وقرأ العامة " ابنه " بوصل هاء الكناية بواو ، وهي اللغة الفصيحة الفاشية . وقرأ بسكون الهاء . قال بعضهم : " هذا مخصوص بالضرورة وأنشد : ابن عباس
2662 - وأشرب الماء ما بي نحوه عطش إلا لأن عيونه سيل واديها
وبعضهم لا يخصه بها . وقال : إنها لغة ابن عطية لأزد السراة ومنه قوله : 2663 - ... ... ... ... ومطواي مشتاقان له أرقان
وقال بعضهم : " هي لغة عقيل وبني كلاب " .
[ ص: 329 ] وقرأ : " ابناه " بألف وهاء السكت . قال السدي : " وهو على النداء " . وقال ابن جني : " ابناه : على الترثي وليس بندبة ، لأن الندبة لا تكون بالهمزة " وهو كلام مشكل في نفسه ، وأين الهمزة هنا ؟ إن عنى همزة النداء فلا نسلم أن المقدر من حروف النداء هو الهمزة ، لأن النحاة نصوا على أنه لا يضمر في حروف النداء إلا " يا " لأنها أم الباب . وقوله : " الترثي " هو قريب في المعنى من الندبة . وقد نصوا على أنه لا يجوز حذف النداء من المندوب وهذا شبيه به . أبو البقاء
وقرأ عليه السلام : " ابنها " إضافة إلى امرأته كأنه اعتبر قوله " ليس من أهلك " . وقوله : " ابني " و " من أهلي " لا يدل له لاحتمال أن يكون ذلك لأجل الحنو ، وهو قول علي وجماعة . الحسن
وقرأ محمد بن علي وعروة والزبير : " ابنه " بهاء مفتوحة دون ألف ، وهي كالقراءة قبلها ، إلا أنه حذف ألف " ها " مجتزئا عنها بالفتحة ، كما تحذف الياء مجتزأ عنها بالكسرة . قال : " هي لغة " وأنشد : ابن عطية
2664 - أما تقود بها شاة فتأكلها أو أن تبيعه في بعض الأراكيب
2665 - فلست براجع ما فات مني بلهف ولا بليت ولا لواني
وقد خطأ النحاس أبا حاتم في حذف هذه الألف ، وفيه نظر .
قوله : وكان في معزل جملة في موضع نصب على الحال ، وصاحبها هو " ابنه " ، والحال تأتي من المنادى لأنه مفعول . والمعزل بكسر الزاي اسم مكان العزلة . وكذلك اسم الزمان أيضا ، وبالفتح هو المصدر . قال : " ولم أعلم أحدا قرأ بالفتح " . قلت : لأن المصدر ليس حاويا له ولا ظرفه ، فكيف يقرأ به إلا بمجاز بعيد ؟ أبو البقاء
وقرأ البزي وقالون وخلاد بإظهار ياء " اركب " قبل ميم " معنا " بخلاف عنهم ، والباقون بالإدغام ، وقرأ هنا عاصم " يا بني " بفتح الياء . وأما في غير هذه السورة فإن حفصا عنه فعل ذلك ، والباقون بكسر الياء في جميع القرآن إلا فإنه في الأول من لقمان وهو قوله : ابن كثير لا تشرك بالله فإنه سكنه وصلا ووقفا ، وفي الثاني كغيره أعني أنه يكسر ياءه ، وحفص على أصله من فتحه . وفي الثالث وهو قوله : يا بني أقم الصلاة اختلف عنه ، فروى [ ص: 331 ] عنه البزي كحفص ، وروى عنه السكون كالأول . هذا ضبط القراءة . قنبل
وأما تخريجها فمن فتح فقيل : أصلها : يا بنيا بالألف فحذفت الألف تخفيفا ، اجتزأ عنها بالفتحة ، وقد تقدم من ذلك أمثلة كثيرة . وقيل بل حذفت لالتقاء الساكنين ؛ لأنها وقع بعدها راء " اركب " وهذا تعليل فاسد جدا ، بدليل سقوطها في سورة لقمان في ثلاثة مواضع حيث لا ساكنان . وكأن هذا المعلل لم يعلم بقراءة في غير هذه السورة ، ولا بقراءة عاصم للأخير في لقمان ، وقد نقل ذلك البزي ولم ينكره . أبو البقاء
وأما من كسر فحذفت الياء أيضا : إما تخفيفا وهو الصحيح ، وإما لالتقاء الساكنين ، وقد تقدم فساده . وأما من سكن فلما رأى من الثقل مع مطلق الحركة ، ولا شك أن السكون أخف من أخف الحركات ، ولا يقال : فلم وافق غير ابن كثير حفص في ثاني لقمان ، ووافق حفصا في الأخيرة في رواية عنه ، وسكن الأول ؟ لأن ذلك جمع بين اللغات ، والمفرق آت بمحال . البزي
وأصل هذه اللفظة بثلاث ياءات : الأولى للتصغير ، والثانية لام الكلمة ، وهل هي ياء بطريق الأصالة أو مبدلة من واو ؟ خلاف تقدم تحقيقه أول هذا الموضوع في لام " ابن " ما هي ؟ ، والثالثة ياء المتكلم مضاف إليها ، وهي التي طرأ عليها القلب ألفا ثم الحذف ، أو الحذف وهي ياء بحالها .