والشقة : الأرض التي يشق ركوبها اشتقاقا من الشق أو المشقة .
قوله : بالله متعلق بـ " سيحلفون " ، وقال : " بالله " متعلق بـ " سيحلفون " ، أو هو من جملة كلامهم ، والقول مراد في الوجهين ، أي : سيحلفون ، يعني المتخلفين عند رجوعك متعذرين يقولون : بالله لو استطعنا ، أو وسيحلفون بالله يقولون : لو استطعنا ، وقوله الزمخشري " لخرجنا " سد مسد جواب القسم و " لو " جميعا " . قال الشيخ : " قوله : لخرجنا سد مسد [ ص: 54 ] جواب القسم و " لو " جميعا ليس بجيد ، بل للنحويين في نحو هذا مذهبان ، أحدهما : أن " لخرجنا " جواب القسم ، وجواب " لو " محذوف على قاعدة اجتماع القسم والشرط ، إذ تقدم القسم على الشرط ، وهذا اختيار أبي الحسن ابن عصفور . والآخر : أن " لخرجنا " جواب " لو " ، و " لو " وجوابها جواب القسم ، وهذا اختيار ابن مالك ، أما أن " لخرجنا " ساد مسدهما فلا أعلم أحدا ذهب إلى ذلك . ويحتمل أن يتأول كلامه على أنه لما حذف جواب " لو " ودل عليه جواب القسم جعل كأنه سد مسد جواب القسم وجواب لو "
وقرأ الأعمش " لو استطعنا " بضم الواو ، كأنهما فرا من الكسرة على الواو ، وإن كان الأصل ، وشبها واو " لو " بواو الضمير كما شبهوا واو الضمير بواو " لو " ، حيث كسروها نحو " اشتروا الضلالة " لالتقاء الساكنين . وقرأ وزيد بن علي " اشتروا الضلالة " ، و " لو استطعنا " بفتح الواو تخفيفا . الحسن
قوله " : يهلكون في هذه الجملة ثلاثة أوجه ، أحدها : أنها حال من فاعل " سيحلفون " ، أي : سيحلفون مهلكين أنفسهم . والثاني : أنها بدل من الجملة قبلها وهي " سيحلفون " . الثالث : أنها حال من فاعل " لخرجنا " . وقد ذكر هذه الأوجه الثلاثة ، فقال : " يهلكون : إما أن يكون بدلا من " سيحلفون " أو حالا بمعنى مهلكين . والمعنى : أنهم يوقعون في الهلاك أنفسهم بحلفهم الكاذب . ويحتمل أن يكون حالا من فاعل " خرجنا " ، أي : لخرجنا [ ص: 55 ] وإن أهلكنا أنفسنا . وجاء بلفظ الغائب لأنه مخبر عنهم ، ألا ترى أنه لو قيل : سيحلفون بالله لو استطاعوا لخرجوا لكان سديدا ، يقال : حلف بالله ليفعلن ولأفعلن ، فالغيبة على حكم الإخبار ، والتكلم على الحكاية " . الزمخشري
قال الشيخ : " أما كون " يهلكون " بدلا من " سيحلفون " فبعيد ؛ لأن الإهلاك ليس مرادفا للحلف ولا هو نوع منه ، ولا يبدل فعل من فعل إلا إن كان مرادفا له أو نوعا منه " قلت : يصح البدل على معنى أنه بدل اشتمال ؛ وذلك لأن الحلف سبب للإهلاك فهو مشتمل عليه ، فأبدل المسبب من سببه لاشتماله عليه ، وله نظائر كثيرة منها قوله :
2487 - إن علي الله أن تبايعا تؤخذ كرها أو تجيء طائعا
فـ " تؤخذ " بدل من " تبايع " بدل اشتمال بالمعنى المذكور ، وليس أحدهما نوعا من الآخر . ثم قال الشيخ : " وأما كونه حالا من قوله " لخرجنا " فيه ضمير المتكلم ، فالذي يجري عليه إنما يكون بضمير المتكلم ، فلو كان حالا من فاعل " لخرجنا " " لكان التركيب : نهلك أنفسنا أي مهلكي أنفسنا . وأما قياسه ذلك على " حلف زيد ليفعلن " و " لأفعلن " فليس بصحيح ؛ لأنه إذا أجراه على ضمير الغيبة لا يخرج منه إلى ضمير المتكلم ، لو قلت : " حلف زيد ليفعلن وأنا قائم " على أن يكون " وأنا قائم " حالا من ضمير " ليفعلن " لم يجز ، وكذا عكسه نحو : " حلف زيد لأفعلن يقوم " تريد : قائما لم يجز . وأما قوله " وجاء به على لفظ الغائب لأنه مخبر عنهم " فمغالطة ، ليس مخبرا عنهم بقوله " لو استطعنا لخرجنا " ، بل هو حاك لفظ قولهم . ثم قال : " ألا ترى لو قيل : لو استطاعوا [ ص: 56 ] لخرجوا لكان سديدا إلى آخره " كلام صحيح لكنه تعالى لم يقل ذلك إخبارا عنهم ، بل حكاية ، والحال من جملة كلامهم المحكي ، فلا يجوز أن يخالف بين ذي الحال وحاله لاشتراكهما في العامل . لو قلت : " قال زيد خرجت يضرب خالدا " تريد : اضرب خالدا ، لم يجز . ولو قلت : " قالت هند : خرج زيد اضرب خالدا " تريد : خرج زيد ضاربا خالدا لم يجز " انتهى .
الرابع : أنها جملة استئنافية أخبر الله عنهم بذلك .