آ . (27) قوله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=28908_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27والذين كسبوا : فيه سبعة أوجه : أحدها : " أن يكون " والذين " نسقا على " للذين " أحسنوا " أي : للذين أحسنوا الحسنى ، وللذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها ، فيتعادل التقسيم كقولك : " في الدار زيد والحجرة عمرو " ، وهذا يسميه النحويون عطفا على معمولي عاملين . وفيه ثلاثة مذاهب ، أحدها : الجواز مطلقا ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء . والثاني : المنع مطلقا وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه . والثالث : التفصيل بين أن يتقدم الجار نحو : " في الدار زيد والحجرة عمرو " ، فيجوز ، أو لا ، فيمتنع نحو : " إن زيدا في الدار وعمرا القصر " ، أي : وإن عمرا في القصر . وسيبويه وأتباعه يخرجون ما ورد منه على إضمار الجار كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=190واختلاف الليل والنهار ...
[ ص: 184 ] لآيات بنصب " آيات " في قراءة الأخوين على ما سيأتي ، وكقوله :
2585 - أكل امرئ تحسبين امرأ ونار توقد بالليل نارا
وقول الآخر :
2586 - أوصيت من توه قلبا حرا بالكلب خيرا والحماة شرا
وسيأتي لهذا مزيد بيان في غضون هذا التصنيف . وممن ذهب إلى أن هذا الموصول مجرور عطفا على الموصول قبله
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية nindex.php?page=showalam&ids=14423وأبو القاسم الزمخشري . الثاني : أن " الذين " مبتدأ ، وجزاء سيئة مبتدأ ثان ، وخبره
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " بمثلها " ، والباء فيه زائدة ، أي : وجزاء سيئة مثلها كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وجزاء سيئة سيئة مثلها ، كما زيدت في الخبر كقوله :
2587 - فلا تطمع - أبيت اللعن - فيها ومنعكها بشيء يستطاع
أي : شيء يستطاع ، كقول
امرئ القيس :
2588 - فإن تنأ عنها حقبة لا تلاقها فإنك مما أحدثت بالمجرب
[ ص: 185 ] أي : المجرب ، وهذا قول
ابن كيسان في الآية . الثالث : أن الباء ليست بزائدة والتقدير : مقدر بمثلها أو مستقر بمثلها ، والمبتدأ الثاني وخبره خبر عن الأول . الرابع : أن خبر " جزاء سيئة " محذوف ، فقدره
nindex.php?page=showalam&ids=14183الحوفي بقوله : " لهم جزاء سيئة " قال : ودل على تقدير " لهم " قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=26للذين أحسنوا الحسنى حتى تتشاكل هذه بهذه . وقدره
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء : جزاء سيئة بمثلها واقع ، وهو وخبره أيضا خبر عن الأول . وعلى هذين التقديرين فالباء متعلقة بنفس جزاء ، لأن هذه المادة تتعدى بالباء ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=17جزيناهم بما كفروا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12وجزاهم بما صبروا إلى غير ذلك . فإن قلت : أين الرابط بين هذه الجملة والموصول الذي هو المبتدأ ؟ ، قلت : على تقدير
nindex.php?page=showalam&ids=14183الحوفي هو الضمير المجرور باللام المقدر خبرا ، وعلى تقدير
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبي البقاء هو الضمير المجرور باللام المقدر خبرا ، وعلى تقدير
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبي البقاء هو محذوف تقديره : جزاء سيئة بمثلها منهم واقع ، نحو : " السمن منوان بدرهم " وهو حذف مطرد لما عرفته غير مرة .
الخامس : أن يكون الخبر الجملة المنفية من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27ما لهم من الله من عاصم ، ويكون
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " من عاصم " إما فاعلا بالجار قبله لاعتماده على النفي ، وإما مبتدأ ، وخبره الجار مقدما عليه ، و " من " مزيدة فيه على كلا القولين .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " من الله " متعلق بـ " عاصم " . وعلى كون هذه الجملة خبر الموصول يكون قد فصل بين المبتدأ وخبره بجملتي اعتراض . وفي ذلك خلاف عن
nindex.php?page=showalam&ids=12095الفارسي تقدم التنبيه عليه وما استدل به عليه .
السادس : أن الخبر هو الجملة التشبيهية من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27كأنما أغشيت [ ص: 186 ] وجوههم ، و " كأنما " حرف مكفوف ، و " ما " هذه زائدة تسمى كافة ومهيئة ، وتقدم ذلك . وعلى هذا الوجه فيكون قد فصل بين المبتدأ وخبره بثلاث جمل اعتراض .
السابع : أن الخبر هو الجملة من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27أولئك أصحاب النار ، وعلى هذا القول فيكون قد فصل بأربع جمل معترضة وهي :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27جزاء سيئة بمثلها ، والثانية :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " وترهقهم ذلة " ، والثالث :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27ما لهم من الله من عاصم ، الرابع :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " كأنما أغشيت " . وينبغي أن لا يجوز الفصل بثلاث جمل فضلا عن أربع .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27وترهقهم فيها وجهان أحدهما : أنها في محل نصب على الحال . ولم يبين
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء صاحبها ، وصاحبها هو الموصول أو ضميره . وفيه ضعف لمباشرته الواو ، إلا أن يجعل خبر مبتدأ محذوف . الثاني : أنها معطوفة على
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " كسبوا " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء : " وهو ضعيف لأن المستقبل لا يعطف على الماضي . فإن قيل : هو بمعنى الماضي فضعيف جدا " . وقرئ : " ويرهقهم " بالياء من تحت ، لأن تأنيثها مجازي .
قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27قطعا قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي " قطعا " بسكون الطاء ، والباقون بفتحها . فأما القراءة الأولى فاختلفت عبارات الناس فيها ، فقال أهل اللغة : " القطع " ظلمة آخر الليل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13674الأخفش في قوله : " بقطع من الليل " بسواد من الليل . وقال بعضهم : " طائف من الليل " ، وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=13674الأخفش :
[ ص: 187 ] 2589 - افتحي الباب فانظري في النجوم كم علينا من قطع ليل بهيم
وأما قراءة الباقين فجمع " قطعة " نحو : دمنة ودمن ، وكسرة وكسر وعلى القراءتين يختلف إعراب " مظلما " ، فإنه على قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=16456وابن كثير يجوز أن يكون نعتا لـ " قطعا " ، ووصف بذلك مبالغة في وصف وجوههم بالسواد ، ويجوز أن يكون حالا فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أنه حال من " قطعا " ، وجاز ذلك لتخصصه بالوصف بالجار بعده وهو " من الليل " ، والثاني : أنه حال من " الليل " ، والثالث : أنه حال من الضمير المستتر في الجار لوقوعه صفة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : " فإن قلت : إذا جعلت " مظلما " حالا من " الليل " فما العامل فيه ؟ قلت : لا يخلو : إما أن يكون " أغشيت " من قبل أن " من الليل " صفة لقوله : " قطعا " ، وكان إفضاؤه إلى الموصوف كإفضائه إلى الصفة ، وإما أن يكون معنى الفعل في " من الليل " .
قال الشيخ : " أما الوجه الأول فهو بعيد لأن الأصل أن يكون العامل في الحال هو العامل في ذي الحال ، والعامل في " من الليل " هو الاستقرار ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " أغشيت " عامل في قوله : " قطعا " الموصوف بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " من الليل " فاختلفا ، فلذلك كان الوجه الأخير أولى ، أي : قطعا مستقرة من الليل ، أو كائنة من الليل في حال إظلامه " . قلت : ولا يعني
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري بقوله : " إن العامل أغشيت " إلا أن الموصوف وهو " قطعا " معمول لأغشيت والعامل في الموصوف هو عامل في الصفة ، والصفة هي
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " من الليل " فهي معمولة لـ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " أغشيت " ، وهي صاحبة الحال ، والعامل في الحال هو العامل في ذي الحال ، فجاء من ذلك أن العامل في الحال هو العامل في صاحبها بهذه الطريقة . ويجوز أن يكون " قطعا " جمع قطعة ، أي : اسم جنس ، فيجوز حينئذ وصفه بالتذكير نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=20 " نخل منقعر " والتأنيث نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=7 " نخل خاوية " .
[ ص: 188 ] وأما قراءة الباقين فقال
nindex.php?page=showalam&ids=17141مكي وغيره : " إن " مظلما " حال من " الليل " فقط . ولا يجوز أن يكون صفة لـ " قطعا " ، ولا حالا منه ، ولا من الضمير في " من الليل " ، لأنه كان يجب أن يقال فيه : مظلمة " . قلت : يعنون أن الموصوف حينئذ جمع ، وكذا صاحب الحال فتجب المطابقة . وأجاز بعضهم ما منعه هؤلاء وقالوا : جاز ذلك لأنه في معنى الكثير ، وهذا فيه تعسف .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي ( تغشى وجوههم قطع ) بالرفع ، " مظلم " . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة كذلك ، إلا أنه فتح الطاء . وإذا جعلت " مظلما " نعتا لـ " قطعا " ، فتكون قد قدمت النعت غير الصريح على الصريح . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية : " فإذا كان نعتا - يعني مظلما نعتا لقطع - فكان حقه أن يكون قبل الجملة ، ولكن قد يجيء بعد هذا ، وتقدير الجملة : قطعا استقر من الليل مظلما على نحو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=155وهذا كتاب أنزلناه مبارك . قال الشيخ : " ولا يتعين تقدير العامل في المجرور بالفعل فيكون جملة ، بل الظاهر تقديره باسم الفاعل فيكون من قبيل الوصف بالمفرد ، والتقدير : قطعا كائنا من الليل مظلما " . قلت : المحذور تقديم غير الصريح على الصريح ولو كان مقدرا بمفرد .
و " قطعا " منصوب بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " أغشيت " مفعولا ثانيا .
آ . (27) قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=28908_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27وَالَّذِينَ كَسَبُوا : فِيهِ سَبْعَةُ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : " أَنْ يَكُونَ " وَالَّذِينَ " نَسَقًا عَلَى " لِلَّذِينِ " أَحْسَنُوا " أَيْ : لِلَّذِينِ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى ، وَلِلَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا ، فَيَتَعَادَلُ التَّقْسِيمُ كَقَوْلِكَ : " فِي الدَّارِ زَيْدٌ وَالْحُجْرَةِ عَمْرٌو " ، وَهَذَا يُسَمِّيهِ النَّحْوِيُّونَ عَطْفًا عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلَيْنِ . وَفِيهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ ، أَحَدُهَا : الْجَوَازُ مُطْلَقًا ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءِ . وَالثَّانِي : الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ . وَالثَّالِثُ : التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْجَارُّ نَحْوَ : " فِي الدَّارِ زَيْدٌ وَالْحُجْرَةِ عَمْرٌو " ، فَيَجُوزُ ، أَوْ لَا ، فَيَمْتَنِعُ نَحْوَ : " إِنَّ زَيْدًا فِي الدَّارِ وَعَمْرًا الْقَصْرِ " ، أَيْ : وَإِنَّ عَمْرًا فِي الْقَصْرِ . وَسِيبَوَيْهِ وَأَتْبَاعُهُ يُخَرِّجُونَ مَا وَرَدَ مِنْهُ عَلَى إِضْمَارِ الْجَارِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=190وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ...
[ ص: 184 ] لآيَاتٍ بِنُصْبِ " آيَاتٍ " فِي قِرَاءَةِ الْأَخَوَيْنِ عَلَى مَا سَيَأْتِي ، وَكَقَوْلِهِ :
2585 - أَكُلَّ امْرِئٍ تَحْسَبِينَ امْرَأً وَنَارٍ تَوَقَّدُ بِاللَّيْلِ نَارًا
وَقَوْلِ الْآخَرِ :
2586 - أَوْصَيْتَ مَنْ تَوَّهَ قَلْبًا حُرًّا بِالْكَلْبِ خَيْرًا وَالْحَمَاةِ شَرَّا
وَسَيَأْتِي لِهَذَا مَزِيدُ بَيَانٍ فِي غُضُونِ هَذَا التَّصْنِيفِ . وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ هَذَا الْمَوْصُولَ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى الْمَوْصُولِ قَبْلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابْنُ عَطِيَّةَ nindex.php?page=showalam&ids=14423وَأَبُو الْقَاسِمِ الزَّمَخْشَرِيُّ . الثَّانِي : أَنَّ " الَّذِينَ " مُبْتَدَأٌ ، وَجَزَاءَ سَيِّئَةٍ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ ، وَخَبَرُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " بِمِثْلِهَا " ، وَالْبَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ ، أَيْ : وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ مِثْلُهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٍ مِثْلُهَا ، كَمَا زِيدَتْ فِي الْخَبَرِ كَقَوْلِهِ :
2587 - فَلَا تَطْمَعْ - أَبَيْتَ اللَّعْنَ - فِيهَا وَمَنْعُكَهَا بِشَيْءٍ يُسْتَطَاعُ
أَيْ : شَيْءٌ يُسْتَطَاعُ ، كَقَوْلِ
امْرِئِ الْقَيْسِ :
2588 - فَإِنْ تَنْأَ عَنْهَا حِقْبَةً لَا تُلَاقِهَا فَإِنَّكَ مِمَّا أَحْدَثْتَ بِالْمُجَرِّبِ
[ ص: 185 ] أَيِ : الْمُجَرِّبَ ، وَهَذَا قَوْلُ
ابْنِ كِيسَانَ فِي الْآيَةِ . الثَّالِثُ : أَنَّ الْبَاءَ لَيْسَتْ بِزَائِدَةٍ وَالتَّقْدِيرُ : مُقَدَّرٌ بِمِثْلِهَا أَوْ مُسْتَقِرٌّ بِمِثْلِهَا ، وَالْمُبْتَدَأُ الثَّانِي وَخَبَرُهُ خَبَرٌ عَنِ الْأَوَّلِ . الرَّابِعُ : أَنَّ خَبَرَ " جَزَاءُ سَيِّئَةٍ " مَحْذُوفٌ ، فَقَدَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14183الْحُوفِيُّ بِقَوْلِهِ : " لَهُمْ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ " قَالَ : وَدَلَّ عَلَى تَقْدِيرِ " لَهُمْ " قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=26لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى حَتَّى تَتَشَاكَلَ هَذِهِ بِهَذِهِ . وَقَدَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ : جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَاقِعٌ ، وَهُوَ وَخَبَرُهُ أَيْضًا خَبَرٌ عَنِ الْأَوَّلِ . وَعَلَى هَذَيْنَ التَّقْدِيرَيْنِ فَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِنَفْسِ جَزَاءٍ ، لِأَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ تَتَعَدَّى بِالْبَاءِ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=17جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ . فَإِنْ قُلْتَ : أَيْنَ الرَّابِطُ بَيْنَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَالْمَوْصُولِ الَّذِي هُوَ الْمُبْتَدَأُ ؟ ، قُلْتُ : عَلَى تَقْدِيرِ
nindex.php?page=showalam&ids=14183الْحُوفِيِّ هُوَ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِاللَّامِ الْمُقَدَّرُ خَبَرًا ، وَعَلَى تَقْدِيرِ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبِي الْبَقَاءِ هُوَ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِاللَّامِ الْمُقَدَّرُ خَبَرًا ، وَعَلَى تَقْدِيرِ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبِي الْبَقَاءِ هُوَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا مِنْهُمْ وَاقِعٌ ، نَحْوَ : " السَّمْنُ مَنَوَانِ بِدِرْهَمٍ " وَهُوَ حَذْفٌ مُطَّرِدٌ لِمَا عَرَفْتَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ .
الْخَامِسُ : أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ الْجُمْلَةَ الْمَنْفِيَّةَ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنَ عَاصِمٍ ، وَيَكُونُ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " مِنْ عَاصِمٍ " إِمَّا فَاعِلًا بِالْجَارِّ قَبْلَهُ لِاعْتِمَادِهِ عَلَى النَّفْيِ ، وَإِمَّا مُبْتَدَأً ، وَخَبَرُهُ الْجَارُّ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ ، وَ " مِنْ " مَزِيدَةٌ فِيهِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " مِنَ اللَّهِ " مُتَعَلِّقٌ بِـ " عَاصِمٍ " . وَعَلَى كَوْنِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ خَبَرَ الْمَوْصُولِ يَكُونُ قَدْ فَصَلَ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَخَبَرِهِ بِجُمْلَتَيِ اعْتِرَاضٍ . وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12095الْفَارِسِيِّ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَيْهِ .
السَّادِسُ : أَنَّ الْخَبَرَ هُوَ الْجُمْلَةُ التَّشْبِيهِيَّةُ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ [ ص: 186 ] وُجُوهُهُمْ ، وَ " كَأَنَّمَا " حَرْفٌ مَكْفُوفٌ ، وَ " مَا " هَذِهِ زَائِدَةٌ تُسَمَّى كَافَّةً وَمُهَيِّئَةً ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ . وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيَكُونُ قَدْ فَصَلَ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَخَبَرِهِ بِثَلَاثِ جُمَلِ اعْتِرَاضٍ .
السَّابِعُ : أَنَّ الْخَبَرَ هُوَ الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَيَكُونُ قَدْ فَصَلَ بِأَرْبَعِ جُمَلٍ مُعْتَرِضَةٍ وَهِيَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا ، وَالثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ " ، وَالثَّالِثُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنَ عَاصِمٍ ، الرَّابِعُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ " . وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ الْفَصْلُ بِثَلَاثِ جُمَلٍ فَضْلًا عَنْ أَرْبَعٍ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27وَتَرْهَقُهُمْ فِيهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ . وَلَمْ يُبَيِّنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ صَاحِبَهَا ، وَصَاحِبُهَا هُوَ الْمَوْصُولُ أَوْ ضَمِيرُهُ . وَفِيهِ ضَعْفٌ لِمُبَاشَرَتِهِ الْوَاوَ ، إِلَّا أَنْ يُجْعَلَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ . الثَّانِي : أَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " كَسَبُوا " . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ : " وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمُسْتَقْبَلَ لَا يُعْطَفُ عَلَى الْمَاضِي . فَإِنْ قِيلَ : هُوَ بِمَعْنَى الْمَاضِي فَضَعِيفٌ جِدًّا " . وَقُرِئَ : " وَيَرْهَقُهُمْ " بِالْيَاءِ مِنْ تَحْتُ ، لِأَنَّ تَأْنِيثَهَا مَجَازِيٌّ .
قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27قِطَعًا قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ " قِطْعًا " بِسُكُونِ الطَّاءِ ، وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا . فَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الْأُولَى فَاخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ النَّاسِ فِيهَا ، فَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : " الْقِطْعُ " ظُلْمَةُ آخِرِ اللَّيْلِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13674الْأَخْفَشُ فِي قَوْلِهِ : " بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ " بِسَوَادٍ مِنَ اللَّيْلِ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : " طَائِفٌ مِنَ اللَّيْلِ " ، وَأَنْشَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13674الْأَخْفَشُ :
[ ص: 187 ] 2589 - افْتَحِي الْبَابَ فَانْظُرِي فِي النُّجُومِ كَمْ عَلَيْنَا مِنْ قِطْعِ لَيْلٍ بَهِيمٍ
وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْبَاقِينَ فَجَمْعُ " قِطْعَةٍ " نَحْوَ : دِمْنَةٍ وَدِمَنٍ ، وَكِسْرَةٍ وَكِسَرٍ وَعَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ يَخْتَلِفُ إِعْرَابُ " مُظْلِمًا " ، فَإِنَّهُ عَلَى قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16456وَابْنِ كَثِيرٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِـ " قِطْعًا " ، وَوُصِفَ بِذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي وَصْفِ وُجُوهِهِمْ بِالسَّوَادِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ، أَحَدُهَا : أَنَّهُ حَالٌ مِنْ " قِطْعًا " ، وَجَازَ ذَلِكَ لِتَخَصُّصِهِ بِالْوَصْفِ بِالْجَارِّ بَعْدَهُ وَهُوَ " مِنَ اللَّيْلِ " ، وَالثَّانِي : أَنَّهُ حَالٌ مِنَ " اللَّيْلِ " ، وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي الْجَارِّ لِوُقُوعِهِ صِفَةً .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : " فَإِنْ قُلْتَ : إِذَا جَعَلْتَ " مُظْلِمًا " حَالًا مِنَ " اللَّيْلِ " فَمَا الْعَامِلُ فِيهِ ؟ قُلْتُ : لَا يَخْلُو : إِمَّا أَنْ يَكُونَ " أُغْشِيَتْ " مِنْ قِبَلِ أَنَّ " مِنَ اللَّيْلِ " صِفَةٌ لِقَوْلِهِ : " قِطْعًا " ، وَكَانَ إِفْضَاؤُهُ إِلَى الْمَوْصُوفِ كَإِفْضَائِهِ إِلَى الصِّفَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْفِعْلِ فِي " مِنَ اللَّيْلِ " .
قَالَ الشَّيْخُ : " أَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِي الْحَالِ هُوَ الْعَامِلَ فِي ذِي الْحَالِ ، وَالْعَامِلُ فِي " مِنَ اللَّيْلِ " هُوَ الِاسْتِقْرَارُ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " أُغْشِيَتْ " عَامِلٌ فِي قَوْلِهِ : " قِطَعًا " الْمَوْصُوفِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " مِنَ اللَّيْلِ " فَاخْتَلَفَا ، فَلِذَلِكَ كَانَ الْوَجْهُ الْأَخِيرُ أَوْلَى ، أَيْ : قِطَعًا مُسْتَقِرَّةً مِنَ اللَّيْلِ ، أَوْ كَائِنَةً مِنَ اللَّيْلِ فِي حَالِ إِظْلَامِهِ " . قُلْتُ : وَلَا يَعْنِي
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ بِقَوْلِهِ : " إِنَّ الْعَامِلَ أُغْشِيَتْ " إِلَّا أَنَّ الْمَوْصُوفَ وَهُوَ " قِطْعًا " مَعْمُولٌ لِأُغْشِيَتْ وَالْعَامِلُ فِي الْمَوْصُوفِ هُوَ عَامِلٌ فِي الصِّفَةِ ، وَالصِّفَةُ هِيَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " مِنَ اللَّيْلِ " فَهِيَ مَعْمُولَةٌ لِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " أُغْشِيَتْ " ، وَهِيَ صَاحِبَةُ الْحَالِ ، وَالْعَامِلُ فِي الْحَالِ هُوَ الْعَامِلُ فِي ذِي الْحَالِ ، فَجَاءَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الْحَالِ هُوَ الْعَامِلُ فِي صَاحِبِهَا بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ " قِطْعًا " جَمْعُ قِطْعَةٍ ، أَيِ : اسْمُ جِنْسٍ ، فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ وَصْفُهُ بِالتَّذْكِيرِ نَحْوَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=20 " نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ " وَالتَّأْنِيثُ نَحْوَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=7 " نَخْلٍ خَاوِيَةٍ " .
[ ص: 188 ] وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْبَاقِينَ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17141مَكِّيٌّ وَغَيْرُهُ : " إِنَّ " مُظْلِمًا " حَالٌ مِنَ " اللَّيْلِ " فَقَطْ . وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِـ " قِطَعًا " ، وَلَا حَالًا مِنْهُ ، وَلَا مِنَ الضَّمِيرِ فِي " مِنَ اللَّيْلِ " ، لِأَنَّهُ كَانَ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ : مُظْلِمَةً " . قُلْتُ : يَعْنُونَ أَنَّ الْمَوْصُوفَ حِينَئِذٍ جَمْعٌ ، وَكَذَا صَاحِبُ الْحَالِ فَتَجِبُ الْمُطَابَقَةُ . وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ مَا مَنَعَهُ هَؤُلَاءِ وَقَالُوا : جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْكَثِيرِ ، وَهَذَا فِيهِ تَعَسُّفٌ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيٌّ ( تَغْشَى وُجُوهُهُمْ قِطْعٌ ) بِالرَّفْعِ ، " مُظْلِمٌ " . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ كَذَلِكَ ، إِلَّا أَنَّهُ فَتَحَ الطَّاءَ . وَإِذَا جَعَلْتَ " مُظْلِمًا " نَعْتًا لِـ " قِطَعًا " ، فَتَكُونُ قَدْ قَدَّمْتَ النَّعْتَ غَيْرَ الصَّرِيحِ عَلَى الصَّرِيحِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابْنُ عَطِيَّةَ : " فَإِذَا كَانَ نَعْتًا - يَعْنِي مُظْلِمًا نَعْتًا لِقِطَعٍ - فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْجُمْلَةِ ، وَلَكِنْ قَدْ يَجِيءُ بَعْدَ هَذَا ، وَتَقْدِيرُ الْجُمْلَةِ : قِطَعًا اسْتَقَرَّ مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=155وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ . قَالَ الشَّيْخُ : " وَلَا يَتَعَيَّنُ تَقْدِيرُ الْعَامِلِ فِي الْمَجْرُورِ بِالْفِعْلِ فَيَكُونُ جُمْلَةً ، بَلِ الظَّاهِرُ تَقْدِيرُهُ بِاسْمِ الْفَاعِلِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْوَصْفِ بِالْمُفْرَدِ ، وَالتَّقْدِيرُ : قِطَعًا كَائِنًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا " . قُلْتُ : الْمَحْذُورُ تَقْدِيمُ غَيْرِ الصَّرِيحِ عَلَى الصَّرِيحِ وَلَوْ كَانَ مُقَدَّرًا بِمُفْرَدٍ .
وَ " قِطَعًا " مَنْصُوبٌ بِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=27 " أُغْشِيَتْ " مَفْعُولًا ثَانِيًا .