تعاهد لسانك إن اللسان سريع إلى المرء في قتله وهذا اللسان بريد الفؤاد
يدل الرجال على عقله
[ ص: 43 ] أخبرنا محمد بن سليمان بن فارس ، حدثنا محمد بن علي الشقيقي أنبأنا إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت يقول " الفضيل بن عياض ". شيئان يقسيان القلب: كثرة الكلام، وكثرة الأكل
أخبرنا ، حدثنا أبو يعلى قال: سمعت عمرو بن محمد الناقد يقول: قال يحيى بن اليمان " أول العبادة الصمت، ثم طلب العلم، ثم العمل به، ثم حفظه، ثم نشره ". سفيان الثوري:
حدثنا عمرو بن محمد الأنصاري ، حدثنا الغلابي ، حدثنا العتبي عن علي بن جرير عن أبيه قال: قال " الصمت أمان من تحريف اللفظ، وعصمة من زيغ المنطق، وسلامة من فضول القول، وهيبة لصاحبه ". الأحنف بن قيس
قال أبو حاتم: فما أكثر من ندم إذا نطق، وأقل من يندم إذا سكت، وأطول الناس شقاء وأعظمهم بلاء من ابتلي بلسان مطلق، وفؤاء مطبق. الواجب على العاقل أن يلزم الصمت إلى أن يلزمه التكلم،
واللسان فيه عشر خصال يجب على العاقل أن يعرفها، ويضع كل خصلة منها في موضعها: هو أداة يظهر بها البيان، وشاهد يخبر عن الضمير، وناطق يرد به الجواب، وحاكم يفصل به الخطاب، وشافع تدرك به الحاجات، وواصف تعرف به الأشياء، وحاصد يذهب الضغينة، ونازع يجذب المودة، ومسل يذكي القلوب ومعز ترد به الأحزان.
ولقد أحسن الذي يقول :
إن كان يعجبك السكوت فإنه قد كان يعجب قبلك الأخيارا
ولئن ندمت على سكوت مرة فلقد ندمت على الكلام مرارا
إن السكوت سلامة، ولربما زرع الكلام عداوة وضرارا
وإذا تقرب خاسر من خاسر زادا بذاك خسارة وتبارا
[ ص: 44 ] أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد ، حدثنا كثير بن عبد الله التيمي ، حدثنا العلاء بن سعيد الكندي حدثني أبو حية قال " كنت أماشي إسماعيل بن سهل، وكان أحد الحكماء، فقال لي: ألا أخبرك ببيت شعر خير لك من عشرة آلاف درهم؟ قال: نعم. قال: أيما أحب إليك: نفسك أو عشرة آلاف درهم؟ قال: قلت: نفسي، فأنشأ يقول :
اخفض الصوت إن نطقت بليل والتفت بالنهار قبل المقال
قال الواجب على العاقل أن يكون ناطقا كعيي وعالما كجاهل، وساكتا كناطق; لأن الكلام لا بد له من الجواب والجواب لو جعل له جواب لم يكن للقول نهاية، وخرج المرء إلى ما ليس له غاية، والمتكلم لا يسلم من أن ينسب إليه الصلف والتكلف، والصامت لا يليق به إلا الوقار وحسن السمت. ولقد أحسن الذي يقول : أبو حاتم:
حتف امرئ لسانه في جده أو لعبه
بين اللها مقتله ركب في مركبه