[ ص: 540 ] قوله : ( ، ولا ندعو عليهم ، ولا ننزع يدا من طاعتهم ، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ، ما لم يأمروا بمعصية ، وندعو لهم بالصلاح والمعافاة ) . ش : قال تعالى : ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا ، وإن جاروا ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم [ النساء : 59 ] . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : . من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ، ومن يعص الأمير فقد عصاني
وعن أبي ذر رضي الله عنه . قال : . وعند إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف : البخاري . ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة
و في ( ( الصحيحين ) ) أيضا : . على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره ، إلا أن يؤمر بمعصية ، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة
[ ص: 541 ] قال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر ، مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله ، إنا كنا في جاهلية وشر ، فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : نعم ، فقلت : هل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال : نعم ، وفيه دخن ، قال : قلت : وما دخنه ؟ قال : قوم يستنون بغير سنتي ، ويهتدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر ، فقلت : هل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : نعم : دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ، فقلت : يا رسول الله ، صفهم لنا ؟ قال : نعم ، قوم من جلدتنا ، يتكلمون بألسنتنا ، قلت : يا رسول الله ، فما ترى إذا أدركني ذلك ؟ قال : تلزم جماعة المسلمين ، وإمامهم . فقلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال : فاعتزل تلك الفرق كلها ، ولو أن تعض على أصل شجرة ، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك حذيفة بن اليمان . وعن
وعن رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عباس . من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر ، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات ، فميتة جاهلية
[ ص: 542 ] وفي رواية : . فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه
وعن رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي سعيد الخدري . إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما
وعن رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : عوف بن مالك . خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ، وتصلون عليهم ويصلون عليكم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم ، فقلنا : يا رسول الله ، أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك ؟ قال : لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة ، ألا من ولي عليه وال ، فرآه يأتي شيئا من معصية الله ، فليكره ما يأتي من معصية الله ، ولا ينزعن يدا من طاعة
فقد دل الكتاب والسنة على وجوب ما لم يأمروا بمعصية ، فتأمل قوله تعالى : طاعة أولي الأمر ، أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم [ النساء : 59 ] - كيف قال : وأطيعوا الرسول ، ولم يقل : [ ص: 543 ] وأطيعوا أولي الأمر منكم ؟ لأن أولي الأمر لا يفردون بالطاعة ، بل يطاعون فيما هو طاعة لله ورسوله . وأعاد الفعل مع الرسول لأن من يطع الرسول فقد أطاع الله ، فإن الرسول لا يأمر بغير طاعة الله ، بل هو معصوم في ذلك ، وأما ولي الأمر فقد يأمر بغير طاعة الله ، فلا يطاع إلا فيما هو طاعة لله ورسوله .
وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا ، فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم ، بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات ومضاعفة الأجور ، فإن الله تعالى ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا ، والجزاء من جنس العمل ، فعلينا الاجتهاد في الاستغفار والتوبة وإصلاح العمل . قال تعالى : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير [ الشورى : 30 ] . وقال تعالى : أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم [ آل عمران : 165 ] وقال تعالى : ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك [ النساء : 79 ] . وقال تعالى : وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون [ الأنعام : 129 ] . فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير الظالم ، فليتركوا الظلم .
وعن : أنه جاء في بعض كتب الله : أنا الله مالك الملك ، قلوب الملوك بيدي ، فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ، [ ص: 544 ] ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة ، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ، لكن توبوا أعطفهم عليكم . مالك بن دينار