701 - مسألة : لا مضاعفة ولا غير مضاعفة ، لا من ولا تؤخذ زكاة من كافر بني تغلب ولا من غيرهم - وهو قول ؟ وقال مالك ، أبو حنيفة ، كذلك إلا في والشافعي بني تغلب خاصة ; فإنهم قالوا : تؤخذ منهم الزكاة مضاعفة ، واحتجوا بخبر واه مضطرب في غاية الاضطراب ، رويناه من طريق عن أبي إسحاق الشيباني السفاح بن مطر عن داود بن كردوس التغلبي قال : صالحت [ ص: 232 ] عن عمر بن الخطاب بني تغلب - بعد أن قطعوا الفرات وأرادوا اللحوق بالروم - على أن لا يصبغوا صبيا ولا يكرهوا على غير دينهم على أن عليهم العشر مضاعفا في كل عشرين درهما درهم قال داود بن كردوس : ليس لبني تغلب ذمة ، قد صبغوا في دينهم ؟ ومن طريق عن هشيم المغيرة بن مقسم عن السفاح بن المثنى عن زرعة بن النعمان أو النعمان بن زرعة : أنه كلم في عمر بني تغلب وقال له : إنهم عرب يأنفون من الجزية ، فلا تعن عدوك بهم ; فصالحهم على أن أضعف عليهم الصدقة ، فاشترط عليهم : أن لا ينصروا أولادهم . عمر
قال مغيرة فحدثت أن قال : لئن تفرغت علي بن أبي طالب لبني تغلب لأقتلن مقاتلتهم ولأسبين ذراريهم ; فقد نقضوا ، وبرئت منهم الذمة حين نصروا أولادهم .
وروي أيضا من طريق عبد السلام بن حرب فقال : فيه عن داود بن كردوس عن عمارة بن النعمان ، وذكر مثله سواء سواء ، وذكر أنهم لا ذمة لهم اليوم .
وروينا أيضا من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث عن عن الليث عن يونس بن يزيد الزهري : لا نعلم في مواشي أهل الكتاب صدقة إلا الجزية غير أن نصارى بني تغلب - الذين جل أموالهم المواشي - تضعف عليهم حتى تكون مثلي الصدقة . هذا كل ما موهوا به ، ولو كان هذا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حل الأخذ به لانقطاعه وضعف رواته ، فكيف وليس هو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فكيف وقد خالفوا هذا الخبر نفسه وهدموا به أكثر أصولهم لأنهم يقولون : لا [ ص: 233 ] يقبل خبر الآحاد الثقات التي لم يجمع عليها فيما إذا كثرت به البلوى ، وهذا أمر تكثر به البلوى ، ولا يعرفه أهل المدينة وغيرهم ، فقبلوا فيه خبرا لا خير فيه ، وهم قد ردوا بأقل من هذا خبر الوضوء من مس الذكر ، ويقولون : لا يقبل خبر الآحاد الثقات إذا كان زائدا على ما في القرآن أو مخالفا له ، وردوا بهذا حديث اليمين مع الشاهد ، وكذبوا ما هو مخالف لما في القرآن ، ولا خلاف للقرآن أكثر من قول الله تعالى : { حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } فقالوا هم : إلا بني تغلب فلا يؤدون الجزية ( ولا صغار عليهم ; بل يؤدون الصدقة مضاعفة ; فخالفوا القرآن ، والسنن المنقولة نقل الكافة ) بخبر لا خير فيه ، وقالوا : لا يقبل خبر الآحاد الثقات إذا خالف الأصول ، وردوا بذلك خبر القرعة في الأعبد الستة ، وخبر المصراة ، وكذبوا ما هما مخالفين للأصول بل هما أصلان من كبار الأصول ، وخالفوا هاهنا جميع الأصول في الصدقات ، وفي الجزية بخبر لا يساوي بعرة ، وتعللوا بالاضطراب في أخبار الثقات ، وردوا خبر { } وخبر { لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان } وأخذوا هاهنا بأسقط خبر وأشده اضطرابا ، لأنه يقول رواية مرة : عن لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا السفاح بن مطر ، ومرة : عن السفاح بن المثنى ، ومرة عن داود بن كردوس أنه صالح عن عمر بني تغلب ومرة : عن داود بن كردوس عن عبادة بن النعمان ، أو زرعة بن النعمان ، أو النعمان بن زرعة أنه صالح ؟ ومع شدة هذا الاضطراب المفرط فإن جميع هؤلاء لا يدري أحد من هم من خلق الله تعالى ؟ وكم من قضية خالفوا فيها عمر ، ككلامه مع عمر عثمان في الخطبة ، ونفيه في الزنى وإغرامه في السرقة قبل القطع ، وغير ذلك ، وقد صح عن - بأصح طريق - من طريق عمر عن عبد الرحمن بن مهدي [ ص: 234 ] عن شعبة عن الحكم بن عتيبة إبراهيم النخعي عن زياد بن حدير قال : أمرني أن آخذ من نصارى عمر بن الخطاب بني تغلب العشر ، ومن نصارى أهل الكتاب نصف العشر .
قال : فكما لم يسقط أخذ نصف العشر من أبو محمد أهل الكتاب الجزية عنهم فكذلك لا يسقط أخذ العشر من بني تغلب أيضا الجزية عنهم ، وهذا أصح قياس ، لو كان شيء من القياس صحيحا ، فقد خالفوا القياس أيضا ، ثم لو صح وثبت لكانوا قد خالفوه ; لأن جميع من رووه عنه - أولهم عن آخرهم - يقولون كلهم : إن بني تغلب قد نقضوا تلك الذمة ; فبطل ذلك الحكم ، ورووا ذلك أيضا - عن ، فخالفوا : علي عمر ، والخبر الذي به احتجوا والقرآن والسنن - في أخذ الجزية من كل كتابي في أرض وعليا العرب وغيرها ، كهجر ، واليمن ، وغيرهما - وفعل الصحابة رضي الله عنهم ، والقياس ، ونعوذ بالله من الخذلان .