العربية.. وثقافة المترجمات
العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب [ ابن تيمية ]
من الأمور التي أصبحت من قبيل المسلمات في هـذا العصر أن معرفة أكثر من لغة إنما يعتبر - وإلى حد بعيد - بمثابة الحواس الإضافية، أو هـي وظيفة أساسية من وظائف الحواس الأصلية، وأن الذي يحرم من ذلك فقد حرم الكثير من المعارف والأفكار والثقافات والعقائد البشرية التي أصبح لا مفر للإنسان من الاطلاع عليها والتعامل معها بشكل أو بآخر، وتحديد موقعه منها بشكل دقيق، وقد لا يكون هـذا الموضوع من الأهمية بالنسبة للجيل الماضي، كما هـو عليه الآن. ذلك أن العالم بثقافاته وأفكاره ومعارفه، أصبح وكأنه دولة واحدة، وساحة صراع فكري، وحوار عقائدي بعد أن اختصر الزمان وانتقص المكان، وأصبح الإنسان يرى العالم ويستمع إليه من مكانه أو من وراء مكتبه، من خلال ما قدمته المدنية الحديثة من وسائل إعلام مرئية أو مسموعة أو مقروءة، أو من خلال وسائل النقل المتقدمة وأدوات الاتصال العجيبة.. [ ص: 100 ]
ويمكننا القول: إن الذي يرضى لنفسه أن يعيش بعيدا عن إدراك الصورة العالمية للحياة ومعرفة التعامل معها - وقد أمكنه ذلك - أخرج نفسه من صورة الحياة، وقبل أن يعيش على هـوامشها في عالمه الصغير الذي قد يراه كل شيء، وعطل ملكة التعلم التي وهبه الله إياها وأمره بتسخيرها واستخدامها.. وقبل لنفسه أيضا أن يكون أحد أفراد جماعة الصم البكم.. والله تعالى يقول:
( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ) (الإسراء: 26) .