باب فساد التقليد ونفيه والفرق بين التقليد والاتباع
قد
nindex.php?page=treesubj&link=22311ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=31اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله )
1861 - وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة وغيره ، قال " لم يعبدوهم من دون الله ولكن أحلوا لهم وحرموا عليهم فاتبعوهم " .
1862 -
وقال nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب فقال لي : " يا nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم : " ألق هذا الوثن من عنقك " . وانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة حتى أتى على هذه الآية ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=31اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) قال : قلت : يا رسول الله إنا لم نتخذهم أربابا ، [ ص: 976 ] قال : " بلى ، أليس يحلون لكم ما حرم عليكم فتحلونه ، ويحرمون عليكم ما أحل الله لكم فتحرمونه ؟ " فقلت : بلى ، قال : " تلك عبادتهم " .
1863 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17406يوسف بن عدي ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11820أبو الأحوص ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن السائب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11827أبي البختري ، في قوله عز وجل (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=31اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) قال :
[ ص: 977 ] أما إنهم لو أمروهم أن يعبدوهم من دون الله ما أطاعوهم ولكنهم أمروهم فجعلوا حلال الله حرامه وحرامه حلاله فأطاعوهم فكانت تلك الربوبية " .
1864 - قال : ونا
nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=17180موسى بن معاوية ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، نا
سفيان ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ، جميعا عن
nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11827أبي البختري ، قال : قيل
nindex.php?page=showalam&ids=21لحذيفة في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=31اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) " أكانوا يعبدونهم ؟ قال : لا ، ولكن كانوا يحلون لهم الحرام فيحلونه ويحرمون عليهم الحلال فيحرمونه " وقال عز وجل (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=23وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=24قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم ) فمنعهم الاقتداء بآبائهم من قبول الاهتداء فقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=24إنا بما أرسلتم به كافرون ) وفي هؤلاء ومثلهم قال الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=22إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ) وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=166إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=167وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم ) وقال الله عز وجل عائبا لأهل الكفر وذاما لهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=52ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=53قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين ) وقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=67إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ) ومثل هذا في القرآن كثير من ذم تقليد الآباء والرؤساء ،
[ ص: 978 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر : وقد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد ولم يمنعهم كفر أؤلئك من جهة الاحتجاج بها ؛ لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر وإنما وقع التشبيه بين التقليدين بغير حجة للمقلد كما لو قلد رجل فكفر وقلد آخر فأذنب وقلد آخر في مسألة دنياه فأخطأ وجهها ، كان كل واحد ملوما على التقليد بغير حجة ؛ لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا وإن اختلفت الآثام فيه ، وقال الله عز وجل (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=115وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ) وقد ثبت الاحتجاج بما قدمنا في الباب قبل هذا وفي ثبوته إبطال التقليد أيضا ، فإذا بطل التقليد بكل ما ذكرنا وجب التسليم للأصول التي يجب التسليم لها وهي الكتاب والسنة أو ما كان في معناهما بدليل جامع بين ذلك " .
بَابُ فَسَادِ التَّقْلِيدِ وَنَفْيِهِ وَالْفَرَقِ بَيْنِ التَّقْلِيدِ وَالِاتِّبَاعِ
قَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=22311ذَمَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى التَّقْلِيدَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=31اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ )
1861 - وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةَ وَغَيْرِهِ ، قَالَ " لَمْ يَعْبُدُوهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَحَلُّوا لَهُمْ وَحَرَّمُوا عَلَيْهِمْ فَاتَّبَعُوهُمْ " .
1862 -
وَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=76عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ فَقَالَ لِي : " يَا nindex.php?page=showalam&ids=76عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ : " أَلْقِ هَذَا الْوَثَنَ مِنْ عُنُقِكَ " . وَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ بَرَاءَةٍ حَتَّى أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ ( nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=31اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ) قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَمْ نَتَّخِذْهُمْ أَرْبَابًا ، [ ص: 976 ] قَالَ : " بَلَى ، أَلَيْسَ يُحِلُّونَ لَكُمْ مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ فَتُحِلُّونَهُ ، وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْكُمْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ فَتُحَرِّمُونَهُ ؟ " فَقُلْتُ : بَلَى ، قَالَ : " تِلْكَ عِبَادَتُهُمْ " .
1863 - حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16502عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16802قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13629ابْنُ وَضَّاحٍ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17406يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11820أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16571عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11827أَبِي الْبَخْتَرِيِّ ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=31اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ) قَالَ :
[ ص: 977 ] أَمَا إِنَّهُمْ لَوْ أَمَرُوهُمْ أَنْ يَعْبُدُوهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا أَطَاعُوهُمْ وَلَكِنَّهُمْ أَمَرُوهُمْ فَجَعَلُوا حَلَالَ اللَّهِ حَرَامَهُ وَحَرَامَهُ حَلَالَهُ فَأَطَاعُوهُمْ فَكَانَتْ تِلْكَ الرَّبُوبِيَّةَ " .
1864 - قَالَ : وَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13629ابْنُ وَضَّاحٍ ، نَا
nindex.php?page=showalam&ids=17180مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، نَا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ ، نَا
سُفْيَانُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ ، جَمِيعًا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15683حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11827أَبِي الْبَخْتَرِيِّ ، قَالَ : قِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=21لِحُذَيْفَةَ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=31اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ) " أَكَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ ؟ قَالَ : لَا ، وَلَكِنْ كَانُوا يُحِلُّونَ لَهُمُ الْحَرَامَ فَيُحِلُّونَهُ وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْهِمُ الْحَلَالَ فَيُحَرِّمُونَهُ " وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=23وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=24قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ ) فَمَنَعَهُمُ الِاقْتِدَاءُ بِآبَائِهِمْ مِنْ قَبُولِ الِاهْتِدَاءِ فَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=24إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ) وَفِي هَؤُلَاءِ وَمِثْلِهِمْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=22إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ) وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=166إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=167وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ ) وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَائِبًا لِأَهْلِ الْكُفْرِ وَذَامًّا لَهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=52مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=53قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ) وَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=67إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا ) وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ مِنْ ذَمِّ تَقْلِيدِ الْآبَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ ،
[ ص: 978 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332أَبُو عُمَرَ : وَقَدِ احْتَجَّ الْعُلَمَاءُ بِهَذِهِ الْآيَاتِ فِي إِبْطَالِ التَّقْلِيدِ وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ كُفْرُ أُؤلَئِكَ مِنْ جِهَةِ الِاحْتِجَاجِ بِهَا ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ لَمْ يَقَعْ مِنْ جِهَةِ كُفْرِ أَحَدِهِمَا وَإِيمَانِ الْآخَرِ وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّشْبِيهُ بَيْنَ التَّقْلِيدَيْنِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ لِلْمُقَلِّدِ كَمَا لَوْ قَلَّدَ رَجُلٌ فَكَفَرَ وَقَلَّدَ آخَرُ فَأَذْنَبَ وَقَلَّدَ آخَرَ فِي مَسْأَلَةِ دُنْيَاهُ فَأَخْطَأَ وَجْهَهَا ، كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مَلُومًا عَلَى التَّقْلِيدِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ تَقْلِيدٌ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْآثَامُ فِيهِ ، وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=115وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ ) وَقَدْ ثَبَتَ الِاحْتِجَاجُ بِمَا قَدَّمْنَا فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا وَفِي ثُبُوتِهِ إِبْطَالُ التَّقْلِيدِ أَيْضًا ، فَإِذَا بَطَلَ التَّقْلِيدُ بِكُلِّ مَا ذَكَرْنَا وَجَبَ التَّسْلِيمُ لِلْأُصُولِ الَّتِي يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا وَهِيَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ أَوْ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُمَا بِدَلِيلٍ جَامِعٍ بَيْنَ ذَلِكَ " .