700 - مسألة : قال : ولا شيء في المعادن ، وهي فائدة ، لا خمس فيها ولا زكاة معجلة ، فإن بقي الذهب ، والفضة عند مستخرجها حولا قمريا ، وكان ذلك مقدار ما تجب فيه الزكاة - : زكاه ، وإلا فلا . أبو محمد
وقال : عليه في معادن الذهب ، والفضة ، والنحاس ، والرصاص ، [ ص: 228 ] والقزدير ، والحديد - : الخمس ، سواء كان في أرض عشر أو في أرض خراج ، سواء أصابه مسلم ، أو كافر ، عبد ، أو حر . قال : فإن كان في داره فلا خمس فيه ، ولا زكاة ، ولا شيء فيما عدا ذلك من المعادن - واختلف قوله في الزئبق ، فمرة رأى فيه الخمس ، ومرة لم ير فيه شيئا ، وقال أبو حنيفة : في معادن الذهب ، والفضة : الزكاة معجلة في الوقت إن كان مقدار ما فيه الزكاة ولا شيء في غيرها ، ولا يسقط الزكاة في ذلك دين يكون عليه ; فإن كان الذي أصاب في معدن الذهب ، أو الفضة ندرة بغير كبير عمل ففي ذلك الخمس . مالك
قال : احتج من رأى فيه الخمس بالحديث الثابت : { أبو محمد } وفي الركاز الخمس
وذكروا حديثا من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن جده عن : { أبي هريرة } . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الركاز . فقال : هو الذهب الذي خلقه الله في الأرض يوم خلق السماوات والأرض
قال : هذا حديث ساقط ; لأن أبو محمد عبد الله بن سعيد متفق على إطراح روايته ثم لو صح لكان في الذهب خاصة . فإن قالوا : قسنا سائر المعادن المذكورة على الذهب . قلنا لهم : فقيسوا عليه أيضا معادن الكبريت ، والكحل ، والزرنيخ ، وغير ذلك ؟ فإن قالوا : هذه حجارة . قلنا : فكان ماذا ؟ ومعدن الفضة ، والنحاس أيضا حجارة ولا فرق [ ص: 229 ]
وأما الركاز فهو دفن الجاهلية فقط ; لا المعادن ، لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك .
والعجب كله احتجاج بعضهم في هذا بحديث عن أبيه عن جده { عمرو بن شعيب } وهم لا يقولون بهذا ، وهذا كما ترى ، ولو كان المعدن ركازا لكان الخمس في كل شيء من المعادن ، كما أن الخمس في كل دفن للجاهلية ، أي شيء كان ; فظهر فساد قولهم وتناقضهم ؟ لا سيما في إسقاطهم الزكاة المفروضة بالخراج ، ولم يسقطوا الخمس في المعادن بالخراج وأوجبوا فيها خمسا في أرض العشر ، وعلى الكافر ، والعبد وفرقوا بين المعدن في الدار وبينه خارج الدار ، ولا يعرف كل هذا عن أحد قبلهم وهم يقولون : برد الأخبار الصحاح إذا خالفت الأصول وحكمهم هاهنا مخالف للأصول . عن النبي صلى الله عليه وسلم في اللقطة ما كان منها في الخراب والأرض الميتاء ففيه وفي الركاز الخمس
فإن قالوا : قد روي عن : أن فيه الخمس . قلنا : أنتم أول مخالف لهذا الحكم إن كان حجة ; لأن الخبر إنما هو في رجل استخرج معدنا فباعه بمائة شاة ، وأخرج المشتري منه ثمن ألف شاة فرأى علي الخمس على المشتري ; لا على المستخرج له . علي
وأما من رأى فيه الزكاة فاحتجوا - بحديث عن مالك ربيعة عن غير واحد من علمائهم { لبلال بن الحارث معادن القبلية - [ ص: 230 ] وهي في ناحية الفرع } . أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قطع
قال : فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم .
قال : وليس هذا بشيء لأنه مرسل ، وليس فيه مع إرساله إلا إقطاعه عليه السلام تلك المعادن فقط ، وليس فيه أنه عليه السلام أخذ منها الزكاة ، ثم لو صح لكان المالكيون أول مخالف له ; لأنهم رأوا في الندرة تصاب فيه بغير كبير عمل : الخمس ; وهذا خلاف ما في هذا الخبر . ويسألون أيضا عن مقدار ذلك العمل الكبير وحد الندرة ؟ ولا سبيل إليه إلا بدعوى لا يجوز الاشتغال بها - فظهر أيضا فساد هذا القول وتناقضه . وقالوا أيضا : المعدن كالزرع يخرج شيء بعد شيء . أبو محمد
قال : قياس المعدن على الزرع كقياسه على الزكاة ، وكل ذلك باطل ولو كان القياس حقا لتعارض هذان القياسان ; وكلاهما فاسد ، أما قياسه على الركاز فيلزمهم ذلك في كل معدن ; وإلا فقد تناقضوا ، وأما قياسه على الزرع فيلزمهم أن يراعوا فيه خمسة أوسق وإلا فقد تناقضوا ، ويلزمهم أيضا أن يقيسوا كل معدن - من حديد أو نحاس - على الزرع ، واحتج كلتا الطائفتين بالخبر الثابت من طريق مسلم عن علي ; ثنا قتيبة عبد الواحد عن ثنا عمارة بن القعقاع نعم قال : سمعت عبد الرحمن بن أبي يقول : { أبا سعيد الخدري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها ، فقسمها بين أربعة نفر : علي بن أبي طالب عيينة بن بدر ، والأقرع بن حابس ، وزيد الخير ، وذكر رابعا ، وهو علقمة بن علاثة } . بعث
فقال من رأى : هؤلاء من المؤلفة قلوبهم ، وحقهم في الزكاة لا في الخمس ; [ ص: 231 ] وقال الآخرون : في المعدن الزكاة من علي بني هاشم ، ولا يحل له النظر في الصدقة ، وإنما النظر في الأخماس .
قال : كلا القولين دعوى فاسدة ، ولو كانت تلك الذهب من خمس واجب ، أو من زكاة لما جاز ألبتة أخذها إلا بوزن وتحقيق ، لا يظلم معه المعطي ولا أهل الأربعة الأخماس ; فلما كانت لم تحصل من ترابها صح يقينا أنها ليست من شيء من ذلك ، وإنما كانت هدية من الذي أصابها ، أو من وجه غير هذين الوجهين ، فأعطاها عليه السلام من شاء ، وقد قدمنا أنه لا زكاة في مال غير الزرع إلا بعد الحول ، والمعدن من جملة الذهب والفضة ; فلا شيء فيها إلا بعد الحول ، وهذا قول علي ، وأحد أقوال الليث بن سعد ، وقول الشافعي ، ورأى أبي سليمان أن من مالك فإنه يسقط ملكه عنه ، ويصير للسلطان ، وهذا قول في غاية الفساد ; بلا برهان من قرآن ، ولا سنة صحيحة ، ولا رواية سقيمة ، ولا إجماع ; ولا قول صاحب ، ولا رأي له وجه ، وعلى هذا إن ظهر في مسجد أن يصير ملكه للسلطان ويبطل حكمه ولو أنه ظهر في أرضه معدن الكعبة وهذا في غاية الفساد .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } ، فصح أن من ظهر في أرضه معدن فهو له ، يورث عنه ويعمل فيه ما شاء . : إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام .