آ . (59) قوله تعالى : أرأيتم : هذه بمعنى أخبروني . وقوله " ما أنزل " يجوز أن تكون " ما " موصولة بمعنى الذي ، والعائد محذوف أي : ما أنزله ، وهي في محل نصب مفعولا أول ، والثاني هو الجملة من قوله : آلله أذن لكم والعائد من هذه الجملة على المفعول الأول محذوف تقديره : الله أذن لكم فيه . واعترض على هذه بأن قوله " قل " يمنع من وقوع الجملة بعده مفعولا ثانيا . وأجيب عنه بأنه كرر توكيدا . ويجوز أن تكون " ما " استفهامية منصوبة المحل بـ " أنزل " وهي حينئذ معلقة لـ " أرأيتم " ، وإلى هذا ذهب الحوفي . ويجوز أن تكون " ما " الاستفهامية في محل رفع بالابتداء ، والجملة من قوله : والزمخشري آلله أذن لكم خبره ، والعائد محذوف كما تقدم أي : أذن لكم فيه ، وهذه الجملة الاستفهامية معلقة لـ " أرأيتم " ، والظاهر من هذه الأوجه هو الوجه الأول ، لأن فيه إبقاء " أرأيت " على بابها من تعديها إلى اثنين ، وأنها مؤثرة في أولهما بخلاف جعل " ما " استفهامية فإنها معلقة لـ " أرأيت " وسادة مسد المفعولين .
[ ص: 227 ] وقوله : من رزق يجوز أن يكون حالا من الموصول ، وأن تكون " من " لبيان الجنس و " أنزل " على بابها وهو على حذف مضاف أي : أنزله من سبب رزق وهو المطر . وقيل : تجوز بالإنزال عن الخلق كقوله وأنزلنا الحديد وأنزل لكم من الأنعام .
قوله : أم على الله تفترون في " أم " هذه وجهان أحدهما : أنها متصلة عاطفة تقديره : أخبروني : آلله أذن لكم في التحليل والتحريم ، فإنهم يفعلون ذلك بإذنه أم يكذبون على الله في نسبة ذلك إليه . والثاني : أن تكون منقطعة . قال : " ويجوز أن تكون الهمزة للإنكار و " أم " منقطعة بمعنى : بل أتفترون على الله ، تقريرا للافتراء " . والظاهر هو الأول إذ المعادلة بين هاتين الجملتين اللتين بمعنى المفردين واضحة ، إذ التقدير : أي الأمرين وقع : إذن الله لكم في ذلك أم افتراؤكم عليه ؟
الزمخشري