( قال : ) وإذا فهما على نكاحهما استحسانا عندنا ، وفي القياس تقع الفرقة بينهما ، وهو قول ارتد الزوجان معا رحمه الله تعالى ; لأن في ردتهما ردة أحدهما وزيادة ، فإذا كانت ردتها تنافي ابتداء النكاح تنافي البقاء أيضا ، ولكنا تركنا القياس ; لاتفاق الصحابة رضي الله تعالى عنهم فإن زفر بني حنيفة ارتدوا بمنع الزكاة فاستتابهم رضي الله تعالى عنه ، ولم يأمرهم بتجديد الأنكحة بعد التوبة ، ولا أحد من الصحابة رحمهم الله تعالى سواه ، ولا يقال لعل الارتداد من بعضهم كان قبل بعض ، ولم يشتغل بذلك أيضا ; لأن كل أمرين لا يعرف التاريخ بينهما يجعل كأنهما وقعا معا . أبو بكر
وفقه هذا الكلام أن وقوع الفرقة عند ردة أحدهما ; لظهور خبثه عند المقابلة [ ص: 50 ] بطيب المسلم فإذا ارتدا معا لا يظهر هذا الخبث بالمقابلة ; لأنه تقابل الخبث بالخبث ، والمعنى فيه أنه لم يختلف لهما دين ، ولا دار فيبقى ما كان بينهما على ما كان كما إذا أسلم الكافران معا ، واعتبار البقاء بالابتداء فاسد فإن العدة تمنع ابتداء النكاح ، ولا تمنع البقاء ، ولا فرق ; لأن كل واحد منهما يوجب حرمة المحل ، ولكنها غير متأبدة فإن أسلم أحدهما ، وقعت الفرقة بينهما بإصرار الآخر على الردة ; لظهور خبثه الآن عند المقابلة بطيب الآخر ، حتى لو كانت المرأة هي التي أسلمت قبل الدخول فلها نصف الصداق ، وإن كان الزوج هو الذي أسلم فلا شيء لها ; لأن الفرقة من جانب من أصر على الردة ، فإن إصراره بعد إسلام الآخر كإنشاء الردة