قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=74وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=75وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين .
[ ص: 254 ] nindex.php?page=treesubj&link=29010قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا يعني من الشهداء والزهاد والعلماء والقراء وغيرهم ، ممن اتقى الله تعالى وعمل بطاعته . وقال في حق الفريقين : وسيق بلفظ واحد ، فسوق أهل النار طردهم إليها بالخزي والهوان ، كما يفعل بالأسارى والخارجين على السلطان إذا سيقوا إلى حبس أو قتل ، وسوق أهل الجنان سوق مراكبهم إلى دار الكرامة والرضوان ; لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين كما يفعل بمن يشرف ويكرم من الوافدين على بعض الملوك ، فشتان ما بين السوقين .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها قيل : الواو هنا للعطف عطف على جملة والجواب محذوف . قال
المبرد : أي : سعدوا وفتحت ، وحذف الجواب بليغ في كلام العرب . وأنشد :
فلو أنها نفس تموت جميعة ولكنها نفس تساقط أنفسا
فحذف جواب لو ، والتقدير : لكان أروح . وقال
الزجاج :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73حتى إذا جاءوها دخلوها وهو قريب من الأول . وقيل : الواو زائدة . قال
الكوفيون : وهو خطأ عند
البصريين . وقد قيل : إن زيادة الواو دليل على أن الأبواب فتحت لهم قبل أن يأتوا لكرامتهم على الله تعالى ، والتقدير : حتى إذا جاءوها وأبوابها مفتحة ، بدليل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=50جنات عدن مفتحة لهم الأبواب وحذف الواو في قصة أهل النار ; لأنهم وقفوا على النار وفتحت بعد وقوفهم إذلالا وترويعا لهم . ذكره
المهدوي وحكى معناه
النحاس قبله . قال
النحاس : فأما الحكمة في إثبات الواو في الثاني وحذفها من الأول ، فقد تكلم فيه بعض أهل العلم بقول لا أعلم أنه سبقه إليه أحد ، وهو أنه لما قال الله - عز وجل - في أهل النار :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=71حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها دل بهذا على أنها كانت مغلقة ، ولما قال في أهل الجنة :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها دل بهذا على أنها كانت مفتحة قبل أن يجيئوها ، والله أعلم . وقيل : إنها واو الثمانية . وذلك من عادة
قريش أنهم يعدون من الواحد فيقولون : خمسة ستة سبعة وثمانية ، فإذا بلغوا السبعة قالوا : وثمانية . قال
أبو بكر بن عياش . قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=7سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112التائبون العابدون ثم قال في الثامن :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=112والناهون عن المنكر وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=22ويقولون سبعة وثامنهم وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=5ثيبات وأبكارا وقد مضى القول في هذا في [ براءة ] مستوفى وفي [ الكهف ] أيضا .
[ ص: 255 ] قلت : وقد استدل بهذا من قال إن
nindex.php?page=treesubj&link=30393أبواب الجنة ثمانية ، وذكروا حديث
عمر بن الخطاب ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831073ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو فيسبغ الوضوء - ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء خرجه
مسلم وغيره . وقد خرج
الترمذي حديث
عمر هذا وقال فيه : فتح له من أبواب الجنة ثمانية أبواب يوم القيامة . بزيادة من ، وهو يدل على أن أبواب الجنة أكثر من ثمانية . وقد ذكرنا ذلك في كتاب التذكرة وانتهى عددها إلى ثلاثة عشر بابا ، وذكرنا هناك عظم أبوابها وسعتها حسب ما ورد في الحديث من ذلك ، فمن أراده وقف عليه هناك .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73وقال لهم خزنتها قيل : الواو ملغاة تقديره : حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها قال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم أي : في الدنيا . قال
مجاهد : بطاعة الله . وقيل : بالعمل الصالح . حكاه
النقاش ، والمعنى واحد . وقال
مقاتل : إذا قطعوا جسر جهنم حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا هذبوا وطيبوا قال لهم رضوان وأصحابه :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73سلام عليكم بمعنى التحية
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73طبتم فادخلوها خالدين .
قلت : خرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حديث القنطرة هذا في جامعه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831074يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة ، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا وحكى
النقاش : إن على باب الجنة شجرة ينبع من ساقها عينان يشرب المؤمنون من إحداهما فتطهر أجوافهم ، وذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21وسقاهم ربهم شرابا طهورا ثم يغتسلون من الأخرى فتطيب أبشارهم فعندها يقول لهم خزنتها :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين وهذا يروى معناه عن
علي - رضي الله عنه - .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=74وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده أي إذا دخلوا الجنة قالوا هذا .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=74وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء أي أرض الجنة . قيل : إنهم ورثوا الأرض التي كانت تكون لأهل النار لو كانوا مؤمنين ، قاله
أبو العالية nindex.php?page=showalam&ids=12045وأبو صالح وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي وأكثر المفسرين . وقيل : إنها أرض الدنيا على التقديم والتأخير .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=74فنعم أجر العاملين قيل : هو من
[ ص: 256 ] قولهم أي : نعم الثواب هذا . وقيل : هو من قول الله تعالى ، أي : نعم ثواب المحسنين هذا الذي أعطيتهم .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=75وترى الملائكة يا
محمد حافين أي محدقين
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=75من حول العرش في ذلك اليوم
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=75يسبحون بحمد ربهم متلذذين بذلك لا متعبدين به ، أي : يصلون حول العرش شكرا لربهم . والحافون أخذ من حافات الشيء ونواحيه . قال
الأخفش : واحدهم حاف . وقال
الفراء : لا واحد له إذ لا يقع لهم الاسم إلا مجتمعين . ودخلت " من " على " حول " لأنه ظرف والفعل يتعدى إلى الظرف بحرف وبغير حرف . وقال
الأخفش : " من " زائدة أي : حافين حول العرش . وهو كقولك : ما جاءني من أحد ، فمن توكيد .
الثعلبي : والعرب تدخل الباء أحيانا في التسبيح وتحذفها أحيانا ، فيقولون : سبح بحمد ربك ، وسبح حمدا لله ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1سبح اسم ربك الأعلى وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=74فسبح باسم ربك العظيم .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=75وقضي بينهم بالحق بين أهل الجنة والنار . وقيل : قضي بين النبيين الذين جيء بهم مع الشهداء وبين أممهم بالحق والعدل .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=75وقيل الحمد لله رب العالمين أي يقول المؤمنون : الحمد لله على ما أثابنا من نعمه وإحسانه ونصرنا على من ظلمنا . وقال
قتادة في هذه الآية : افتتح الله أول الخلق بالحمد لله ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور وختم بالحمد فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=75وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين فلزم الاقتداء به ، والأخذ في ابتداء كل أمر بحمده وخاتمته بحمده . وقيل : إن قول
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=75الحمد لله رب العالمين من قول الملائكة ، فعلى هذا يكون حمدهم لله تعالى على عدله وقضائه . وروي من حديث
ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ على المنبر آخر سورة " الزمر " فتحرك المنبر مرتين
تم تفسير سورة ( الزمر ) .