ومنها :
nindex.php?page=treesubj&link=20758_28425زعمهم أن القرآن العربي لم يتكلم الله به - وأطال في ذلك وبرهن عليه بما يطول هنا ذكره وقال بعد ذلك : وأول من قال هذا في الإسلام :
nindex.php?page=showalam&ids=13464عبد الله بن سعيد بن كلاب وجعل القرآن المنزل حكاية عن ذلك المعنى . فلما جاء
الأشعري واتبع
nindex.php?page=showalam&ids=13464ابن كلاب في أكثر مقالته ناقشه على قوله " إن هذا حكاية عن ذلك " وقال : الحكاية تماثل المحكي . فهذا اللفظ يصح من
المعتزلة ، لأن ذلك المخلوق حروف وأصوات عندهم . وحكاية مثله . وأما على أصل
nindex.php?page=showalam&ids=13464ابن كلاب فلا يصح أن يكون حكاية ، بل نقول : إنه عبارة عن المعنى . فأول من قال بالعبارة
الأشعري . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12604الباقلاني فيما ذكر عنه : إذا درس مسألة القرآن يقول : هذا قول
الأشعري .
ولم يبين صحته - أو كلاما هذا معناه - وكان الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد الإسفراييني يقول : مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وسائر الأئمة في القرآن خلاف قول
الأشعري . وقولهم : هو قول الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=14048أبو محمد الجويني ، ذكر أن
الأشعري خالف في مسألة الكلام قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره وأنه أخطأ في ذلك . وكذلك سائر أئمة أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وغيرهما يذكرون قولهم في حد الكلام وأنواعه من الأمر والنهي والخبر العام والخاص وغير ذلك . ويجعلون الخلاف في ذلك مع
الأشعري ، كما هو مبين في أصول الفقه التي صنفها أئمة أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة [ ص: 176 ] nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وغيرهم ثم قال بعد ذلك : ومن قال من
المعتزلة والكلابية : إن القرآن المنزل حكاية ذلك ، وظنوا أن المبلغ حاك لذلك الكلام . ولفظ الحكاية قد يراد به محاكاة الناس فيما يقولونه ويفعلونه اقتداء بهم وموافقة لهم ، فمن
nindex.php?page=treesubj&link=28425_20758قال : إن القرآن حكاية كلام الله تعالى بهذا المعنى ، فقد غلط وضل ضلالا مبينا .
فإن
nindex.php?page=treesubj&link=20759القرآن لا يقدر الناس على أن يأتوا بمثله ، ولا يقدر أحد أن يأتي بما يحكيه .
وقد يراد بلفظ الحكاية النقل والتبليغ . كما يقال : فلان حكى عن فلان أنه قال كذا ، كما يقال عنه نقل عنه فهنا بمعنى التبليغ للمعنى . وقد يقال : حكى عنه أنه قال كذا وكذا ، لما قاله بلفظه ومعناه ، فالحكاية هنا بمعنى التبليغ للفظ والمعنى ، لكن يفرق بين أن يقول : حكيت كلامه على وجه المماثلة له ، وبين أن يقول : حكيت عنه كلامه ، وبلغت عنه أنه قال مثل قوله من غير تبليغ عنه . وقد يراد به المعنى الآخر ، وهو أنه بلغ عنه ما قاله . فإن أريد المعنى الأول ، جاز أن يقال : هذا حكاية كلام فلان ، وهذا مثل كلام فلان ، وليس هو مبلغا عنه كلامه ، وإن أريد به المعنى الثاني - وهو ما إذا حكى الإنسان عن غيره ما يقوله وبلغه عنه - فهنا يقال : هذا كلام فلان ، ولا يقال : هذا حكاية كلام فلان ، كما لا يقال هذا مثل كلام فلان . بل قد يقال : هذا كلام فلان بعينه ، بمعنى أنه لم يغيره ولم يحرف ولم يزد ولم ينقص . انتهى . قال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه القرآن كيف تصرف فهو غير مخلوق ، ولا نرى القول بالحكاية والعبارة .
وغلط من قال بهما وجهله . فقال : من قال إن القرآن عبارة عن كلام الله فقد غلط وجهل . وقال : الناسخ والمنسوخ في كتاب الله ، دون العبارة والحكاية .
وقال : هذه بدعة لم يقلها
السلف . وقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=164تكليما } يبطل الحكاية . منه بدأ وإليه يعود . نقل ذلك
ابن حمدان في نهاية المبتدئين . وقال شيخ الإسلام
nindex.php?page=showalam&ids=13439موفق الدين ابن قدامة في مصنف له : واعترض القائل بالكلام النفسي بوجوه : أحدها : قول
nindex.php?page=showalam&ids=13672الأخطل :
إن الكلام لفي الفؤاد
الثاني : سلمنا أن كلام الآدمي حرف وصوت ولكن كلام الله تعالى يخالفه ; لأنه صفته ، فلا تشبه صفته صفات الآدميين ،
[ ص: 177 ] ولا كلامه كلامهم . الثالث : أن مذهبكم في الصفات أن لا تفسر . فكيف فسرتم كلام الله تعالى بما ذكرتم ؟ الرابع : أن الحروف لا تخرج إلا من مخارج وأدوات والصوت لا يكون إلا من جسم . والله تعالى يتعالى عن ذلك . الخامس : أن الحروف يدخلها التعاقب ، فالباء تسبق السين ، والسين تسبق الميم وكل مسبوق مخلوق . السادس : أن هذا يدخله التجزي والتعداد ، والقديم لا يتجزأ ولا يتعدد . قال شيخ الإسلام
nindex.php?page=showalam&ids=13439الموفق : الجواب عن الأول من وجوه . الأول : أن هذا كلام شاعر نصراني عدو الله ورسوله ودينه . فهل يجب إطراح كلام الله ورسوله وسائر الخلق تصحيحا لكلامه ، وحمل كلامهم على المجاز صيانة لكلمته هذه عن المجاز ؟ وأيضا : فتحتاجون إلى إثبات هذا الشعر ببيان إسناده ونقل الثقات له ، ولا نقنع بدعوى شهرته ، وقد يشتهر الفاسد . وقد سمعت شيخنا
أبا محمد بن الخشاب إمام أهل العربية في زمانه يقول : قد فتشت دواوين
nindex.php?page=showalam&ids=13672الأخطل العتيقة فلم أجد هذا البيت فيها . الثاني : لا نسلم أن لفظه هكذا ، وإنما قال : إن البيان لفي الفؤاد فحرفوه وقالوا : الكلام . الثالث : أن هذا مجاز أراد به أن الكلام من عقلاء الناس في الغالب إنما يكون بعد التروي فيه ، واستحضار معانيه في القلب ، كما قيل : لسان الحكيم من وراء قلبه . [ فإذا أراد الكلام رجع إلى قلبه ] فإن كان له قال ، وإن لم يكن له سكت ، وكلام الجاهل على طرف لسانه . والدليل على أن هذا مجاز من وجوه كثيرة . أحدها : ما ذكرنا ، وما تركناه أكثر مما ذكرنا مما يدل على أن الكلام هو النطق ، وحمله على حقيقته ، وحمل كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13672الأخطل على مجازها أولى من العكس . الثاني : أن الحقيقة يستدل عليها بسبقها إلى الذهن وتبادر الأفهام إليها ، وإنما يفهم من إطلاق الكلام ما ذكرناه . الثالث : ترتيب الأحكام على ما ذكرناه دون ما ذكروه . الرابع : قول أهل العربية الذين هم أهل اللسان ، وهم أعرف بهذا الشأن . الخامس : من الاشتقاق الذي ذكرناه . السادس : لا تصح إضافة ما ذكروه إلى الله تعالى . فإنه جعل الكلام في الفؤاد . والله سبحانه وتعالى لا يوصف بذلك . وجعل اللسان دليلا عليه ، ولأن الذي عبر عنه
nindex.php?page=showalam&ids=13672الأخطل بالكلام هو
[ ص: 178 ] التروي والفكر ، واستحضار المعاني ، وحديث النفس ووسوستها . ولا يجوز إضافة شيء من ذلك إلى الله تعالى بلا خلاف بين المسلمين . قال : ومن أعجب الأمور أن خصومنا ردوا على الله وعلى رسوله ، وخالفوا جميع الخلق من المسلمين وغيرهم فرارا من التشبيه على زعمهم ، ثم صاروا إلى تشبيه أقبح وأفحش من كل تشبيه .
وهذا نوع من التغفيل .
وَمِنْهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=20758_28425زَعْمُهُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ الْعَرَبِيَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ اللَّهُ بِهِ - وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ بِمَا يَطُولُ هُنَا ذِكْرُهُ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ : وَأَوَّلُ مَنْ قَالَ هَذَا فِي الْإِسْلَامِ :
nindex.php?page=showalam&ids=13464عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كُلَّابٍ وَجَعَلَ الْقُرْآنَ الْمُنَزَّلَ حِكَايَةً عَنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى . فَلَمَّا جَاءَ
الْأَشْعَرِيُّ وَاتَّبَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=13464ابْنَ كُلَّاب فِي أَكْثَرِ مَقَالَتِهِ نَاقَشَهُ عَلَى قَوْلِهِ " إنَّ هَذَا حِكَايَةٌ عَنْ ذَلِكَ " وَقَالَ : الْحِكَايَةُ تُمَاثِلُ الْمَحْكِيَّ . فَهَذَا اللَّفْظُ يَصِحُّ مِنْ
الْمُعْتَزِلَةِ ، لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَخْلُوقَ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ عِنْدَهُمْ . وَحِكَايَةُ مِثْلِهِ . وَأَمَّا عَلَى أَصْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13464ابْنِ كُلَّاب فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ حِكَايَةً ، بَلْ نَقُولُ : إنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَعْنَى . فَأَوَّلُ مَنْ قَالَ بِالْعِبَارَةِ
الْأَشْعَرِيُّ . وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=12604الْبَاقِلَّانِيُّ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ : إذَا دَرَسَ مَسْأَلَةَ الْقُرْآنِ يَقُولُ : هَذَا قَوْلُ
الْأَشْعَرِيِّ .
وَلَمْ يُبَيِّنْ صِحَّتَهُ - أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ - وَكَانَ الشَّيْخُ
nindex.php?page=showalam&ids=11976أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ يَقُولُ : مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ الْأَئِمَّةِ فِي الْقُرْآنِ خِلَافُ قَوْلِ
الْأَشْعَرِيِّ . وَقَوْلُهُمْ : هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ . وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=14048أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ ، ذَكَرَ أَنَّ
الْأَشْعَرِيَّ خَالَفَ فِي مَسْأَلَةِ الْكَلَامِ قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَأَنَّهُ أَخْطَأَ فِي ذَلِكَ . وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَئِمَّةِ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا يَذْكُرُونَ قَوْلَهُمْ فِي حَدِّ الْكَلَامِ وَأَنْوَاعِهِ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْخَبَرِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ . وَيَجْعَلُونَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ مَعَ
الْأَشْعَرِيِّ ، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ الَّتِي صَنَّفَهَا أَئِمَّةُ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ [ ص: 176 ] nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ : وَمَنْ قَالَ مِنْ
الْمُعْتَزِلَةِ وَالْكُلَّابِيَّةِ : إنَّ الْقُرْآنَ الْمُنَزَّلَ حِكَايَةُ ذَلِكَ ، وَظَنُّوا أَنَّ الْمُبَلِّغَ حَاكٍ لِذَلِكَ الْكَلَامِ . وَلَفْظُ الْحِكَايَةِ قَدْ يُرَادُ بِهِ مُحَاكَاةُ النَّاسِ فِيمَا يَقُولُونَهُ وَيَفْعَلُونَهُ اقْتِدَاءً بِهِمْ وَمُوَافَقَةً لَهُمْ ، فَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28425_20758قَالَ : إنَّ الْقُرْآنَ حِكَايَةُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى بِهَذَا الْمَعْنَى ، فَقَدْ غَلِطَ وَضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا .
فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20759الْقُرْآنَ لَا يَقْدِرُ النَّاسُ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ ، وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَحْكِيهِ .
وَقَدْ يُرَادُ بِلَفْظِ الْحِكَايَةِ النَّقْلُ وَالتَّبْلِيغُ . كَمَا يُقَالُ : فُلَانٌ حَكَى عَنْ فُلَانٍ أَنَّهُ قَالَ كَذَا ، كَمَا يُقَالُ عَنْهُ نَقَلَ عَنْهُ فَهُنَا بِمَعْنَى التَّبْلِيغِ لِلْمَعْنَى . وَقَدْ يُقَالُ : حَكَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا ، لِمَا قَالَهُ بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ ، فَالْحِكَايَةُ هُنَا بِمَعْنَى التَّبْلِيغِ لِلَّفْظِ وَالْمَعْنَى ، لَكِنْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ : حَكَيْت كَلَامَهُ عَلَى وَجْهِ الْمُمَاثَلَةِ لَهُ ، وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ : حَكَيْت عَنْهُ كَلَامَهُ ، وَبَلَّغْت عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ تَبْلِيغٍ عَنْهُ . وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْمَعْنَى الْآخَرُ ، وَهُوَ أَنَّهُ بَلَّغَ عَنْهُ مَا قَالَهُ . فَإِنْ أُرِيدَ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ ، جَازَ أَنْ يُقَالَ : هَذَا حِكَايَةُ كَلَامِ فُلَانٍ ، وَهَذَا مِثْلُ كَلَامِ فُلَانٍ ، وَلَيْسَ هُوَ مُبَلِّغًا عَنْهُ كَلَامَهُ ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى الثَّانِي - وَهُوَ مَا إذَا حَكَى الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ مَا يَقُولُهُ وَبَلَّغَهُ عَنْهُ - فَهُنَا يُقَالُ : هَذَا كَلَامُ فُلَانٍ ، وَلَا يُقَالُ : هَذَا حِكَايَةُ كَلَامِ فُلَانٍ ، كَمَا لَا يُقَالُ هَذَا مِثْلُ كَلَامِ فُلَانٍ . بَلْ قَدْ يُقَالُ : هَذَا كَلَامُ فُلَانٍ بِعَيْنِهِ ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يُغَيِّرْهُ وَلَمْ يُحَرِّفْ وَلَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ . انْتَهَى . قَالَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْقُرْآنُ كَيْفَ تَصَرَّفَ فَهُوَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، وَلَا نَرَى الْقَوْلَ بِالْحِكَايَةِ وَالْعِبَارَةِ .
وَغَلَّطَ مَنْ قَالَ بِهِمَا وَجَهَّلَهُ . فَقَالَ : مَنْ قَالَ إنَّ الْقُرْآنَ عِبَارَةٌ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ فَقَدْ غَلِطَ وَجَهِلَ . وَقَالَ : النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، دُونَ الْعِبَارَةِ وَالْحِكَايَةِ .
وَقَالَ : هَذِهِ بِدْعَةٌ لَمْ يَقُلْهَا
السَّلَفُ . وقَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=164تَكْلِيمًا } يُبْطِلُ الْحِكَايَةَ . مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ . نَقَلَ ذَلِكَ
ابْنُ حَمْدَانَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ . وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=13439مُوَفَّقُ الدِّينِ ابْنُ قُدَامَةَ فِي مُصَنَّفٍ لَهُ : وَاعْتَرَضَ الْقَائِلُ بِالْكَلَامِ النَّفْسِيِّ بِوُجُوهٍ : أَحَدُهَا : قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13672الْأَخْطَلِ :
إنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ
الثَّانِي : سَلَّمْنَا أَنَّ كَلَامَ الْآدَمِيِّ حَرْفٌ وَصَوْتٌ وَلَكِنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى يُخَالِفُهُ ; لِأَنَّهُ صِفَتُهُ ، فَلَا تُشْبِهُ صِفَتُهُ صِفَاتِ الْآدَمِيِّينَ ،
[ ص: 177 ] وَلَا كَلَامُهُ كَلَامَهُمْ . الثَّالِثُ : أَنَّ مَذْهَبَكُمْ فِي الصِّفَاتِ أَنْ لَا تُفَسَّرَ . فَكَيْفَ فَسَّرْتُمْ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا ذَكَرْتُمْ ؟ الرَّابِعُ : أَنَّ الْحُرُوفَ لَا تَخْرُجُ إلَّا مِنْ مَخَارِجَ وَأَدَوَاتٍ وَالصَّوْتُ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ جِسْمٍ . وَاَللَّهُ تَعَالَى يَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ . الْخَامِسُ : أَنَّ الْحُرُوفَ يَدْخُلُهَا التَّعَاقُبُ ، فَالْبَاءُ تَسْبِقُ السِّينَ ، وَالسِّينُ تَسْبِقُ الْمِيمَ وَكُلُّ مَسْبُوقٍ مَخْلُوقٌ . السَّادِسُ : أَنَّ هَذَا يَدْخُلُهُ التَّجَزِّي وَالتَّعْدَادُ ، وَالْقَدِيمُ لَا يَتَجَزَّأُ وَلَا يَتَعَدَّدُ . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=13439الْمُوَفَّقُ : الْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ مِنْ وُجُوهٍ . الْأَوَّلُ : أَنَّ هَذَا كَلَامُ شَاعِرٍ نَصْرَانِيٍّ عَدُوِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَدَيْنِهِ . فَهَلْ يَجِبُ إطْرَاحُ كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَسَائِرِ الْخَلْقِ تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِ ، وَحَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى الْمَجَازِ صِيَانَةً لِكَلِمَتِهِ هَذِهِ عَنْ الْمَجَازِ ؟ وَأَيْضًا : فَتَحْتَاجُونَ إلَى إثْبَاتِ هَذَا الشِّعْرِ بِبَيَانِ إسْنَادِهِ وَنَقْلِ الثِّقَاتِ لَهُ ، وَلَا نَقْنَعُ بِدَعْوَى شُهْرَتِهِ ، وَقَدْ يَشْتَهِرُ الْفَاسِدُ . وَقَدْ سَمِعْت شَيْخَنَا
أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ الْخَشَّابِ إمَامَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فِي زَمَانِهِ يَقُولُ : قَدْ فَتَّشْت دَوَاوِينَ
nindex.php?page=showalam&ids=13672الْأَخْطَلِ الْعَتِيقَةَ فَلَمْ أَجِدْ هَذَا الْبَيْتَ فِيهَا . الثَّانِي : لَا نُسَلِّمُ أَنَّ لَفْظَهُ هَكَذَا ، وَإِنَّمَا قَالَ : إنَّ الْبَيَانَ لَفِي الْفُؤَادِ فَحَرَّفُوهُ وَقَالُوا : الْكَلَامَ . الثَّالِثُ : أَنَّ هَذَا مَجَازٌ أَرَادَ بِهِ أَنَّ الْكَلَامَ مِنْ عُقَلَاءِ النَّاسِ فِي الْغَالِبِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ التَّرَوِّي فِيهِ ، وَاسْتِحْضَارِ مَعَانِيهِ فِي الْقَلْبِ ، كَمَا قِيلَ : لِسَانُ الْحَكِيمِ مِنْ وَرَاءِ قَلْبِهِ . [ فَإِذَا أَرَادَ الْكَلَامَ رَجَعَ إلَى قَلْبِهِ ] فَإِنْ كَانَ لَهُ قَالَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَكَتَ ، وَكَلَامُ الْجَاهِلِ عَلَى طَرَفِ لِسَانِهِ . وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا مَجَازٌ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ . أَحَدُهَا : مَا ذَكَرْنَا ، وَمَا تَرَكْنَاهُ أَكْثَرُ مِمَّا ذَكَرْنَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ هُوَ النُّطْقُ ، وَحَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ ، وَحَمْلُ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=13672الْأَخْطَلِ عَلَى مَجَازِهَا أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ . الثَّانِي : أَنَّ الْحَقِيقَةَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْهَا بِسَبْقِهَا إلَى الذِّهْنِ وَتَبَادُرِ الْأَفْهَامِ إلَيْهَا ، وَإِنَّمَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْكَلَامِ مَا ذَكَرْنَاهُ . الثَّالِثُ : تَرْتِيبُ الْأَحْكَامِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ دُونَ مَا ذَكَرُوهُ . الرَّابِعُ : قَوْلُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ اللِّسَانِ ، وَهُمْ أَعْرَفُ بِهَذَا الشَّأْنِ . الْخَامِسُ : مِنْ الِاشْتِقَاقِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ . السَّادِسُ : لَا تَصِحُّ إضَافَةُ مَا ذَكَرُوهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى . فَإِنَّهُ جَعَلَ الْكَلَامَ فِي الْفُؤَادِ . وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يُوصَفُ بِذَلِكَ . وَجَعَلَ اللِّسَانَ دَلِيلًا عَلَيْهِ ، وَلِأَنَّ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13672الْأَخْطَلُ بِالْكَلَامِ هُوَ
[ ص: 178 ] التَّرَوِّي وَالْفِكْرُ ، وَاسْتِحْضَارُ الْمَعَانِي ، وَحَدِيثُ النَّفْسِ وَوَسْوَسَتُهَا . وَلَا يَجُوزُ إضَافَةُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ . قَالَ : وَمِنْ أَعْجَبِ الْأُمُورِ أَنَّ خُصُومَنَا رَدُّوا عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ ، وَخَالَفُوا جَمِيعَ الْخَلْقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ فِرَارًا مِنْ التَّشْبِيهِ عَلَى زَعْمِهِمْ ، ثُمَّ صَارُوا إلَى تَشْبِيهٍ أَقْبَحَ وَأَفْحَشَ مِنْ كُلِّ تَشْبِيهٍ .
وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ التَّغْفِيلِ .