكَلُّمِ بِهِ . قَالَ : فَإِنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ ذَا مَخَارِجَ سُمِعَ كَلَامُهُ ذَا حُرُوفٍ وَأَصْوَاتٍ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذِي مَخَارِجَ ، فَهُوَ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، وَالْبَارِي عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بِذِي مَخَارِجَ ، فَلَا يَكُونُ كَلَامُهُ بِحُرُوفٍ وَأَصْوَاتٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ . وَقَالَ : اخْتَلَفَ الْحُفَّاظُ فِي الِاحْتِجَاجِ بِرِوَايَاتِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَفْظُ الصَّوْتِ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ حَدِيثِهِ . فَإِنْ كَانَ ثَابِتًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى غَيْرِهِ ، كَمَا فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ - يَعْنِي الَّذِي يَلِيهِ - وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - يَعْنِي الَّذِي بَعْدَهُ - {
أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَسْمَعُونَ عِنْدَ حُضُورِ الْوَحْيِ صَوْتًا } فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الصَّوْتُ لِلسَّمَاءِ ، أَوْ لِلْمَلَكِ الْآتِي بِالْوَحْيِ ، أَوْ لِأَجْنِحَةِ الْمَلَائِكَةِ . وَإِذَا اُحْتُمِلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ نَصًّا فِي الْمَسْأَلَةِ . وَأَشَارَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إلَى أَنَّ الرَّاوِيَ أَرَادَ : فَيُنَادِي نِدَاءً ، فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالصَّوْتِ . قَالَ
الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ : وَهَذَا حَاصِلُ كَلَامِ مَنْ نَفَى الصَّوْتَ مِنْ الْأَئِمَّةِ ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُسْمِعْ أَحَدًا مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَلَا رُسُلِهِ كَلَامَهُ ، بَلْ أَلْهَمَهُمْ إيَّاهُ . وَحَاصِلُ الِاحْتِجَاجِ لِلنَّفْيِ : الرُّجُوعُ إلَى الْقِيَاسِ عَلَى أَصْوَاتِ الْمَخْلُوقِينَ ، لِأَنَّهَا الَّتِي عُهِدَ أَنَّهَا ذَاتُ مَخَارِجَ ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ ، إذْ الصَّوْتُ قَدْ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ مَخَارِجَ . كَمَا أَنَّ الرُّؤْيَةَ قَدْ تَكُونُ مِنْ غَيْرِ اتِّصَالِ الْأَشِعَّةِ ، كَمَا سَبَقَ . سَلَّمْنَا ، لَكِنْ نَمْنَعُ الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ . وَصِفَةُ الْخَالِقِ لَا تُقَاسُ عَلَى صِفَةِ الْمَخْلُوقِ ، وَإِذَا ثَبَتَ ذِكْرُ الصَّوْتِ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَجَبَ الْإِيمَانُ بِهِ ، ثُمَّ قَالَ : إمَّا التَّفْوِيضُ وَإِمَّا التَّأْوِيلُ . وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ . انْتَهَى . وَقَالَ
ابْنُ حَجَرٍ [ ص: 182 ] فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ شَرْحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ ، كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ } حَمَلَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ عَلَى مَجَازِ الْحَذْفِ ، أَيْ يَأْمُرُ مَنْ يُنَادِي . وَاسْتَبْعَدَهُ بَعْضُ مَنْ أَثْبَتَ الصَّوْتَ بِأَنَّ فِي قَوْلِهِ {
يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ } إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُ هَذَا فِيهِمْ ، وَبِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ إذَا سَمِعُوهُ صُعِقُوا ، وَإِذَا سَمِعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لَمْ يُصْعَقُوا . قَالَ : فَعَلَى هَذَا فَصَوْتُهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ لَا يُشْبِهُ صَوْتَ غَيْرِهِ ; إذْ لَيْسَ يُوجَدُ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ فِي صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ .
قَالَ : وَهَكَذَا قَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ - يَعْنِي بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيَّ - فِي كِتَابِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ انْتَهَى . وَحَدُّ الصَّوْتِ : مَا يَتَحَقَّقُ سَمَاعُهُ . فَكُلُّ مُتَحَقِّقٍ سَمَاعُهُ صَوْتٌ ، وَكُلُّ مَا لَا يَتَأَتَّى سَمَاعُهُ أَلْبَتَّةَ لَيْسَ بِصَوْتٍ . وَصِحَّةُ الْحَدِّ كَوْنُهُ مُطَّرِدًا مُنْعَكِسًا . وَقَوْلُ مَنْ قَالَ : إنَّ الصَّوْتَ هُوَ الْخَارِجُ مِنْ هَوَاءٍ بَيْنَ جِرْمَيْنِ . فَغَيْرُ صَحِيحٍ ; لِأَنَّهُ يُوجَدُ سَمَاعُ الصَّوْتِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ . كَتَسْلِيمِ الْأَحْجَارِ ، وَتَسْبِيحِ الطَّعَامِ وَالْجِبَالِ ، وَشَهَادَةِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ وَحُنَيْنِ الْجِذْعِ . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=44وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } ) وَقَالَ تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=30يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ } ) وَمَا لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مُنْخَرَقٌ بَيْنَ جِرْمَيْنِ . وَقَدْ أَقَرَّ
الْأَشْعَرِيُّ أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ، حَقِيقَةً لَا مَجَازًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابْنُ قُتَيْبَةَ ، مِنَّا : لَسْنَا نَشُكُّ أَنَّ الْقُرْآنَ فِي الْمُصْحَفِ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا عَلَى الْمَجَازِ لَا كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ أَصْحَابِ الْكَلَامِ : " إنَّ الَّذِي فِي الْمُصْحَفِ دَلِيلٌ عَلَى الْقُرْآنِ . انْتَهَى . وَقَالَ
الشِّهَابُ السُّهْرَوَرْدِيُّ : أَخْبَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَثَبَتَ عَنْ رَسُولِهِ : الِاسْتِوَاءُ وَالنُّزُولُ وَالنَّفْسُ وَالْيَدُ وَالْعَيْنُ وَالْقَدَمُ وَالرِّجْلُ وَالْوَجْهُ ، فَلَا يُتَصَرَّفُ فِيهَا بِتَشْبِيهٍ وَلَا تَعْطِيلٍ ; إذْ لَوْلَا إخْبَارُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَمَا تَمَالَأَ عَقْلٌ أَنْ يَحُومَ حَوْلَ ذَلِكَ الْحِمَى ، وَلَوْلَا أَنَّ الصَّادِقَ الْمَعْصُومَ قَالَ ذَلِكَ لَمَا قُلْنَا ، وَلَا حُمْنَا حَوْلَهُ . فَإِنَّ صِفَاتِ اللَّهِ لَا تُعْرَفُ إلَّا بِالدَّلِيلِ الْمَحْضِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ . قَالَ الْمُؤَلَّفُ : أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28424_28425الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ ، كَمَا أَخْبَرَ بِهِ ، نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=6حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=75يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ } وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46571فَإِنَّ قُرَيْشًا مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي } وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقُ " مَا هَذَا كَلَامِي ، وَلَا كَلَامُ صَاحِبِي ، وَلَكِنَّهُ كَلَامُ
[ ص: 183 ] اللَّهِ " وَالْكَلَامُ الْحُرُوفُ الْمَنْظُومَةُ ، وَالْكَلِمَاتُ الْمَفْهُومَةُ ، وَالْأَصْوَاتُ الْمَلْهُومَةُ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=10آيَتُكَ أَلَا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنْ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا } ) ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فَقُولِي إنِّي نَذَرْت لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إنْسِيًّا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=29فَأَشَارَتْ إلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا } ) ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=38لَا يَتَكَلَّمُونَ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ } ) ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=35هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ } ) وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وقَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=65وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ } ) يَعْنِي بِهِ النُّطْقَ ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=21وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ } ) ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=46وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ } ) أَيْ : يَنْطِقُ . وَحَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19568رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي } وَحَدِيثُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11905إنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ } وَحَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46572لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إلَّا ثَلَاثَةٌ } وَحَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46573كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ لَا لَهُ } وَحَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46574مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سَقْطُهُ } وَإِجْمَاعِ النَّاسِ فِي الشِّعْرِ وَالنَّظْمِ فِي كَلَامِهِمْ وَعُرْفِهِمْ وَأَحْكَامِهِمْ أَنَّ الْكَلَامَ يَكُونُ حَقِيقَةً . وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالنُّطْقِ . انْتَهَى . وَقَدْ بَيَّنَّا بِالْأَدِلَّةِ الْقَاطِعَةِ : أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الَّذِي عِنْدَنَا هُوَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى . فَإِنَّهُ مَسْمُوعٌ مَقْرُوءٌ مَتْلُوٌّ مَحْفُوظٌ . وَكَيْفَمَا قُرِئَ وَتُلِيَ وَسُمِعَ وَحُفِظَ وَكُتِبَ فَهُوَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ . انْتَهَى . وَثَبَتَ عَنْ الْغَيْرِ : ذِكْرُ الصَّوْتِ الْمُضَافِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى . وَعَنْ الْحُفَّاظِ وَالْمُحَدِّثِينَ الْمُقْتَدَى بِهِمْ ، وَصَحَّحُوهُ فِي تِسْعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا ، بَلْ أَكْثَرَ . فَلَا يُتَصَرَّفُ فِيهَا بِتَشْبِيهٍ ، وَلَا تَعْطِيلٍ . وَقَدْ خَرَّجَ
الْفَاضِلُ النَّاقِدُ أَبُو بَكْرٍ الْمِصْرِيُّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا مِنْهَا . وَذَكَرَ أَنَّهَا ثَابِتَةٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ . نَقَلَهُ
الطُّوفِيُّ فِي شَرْحِهِ . وَكَذَلِكَ جَمَعَ
الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَقْدِسِيُّ . وَصَحَّحَهُ
ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ . وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَفِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ .
وَالْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَقْدِسِيُّ فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ لَهُ أَيْضًا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ : مَا رَوَى
جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : خَرَجْت إلَى
الشَّامِ إلَى
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ . فَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46575يَحْشُرُ اللَّهُ الْعِبَادَ - أَوْ قَالَ : [ ص: 184 ] يَحْشُرُ اللَّهُ النَّاسَ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إلَى الشَّامِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا . قَالَ : قُلْت : مَا بُهْمًا ؟ قَالَ : لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ ، فَيُنَادِي بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ ، كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ : أَنَا الْمَلِكُ ، أَنَا الدَّيَّانُ ، لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ ، وَأَحَدٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يُطَالِبُهُ بِمَظْلِمَةٍ . وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ ، وَأَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يُطَالِبُهُ بِمَظْلِمَةٍ . قَالُوا : كَيْفَ ؟ وَإِنَّا نَأْتِي اللَّهَ غُرْلًا بُهْمًا ؟ قَالَ : بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ } أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ أَصْلَهُ فِي صَحِيحِهِ تَعْلِيقًا مُسْتَشْهِدًا بِهِ إلَى قَوْلِهِ " الدَّيَّانُ " وَأَخْرَجَهُ
شِهَابُ الدِّينِ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ ، وَأَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ ، وَفِي طَرِيقٍ أُخْرَى ذَكَرَهَا
الْحَافِظُ الضِّيَاءُ بِسَنَدِهِ إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٌ " بَلَغَنِي عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ فِي الْقِصَاصِ . وَكَانَ صَاحِبُ الْحَدِيثِ
بِمِصْرَ ، فَاشْتَرَيْت بَعِيرًا فَشَدَدْت عَلَيْهِ رَحْلًا ، وَسِرْت حَتَّى وَرَدْت
مِصْرَ ، فَمَضَيْت إلَى بَابِ الرَّجُلِ الَّذِي بَلَغَنِي عَنْهُ الْحَدِيثُ . فَقَرَعْت بَابَهُ ، فَخَرَجَ إلَيَّ مَمْلُوكُهُ . فَنَظَرَ فِي وَجْهِي وَلَمْ يُكَلِّمْنِي ، فَدَخَلَ إلَى سَيِّدِهِ . فَقَالَ : أَعْرَابِيٌّ عَلَى الْبَابِ ، فَقَالَ : سَلْهُ مَنْ أَنْتَ ؟ فَقَالَ :
جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ . فَخَرَجَ إلَيَّ مَوْلَاهُ . فَلَمَّا تَرَاءَيْنَا اعْتَنَقَ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ . فَقَالَ : يَا
جَابِرُ ، مَا جِئْت تَعْرِفُ . قَالَ فَقُلْت : حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِصَاصِ ، وَلَا أَظُنُّ أَنَّ أَحَدًا مِمَّنْ مَضَى أَوْ مِمَّنْ بَقِيَ أَحْفَظُ لَهُ مِنْك . قَالَ : نَعَمْ يَا
جَابِرُ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46576إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَبْعَثُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ قُبُورِكُمْ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا ، ثُمَّ يُنَادِي بِصَوْتٍ رَفِيعٍ ، غَيْرِ فَظِيعٍ ، يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ ، كَمَنْ قَرُبَ : أَنَا الدَّيَّانُ ، لَا تَظَالُمَ الْيَوْمَ . أَمَا وَعِزَّتِي لَا يُجَاوِرُنِي الْيَوْمَ ظَالِمٌ وَلَوْ لَطْمَةً بِكَفٍّ ، أَوْ يَدٍ عَلَى يَدٍ . أَلَا وَإِنَّ أَشَدَّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي : عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ . فَلْتَرْتَقِبْ أُمَّتِي الْعَذَابَ إذَا تَكَافَأَ النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ ، وَالرِّجَالُ بِالرِّجَالِ } الْحَدِيثُ الثَّانِي : مَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=70574إذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ . كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ . فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ . قَالُوا : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالُوا : الْحَقَّ ، وَهُوَ [ ص: 185 ] الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ - إلَى آخِرِهِ } رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11998وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ . الثَّالِثُ : مَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46578إنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ لِلسَّمَاءِ صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَا فَيُصْعَقُونَ ، فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَإِذَا جَاءَهُمْ جِبْرِيلُ فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ . فَيَقُولُونَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَاذَا قَالَ رَبُّك ؟ قَالَ : يَقُولُ : الْحَقَّ . قَالَ : فَيُنَادُونَ الْحَقَّ الْحَقَّ } أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُد . وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ الرَّابِعُ : مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46578إنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ صَلْصَلَةً كَصَلْصَلَةِ السَّلِسَةِ عَلَى الصَّفَا . قَالَ : فَيُفَزَّعُونَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ جِبْرِيلُ . فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ يَقُولُونَ : يَا جِبْرِيلُ ، مَاذَا قَالَ رَبُّك ؟ قَالَ فَيَقُولُ : الْحَقَّ . قَالُوا : الْحَقَّ الْحَقَّ } رَوَاهُ
أَحْمَدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ أَبِي سُرَيْجٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12156أَبِي مُعَاوِيَةَ الْخَامِسُ : بِمَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ . قَالَ
الْمُوَفَّقُ فِي تَصْنِيفِهِ : رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16408عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ .