2456 - وخبرتماني أنما الموت بالقرى فكيف وهاتا هضبة وكثيب
أي : كيف مات ؟ ، وقال الحطيئة : [ ص: 17 ]
2457 - فكيف ولم أعلمهم خذلوكم على معظم ولا أديمكم قدوا
أي : كيف تلومني في مدحهم ؟ قال الشيخ : " وقدر الفعل بعد " كيف " بقوله : " كيف تطمئنون " ، وقدره غيره بكيف لا تقاتلونهم " . قلت : ولم يقدره أبو البقاء بهذا وحده ، بل به وبالوجه المختار كما قدمته عنه . أبو البقاء
قوله : وإن يظهروا هذه الجملة الشرطية في محل نصب على الحال أي : كيف يكون لهم عهد وهم على حالة تنافي ذلك ؟ وقد تقدم تحقيق هذا عند قوله : وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه . و " لا يرقبوا " جواب الشرط . وقرأ : " وإن يظهروا " ببنائه للمفعول ، من أظهره عليه أي : جعله غالبا له . زيد بن علي
قوله : إلا مفعول به بـ " يرقبوا " أي : لا يحفظوا . وفي " الإل " أقوال لأهل اللغة أحدها : أن المراد به العهد ، قاله أبو عبيدة وابن زيد ، ومنه قول الشاعر : والسدي
2458 - لولا بنو مالك والإل مرقبة ومالك فيهم الآلاء والشرف
أي : الحلف . وقال آخر :
2459 - وجدناهما كاذبا إلهم وذو الإل والعهد لا يكذب
[ ص: 18 ] وقال آخر :
2460 - أفسد الناس خلوف خلفوا قطعوا الإل وأعراق الرحم
وفي حديث أم زرع : " بيت أبي زرع وفي الإل ، كريم الخل ، برود الظل " أي : وفي العهد .
الثاني : أن المراد به القرابة ، وبه قال ، وأنشد الفراء رضي الله عنه : لحسان
2461 - لعمرك إن إلك من قريش كإل السقب من رأل النعام
وأنشد على ذلك قوله : أبو عبيدة
2462 - ... ... ... ... قطعوا الإل وأعراق الرحم
الثالث : أن المراد به الله تعالى أي : هو اسم من أسمائه ، واستدلوا على ذلك بحديث أبي بكر لما عرض عليه كلام مسيلمة - لعنه الله- : " إن هذا الكلام لم يخرج من إل " أي : الله عز وجل . ولم يرتض هذا قال : " لأن أسماءه تعالى معروفة في الكتاب والسنة ، ولم يسمع أحد يقول : يا إل افعل لي كذا . الزجاج
[ ص: 19 ] الرابع : أن الإل الجؤار ، وهو رفع الصوت عند التحالف ، وذلك أنهم كانوا إذا تماسحوا وتحالفوا جأروا بذلك جؤارا ، ومنه قول أبي جهل :
2463 - لإل علينا واجب لا نضيعه متين قواه غير منتكث الحبل
الخامس : أنه من " أل البرق " أي : لمع . قال : " الأليل : البريق ، يقال : أل يؤل أي : صفا ولمع " . وقيل : الإل من التحديد ومنه " الألة " الحربة وذلك لحدتها . وقد جعل بعضهم بين هذه المعاني قدرا مشتركا يرجع إليه جميع ما ذكرته لك ، فقال الأزهري : " حقيقة الإل عندي على ما توحيه اللغة التحديد للشيء ، فمن ذلك : الألة : الحربة ، وأذن مؤللة ، فالإل يخرج في جميع ما فسر من العهد والقرابة والجؤار من هذا ، فإذا قلت في العهد : " بينهما إل " فتأويله أنهما قد حددا في أخذ العهود ، وكذلك في الجؤار والقرابة . وقال الزجاج : " الإل : كل حالة ظاهرة من عهد وحلف وقرابة تئل أي : تلمع ، وأل الفرس : أسرع ، والألة : الحربة اللامعة " ، وأنشد غيره على ذلك قول الراغب حماس بن قيس يوم فتح مكة :
2464 - إن يقبلوا اليوم فما لي علة هذا سلاح كامل وألة
وذو غرارين سريع السلة ... ... ... ...
2465 - وأنت ما أنت في غبراء مظلمة إذا دعت ألليها الكاعب الفضل
انتهى . وقرأت فرقة : " ألا " بالفتح ، وهو على ما ذكر من كونه مصدرا من أل يؤل إذا عاهد . وقرأ : " إيلا " بكسر الهمزة ، بعدها ياء ساكنة ، وفيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أنه اسم الله تعالى ، ويؤيد ذلك ما تقدم ذلك في عكرمة جبريل وإسرائيل أن المعنى . والثاني : أنه يجوز أن يكون مشتقا من آل يؤول إذا صار إلى آخر الأمر ، أو من آل يؤول إذا ساس قاله عبد الله أي : لا يرقبون فيكم سياسة ولا مداراة . وعلى التقديرين سكنت الواو بعد كسرة فقلبت ياء كريح . الثالث : أنه هو الإل المضعف ، وإنما استثقل التضعيف فأبدل إحداهما حرف علة كقولهم : أمليت الكتاب وأمللته . قال : الشاعر : [ ص: 21 ] ابن جني
2466 - يا ليتما أمنا شالت نعامتها أيما إلى جنة أيما إلى نار
قوله : ولا ذمة الذمة : قيل العهد ، فيكون مما كرر لاختلاف لفظه إذا قلنا : إن الإل العهد أيضا ، فهو كقوله تعالى :
صلوات من ربهم ورحمة .
وقوله :
2467 - ... ... ... ... وألفى قولها كذبا ومينا
2468 - ... ... ... ... وهند أتى من دونها النأي والبعد
2469 - يصيح بالأسحار في كل صارة كما ناشد الذم الكفيل المعاهد
2470 - ... ... ... ... كما ناشد الذم ... ... ... ...
قوله : يرضونكم فيه وجهان ، أحدهما : أنه مستأنف ، وهذا هو الظاهر ، أخبر أن حالهم كذلك . والثاني : أنها في محل نصب على الحال من فاعل " لا يرقبوا " ، قال : " وليس بشيء لأنهم بعد ظهورهم لا يرضون المؤمنين " . أبو البقاء
قوله : وتأبى يقال : أبى يأبى إبى أي : اشتد امتناعه : فكل إباء امتناع من غير عكس قال :
2471 - أبى الله إلا عدله ووفاءه فلا النكر معروف ولا العرف ضائع
وقال آخر : [ ص: 23 ]
2472 - أبى الضيم والنعمان يحرق نابه عليه فأفضى والسيوف معاقله
فليس من فسره بمطلق الامتناع بمصيب . ومجيء المضارع منه على يفعل بفتح العين شاذ ، ومثله قلى يقلى في لغة .