الباب الثالث: في التحذير من فتن إبليس ومكايده
قال الشيخ أبو الفرج رحمة الله عليه: اعلم أن الآدمي لما خلق ركب فيه الهوى والشهوة ليجتلب بذلك ما ينفعه، ووضع فيه الغضب ليدفع به ما يؤذيه، وأعطي العقل كالمؤدب يأمره بالعدل فيما يجتلب، ويجتنب، وخلق الشيطان محرضا له على الإسراف في اجتلابه واجتنابه، فالواجب على العاقل أن يأخذ حذره من هذا العدو الذي قد أبان عدوانه من زمن آدم عليه الصلاة والسلام، وقد بذل عمره ونفسه في فساد أحوال بني آدم، وقد أمر الله تعالى بالحذر منه، فقال سبحانه وتعالى: ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) وقال تعالى: ( الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء ) وقال تعالى: ( ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ) وقال: ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ) وقال تعالى: ( إنه عدو مضل مبين ) وقال: ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) وقال تعالى: ( ولا يغرنكم بالله الغرور ) [ ص: 25 ] وقال تعالى: ( ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين ) وفي القرآن من هذا كثير.