[ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم .
حسبي الله ونعم الوكيل .
الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد : فإنه لما كان ، إذ شرف العلم بشرف المعلوم ، وهو الفقه الأكبر بالنسبة إلى فقه الفروع ، ولهذا سمى الإمام علم أصول الدين أشرف العلوم أبو حنيفة رحمة الله عليه ما قاله وجمعه في أوراق من أصول الدين : " الفقه الأكبر " وحاجة العباد إليه فوق كل حاجة ، [ ص: 6 ] وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة ، لأنه لا حياة للقلوب ، ولا نعيم ولا طمأنينة ، إلا بأن تعرف ربها ومعبودها وفاطرها ، بأسمائه وصفاته وأفعاله . ويكون مع ذلك كله أحب إليها مما سواه ، ويكون سعيها فيما يقربها إليه دون غيره من سائر خلقه .
ومن المحال أن تستقل العقول بمعرفة ذلك وإدراكه على التفصيل ، فاقتضت رحمة العزيز الرحيم أن بعث الرسل به معرفين ، وإليه داعين ، ولمن أجابهم مبشرين ، ولمن خالفهم منذرين ، وجعل مفتاح دعوتهم ، وزبدة رسالتهم ، معرفة المعبود سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله ، إذ على هذه المعرفة تبنى مطالب الرسالة كلها من أولها إلى آخرها .