702 - مسألة : أصلا - تجر في بلاده أو في غير بلاده - إلا أن يكونوا صولحوا على ذلك مع الجزية في أصل عقدهم ، فتؤخذ حينئذ منهم وإلا فلا ، أما المسلمون فقد ذكرنا قبل أنه لا زكاة عليهم في العروض - لتجارة كانت أو لغير تجارة - وأما الكفار فإنما أوجب الله تعالى عليهم الجزية فقط ; فإن كان ذلك صلحا مع الجزية فهو حق وعهد صحيح ، وإلا فلا يحل أخذ شيء من أموالهم بعد صحة عقد الذمة بالجزية والصغار ، ما لم ينقضوا العهد - وبالله تعالى التوفيق ، وقال ولا يجوز أخذ زكاة ولا تعشير مما يتجر به تجار المسلمين ، ولا من كافر : يؤخذ من أبو حنيفة أهل الذمة إذا سافروا نصف العشر في الحول مرة فقط ولا يؤخذ منهم من أقل من مائتي درهم شيء ، وكذلك يؤخذ من الحربي العشر إذا بلغ مائتي درهم ، وإلا فلا ; إلا إن كانوا لا يأخذون من تجارنا شيئا فلا نأخذ من تجارهم شيئا ؟ [ ص: 235 ] قال : يؤخذ من مالك أهل الذمة العشر إذا تجروا إلى غير بلادهم - مما قل أو كثر - إذا باعوا ، ويؤخذ منهم في كل سفرة كذلك ، ولو مررا في السنة ، فإن تجروا في بلادهم لم يؤخذ منهم شيء ، ويؤخذ من الحربيين كذلك إلا فيما حملوا إلى المدينة خاصة من الحنطة ، والزبيب خاصة ، فإنه لا يؤخذ منهم إلا نصف العشر فقط .
قال : احتجوا في ذلك بما روي من طريق أبو محمد عن معمر الزهري عن : كنت أعشر مع السائب بن يزيد عبد الله بن عتبة زمن ، فكان يأخذ من عمر بن الخطاب أهل الذمة أنصاف عشر أموالهم فيما تجروا به ؟ وبحديث عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك : خذ من المسلمين من كل أربعين درهما درهما ، ومن عمر بن الخطاب أهل الذمة من كل عشرين درهما درهما ، وممن لا ذمة له من كل عشرة دراهم درهما .
ومن طريق زياد بن حدير : أمرني بأن آخذ من عمر بني تغلب العشر ، ومن نصارى أهل الكتاب نصف العشر .
ومن طريق عن مالك الزهري عن قال : كنت غلاما مع السائب بن يزيد عبد الله بن عتبة على سوق المدينة زمان ، فكان يأخذ من النبط العشر ؟ قال عمر بن الخطاب : هذا كله لا حجة فيه ، لأنه ليس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأيضا - فرب قضية خالفوا فيها أبو محمد قد ذكرناها آنفا ، وليس يجوز أن يكون بعض حكم عمر حجة وبعضه ليس بحجة ، وأيضا - فإن هذه الآثار مختلفة عن عمر ، في بعضها العشر من عمر أهل الكتاب ، وفي بعضها نصف العشر ، فما الذي جعل بعضها أولى من بعض ، وقد خالف المالكيون هذه الآثار في تفريقهم بين تجارتهم في أقطار بلادهم أو غيرها ، وخالفها الحنفيون في وضعهم ذلك مرة في العام فقط ، وذلك في هذه الآثار ، وذكروا في ذلك خبرا فاسدا من طريق عن ابن أبي ذئب عبد الرحمن بن مهران : أن كتب إلى عمر أيوب بن شرحبيل : خذ من المسلمين من كل أربعين دينارا دينارا ، ومن [ ص: 236 ] أهل الكتاب من كل عشرين دينارا دينارا ، إذا كانوا يديرونها ، ثم لا تأخذ منهم شيئا حتى رأس الحول ، فإني سمعت ذلك ممن سمعه ممن سمع النبي صلى الله عليه وسلم
( قال : وهذا عن مجهولين ، وليس أيضا فيه بيان أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ) قال أبو محمد : فكيف وقد روينا عن عمر رضي الله عنه بيان هذا كله ، كما حدثنا أبو محمد أحمد بن محمد بن الجسور ثنا ثنا محمد بن عيسى ثنا علي بن عبد العزيز أبو عبيد ثنا الأنصاري هو القاضي محمد بن عبد الله بن المثنى عن سعيد بن أبي عروبة عن عن قتادة أبي مجلز قال : بعث : عمر ، عمارا ، وابن مسعود وعثمان بن حنيف إلى الكوفة - فذكر الحديث وفيه - : أن عثمان بن حنيف مسح الأرض فوضع عليها كذا وكذا ، وجعل في أموال أهل الذمة الذين يختلفون بها من كل عشرين درهما درهما وجعل على رءوسهم - وعطل من ذلك النساء والصبيان - : أربعة وعشرين ثم كتب بذلك إلى فأجازه . عمر
فصح أن هذا كان في أصل العهد والعقد وذمتهم ، وبه إلى أبي عبيد : ثنا ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عبد الله بن خالد العبسي قال : سألت زياد بن حدير : من كنتم تعشرون ؟ قال ما كنا نعشر مسلما ولا معاهدا ، كنا نعشر تجار أهل الحرب كما يعشروننا إذا أتيناهم .
فصح أنه لم يكن يؤخذ ذلك ممن لم يعاقد على ذلك . وبه إلى أبي عبيد : ثنا عن معاوية عن الأعمش عن شقيق بن سلمة قال : والله ما عملت عملا أخوف عندي أن يدخلني النار من عملكم هذا ، وما بي أن أكون ظلمت فيه مسلما أو معاهدا دينارا ولا درهما ، ولكن لا أدري ما هذا الحبل الذي لم [ ص: 237 ] يسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مسروق أبو بكر ، ولا ؟ قالوا : فما حملك على أن دخلت فيه ؟ قال : لم يدعني عمر زياد ، ولا ، ولا الشيطان ، حتى دخلت فيه . شريح
قال : فصح أنه عمل محدث ولا يجوز أن يظن أبو محمد رضي الله عنه أنه تعدى ما كان في عقدهم ; كما لا يظن به في أمره أن يؤخذ من المسلمين من كل أربعين درهما درهم أنه فيما هو أقل من مائتي درهم - وبالله تعالى التوفيق . بعمر